ما هي أولويات مكافحة أزمة المناخ في أفريقيا؟
تعد أفريقيا أكثر قارات العالم تأثرًا وضررًا بشدة بسبب آثار أزمة المناخ، الذي يشكل تهديدًا خاصًا لاستمرار النمو الاقتصادي وسبل كسب العيش للسكان الضعفاء، وفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وبالنظر إلى موقعها الجغرافي، ستكون القارة معرضة بشكل خاص بسبب القدرة التكيفية المحدودة إلى حد كبير، وتفاقم انتشار الفقر.
وفي 2020 تعرض ما بين 75 و 250 مليون شخص في القارة إلى زيادة الإجهاد المائي بسبب أزمة المناخ. وفي نفس العام في بعض البلدان، يمكن تخفيض عوائد الزراعة المعتمد على الأمطار بنسبة تصل إلى 50 في المائة.
5 أولويات
وعلى هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 المنعقد في مدينة دبي الإماراتية، أعلن المجتمع المدني الأفريقي عن 5 أولويات رئيسية لمكافحة أزمة المناخ، وهي التكيف، والخسائر، والأضرار، وأنظمة استخدام الغذاء والأراضي، وحماية الغابات واستعادتها.
جاء الإعلان على لسان سيكو سار، السكرتير التنفيذي لمنظمة أندا العالم الثالث، التي تمثل مجموعة من المنظمات غير الحكومية الأفريقية خلال حدث عقد على
واجتمعت هذه المنظمات غير الحكومية في إطار منصة مشتركة، تم إطلاقها خلال مؤتمر “COP28“، وهي تحالف “مجموعة البنك الأفريقي للتنمية والمجتمع المدني للمناخ والطاقة”، وفق وكالة الأنباء الإماراتية “وام”.
It’s their future. Unite. Act. Deliver.#COP28 #UniteActDeliver pic.twitter.com/EPDeL8IkuS
— COP28 UAE (@COP28_UAE) December 8, 2023
الثروات الطبيعية
وقال أكينوومي أديسينا، رئيس البنك الأفريقي للتنمية: “يجب أن تكون القارة قادرة على الاستفادة من ثرواتها الطبيعية.. ولا ينبغي قياس الاقتصادات الأفريقية من خلال ناتجها المحلي الإجمالي، بينما يجب علينا تقييم ثروة أفريقيا على أساس رأسمالها الطبيعي”.
وأضاف أن الموارد المعدنية والغابات والطاقة المتجددة الهائلة في القارة يجب أن تلعب دورًا في الميزان، لافتا إلى أن حوض الكونغو، هو أكبر احتياطي للكربون في العالم، لكنه لا يؤخذ في الاعتبار في تقييم الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة.
ويدعم التحالف دعوة الزعماء الأفارقة لتوجيه حقوق السحب الخاصة لتمويل المناخ إلى أفريقيا، بما في ذلك من خلال البنك الأفريقي للتنمية.
ودعا التحالف، المجتمع الدولي والحكومات وشركاء التنمية إلى تنفيذ أفضل الممارسات والابتكارات والتقنيات بطريقة شاملة، وإشراك المزارعين والمجتمعات المحلية، وخاصة النساء والشباب، في نهج يجمع بين المعرفة العلمية والتقليدية دون الإضرار بالتنوع البيولوجي أو المساس بمرونة المجتمع.
كما دعا، الأطراف إلى ضمان أن يكون التكيف والمرونة في صميم الاقتصادات الأفريقية المعرضة لتغير المناخ.
وأكدت بيث دانفورد، نائبة رئيس البنك، المسؤولة عن الزراعة والتنمية البشرية والاجتماعية، خلال المناقشات مع المجتمع المدني، أن التحالف “مهم للغاية” بالنسبة لأفريقيا، مشيرة إلى أن البنك يخصص 64 % من تمويله للتكيف مع تغير المناخ في القارة، وأنه فتح للتو نافذة للعمل المناخي تهدف إلى توفير موارد محددة ومساعدة فنية لأقل البلدان نمواً في القارة.
من جهته، أشاد أوغسطين نجامنشي، رئيس التحالف، بالعلاقة بين المؤسسات المالية التنموية والمجتمع المدني والقطاع الخاص في مكافحة تغير المناخ في أفريقيا.
وقال: “إن مضاعفة تمويل التكيف لن يكون كافيا للقارة لأن الحكومات أنفقت حاليا الكثير من الأموال”، داعيا المجتمع المدني والقطاع الخاص، وخاصة البنوك، إلى العمل معا من أجل مصلحة القارة.
من جانبها، قالت بولين نانتونجو كالوندا، المديرة التنفيذية لصندوق “إيكوتراتس فند”، إن العمل المشترك للمجتمع المدني والقطاع الخاص مكّن 15 ألف من صغار المزارعين من تطوير زراعة الأشجار لتعزيز تخزين الكربون، داعية إلى إزالة الحواجز التي تحول دون وصول المجتمعات إلى التمويل المناخي.
فيما شددت ميثيكا مويندا، رئيسة تحالف العدالة المناخية لعموم أفريقيا، وهو شبكة قوية تضم أكثر من 1000 منظمة مناخية أفريقية، على الدور التحفيزي للمجتمع المدني، مشيدة بالشراكة مع البنك التي مكنت من تقديم التزامات كبيرة.
وقال روجر بارو، وزير البيئة في بوركينا فاسو، إن الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني يشكلون “ترادفا” في مكافحة تغير المناخ في هذا البلد الساحلي، مشيرا إلى أطر التشاور التي وضعتها الحكومة للعمل مع هذه الكيانات المختلفة.
القارة الأكثر تأثرًا
وفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة، لم تساهم أفريقيا إلا قليلاً في تغير المناخ ولم تولد سوى جزء ضئيل من الانبعاثات العالمية، لكنها قد تكون المنطقة الأكثر حساسية في العالم نظرًا لارتفاع مستويات الفقر.
وبدون أموال وسلع وخدمات كافية، ستزداد صعوبة تكيف من يعانون الفقر مع التغيرات المناخية التي تؤثر على الإمدادات الغذائية وسبل العيش.
وتتسبب أفريقيا بحوالي 4% فقط من الانبعاثات الكربونية العالمية، ما يشكل أقدر في ظاهرة الاحتباس الحراري، مقارنة بأوروبا وأمريكا الشمالية والصين، ورغم ذلك فإن القارة السمراء تعد الأكثر تضررًا من تداعيات أزمة المناخ، حيث تعاني بلدان جنوب الصحراء الكبرى من موجات جفاف قياسية وفيضانات وأعاصير عارمة.
ومن شأن الاحترار العالمي البالغ درجتين مئويتين أن يعرض أكثر من 50 في المائة من سكان القارة لخطر نقص التغذية.
وتشير التقديرات إلى أن أزمة المناخ ستؤدي إلى خسارة سنوية تتراوح بين 2 و4% سنويا في الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة بحلول عام 2040.
وعلى افتراض أن الجهود الدولية ستبقي على الاحترار العالمي دون درجتين مئويتين، فقد تواجه القارة تكاليف التكيف مع أزمة المناخ البالغة 50 مليار دولار أمريكي سنويًا في عام 2050.