الزراعة المستدامة تستخدم طاقة أقل بنسبة تصل إلى 56% وتنتج انبعاثات أقل بنسبة 64%
شكلت الطبيعة واستدامة استخدام الأراضي والمحيطات صلب نقاشات وأعمال اليوم العاشر من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 المنعقد في مدينة دبي الإماراتية.
ويعد الحفاظ على الطبيعة وترميمها وإدارتها المستدامة جزءاً لا يتجزأ من تحقيق أهداف اتفاق باريس الذي يهدف إلى الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية.
وتظهر الأبحاث أنه مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين، سيصاحب ذلك المزيد من موجات الجفاف الشديدة والفيضانات المدمرة وحرائق الغابات والعواصف.
الزراعة المستدامة
الزراعة المستدامة هي نهج لزراعة المحاصيل وتربية الحيوانات يحافظ على الموارد الطبيعية ويحسن الإنتاجية ويحمي البيئة. ويمكن أن تساعد الزراعة المستدامة في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، وبالتالي المساهمة في الحد من أزمة المناخ.
وتستخدم الزراعة المستدامة طاقة أقل بنسبة تصل إلى 56%، وتنتج انبعاثات أقل بنسبة 64% وتسمح بمستويات أكبر من التنوع البيولوجي مقارنة بالزراعة التقليدية، وفق الأمم المتحدة.
حلول لحماية النظم البيئية
وتركزت عشرات الجلسات والنقاشات في COP28 حول سبل توسيع نطاق الحلول التي من شأنها أن تحمي النظم البيئية الطبيعية، وتسهم في تمكن الشعوب والمجتمعات الأصلية والمحلية وتزيد من قدرتهم على الصمود.
وتناولت النقاشات، إعادة تشكيل الفرص للمستقبل، وبناء الزخم لغد أكثر خضرة وفائدة وقدرة على استيعاب البشر وإطعامهم، وفق وكالة الأنباء الإماراتية “وام”.
وفيما تشكل سلامة الأراضي والطبيعة إحدى أركان قدرة العالم على الاكتفاء الغذائي في المستقبل، فإن إنتاج الغذاء وفق الطرق التقليدية يسهم في تدمير الطبيعة والأراضي.
We owe it to our beautiful natural world to step up to the climate change challenge.
Now is the time.#COP28UAE #UniteActDeliver pic.twitter.com/CrBvHfPm3j
— COP28 UAE (@COP28_UAE) December 9, 2023
ووفق موقع COP28، فلا يوجد طريق لحماية واستعادة النظم البيئية، والبقاء في حدود 1.5 درجة مئوية، وحماية التنوع البيولوجي، فضلا عن إطعام 10 مليارات شخص بحلول عام 2050، دون تغيير الطرق التي ننتج بها الغذاء، ونوزعه، ونستهلكه، والطرق التي نستخدم بها أراضينا.
اليوم العاشر في COP28 جاء في سياق مجريات مؤتمر الأطراف التي تهدف إلى تحسين حياة البشر وجعلها أكثر استدامة وصحة، وكان التركيز على قضية الزراعة المستدامة والنظم الغذائية بدأ مع انطلاقة الحدث العالمي، ففي الأول من ديسمبر الحالي تم الإعلان عن توقيع 134 دولة على إعلان COP28 بشأن النُظم الغذائية والزراعة والتي تمثل ما يزيد على 5.7 مليار شخص، و70% من إجمالي إنتاج الغذاء العالمي، و76% من إجمالي انبعاثات النظم الغذائية العالمية.
الغذاء في المستقبل
ودقت المؤسسات الدولية ناقوس الخطر بشأن نظامنا البيئي واحتياجاتنا من الغذاء في المستقبل.
ووفق منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الـ”فاو”، فإن تلبية العادات الغذائية المتغيرة وزيادة الطلب على الغذاء يزيد من الضغط على موارد المياه والأراضي والتربة في العالم، ومع ذلك، فإن الزراعة تحمل وعداً كبيراً بتخفيف هذه الضغوط وتوفير فرص متعددة للمساهمة في تحقيق الأهداف العالمية.
وبحسب الـ”الفاو”، تؤدي الممارسات الزراعية المستدامة إلى توفير المياه، والحفاظ على التربة، والإدارة المستدامة للأراضي، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وفوائد النظام البيئي وتغير المناخ.
ووفقاً لتقديرات لمنظمة الأغذية والزراعة، فإطعام العالم في 2050 وفق نهج الزراعة المعتاد من شأنه أن يلحق خسائر فادحة بالموارد الطبيعية، وبالتالي، ليس هناك سوى خيار الشروع في ثورة أكثر مراعاة للبيئة.
ويمكن زيادة إنتاج المحاصيل بشكل مستدام باستخدام مجموعة من التقنيات الأكثر انسجاما مع النظم الإيكولوجية عن طريق تقليل استخدام المدخلات الخارجية ومساعدة المزارعين على التكيف مع الظواهر الجوية المتطرفة التي تصاحب تغير المناخ بشكل متزايد، وبالتالي تعزيز قدرتهم على الصمود والحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
وبحسب البنك الدولي، تُعد الأنظمة الغذائية الصحية والمستدامة والشاملة للجميع بالغة الأهمية لتحقيق الأهداف الإنمائية للعالم، وتعد التنمية الزراعية من أقوى الأدوات لإنهاء الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك وتوفير الغذاء لنحو 9.7 مليارات شخص بحلول عام 2050.
ويمكن لتزايد تأثير تغيّر المناخ أن يزيد من انخفاض غلة المحاصيل، وخاصة في مناطق العالم الأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي، وفي الوقت نفسه، فإن أنظمتنا الغذائية مسؤولة عن نحو 30% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن الزراعة تساهم في تغير المناخ وتعاني منها في نفس الوقت، فتأثيرات المناخ تضر بالفعل بغلة المحاصيل.
ومعظم الممارسات الزراعية الحديثة لها آثار سلبية واستخراجية على الموارد الطبيعية مثل المياه والغابات والتنوع البيولوجي ومغذيات التربة السطحية وخدمات النظم البيئية الأخرى.
وتشير إلى أن تدهور ثلث الأراضي الزراعية، والتوسع الحضري والطلب المتزايد على الغذاء يعني تحويل حوالي 13 مليون هكتار من الغابات إلى استخدامات أخرى للأراضي كل عام.
الزراعة وأزمة المناخ
بالإضافة إلى تحديات الاستدامة الأخرى، أصبحت الزراعة محركًا رئيسيًا لأزمة المناخ، إذ تساهم الزراعة بحوالي 11% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ، والتي تعد انبعاثات الميثان المساهم الرئيسي فيها، وعندما يؤخذ التغير في استخدام الأراضي بسبب الزراعة في الاعتبار، يرتفع هذا إلى حوالي 23%.
والزراعة هي أكبر مصدر مشتق من الإنسان لانبعاثات غاز الميثان بنحو 40%، ويأتي الميثان في المرتبة الثانية بعد ثاني أكسيد الكربون في إحداث تغير المناخ.
أهمية الزراعة المستدامة
هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها للزراعة المستدامة أن تقلل الانبعاثات وتكافح أزمة المناخ أبرزها:
تقليل انبعاثات الميثان من تربية الماشية
يمكن أن يساعد تحسين إدارة الماشية، مثل استخدام الأعلاف المعدلة وتحسين صحة الحيوان، في تقليل انبعاثات الميثان من تربية الماشية. ويُعد الميثان من غازات الدفيئة ذات التأثير القوي والمسئولة عن انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية.
تقليل انبعاثات أكسيد النيتروز من الأسمدة
يمكن أن يساعد استخدام الأسمدة العضوية أو الأسمدة ذات الإطلاق البطيء في تقليل انبعاثات أكسيد النيتروز من الأسمدة. ويُعد أكسيد النيتروز من الغازات الدفيئة ذات التأثير القوي والمتسببة في أزمة المناخ.
تقليل الانبعاثات من إزالة الغابات وتدهورها
يمكن أن يساعد الحفاظ على الغابات وإعادة تشجيرها في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من إزالة الغابات وتدهورها. ويُعد ثاني أكسيد الكربون من الغازات الرئيسية المسؤولة عن أزمة المناخ.
دور الزراعة المستدامة في مكافحة أزمة المناخ
بالإضافة إلى تقليل الانبعاثات، يمكن للزراعة المستدامة أيضًا أن تساهم في الحد من أزمة المناخ من خلال:
زيادة امتصاص الكربون من الغلاف الجوي
يمكن للنباتات أن تمتص الكربون من الغلاف الجوي أثناء عملية التمثيل الضوئي. ويمكن للزراعة المستدامة، مثل زراعة المحاصيل التي تتطلب القليل من المياه والأسمدة، أن تزيد من امتصاص الكربون من الغلاف الجوي.
تحسين مقاومة المحاصيل للتغيرات المناخية
يمكن أن تساعد الزراعة المستدامة، مثل زراعة الأصناف المحلية من المحاصيل، في تحسين مقاومة المحاصيل للتغيرات المناخية، مثل موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
تتطلب الزراعة المستدامة استثمارات في البحث والتطوير والتدريب للمزارعين. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي هذه الاستثمارات إلى فوائد طويلة الأجل للمزارعين والمجتمعات والبيئة.
ومن خلال الاعتماد على ممارسات الزراعة المستدامة، يمكن للمزارعين والمجتمعات والحكومات أن تساعد في الحد من أزمة المناخ.