اقتراب الحرب في غزة من إتمام شهرها الثالث
يواصل الجيش الإسرائيلي الجمعة، قصفه المركّز على جنوب قطاع غزة حيث الوضع الإنساني كارثي بحسب الأمم المتحدة التي طلبت الجمعة من “جميع الأطراف” تسهيل وصول المساعدات.
ومع اقتراب الحرب من إتمام شهرها الثالث، وصل وفد من حركة حماس، إلى القاهرة للبحث في مقترح لوقف إطلاق النار طرحته مصر.
وبعد ليلة أخرى من القصف المدمر الذي تركز في وسط وجنوب القطاع، هرع فلسطينيون الجمعة إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح (وسط) للتعرف على جثث ذويهم.
وحمل المسعفون رجالا ونساء وأطفالا جرحى، وملابسهم ملطخة بالدماء، فيما تم تقديم الرعاية لبعضهم على الأرض.
وفي الخارج، تبكي سهير ناصر وهي تحمل جثتي توأميها اللذين قُتلا في اليوم السابق في غارة إسرائيلية.
السكان “منهكون”
اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر مع شن الحركة هجوما غير مسبوق داخل أراضي الدولة العبرية أوقع نحو 1140 قتيلا غالبيتهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى الأرقام الإسرائيلية الرسمية. كما اقتيد خلال الهجوم نحو 250 رهينة الى قطاع غزة، لا يزال 129 منهم محتجزين، وفق إسرائيل.
رداً على ذلك، تعهدت إسرائيل بتدمير حماس، وتقوم بقصف القطاع الفلسطيني الذي تحكمه الحركة منذ عام 2007. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 168 من عناصره منذ بدء الغزو البري في 27 تشرين الأول/أكتوبر.
وارتفعت حصيلة القتلى الفلسطينيين جراء القصف الإسرائيلي في قطاع غزة منذ بداية الحرب إلى21507، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس نُشرت الجمعة. وتشمل الحصيلة، وفق المصدر ذاته، 187 شخصاً قتلوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
ويسود وضع كارثي في قطاع غزة الذي يناهز عدد سكانه 2,4 مليون نسمة اضطر 85% منهم إلى الفرار من منازلهم وفقًا للأمم المتحدة.
وفي السياق، قال رئيس العمليات الإنسانية للأمم المتحدة مارتن غريفيث إن “السكان المصابين بصدمة والمنهكين” يتكدّسون على “قطعة أرض تزداد صغرا”.
وتفرض إسرائيل حصارا كاملا على قطاع غزة منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، ولا تسمح سوى بدخول كميات محدودة من المساعدات الإنسانية، بعد تفتيشها، عبر معبر رفح الحدودي مع مصر أساسا.
في مواجهة النقص الصارخ في المساعدات، يواجه سكان غزة “خطرا جسيما”، كما حذرت منظمة الصحة العالمية.
وندّد المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني في بيان بأن “كمية المساعدات المقدمة، الضرورية والعاجلة، لا تزال محدودة وتواجه عقبات لوجستية عديدة”، مذكراً بأنه يجب على “جميع الأطراف” تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
وأوضح “لا يزال إيصال المساعدات العاجلة والملحة محدودا من حيث الكميات ومليئا بالعقبات اللوجستية”. ووصف “حالة اليأس” في غزة حيث يتوجه الفلسطينيون إلى مستودعات الوكالة “لأخذ الإمدادات أواعتراض شاحنات المساعدات لالتقاط الطعام لتناوله على الفور”.
بدوره، أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس عن قلق بالغ من تزايد خطر انتشار الأمراض المعدية في قطاع غزة في ظل النزوح والظروف الانسانية الناتجة عن الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقال تيدروس عبر منصة إكس “مع استمرار نزوح الناس بشكل هائل على امتداد جنوب (قطاع) غزة، واضطرار بعض العائلات للنزوح أكثر من مرة، واتخاذ الكثيرين من منشآت صحية مكتظة ملجأ لهم، نبقى أنا وزملائي في منظمة الصحة العالمية قلقين للغاية حيال تزايد خطر الأمراض المعدية”.
“غالية جدا”
وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة الجمعة أيضا إن إحدى قوافل المساعدات التابعة لها تعرضت لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي، دون وقوع إصابات. ولدى سؤاله، أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه “يتحقق” من المعلومات.
I strongly condemn an incident yesterday in which an aid convoy was fired upon while traveling from northern Gaza to Rafah.
The convoy was clearly marked and its movements were coordinated with the parties.
Attacks on humanitarian workers are unlawful. The conflict must stop.
— Martin Griffiths (@UNReliefChief) December 29, 2023
في سوق الشابورة في رفح، يقول منتصر الشاعر (30 عاما)، وهو صاحب بسطة “هذه أول مرة يتم إدخال البيض وبعض أنواع الفواكه الى غزة من مصر”.
ويشير الى أن “كل أنواع الفواكه مفقودة في الأسواق، توجد بعض أنواع الخضار لكنها غالية جدا”.
بينما تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية دون هوادة، وصل وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح مصري بشأن وقف إطلاق النار، وفق ما أفاد مصدر مطلع على المباحثات.
والمقترح المصري يشمل ثلاث مراحل تنص على هدن قابلة للتمديد والإفراج التدريجي عن عشرات الرهائن والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف الأعمال القتالية.
وسينقل وفد حماس إلى المصريين “ردّ الفصائل الفلسطينية الذي يتضمن ملاحظات عدة على خطتهم”، وفق المصدر نفسه.
وأوضح المصدر أن هذه الملاحظات تتعلق خصوصا بـ”طرائق عمليات التبادل المرتقبة وبعدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم وبالحصول على ضمانات من أجل انسحاب عسكري إسرائيلي كامل من قطاع غزة”.
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال اجتماع الخميس في تل أبيب مع عائلات رهائن “نحن على اتصال (مع الوسطاء) في هذه اللحظة. لا أستطيع تقديم مزيد من التفاصيل. نحن نعمل على إعادتهم جميعا. هذا هدفنا”.
“وقف تام لإطلاق النار”
وقال أبو الرحمن الغبريس، أحد سكان رفح “نأمل بحصول وقف تام لإطلاق النار… الشعب الفلسطيني يأمل في استعادة الأمن ليعيش في سلام مثل بقية دول العالم”.
وتجمع مئات الإسرائيليين مساء الخميس، من يهود وعرب، في تل أبيب، ملوحين بلافتات تحث على وقف إطلاق النار، بالعبرية والعربية.
ورغم أن الحرب بدأت قبل ثلاثة أشهر تقريبا، فإن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “لا يزال يشعر بقلق بالغ إزاء توسع أكبر لرقعة النزاع، الأمر الذي قد تكون له عواقب مدمرة على المنطقة بأكملها”، حسب ما أعلن المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
في الضفة الغربية المحتلة، أصيب أربعة أشخاص الجمعة في عملية دهس بسيارة، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي وخدمات الطوارئ. وقتل الجيش الإسرائيلي المهاجم المفترض، وهو فلسطيني، بحسب وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية.
وقتل منذ بدء الحرب في غزة أكثر من 315 فلسطينيا بنيران الجيش أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفقا لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية، فيما تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات عسكرية ومداهمات شبه يومية في مختلف المدن والقرى الفلسطينية ومخيمات اللاجئين.
وقصف الجيش الإسرائيلي مجددا صباح الجمعة مواقع لحزب الله في جنوب لبنان. وقال الجيش إن صواريخ عدة أطلقت من جنوب لبنان في اتجاه إسرائيل “ودخل اثنان منها” الأراضي الإسرائيلية.
الى ذلك، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مقتل اثنين من عناصرها “على حدود فلسطين المحتلة في جنوب لبنان… أثناء أدائهما واجبهما القتالي”.
وأطلقت صفارات الإنذار في شمال إسرائيل مرات عدة اليوم.
اتهام بارتكاب “إبادة”
دوليا، قدمت جنوب إفريقيا طلبا إلى محكمة العدل الدولية لبدء إجراءات ضد إسرائيل لما وصفته بـ”أعمال إبادة ضد الشعب الفلسطيني” في قطاع غزة، على ما أعلنت المحكمة الجمعة.
ويتعلق الطلب بانتهاكات إسرائيل المحتملة لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وأكدت جنوب إفريقيا أن “أفعال إسرائيل وأوجه تقصيرها تحمل طابع إبادة لأنها مصحوبة بالنية المحددة المطلوبة (…) لتدمير فلسطينيي غزة كجزء من المجموعة القومية والعرقية والاتنية الأوسع أي الفلسطينيين”، حسب ما أفادت المحكمة في بيان.
ورفضت اسرائيل هذا الاتهام. وقال الناطق باسم خارجيتها ليئور حيات عبر منصة إكس إن “إسرائيل ترفض باشمئزاز… التشهير الذي نشرته جنوب إفريقيا والطلب الذي تقدمت به” أمام محكمة العدل في لاهاي.