انشقاقات واتهامات بالخيانة داخل هيئة تحرير الشام
- تضاربت الأنباء بشأن وفاة القيادي البارز أبو ماريا القحطاني
بعد ساعات من الأنباء التي تم تداولها بشكل واسع، عن وفاة القيادي في هيئة تحرير الشام، أبو ماريا القحطاني، قبل أن يتم نفيها لاحقًا، أعلن “جهاد عيسى الشيخ” الملقب “أبو أحمد زكور” القيادي في هيئة تحرير الشام، انشقاقه عنها عبر بيان رسمي.
وأضاف زكور في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على موقع “إكس” أنه استلم ملف العلاقات بين الهيئة والجيش الوطني وكان من المقرر والمتفق عليه أن يتم العمل على مساعدة الفصائل في رفع السوية العسكرية ونقل الخبرة إليها، وبناء مشروع تشاركي يشمل الجميع دون إقصاء أحد.
ولفت زكور إلى أن قيادة الهيئة بدأت تدريجيّاً بتغيير سياستها خلافاً للاتفاق عن طريق السيطرة والهيمنة وقضم الفصائل وتفكيكها، والسعي إلى السيطرة العسكرية والأمنية والاقتصادية في مناطق الجيش الوطني.
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد pic.twitter.com/bGlkC9J5gG— جهاد عيسى الشيخ (@ahmedzakor1) December 14, 2023
واستطرد: “العمل الأمني من خطف وغيره دون التنسيق مع أي جهة ودون علمي الشخصي، بالإضافة لتوجيه التهم المعلّبة والجاهزة لكل مخالف لنهج قيادة الهيئة وتشويه صورته سواء كان من داخل الهيئة أو خارجها”.
ويأتي إعلان زكور عن انشقاقه من هيئة تحرير الشام، بعد تصدّر أخباره الواجهات اﻹعلامية والمواقع اﻹخبارية، نظراً لمكانته الرفيعة في صفوف الهيئة.
وتتضارب الأنباء عن مكان تواجد “زكور” بعد إعلان انشقاقه، إذ تُشير بعضها إلى أنه متواجد في القسم الخاضع لسيطرة الجيش الوطني السوري المُمتد من جرابلس إلى عفرين، فيما تتحدث أنباء أخرى أنه لا يزال في منطقة إدلب وأنه يخضع لحماية عشيرة البكارة والتي تنتشر على الحدود السورية – التركية.
ومنذ مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، تُكثف هيئة تحرير الشام من حملة اعتقالاتها في أرياف إدلب، إذ داهمت منازلاً عدّة اعتقلت من خلالها عناصر يعملون في صفوفها، بينهم قادة عسكريين بتهمة التخابر مع التحالف الدولي وروسيا وسلطة الأسد، بيّد أن تحرير الشام تحفظت على نشر أسمائهم أو التحدث عنهم.
بالمقابل، تُشير مصادر متطابقة، أن القوة التي داهمت منزل “زكور” كان يقودها عناصر يعملون في حركة أحرار الشام وتحديداً أحرار صوفان المتحالفين مع الهيئة والمنضوين تحت عباءتها.
تلك الروايات التي طرحت في ذلك الوقت على مواقع التواصل، دفعت “زكور” للردّ عليها ونفيها بشكل قطعي، ونشر على حسابه في منصة “X” سلسلة منشورات جاء فيها: “منذ خروج سجن صيدنايا واللحاق بركب الثورة السورية أعتبر الفصائل والجماعات وسيلة لنصرة الثورة والدين وليست غاية بذاتها وأنني وإن كنت أنتمي لفصيل تنظيمياً فإنني عملاً وقلبا أنتمي لكل فصيل ثوري مجاهد”.
الحمد لله و الصلاة على رسول الله أما بعد
فمنذ أن أكرمني الله بالخروج من سجن صيدنايا و اللحاق بركب الثورة السورية أعتبر الفصائل و الجماعات وسيلة لنصرة الثورة و الدين و ليست غاية بذاتها و أنني و إن كنت أنتمي لفصيل تنظيميا فإنني عملا و قلبا أنتمي لكل فصيل ثوري مجاهد— جهاد عيسى الشيخ (@ahmedzakor1) December 12, 2023
وأضاف في منشور آخر: “كنت ساعياً طوال مسيرتي لأكون مفتاح للخير مغلاق للشر ما استطعت لذلك سبيلا، ومن فضله أيضا أنني كنت ضد أي قتال داخلي ضمن فصائل الثورة وخروجي في قتال 2017 خير دليل على ذلك”.
وأنهى حديثه في منشور ثالث بقوله: “لهذه اللحظة لم أتخذ أي خطوة بالخروج أو الانضمام لأي فصيل وليس لي أي قناة تلغرام أو منبر إعلامي غير هذا الحساب”.
بداية الحملة
شرعت تحرير الشام في حملات الاعتقال من مطلع حزيران الماضي، وبلغت أوجها أوائل شهر آب، ضدّ خلايا بتهمة العمالة لجهات خارجية متعددة، من دون أن توضح وقتئذٍ أي تفاصيل عن طبيعة التواصلات وماهية المعلومات التي سربتها هذه الخلايا.
وطالت عمليات الاعتقال قياديين منشقين عن تحرير الشام وجهاديين وعناصر وقياديين في مواقع حساسة من الصفّين الأول والثاني وشرعيين، وعُرف من بين المعتقلين القيادي البارز أبو ماريا القحطاني، وأمير الهيئة في مدينة تفتناز أبو اليمان تفتناز، وأبو صبحي تل حديا، المنضوي إلى لواء علي بن أبي طالب، وأبو خالد مسؤول الكتلة الشرقية، وإعلامي ضمن صفوف الهيئة، ومسؤول كاميرات المراقبة وخطوط الإنترنت على خطوط التماس مع قوات الأسد، المتهم بتقديم معلومات كاملةً لسلطة الأسد وروسيا عن نقاط الحراسة، ومسؤول الموارد البشرية في الجناح العسكري المتهم بتقديم نسخ كاملة من سجلّات العسكريين في الهيئة، مع صور بطاقاتهم العسكرية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ومسؤول الدراسات الأمنية عن منطقتي سرمدا والوسطى، ومسؤول الموارد البشرية في الجناح العسكري، وشخصيات أخرى ذات وظائف مدنية كمسؤول المعابر، ومدير مكتب حكومة الإنقاذ.
أبو ماريا القحطاني
وتضاربت الأنباء، الخميس، بشأن وفاة القيادي البارز بهيئة تحرير الشام، أبو ماريا القحطاني خلال تواجده في السجن، وذلك بعد أن أشار أحد الحسابات الموالية له أنه لا يزال حيا، وأنه فقد الوعي فقط ثلاث مرات بسبب التعذيب.
وكانت نهاد جرير، الصحافية ومعدة ومقدمة برنامج المرصد لدى “أخبار الآن” ذكرت عبر حسابها على “إكس”، نقلًا عن أحد الحسابات الموالية للقحطاني على تليغرام إنه: “مات تحت التعذيب، فيما قالت حسابات غامضة مناهضة لهيئة تحرير الشام إنه “تم إعدامه”.
واعتقلت هيئة تحرير الشام القحطاني في أغسطس بتهمة التجسس، وقالت في بيان لها إنه أساء التعامل، مشيرة إلى أنه “تم تجريده من صلاحياته حتى انتهاء التحقيق”.
وورد أنه ظل قيد الإقامة الجبرية كما تردد أن زعيم هيئة تحرير الشام الجولاني كان يفكر في إرساله بعيداً إلى كردستان هرباً من تداعيات هذه الحادثة، كما أفادت التقارير أن الجولاني كان يتجاهل الدعوات إلى إنشاء محكمة عامة.
من هو أبو أحمد زكور؟
اسمه الكامل “جهاد عيسى الشيخ” ويُطلق عليه لقب “أبو أحمد حدود أو أبو أحمد زكور”، ويعد من أبرز القياديين في “هيئة تحرير الشام” وسابقتها “جبهة النصرة”، ولعب أدواراً مختلفة منذ تأسيسها عام 2012 على الأقل.
وينحدر “أبو زكور” المولود في 5 كانون الثاني 1979 من حي الشعار في حلب، وينتمي لعشيرة البو عاصي، التابعة لقبيلة البكارة التي تعتبر إحدى أكبر قبائل الشمال السوري.
وتقلّد “زكور” قبيل انشقاقه ملفات ومناصب عدّة في هيئة تحرير الشام، أبرزها قائداً لـ”لواء عبد الرحمن” ومديراً للعلاقات العامة، ومسؤولاً عن الملف الاقتصادي، فضلاً عن عضويته في مجلس شورى هيئة تحرير الشام، وأميراً لقطاع حلب فيها.
والمعروف عن “أبو أحمد زكور” امتلاكه لثروة مالية كبيرة يديرها من خلال مشاريع استثمارية خارج سوريا، وبشكل خاص في تركيا، من خلال شركات بأسماء وهمية.
وكانت صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية في الثاني من أيار الماضي، وفق قرار لها ‘أبو أحمد زكور” وشركة “كوبيلاي ساري” كميسرين ماليين لـ”جماعات إرهابية” متمركزة في سوريا، شملت “كتيبة الجهاد والتوحيد، وهيئة تحرير الشام”.