لندن وواشنطن تتهمان روسيا بشنّ حملة تدخل سيبرانية “غير مقبولة”
اتهمت بريطانيا والولايات المتحدة الخميس روسيا بشنّ حملة تدخّل سيبرانية “غير مقبولة” تستهدف كبار المسؤولين السياسيين والصحافيين والمنظمات غير الحكومية.
وسبق أن حامت شبهات حول تدخل روسيا في السياسة البريطانية، ومنها ما يتعلق بالاستفتاء المثير للانقسام على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي 2016، لكن الحكومة المحافظة واجهت انتقادات لعدم إجرائها تحقيقا في ذلك.
وفي أحدث اتهام، قالت وزارة الخارجية البريطانية إن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يقف وراء “محاولات غير ناجحة للتدخل في عمليات سياسية في المملكة المتحدة”، مضيفة أنها استدعت سفير روسيا لدى لندن بهذا الخصوص.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون في بيان إن “محاولات روسيا التدخل في سياسات المملكة المتحدة غير مقبولة إطلاقا وتسعى إلى تهديد مساراتنا الديموقراطية”.
أضاف “رغم جهودهم المتكررة، إلا أنهم فشلوا. وفي حين أسفر بعض الهجمات عن تسريب وثائق، إلا أن محاولات التدخل في السياسة والديموقراطية البريطانية لم تنجح”.
وتابع “بمعاقبة الجهات المسؤولة واستدعاء السفير الروسي اليوم، نكشف محاولاتهم الخبيثة لبسط النفوذ ونسلط الضوء على مثال آخر لكيفية اختيار روسيا العمل على المسرح العالمي”.
وقال مكتب كامرون إن “المركز 18” وهو وحدة داخل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (إف إس بي)، مسؤول عن “عدد من عمليات التجسس السيبرانية” ضد لندن.
تسريب وثائق
وقالت الحكومة البريطانية إن الجهاز الروسي استهدف برلمانيين من أحزاب سياسية عدة، ونتج عن بعض تلك الهجمات تسريب وثائق في عملية بدأت أقله عام 2015 وامتدت حتى 2023.
وقرصن الجهاز أيضا مستندات تجارية بريطانية-أميركية سُربت قبل الانتخابات العامة البريطانية في كانون الأول/ديسمبر 2019، وفق الحكومة.
وقالت الخارجية إن عميلين روسيين فرضت عليهما عقوبات لتورطهما في الإعداد لما يسمى بحملات التصيد الاحتيالي و”أنشطة تهدف إلى تقويض المملكة المتحدة”.
تنطوي عمليات التصيّد الاحتيالي على إرسال مُقرصن روابط ضارة إلى أهداف معينة “لمحاولة حضها على مشاركة معلومات حساسة”.
وغالبا ما يُقدم المقرصن على “نشاط استطلاعي حول هدفه” من أجل تصميم هجماته بشكل أكثر فعالية، وفقاً للمركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة.
وعادةً ما يتصل المهاجم بالأهداف عبر البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الشبكات المهنية، وينتحل صفة جهات اتصال حقيقية لأهدافه، ويرسل دعوات كاذبة إلى مؤتمرات وفعاليات، وروابط ضارة لاجتماعات عبر منصة زوم.
ونشرت السلطات القضائية الأمريكية من جهتها الثلاثاء لائحة اتهام أصدرتها محكمة في سان فرانسيسكو (غرب) بحق مواطنين روسيين هما رسلان ألكساندروفيتش بيريتياتكو، العنصر في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي وفقا لواشنطن ولندن، وأندريه ستانيسلافوفيتش كورينيتس.
وقالت وزارة العدل الأمريكية في بيان إن الرجلين قد يكونان في روسيا وهما متهمان بالإقدام على “حملة قرصنة للشبكات المعلوماتية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وفي أوكرانيا، لمصلحة الحكومة الروسية”.
وقالت الوزارة إن كلاهما يواجه تهمتين بالقرصنة المعلوماتية، يعاقب عليهما بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات لبيريتياتكو و10 سنوات لكورينيتس.
في الولايات المتحدة، استهدفت محاولات القرصنة هذه “موظفين أو موظفين سابقين في مجتمع الاستخبارات ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية، ومقاولين في مجال الدفاع، وبنية تحتية لوزارة الطاقة، على الأقل بين تشرين الأول/أكتوبر 2016 وتشرين الأول/أكتوبر 2022″، وفق البيان.
استهداف مسؤولين
في كانون الثاني/يناير حذر مسؤولو الأمن السيبراني في المملكة المتحدة من أن روسيا وإيران تستهدفان بشكل متزايد مسؤولين حكوميين وصحافيين ومنظمات غير حكومية بهجمات تصيّد بهدف “الإضرار بأنظمة حساسة”.
وحض المركز الوطني للأمن الإلكتروني التابع لمكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، وهي وكالة استخبارات، على توخي مزيد من اليقظة بشأن التقنيات والتكتيكات المستخدمة إضافة إلى نصائح لتخفيف تأثيرها.
وقال إن مجموعتي سيبورغيوم ومقرها روسيا و”تي إيه 453″ ومقرها إيران استهدفتا عددا من المنظمات والأفراد في المملكة المتحدة وخارجها طيلة عام 2022.
العام الماضي، ذكرت صحيفة بريطانية أن عملاء يشتبه في أنهم من الكرملين اخترقوا الهاتف المحمول لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تراس عندما كانت وزيرة للخارجية.
وبحسب صحيفة ميل أون صنداي يُعتقد أنهم تمكنوا من الوصول إلى “اتصالات سرية جداً مع شركاء دوليين”.
وقال مصدر للصحيفة إن الهاتف “المخترق” وُضع داخل خزانة مقفلة في موقع حكومي آمن بعد اختراق رسائل تصل إلى عام من بينها “نقاشات حساسة جدا” حول الحرب في أوكرانيا.
واكتُشفت القرصنة في صيف 2022 عندما كانت تراس تقوم بحملتها للفوز بزعامة حزب المحافظين وخلافة بوريس جونسون في رئاسة الوزراء، وفق الصحيفة.
والمشتبه بهما مستهدفان بعقوبات بريطانية، وأخرى فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية. كما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار للحصول على معلومات تؤدي إلى مكان وجودهما واعتقالهما مع المتواطئين معهما.
وقال مسؤول كبير في مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) مشترطا عدم كشف هويته “كلاهما مطلوبان حاليا من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي”. وقال إن ثمة اشتباها “في وجودهما بروسيا”، مضيفا أنه لا يتوقع أن تُسلّمهما موسكو.
وتابع المسؤول “لكن إذا سافرا إلى بلد يتعاون مع نظام العدالة الأمريكي، فإنهما يواجهان خطر تسليمهما إلى الولايات المتحدة”.