أكثر من عشرين ألف قتيل في قطاع غزة
قصف الجيش الإسرائيلي الخميس، بعنف جنوب قطاع غزة وخصوصا خان يونس ومعبر كرم أبو سالم، في خضم مفاوضات وضغوط للتوصل إلى هدنة في الحرب المدمّرة بين إسرائيل وحركة حماس.
وأطلقت الفصائل الفلسطينية وابلا من الصواريخ من قطاع غزة، بعد يومين لم يشهدا إطلاق صواريخ، في اتجاه الأراضي الإسرائيلية حيث انطلقت صفارات الإنذار محذرة السكان في مناطق عدة في الجنوب وفي تل أبيب في الوسط، وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية. وأحدثت الصواريخ أضرارا مادية.
في نيويورك، تجري الخميس مفاوضات شاقة في مجلس الأمن الدولي الذي أرجأ منذ بداية الأسبوع التصويت على قرار يهدف إلى تسريع إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث قتل أكثر من عشرين ألف شخص، وفق حكومة حماس، ونزح أكثر من 85 في المئة من السكان، وبالتالي احتمال الدعوة إلى هدنة جديدة.
وتوعّدت إسرائيل بالقضاء على حماس ردا على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته الحركة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل، وأدى إلى سقوط نحو 1140 قتيلا معظمهم من المدنيين، حسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أحدث الأرقام الإسرائيلية الرسمية. واحتُجز حوالى 250 شخصا رهائن ما زال 129 منهم في قطاع غزة، حسب إسرائيل.
وقال الناطق باسم حركة حماس أبو عبيدة الخميس في تسجيل صوتي إن الهدف المعلن لإسرائيل بالقضاء عليها “محكوم بالفشل”.
واستهدفت غارة إسرائيلية، الخميس، الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل في جنوب قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم مدير المعبر باسم غبن، وفق حكومة حماس. ولم تعلّق السلطات الإسرائيلية على هذا القصف.
وكانت إسرائيل وافقت منذ 15 كانون الأول/ديسمبر على عبور “موقت” لمساعدات في اتجاه قطاع غزة عبر هذا المعبر، بهدف إدخال كمية أكبر من المساعدات التي كانت يقتصر عبورها حتى الآن بشكل محدود جدا على معبر رفح مع مصر.
معلومات مقلقة
على الأرض، أعلن الجيش الإسرائيلي الذي خسر 137 عنصرا منذ بدء عملياته البرية في 27 تشرين الأول/أكتوبر في قطاع غزة، الخميس، أن جنودا إسرائيليين عثروا على أسلحة في مدرسة في مدينة غزة. ويتهم الجيش الإسرائيلي حماس بانتظام باستخدام المدنيين “دروعا بشرية” وإخفاء مقاتلي الحركة أو مراكز قيادتها في المدارس أو المستشفيات. لكن حماس تنفي ذلك.
وتعرضت اليوم مدينة خان يونس، أكبر مدن جنوب قطاع غزة، لقصف عنيف.
ودوّت صافرات الإنذار في جنوب إسرائيل وفي تل أبيب (وسط) جراء إطلاق صواريخ اعترضتها الدفاعات الجوية الإسرائيلية. وأفادت الشرطة بحصول أضرار من دون تسجيل إصابات.
وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، “قصف تل أبيب برشقة صاروخية رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين”.
ودعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إسرائيل إلى فتح تحقيق في “احتمال ارتكاب قواتها المسلحة جريمة حرب” في غزة، مشيرة إلى أنها تلقت “تقارير مقلقة” بشأن مقتل “11 رجلاً فلسطينياً غير مسلحين” في مدينة غزة.
وقالت مصادر إسرائيلية وفلسطينية الخميس إن الشرطة الإسرائيلية استجوبت حراس أحد السجون للتحقيق في وفاة معتقل فلسطيني. وأعلن نادي الأسير الفلسطيني الشهر الماضي “إقدام الاحتلال على اغتيال الأسير ثائر سميح أبو عصب (38 عامًا) من محافظة قلقيلية، في سجن” النقب الصحراوي.
دبلوماسيا، تتواصل الجهود على جبهات عدة لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة، بعد هدنة أولى استمرت أسبوعا بين 24 تشرين الثاني/نوفمبر ومطلع كانون الأول/ديسمبر سمحت بالإفراج عن 105 رهائن من قطاع غزة و240 معتقلا فلسطينيا لدى إسرائيل.
وفي إطار مساعي التهدئة، يواصل رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في القاهرة مناقشة “هدنة موقتة لمدة أسبوع مقابل إطلاق سراح حماس أربعين أسيرا إسرائيليا من النساء والأطفال والذكور غير العسكريين”، وفق ما صرح مصدر مقرب من حماس لفرانس برس.
وذكر مصدر في حركة الجهاد الإسلامي أن أمينها العام زياد النخالة أيضا سيتوجه إلى القاهرة مطلع الأسبوع المقبل.
وتجري إسرائيل حوارا مع قطر والولايات المتحدة لمحاولة التوصل إلى هدنة تسمح بالإفراج عن رهائن.
لكن مواقف الطرفين ما زالت متباعدة جدا على ما يبدو. فحماس تطالب بوقف كامل للقتال قبل إجراء أي مفاوضات بشأن مصير الرهائن، بينما تبدو إسرائيل منفتحة على فكرة الهدنة لكنها تستبعد أي وقف لإطلاق النار قبل “القضاء” على الحركة التي تتولى السلطة في غزة منذ 2007 وتعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل “منظمة إرهابية”.
أين الأمان؟
وقال أبو عبيدة في تسجيله اليوم “لا يمكن الإفراج عن أسرى العدو أحياء إلا بالدخول في التفاوض بمساراته المعروفة عبر الوسطاء وهذا موقف ثابت ولا بديل عنه سوى استمرار تساقط أسرى العدو قتلى بنيران جيشها المتغطرس”.
وتتعرض إسرائيل لضغوط في الداخل للقبول بالهدنة. وقالت إيلا بن عامي (23 عاما) التي خطف والداها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وافرج عن أمها راز، الخميس، لصحافيين في كيبوتس بيئيري قرب غزة، “إنها لعبة روليت روسية، نستيقظ كل صباح من دون أن نعرف أي خبر سنتلقاه. أخاف ألا يعود والدي حيا. ساعدوني لأعيد والدي حيا الى المنزل”.
ويرجح كثيرون أن تستخدم واشنطن مرة أخرى اليوم حق النقض إذا وردت في القرار الذي يتم التداول به في مجلس الأمن استخدمت عبارات صريحة تنتقد إسرائيل.
في عمان، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس مباحثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حول المساعدات الإنسانية لغزة وعملية السلام في الشرق الأوسط قبيل إنتقاله إلى قاعدة جوية للاحتفال بأعياد الميلاد مع جنود فرنسيين.
ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني عن الملك عبد الله تأكيده لماكرون خلال لقائهما في مدينة العقبة الساحلية (328 كلم جنوب عمان) على شاطئ البحر الأحمر “ضرورة أن يضغط العالم بأسره لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين” وعلى “التحرك وبشكل فوري لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف ومستدام إلى قطاع غزة، الذي يشهد وضعا إنسانيا كارثيا”.
وأكد الرئيس الفرنسي من جهته “حرص فرنسا على زيادة المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة، بالتنسيق مع الأردن”.
كما عبر الرئيس الفرنسي عن “رغبة بلاده بمعالجة عدد من الأطفال الغزيين المصابين بالسرطان في مستشفيات بفرنسا بالتنسيق مع الأردن”، مشيرا إلى أن “هناك رغبة من دول أوروبية لاستقبال أطفال مصابين من غزة لتلقي العلاج”.
وتواصل وكالات الأمم المتحدة التحذير من الأزمة الإنسانية العميقة في قطاع غزة حيث يعاني نصف السكان من جوع شديد أو حاد مع حرمان تسعين بالمئة منهم من الطعام لمدة يوم كامل باستمرار، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وقال مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث إن حصيلة الضحايا في قطاع غزة تشكّل “علامة مأسوية ومخجلة”.
وسببت الحرب دمارا هائلا في غزة حيث خرجت معظم المستشفيات عن الخدمة وفر 1,9 مليون شخص من منازلهم وقراهم ومدنهم، وفق الأمم المتحدة.
ورأت فرانشيسكا ألبانيز، مقررة الأمم المتحدة لوضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، على شبكة “إكس” أن “اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على النظام الصحي في غزة يتخذ أكثر أشكال السادية شدة”.
وتساءل فلسطيني فرّ من شمال مدينة غزة إلى رفح بعد غارة جوية قرب مدرسة لجأ إليها في خان يونس في جنوب القطاع “أين الأمان؟ إلى أين يجب أن نذهب؟”. وأضاف “قالوا إنها منطقة آمنة… لا يوجد مكان آخر نذهب إليه. نحن محاصرون في ساحة مساحتها خمسة كيلومترات فقط”.
وتؤجج الحرب التوتر في الشرق الأوسط وخصوصا في الضفة الغربية المحتلة والحدود اللبنانية الاسرائيلية والبحر الأحمر حيث يهدد الحوثيون السفن التي يعتقدون أنها مرتبطة باسرائيل.
وقُتلت امرأة في الثمانين من عمرها وأصيب زوجها بجروح في قصف إسرائيلي على قرية حدودية في جنوب لبنان، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، بينما أعلن حزب الله شنّ عدد من الهجمات على الدولة العبرية خلال الساعات الماضية.