هل باتت الحرب الإقليمية قاب قوسين أو أدنى؟ الباحث ناصر زهير يجيب
مع إعطاء الرئيس الأمريكي جو بايدن الضوء الأخضر لشن غارات جوية على أهداف تابعة للحوثيين في اليمن بالتعاون مع حلفائه الغربيين، استنفر المجتمع الدولي والعربي بانتظار مآل هذه الخطوة وتصاعدت المخاوف بشأن إمكانية توسّع رقعة حرب غزة إلى الجوار وتحوّلها إلى صراع إقليمي شامل.
وقد شكّلت الضربات العسكرية الأمريكية البريطانية المشتركة التي نّفذت ليل الجمعة وجاءت رداً على أكثر من 25 هجوماً للحوثيون على السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر/تشرين الثاني، مرحلة جديدة في مسار التوتر في الشرق الأوسط، علماً أن الولايات المتحدة كانت قد دخلت منذ اليوم لأول لحرب إسرائيل – حماس على خطوط التهدئة وانخرط مسؤولوها في جولات مكوكية على كافة الأطراف المعنيين وعلى قادة الشرق الأوسط ضمن مساعٍ لكبح الانزلاق نحو مواجهة عسكرية موسّعة، بدت حتيمة في بعض الأحيان.
وعلى سبيل المثال ذهبت واشنطن نحو إقناع الإسرائيليين، بعدم تنفيذ ضربة استباقية شاملة على حزب الله في لبنان، وهذا ما نجح حينها، لكن يبدو أن منع التصعيد في البحر الأحمر كان أكثر صعوبة بالنسبة للأمريكيين حيث فشلت الدبلوماسية والقنوات والتهديدات في وقف هجمات الحوثيين المتواصلة في البحر الأحمر وخليج عدن.
وبالنظر إلى هذه المعطيات، لم يكن أمام بايدن خياراً بديلاً عن شن الهجمات ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وفقاً لما أعلنه المسؤولون الأمريكيون وحلفاؤهم.
وقد اعتبرت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية أن قرار جو بايدن من شأنه أن يهدد أحد الأهداف الأساسية لسياسته في الشرق الأوسط وهي منع نشوب حرب إقليمية.
هذا الأمر ينفيه الباحث في العلاقات الدولية بمركز جنيف بباريس ناصر زهير في حديثه لـ”أخبار الآن”، حيث استبعد أن تؤدي الضربات الأمريكية إلى حرب إقليمية شاملة، مشدداً على أن التحرك العسكري الأمريكي مسألة ضرورية ومهمة لردع الحوثيين لأن نشاطاتهم تهدد خطوط الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي وخطوط الإمداد وسلاسل التوريد وهذه أعمال تصنّف كأعمال إرهابية وفق القانون الدولي لذا كان لا بد من الخطوة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة والتحالف الدولي.
وقال زهير: الحرب الإقليمية الشاملة لا تزال مستبعدة حتى هذه اللحظة، لأن استراتيجية إيران هي عدم الخسارة الشاملة، والحرب المفتوحة تعني خسارة إيران.
وأضاف: طهران تفضل أن تبقى ضمن استراتيجيتها الحالية بدعم الميليشيات والاستمرار في الهجمات وتلقي الضربات والرد عليها، لكن الحرب الشاملة هو أمر مستبعد.
مواجهة مباشرة بين إيران والولايات المتحدة
يتولّد الخوف من أعقاب الضربات الليلية الأمريكية على نقاط تابعة للحوثي، فبذلك تكون الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاؤها قد اقتربت خطوة كبيرة من المواجهة المباشرة مع إيران.
وفي هذا السياق، يلفت مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إلى أن “إيران شاركت عملياً في تنفيذ الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وقدمت معلومات واستخبارات للحوثيين كما زوّدتهم بالقدرات التي استخدموها لشن عملياتهم.
وعن هذا الموضوع، رأى الباحث ناصر زهير أن الضربات الغربية على الحوثيين من جهة والهجمات التي نفذها الحوثيون من جهة أخرى وضعت الولايات المتحدة وإيران بالفعل في مواجهة مباشرة خصوصاً “أن تبادل التصعيد بين الجانبين كان محدوداً والآن أصبح مفتوحًا بشكل أكبر بعد أن تم استهداف سفينة عسكرية بريطانية وسفن عسكرية أمريكية وتم اسقاط الصواريخ والمسيرات”.
وشدد على أن المواجهة مفتوحة ولكن بشكل محدود بين إيران والولايات المتحدة.
ورداً على سؤال حول انعكاس أحداث البحر الأحمر على “الجبهات” التي تشهد توتراً على خلفية حرب غزة، لا سيما سوريا والعراق ولبنان، أشار زهير إلى أن لا ارتدادات كبيرة على الجبهات الأخرى “لأن كل جبهة يتم التعامل معها وفق خصوصيتها”، بحسب قوله.
ماذا لو لم يرتدع الحوثيون؟
ومع استهداف ضربات أميركية جديدة فجر السبت لقاعدة تابعة للحوثيين في صنعاء، يسأل البعض عما ستكون الخطوات الأمريكية والغربية التالية إذا فشلت واشنطن وعواصم الغرب في إيصال الرسالة المبتغاة من ضرباتها وبالتالي استمرار الحوثيين في قصف السفن وتهديد الملاحة البحرية. فهل سيقدم الحلفاء حينها على استهداف المزيد من النقاط اليمنية؟
أكّد زهير أنه في حال عدم فهم الحوثيين لرسائل التحذير “فسيكون هناك ضربات أكبر عليهم”. وقال لـ”أخبار الآن”: شهدنا ضربة ثانية السبت وكانت مفاجئة لأن الأمر كان على اعتبار أن الضربات العسكرية الأمريكية انتهت، لذلك لا يمكن أن نقول أن هناك أي امكانية للتوقف عن هذه الضربات.
وأَضاف: استمرار التصعيد من الحوثيين يعني استمرار الضربات العسكرية بشكل أكبر مهما كانت النتائج وبالتالي التوتر هو أمر لا بد منه ومفروغ منه.