رغم وفاة بريغوجين.. قوات روسية ترتكتب مذبحة في أفريقيا
رغم وفاة قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين منذ بضعة أشهر، تستمر انتهاكات المرتزقة الروس في أماكن عدّة حول العالم، وخصوصاً في أفريقيا، حيث يقول شهودٌ إن القوات شبه العسكرية الروسية المتواجدة في جمهورية إفريقيا الوسطى ذبحت عشرات الأشخاص لتأمين الوصول إلى منجم ذهب.
في التفاصيل، وجّهت القوات شبه العسكرية الروسية، في منتصف شهر أيلول/سبتمبر الماضي، إنذاراً لسكان بلدة كوكي، الواقعة في شمال غرب جمهورية أفريقيا الوسطى، طالبةً من الذين يقطنون بالقرب من أحد مناجم الذهب لمغادرة المكان باعتبار أن المنجم باعته الحكومة لجهة ما، وهددت باستخدام القوة بوجه من يرفض التنفيذ.
وقد تحوّلت المحاولة الروسية للاستيلاء على منجم الذهب إلى مذبحة دموية، بحسب ما ذكره 16 شاهدًا في “كوكي” لإحدى وسائل الإعلام، حيث أشاروا إلى أن جنود ذوي بشرة بيضاء أعدموا عشرات الأشخاص الذين تم اعتقالهم في البلدة التي يعيش فيها أقل من 5000 شخص. وكان معظم الضحايا من عمال المناجم الحرفيين والتجار والمتمردي، الذين يعيش الكثير منهم بالقرب من المنجم.
هجوم دامٍ
بدأ الهجوم الذي تحدث عنه قريون من بلدة كوكي يوم الأحد 22 أكتوبر، قبل الظهر بقليل، حين وصلت القوات شبه العسكرية الروسية برفقة جنود من القوات المسلحة لأفريقيا الوسطى على متن مروحية بالقرب من منجم كوكي، وتبادلت إطلاق النار لمدة 30 دقيقة تقريبًا مع حوالي عشرين متمردًا من تحالف الوطنيين من أجل التغيير.
وقال العديد من شهود العيان إن القوات الروسية حلقت بطائرة هليكوبتر في السماء، وألقت قنابل وأطلقت النار على الأشخاص الذين حاولوا الهروب من المنطقة. وأضافوا أن القصف وإطلاق النار استمر لساعات.
وقال أحد شهود العيان: “بينما كانت الغارات الجوية تجري، انتشرت مجموعة أخرى من الجنود البيض ومسؤولي القوات المسلحة لأفريقيا الوسطى في جميع أنحاء المدينة، للتأكد من إغلاق جميع المخارج، لقد حوصر الكثير من الناس”.
واستمرت العملية هذه، والتي شاركت فيها العشرات من القوات شبه العسكرية الروسية وحفنة من جنود القوات المسلحة لأفريقيا الوسطى، لمدة خمسة أيام. وقد كشف الناجون لوسائل الإعلام أنه تم القبض على عشرات الرجال؛ فيما تعرض البعض للتعذيب والبعض الآخر قُتل.
وعمّ الدمار في أرجاء المنطقة إثر الهجوم الروسي في حين تحولت العديد من المنازل، وخاصة تلك التابعة لعمال المناجم الحرفيين، والمحلات التجارية إلى رماد، مما أدى إلى تشريد الكثير من الناس.
قيادة جديدة للفاغنر
ذكر أحد الشهود لصحيفة Daily Beast أنه في اللقاء الذي عُقد بين القوات الروسية والقادة المحليين في كوكي قبل شهر من المذبحة، أوضح الروس من أين جاءت الأوامر. وقالوا خلال الاجتماع: “نحن ننفذ ما طلبه منا رؤساؤنا الجدد”.
وقد جاء هؤلاء الزعماء الجدد لملء الفراغ الذي تركه مؤسس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، الذي أفادت التقارير أنه قُتل في حادث تحطم طائرة في شمال موسكو بأغسطس المنصرم.
وعملت وزارة الدفاع الروسية على التدخل للإشراف على عمليات المرتزقة الروس في كل أنحاء جمهورية أفريقيا الوسطى، حسبما قال عدد من كبار المسؤولين الحكوميين في الدولة الواقعة في وسط إفريقيا لصحيفة Daily Beast.
في بلدة تبعد 30 ميلاً فقط عن كوكي تدعى ماركوندا، تمركزت مركبات عسكرية تابعة للقوات شبه العسكرية الروسية بالقرب من مواقع تعدين الذهب منذ سبتمبر/أيلول، حيث “يمنع الروس أي شخص من الاقتراب من المناجم”، حسبما قال عامل منجم حرفي محلي.
خريطة توضح حدود ماركوندا
وكما في كوكي كذلك في مناطق أخرى، إذ أعطت شركة Midas Ressources، التابعة لفاغنر، إنذارًا نهائيًا للسكان المحليين في نداتشيما، وهي بلدة تعدين تقع في المنطقة الوسطى من جمهورية أفريقيا الوسطى، لمغادرة المنطقة أو مواجهة الإخلاء القسري، وفقًا لقادة المجتمع المحلي في المدينة.
الأوامر جاءت من موسكو
وبحسب مسؤولين حكوميين وعسكريين في جمهورية أفريقيا الوسطى، فقد جاءت الأوامر لطرد الناس من مجتمعاتهم من موسكو.
ففي منتصف سبتمبر/أيلول، وقبل أيام فقط من إعلان السكان المحليين الذين يعيشون في مناطق المناجم في كوكي نداتشيما أن الروس هددوا بإجلائهم من منازلهم، وصل وفد من روسيا إلى بانغي، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى، وعقد لقاء مع كبار المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك الرئيس فوستين آركانج تواديرا، لإبلاغهم بأن روسيا ستواصل العمل في البلاد ولكن تحت قيادة وزارة الدفاع الروسية. كما سعى الوفد أيضًا إلى الحصول على ضمانات بأن المصالح الروسية في البلاد ستتم حمايتها.
وقال الروس خلال الاجتماع بكل وضوح إن بلادهم تريد البدء فورًا بعمليات التعدين في مواقع بالمناطق الشمالية والوسطى، وفقاً لما صرّح به مسؤول كبير في حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى الذي كان حاضراً في الاجتماع في بانغي.