أزمة البحر الأحمر.. خبير اقتصادي: “الأمر لا يتعدى زوبعة في فنجان”
تسببت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في تحول حركة الملاحة لكبرى شركات الشحن العالمية بعيدًا عن البحر الأحمر وقناة السويس.
ورغم أن بعض الشركات مثل ميرسك خططت لإعادة خطوطها الملاحية مرة أخرى إلى قناة السويس، إلا أن خطر استهداف السفن من قبل الحوثيين ما زال يمثل خطرًا في مضيق باب المندب.
تأثر شركات الشحن
شركات الشحن رفعت أسعار شحن البضائع في الفترة الماضية بسبب طول الطريق حول رأس الرجاء الصالح، وبسبب المخاطر والتأخيرات.
من جانبها قالت شركة ميرسك الدنماركية إنها ستفرض رسومًا إضافية على تعطيل العبورعلى الفور على 27 طريقًا تجاريًا ورسومًا إضافية للطوارئ (ECS) على تلك الطرق نفسها اعتبارًا من العام الجديد، مشيرة إلى “المخاطر والتأخير والصعوبات” في الإبحار عبر البحر الأحمر.
على سبيل المثال، قالت الشركة إن تكلفة نقل حاوية قياسية بطول 20 قدمًا من أمريكا الشمالية إلى الشرق الأوسط سترتفع بمقدار 1000 دولار إجمالاً في الأول من يناير، وذلك بسبب زيادة رسوم تعطيل العبور بقيمة 200 دولار ورسوم إضافية للطوارئ بقيمة 800 دولار.
وبالمثل، أعلنت شركة CMA CGM الفرنسية أنها ستفرض على الفور رسومًا إضافية على 11 طريقًا تجاريًا، موضحة أن العديد من سفنها قد تم تغيير مسارها حول الطرف الجنوبي لأفريقيا لأسباب تتعلق بالسلامة.
التأثير على المستهلك
من جانبه قال المحلل السياسي والاقتصادي، الدكتور عمرو الهلالي، إنه يعتبر أزمة تعطل قناة السويس في عام 2021 بسبب جنوح سفينة الحاويات “إيفرغيفن” في 23 مارس 2021 أخطر من الأزمة الحالية وتكافئ إغلاق القناة بعد حرب 1967.
وأوضح الهلالي، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن”، أن ذلك لعدة أسباب، أولها أن أزمة اغلاق المجري الملاحي وعدم مرور السفن منه هز العالم وأوقف شريان للتجارة العالمي لا يمكن الاستغناء عنه، بينما التهديد الحالي لا يهدد كل التجارة العالمية.
وقال الهلالي إن بيان الحوثي يتحدث عن الناقلات الإسرائيلية فقط، وليس ناقلات كل العالم ولذلك فإن حجم التأثير العالمي على النقل البحري لا يتعدى عدد محدود من الناقلات والشركات، والأمر لا يتعدى زوبعة في فنجان.
وأشار الهلالي إلى أن الشركات التي أعلنت نيتها منذ إنطلاق الأزمة التوقف عن الإبحار عبر البحر الأحمر واختيار طريق رأس الرجاء الصالح كانت شركة “إيفرغرين” التايوانية، وشركة الحاويات الألمانية “هاباغ لويد”، وشركة “ميرسك” الدنماركية، وشركة “فرونتلاين”، الرابعة عالميّا بين شركات الناقلات العملاقة، وشركة “بريتش بتروليوم” النفطية، ومجموعة الشحن الفرنسية “سي.إم.إيه – سي.جي.إم” و”أورينت أوفرسيز كونتينر لاين”، وشركة ناقلات النفط البلجيكية “يوروناف”.
وأوضح الهلالي إلى أنه بعد تفاقم الأمر بالنسبة لتكاليف المنتج النهائي للمستهلك في أوروبا عدلت الكثير من الشركات عن هذا القرار وعادت لاستخدام طريق البحر الأحمر من جديد للتدليل على أنها ستظل أزمة طارئة يمكن التعامل معها.
وأشار الهلالي إلى أن طريق البحر الأحمر – قناة السويس يوفر تقريبًا 15 يومًا من وقت الرحلة في طريق رأس الرجاء الصالح، خاصة إلى الميناء الأكبر في أروبا وهو ميناء روتردام في هولندا، موضحًا أن التكلفة زادت بنسبة 100% في أسعار الشحن البحري لهذا المسار وهو ما أثر على المستهلك الأوروبي ودعا الكثير من الشركات للعدول عن هذا الحل المكلف والعودة تدريجيا لمسار قناة السويس، ولذلك عادة سفن شركة “ميرسك”، و CMA –CGM الفرنسية، و”إيفرغرين” لقناة السويس.
واختتم الهلالي بقوله: “التأثير حتى الآن غير ملحوظ، فنسبة تحول السفن لمسار بعيدًا عن البحر الاحمر لا تتعدى حتى الآن 2.5% من عدد السفن والحاويات، وهو رقم لا يمكن اعتباره رقمًا مؤثرًا حتى الآن”.
والتوقف التام للعبور من مسار قناة السويس والبحر الأحمر يكلف اقتصاد العالم كل أسبوع 10 مليار، وهو ما لا يمكن للمستهلك الأوروبي بالخصوص تحمله في وسط الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، وخاصة وأن هذا الطريق تمر به 10% تقريبا من متطلبات العالم من النفط والغاز الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وأكثر من ثلث بضائع سفن الشحن العالمية، كما أن توقف هذا الخط يضعف نمو التجارة العالمية بمقدار 0.2 إلى 0.4 نقطة مئوية..
ولذلك فستظل تلك الأزمة مجرد أزمة طارئة من وجهة نظري، وربما تؤدي إلى الضغط العالمي لانهاء ازمة الحرب في غزة تحت ضغوط زيادة التكلفة على المستهلك الاوروبي خاصة.