الحرب على غزة تدخل شهرها الرابع
شن سلاح الجو الإسرائيلي ضربات جديدة السبت، على غزة، في وقت حذرت الأمم المتحدة من أن القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر بات “مكانًا للموت غير صالح للسكن”.
وتثير الحرب التي تدخل الأحد، شهرها الرابع، مخاوف من توسعها إقليميا إلى العراق وسوريا والبحر الأحمر، مع اشتداد عمليات القصف المتبادل عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
وأعلن حزب الله اللبناني الموالي لإيران أنه أطلق صباح السبت، أكثر من ستين صاروخا باتجاه “قاعدة مراقبة جوية” في شمال إسرائيل، مشددًا على أنها أتت “في إطار الرد الأوّلي” على مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في ضواحي بيروت الثلاثاء.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق حوالى 40 صاروخا من الأراضي اللبنانية مضيفا في بيان أن القوات الإسرائيلية ضربت خلية مسؤولة عن بعض عمليات إطلاق الصواريخ بعيد ذلك.
وقتل العاروري مع ستة مسؤولين في حركة حماس الثلاثاء في ضربة صاروخية من طائرة حربية، وفق مصدر أمني لبناني، استهدفت مكتبا للحركة الفلسطينية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. وقالت السلطات اللبنانية والحزب وحماس وواشنطن إن إسرائيل نفذت العملية. لكن الدولة العبرية لم تعلّق رسميا على ذلك.
وتعهدت إسرائيل “القضاء” على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على جنوب الدولة العبرية في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وأدى الهجوم إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى أرقام رسمية إسرائيلية. كذلك، اقتيد نحو 250 شخصا واحتُجزوا رهائن، ولا يزال 132 منهم داخل القطاع.
وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع، مترافقا مع هجوم بري اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر، إلى مقتل 22722 شخصا غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وقتل 122 فلسطينيا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة وفق المصدر نفسه.
وذكر صحافيون في وكالة فرانس برس أن ضربات إسرائيلية استهدفت فجر السبت مدينة رفح في الطرف الجنوبي من قطاع غزة حيث لجأ مئات الآلاف في الأسابيع الأخيرة محاولين الفرار من المعارك.
وفي شمال غزة، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي عمليته البرية في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، تتواصل عمليات القصف. وقال أحد سكان جباليا (شمال) لفرانس برس الجمعة بعد غارة إسرائيلية “الحي بكامله مدمر ولا أعرف إلى أين سيعود الناس. أين سنعيش؟”.
وقالت امرأة وهي تنتحب أمام المستشفى الأوروبي في خان يونس، كبرى مدن الجنوب، إلى حيث نقلت جثث فلسطينيين على ما أظهرت لقطات مصورة لوكالة فرانس برس “لقد قتلوا أطفالنا لقد قتلوا أولادنا لقد قتلوا أحباءنا”.
وداخل المستشفى راح أهل ينتحبون أمام جثامين أطفالهم فيما يحاول أقارب لهم مواساتهم.
جحيم
وسيطرت حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واسرائيل “منظمة إرهابية” على السلطة في قطاع غزة عام 2007، بعد سنتين على الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب منه إثر احتلال دام 38 عاما. وفرضت الدولة العبرية إثر ذلك على القطاع حصارا جويا وبحريا وبريا، أصبح مطبقا اعتبارا من التاسع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ودمر الهجوم الإسرائيلي أحياء كاملة في غزة وأدى إلى نزوح 1,9 مليون شخص يشكلون 85 % من سكانه بحسب الأمم المتحدة. ويعيش سكان القطاع في ظروف مزرية مع نقص حاد في المياه والمواد الغذائية والأدوية والعلاجات. وخرج الكثير من المستشفيات عن الخدمة جراء الدمار اللاحق بها.
وحذر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث من أن القطاع الفلسطيني بات “بكل بساطة غير صالح للسكن (..) باتت غزة مكانا للموت واليأس ويواجه (سكانها) تهديدات يومية على مرأى من العالم”.
وتفيد منظمة يونيسف أن المواجهات وسوء التغذية والوضع الصحي أحدثت “دوامة موت تهدد أكثر من 1,1 مليون طفل” في هذا القطاع الذي كان يسوده الفقر حتى قبل بدء الحرب.
وأكد شون كايسي من منظمة الصحة العالمية أن منظمته وصندوق الأمم المتحدة للسكان تمكنا للمرة الأولى منذ عشرة أيام من إدخال مستلزمات طبية لمستودع أدوية غزة المركزي التابع لوزارة الصحة في خان يونس.
وأكد غريفيث “نواصل المطالبة بإنهاء فوري للنزاع، ليس من أجل سكان غزة وجيرانها المهددين فحسب، بل من أجل الأجيال المقبلة التي لن تنسى أبداً تسعين يوماً من الجحيم والهجمات على المبادئ الإنسانية الاساسية”.
2024 عام القتال
لكن إسرائيل شددت على أن عمليتها في غزة ستستمر حتى “عودة” الرهائن و”القضاء” على قدرات حماس العسكرية التي لا تزال “كبيرة” وفق واشنطن.
وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري من أن “2024 سيكون عام القتال”، مشيرا إلى أن الجيش “يستمر بالقتال في وسط قطاع غزة وشماله وجنوبه”.
ويستمر إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه الأراضي الإسرائيلية لكن بوتيرة أقل، فيما تنطلق صافرات الانذار في بلدات في جنوب إسرائيل قريبة من القطاع الفلسطيني بشكل شبه يومي.
وفي الشمال عند الحدود مع لبنان أشار هاغاري إلى “مستوى عال جدا من الاستعداد” للقوات الإسرائيلية.
وباتت هذه المنطقة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر مسرحا لتبادل قصف يومي مع حزب الله الذي يستهدف خصوصا مواقع عسكرية حدودية دعما لحركة حماس. وترد إسرائيل بقصف أهداف في جنوب لبنان.
صواريخ على شمال إسرائيل
وتصاعد التوتر مع اغتيال العاروري. وجدّد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة، التأكيد أن الرد على اغتيال العاروري “آت لا محالة”.
والسبت قال حزب الله في بيان “قام مجاهدو المقاومة الإسلامية (..) في إطار الرد الأوّلي على جريمة اغتيال القائد الكبير الشيخ صالح العاروري وإخوانه الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، باستهداف قاعدة ميرون للمراقبة الجوية بـ 62 صاروخًا من أنواع متعدّدة”.
وأضاف البيان أن الصواريخ “أوقعت إصابات مباشرة ومؤكّدة” في القاعدة.
وكثف الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن، هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر، بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأميركية المتمركزة في البلدين باستخدام صواريخ ومسيّرات.
وفي هذا السياق، وصل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى لبنان، بينما يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تركيا في إطار جولة إقليمية تشمل إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، وخمس دول عربية هي مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات، إضافة إلى اليونان.
وفي رسالة مصورة موجهة إلى بلينكن، تمنّى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية المقيم في قطر أن يركز وزير الخارجية الأميركي “هذه المرة على إنهاء العدوان على طريق إنهاء الاحتلال عن كل الأرض الفلسطينية”.
وأمل أن يكون “استخلص العبر من الأشهر الثلاثة الماضية وأدرك حجم الأخطاء التي وقعت بها الولايات المتحدة بدعمها الأعمى للاحتلال الصهيوني وتصديق أكاذيبه مما تسبب بمجازر وجرائم حرب ضد أهلنا في غزة غير مسبوقة”.