بشأن حقوق الإنسان.. ما هي رسالة النظام الصيني؟
تقول جماعات حقوقية إن حملة القمع التي تشنها الصين على المعارضة سواء في الداخل أو الخارج تزداد قساوة وسوءا، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لإعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان، الأحد،
في تقرير نشرته “أسوشيتد برس“، تقول جماعات حقوق الإنسان إن الحكومات الغربية تفشل في الضغط على الصين بقوة كافية، وأصبحت ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان حاليا أكثر قوة ومناعة ضد الضغوط الدولية في عهد الرئيس شي جينبينغ.
الوكالة سلطت الضوء على قصة عائلة فرت من الصين في عام 2019 هربا من حملة النظام على المعارضين، بسبب أن الزوج، ليو سيفانغ، وهو موسيقي ومعلم سابق، كان من بين عدد من النشطاء الصينيين والمحامين الحقوقيين الذين تم اعتقالهم أو إخفاؤهم قسريا بعد حضور اجتماع غير رسمي في عام 2019 لمناقشة حقوق الإنسان.
وبعد حصول الزوج على اللجوء في الولايات المتحدة، تعرضت زوجته وابنه للاضطهاد في الصين، واضطرا إلى تغيير منزلهما، كما أصبح ابنهما، البالغ من العمر 8 سنوات، مهددا بالطرد فعلياً من المدرسة، بالإضافة إلى منعها من مغادرة البلاد على مدى ثلاث سنوات. وفي النهاية، اضطر الزوجان إلى اللجوء إلى تقديم طلب الطلاق في الصين للالتفاف على حظر السفر.
وقالت “لو” من لوس أنجلوس، حيث اجتمعت الأسرة واستقرت في أواخر العام الماضي: “بعد أن غادر زوجي، سببت الشرطة الكثير من المتاعب لحياتنا. وفي كل مرة حاولت السفر بها، كانوا يوقفونني ويأخذون هاتفي ومحفظتي وكل أشيائي بدون تقديم أي تفسير”.
ونقلت الوكالة عن المديرة السابقة لـ”هيومن رايتس ووتش” في الصين، صوفي ريتشاردسون، قولها، “إذا نظرت إلى ما حدث منذ بداية وصول شي إلى السلطة، مقارنة بما يمكنك رؤيته الآن، فإن الأمر الواضح بشكل مثير للقلق هو أن قيادة شي سعت إلى طمس المجتمع المدني وإسكات المعارضة، ليس فقط داخل البلاد لكن على مستوى العالم”.
وأضافت أن الرسالة التي يريد النظام الصيني إيصالها هي أنه “يجب أن نتأكد من أن أي شخص ينتقد شي أو ينتقد النظام يجب أن يفكر مرتين”.
وذكر تقرير جديد صادر، الأحد، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان عن مجموعة “Safeguard Defenders” الحقوقية ومقرها روما، أن الحكومة الصينية كثفت استخدامها “للعقاب الجماعي” ضد المقربين من المدافعين عن حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة.
ووفقا للتقرير، “في عهد شي جينبينغ، أصبحت الصين لا ترغب بالسماح للمعارضين بمغادرة البلاد، وتفرض عليهم هم وعائلاتهم حظر السفر، وتستخدم أساليب القمع العابرة للحدود الوطنية للسيطرة على الأشخاص الذين يخرجون من الصين”.
وقال التقرير، المستند إلى مقابلات مع أكثر من عشرة نشطاء حقوقيين وتقارير إعلامية مجمعة، إنه حدد ما لا يقل عن 50 حالة من هذا القبيل في الفترة من 2015 إلى 2022، بما في ذلك الاحتجاز أو إخلاء المنازل أو المضايقة أو الاعتداء العنيف على أفراد عائلات النشطاء.
ويأتي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، العام الجاري، الذي يصادف مرور 75 عاما منذ اعتمدت الأمم المتحدة الوثيقة التأسيسية العالمية لحماية حقوق كل فرد في كل مكان، بعد أيام فقط من زيارة زعماء الاتحاد الأوروبي للصين لحضور جولة جديدة من المحادثات.
وبينما ركزت القمة على التجارة والحرب الأوكرانية، قال الاتحاد الأوروبي إن الكتلة أعربت أيضًا عن “مخاوفها العميقة” بشأن وضع حقوق الإنسان في الصين. وقال الجانبان إنهما يرحبان باستئناف حوارهما بشأن حقوق الإنسان في وقت سابق من هذا العام.
وقال رئيس الشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الصينية، وانغ لوتونغ، إن بكين مستعدة لمواصلة الحوار رغم أنه حذر أيضًا من أنه “لا ينبغي استخدام حقوق الإنسان كعصا للتغلب على الصين”.
وفي الأسبوع الماضي، تحدث وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، عن دفاع الصين الطويل الأمد ضد الانتقادات الدولية لسجلها في مجال حقوق الإنسان. وقال في ندوة إن بكين تعارض “أي محاولة لفرض قيم ونماذج خاصة على الآخرين”.
وأضاف: “علينا أن نرفض أي محاولة لتدخل الدول الأخرى في شؤوننا الداخلية تحت ذريعة حقوق الإنسان. لقد فتحت الصين طريقا جديدا لتنمية حقوق الإنسان يتكيف مع الزمن المتغير ويناسب ظروفنا الوطنية”.
وقالت الخبيرة في مجال حقوق الإنسان في الصين، ريتشاردسون، للوكالة إن الحوار بشأن حقوق الإنسان بين الاتحاد الأوروبي والصين لا يحقق نتائج حقيقية للمعارضين.
وفي إبريل، اعتقلت الشرطة الصينية محامي حقوق الإنسان يو ون شنغ، وزوجته شو يان، بينما كانا في طريقهما إلى مكتب الاتحاد الأوروبي في بكين للقاء سفير الاتحاد الأوروبي.
ويواجه الزوجان اتهامات بتقويض سلطة الدولة و”إثارة الخلافات المشاكل” رغم أنهما لم يتلقيا أي وثائق قانونية تحدد الاتهامات، وفقا لما ذكره المحامي المطلع على القضية، باو لونغ جون.
وذكرت الوكالة أنه عادة ما يتم توجيه مثل هذه الاتهامات الغامضة ضد نشطاء حقوق الإنسان في الصين، وقد لاحظت جماعات حقوق الإنسان زيادة العام الجاري في قضايا مثل قضية يو. ولا يزال هو وزوجته رهن الاحتجاز.