الجيش الإسرائيلي شن غارات جوية قاتلة على قطاع غزة
- مقتل 22835 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال في غزة
دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس شهرها الرابع الأحد، من دون أي مؤشرات إلى تراجع حدتها مع شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية قاتلة على قطاع غزة فيما يسعى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لتجنّب اتساع رقعة النزاع الى جبهات أخرى.
وكانت إسرائيل تعهدت “القضاء” على حماس بعد هجوم غير مسبوق شنته الحركة على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر أدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. كذلك، اقتيد نحو 250 شخصا واحتُجزوا رهائن فيما أطلق سراح حوالى مئة منهم خلال هدنة أبرمت في تشرين الثاني/نوفمبر.
وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع مترافقا مع هجوم بري اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر إلى مقتل 22835 شخصا غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس الأحد. ودمّر القصف أحياء بأكملها وأجبر 85 في المئة من السكان على الفرار فيما تسبب بأزمة إنسانية كارثية بحسب الأمم المتحدة.
وأعلنت قناة الجزيرة القطرية مقتل صحافيَين في القصف الإسرائيلي الأحد، على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، هما مصطفى ثريا، وهو يعمل مع قناة الجزيرة ومتعاون مع وكالة فرانس برس، وحمزة نجل مدير مكتب قناة “الجزيرة” في القطاع وائل الدحدوح.
ودانت “الجزيرة” في بيان “اغتيالهما” و”استهداف” الصحافيين الفلسطينيين.
وقال الدحدوح بعد مواراة ابنه الثرى في رفح “على كل العالم أن ينظر إلى ما يحدث هنا في قطاع غزة (…) وما يحدث للشعب الفلسطيني”.
وأضاف “ماذا فعل حمزة لهم (للإسرائيليين)؟ ماذا فعلت عائلتي لهم؟ ماذا فعل المدنيون لهم؟ لم يفعلوا لهم شيئا، لكن العالم يغمض عينيه عما يحدث في قطاع غزة”.
وشن الجيش الإسرائيلي ضربات جوية عدة طوال الليل الماضي من بينها ست على الأقل في رفح في جنوب قطاع غزة عند الحدود مع مصر، على ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس. وأسفرت هذه الضربات الليلية عن مقتل ما لا يقل عن 64 شخصا على ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الأحد.
وفجر الأحد تحدث شهود عن غارات جوية إسرائيلية على خان يونس في جنوب قطاع غزة والتي أصبحت مركز الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وحماس.
وفي الضفة الغربية المحتلة، قُتل ثمانية فلسطينيين الأحد بينهم سبعة في قصف من طائرة مسيّرة على جنين خلال عملية للقوات الإسرائيلية، وفق مصادر فلسطينية، بينما أعلنت الشرطة الإسرائيلية مقتل شرطية جراء تفجير عبوة ناسفة بمركبة عسكرية.
وقالت الشرطة الإسرائيلية الأحد إن عناصر من الشرطة كانوا يردّون على عملية دهس بسيارة عند نقطة تفتيش في الضفة الغربية المحتلة أطلقوا النار على طفلة فلسطينية تبلغ الثالثة، أكد مسعفون مقتلها في وقت لاحق.
“حتى النصر الكامل”
والسبت أعلن الجيش الإسرائيلي الذي باشر هجومه البري في 27 تشرين الأول/أكتوبر، أنه بات يركز عملياته على وسط غزة وجنوبها مع مرور ثلاثة أشهر على اندلاع الحرب التي أتاحت له حسب قوله “تفكيك بنية حماس العسكرية” في شمال هذا القطاع الصغير البالغ عدد سكانه زهاء 2,4 مليون نسمة.
تولّت حماس التي تصنّفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها منظمة “إرهابية” السلطة في غزة عام 2007، بعد عامين من انسحاب إسرائيل أحادي الجانب من القطاع، والذي تعرض بعد ذلك لحصار على مدى 16 عاما قبل الحصار الشامل منذ تشرين الأول/أكتوبر.
ورغم الضغوط الدولية والنداءات لوقف إطلاق النار، ما زالت إسرائيل ماضية في هجومها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد “رسالتي واضحة لأعدائنا: ما حصل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر لن يتكرر أبدا”. وأضاف “هذا تعهد حكومتي ولهذا السبب يضحي جنودنا على الأرض بحياتهم. يجب أن نستمر حتى النصر الكامل”.
في ظل هذه الأجواء، عقد بلينكن الذي تشكل بلاده الداعم السياسي والعسكري الأكبر لإسرائيل، الأحد محادثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
واضطلعت قطر بدور محوري لوقف القتال مدة أسبوع في قطاع غزة في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر ما سمح بالافراج عن رهائن في مقابل اطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وقال مصدر مطلع لوكالة فرانس برس إن “مفاوضات بين القطريين وإسرائيل وحماس تشمل الافراج عن الرهائن في غزة تتواصل مع أن الأحداث الأخيرة أثرت بطبيعة الحال على الأجواء المحيطة بالمحادثات”.
وأفاد روبي تشين، والد الرهينة إيتاي البالغ 19 عاما، في مؤتمر صحافي في تل أبيب الأحد عن إقامة محادثات مع مسؤولين قطريين رفيعي المستوى. وقال إنهم “أصغوا إليه”، لجعل إطلاق سراح الرهائن “أولويتهم المطلقة”.
وقال بلينكن الأحد، خلال مؤتمر صحافي في قطر إن مقتل صحافيَين من قناة الجزيرة في ضربة في قطاع غزة “مأساة لا يمكن تصورها”، فيما حذّر من أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس قد “تنتشر” وتهدد الأمن في كل أرجاء الشرق الأوسط.
ورأى أنه من الضروري أن تبذل إسرائيل المزيد لحماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يجب أن يتمكنوا “من العودة إلى ديارهم”.
بدوره، أكد رئيس الوزراء القطري الأحد أن بلاده تواصل جهودها للتوصل إلى هدنة جديدة، حتى لو أثر اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري الثلاثاء في بيروت، بحسبه، على “العملية المعقدة”.
وكان بلينكن التقى في وقت سابق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في مستهل جولته الجديدة التي تشمل دولا عربية وإسرائيل.
وبعد الأردن وقطر، وصل بلينكن مساء الأحد إلى أبوظبي على أن يسافر بعد ذلك إلى السعودية حيث من المقرر أن يعقد اجتماعا مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مدينة العلا التاريخية وفق ما أفاد مسؤول أميركي طلب عدم كشف اسمه.
من جهتها، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في القدس الأحد إسرائيل إلى ضبط النفس في الحرب التي تشنها في قطاع غزة معتبرة أن من الضروري حصول “إدارة أقل حدة للعمليات”.
وقالت الوزيرة لصحافيين في ختام محادثات مع نظيرها الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الدولة العبرية اسحق هرتسوغ “لا يمكن أن تستمر معاناة هذا العدد الكبير من الأشخاص. نحتاج إلى إدارة أقل حدة للعمليات”.
“دوامة العنف”
وقبيل وصوله إلى الأردن، أشار بلينكن إلى أن ارتفاع منسوب التوتر عند الحدود بين لبنان وإسرائيل هي “أحد أوجه الخوف الحقيقية”. وشدد على ضرورة وضع حد “لدوامة العنف التي لا تنتهي”.
ومنذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. ويعلن الحزب استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية، بينما يردّ الجيش بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف “بنى تحتية” وتحركات مقاتلين.
لكنّ الخشية من توسّع نطاق الحرب تصاعدت بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري الثلاثاء بضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله.
وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية لفرانس برس بأن إسرائيل نفّذت الضربة التي أودت بحياة العاروري.
وأعلن حزب الله السبت، أنه أطلق السبت أكثر من 60 صاروخا على قاعدة جوية للجيش الإسرائيلي في شمال إسرائيل في قصف أكد أنه يأتي في إطار “الرد الأوّلي” على قتل العاروري.
من جهتها، أفادت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية في لبنان بأن “شاشات المغادرة والوصول في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت تعرضت منذ بعض الوقت لقرصنة إلكترونية، والعمل جارٍ لمعالجتها”.
وكتب عليها “باسم الرب والشعب مطار رفيق الحريري مش مطار حزب الله وإيران يا حسن نصرالله ما رح تلاقي نصير إذا بليت لبنان في حرب تتحمل مسؤوليتها وتبعاتها”.
كذلك، كثّف الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر، بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأمريكية المتمركزة في البلدين باستخدام صواريخ ومسيّرات.
وفي قطاع غزة أدى الهجوم الإسرائيلي إلى نزوح 1,9 مليون شخص من أصل 2,4 مليون عدد سكان القطاع الذين يعانون من نقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية والوقود. ووصفت الأمم المتحدة القطاع بأنه “بات مكانا للموت وغير صالح للسكن”.