مرضى الكلى يتمنّون الموت في رفح ودير البلح… عدد القتلى جرّاء حرب غزّة فاق الـ 20 ألف قتيل، البنية التحتية في القطاع أصبحت غير قابلة للإصلاح، معاناةُ مواطني القطاع مستمرة، ما يجعل 2.4 مليون إنسان في خطر حقيقي. في الحقيقة، ما سبق هو وجه الحروب التي نعرفها جميعاً، لكن دائماً ما تكون هناك أوجهٌ أخرى أكثرُ تأثيراً على حياة الأبرياء، الذين لا ناقةَ لهم من مغامرة غير محسوبة النتائج والعواقب، ولا جمل.
وفيما مَنْ قُتل قد قُتل، وما دُمّر قد دُمّر، مَنْ بقي كيف يستمر؟ حتماً لا أحد من أتباع تلك المغامرة سيسأل أو يهمّه أمرهم أصلاً، فيما هم منشغلون في تنفيذ أجندات إيران تدخل على خطّها مصالح وحسابات سياسية. فأيّ مقاومة هي لا تضع سلامة الناس فوق كل اعتبار، حتى لو كان الأمر يتعلّق بتحرير الأرض وحماية الحدود؟ وأيّ مقاومة لا تؤمّن للناس على الأقل أماكن آمنة يلجأؤون إليها تجنّباً للموت تحت القصف؟
على كلّ حال، في ذلك التقرير جانبٌ واحد من معاناة الناس القاسية، إذ زارت “أخبار الآن” رفح ودير البلح حيث دخلت إلى مراكز غسيل الكلى، لنجد المرضى كمن ينتظر الموت فعلاً، يترامون هنا وهناك في ظلّ ظروف صحية مزرية، في مكان يُفترض أن يكون أكثر الأماكن تعقيماً، ناهيكم عن أنّ المرضى لا يحظوْنَ بما يكفي من أجل إتمام عملية غسيل الكلى
جلسة غسيل الكلى تمتد على ساعتين فقط بدلاً من 4 ساعات
الطبيب في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح\ قسم غسيل الكلى بهاء النمس قال لـ “أخبار الآن” إنّ القسم المختص صغير جدّاً يحتوي فقط على 17 جهازاً لغسيل الكلى، موضحاً أنّه “بسبب العدد الكبير لحالات غسيل الكلى – تفاقم العدد جرّاء النزوح الكثيف من بيت حانون باتجاه رفح – اضطررنا إلى تقليص ساعات الغسيل لكلّ مريض، الأمر الذي اثّر بشكل كبير الوضع الصحي، إذ أن جلسة الغسيل تستوجب 4 ساعات فيما تقتصر الجلسات حالياً على ساعتين فقط بسبب لضغط الكبير.
وتابع: “خضوع المريض لجلسة غسيل كلى تمتد فقط على ساعتين، يمكن وضعها في إطار إنقاذ الحياة لا أكثر، لكن في الحقيقة غير كافية لأيّ مريض”. وشرح أن الأجهزة لا تتوقف عن العمل، فالأجهزة تبدأ بالعمل من الساعة السابعة صباحاً وحتّى السابعة من صباح اليوم التالي، وذلك ما يؤدّي إلى تعطّل الكثير منها”. وأضاف: الكثير من المرضى تعرضوا لانتكاسة وحالتهم الصحية ازدادت سوءاً لاسيّما مع عدم توفّر بعض الأدوية التي يجب على مريض الكلى أن يتناولها”.
مزاحمة على أجهزة غسيل الكلى
المريض محمود الشاعر يغسل كلى منذ 5 شهور، وهو أحد المرضى الذين ينتظرون دورهم للجلوس على جهاز غسل الكلى لساعتين من أجل إنقاذ حياته. يقول الشاعر لـ “أخبار الآن” إنّ الظرف صعبة للغاية لاسيّما بالنسبة لأمثاله مرضى الكلى، وكذلك بالنسبة للطاقم الصحي الذي يحاول قدر إمكانياته تلبية احتياجات المرضى الملحة والمتزايدة. وأشار إلى أنّ الأمور غير مريحة بالنظر إلى توافد الكثير من المرضى من مناطق مختلفة، بالإضافة إلى أنّ الأجهزة لا تساعد في تلبية كلّ المرضى نظراً إلى تعطّل بعضها، ما يؤدّي إلى مشاجرات في بعض الأحيان نتيجة المزاحمة على أجهزة غسيل الكلى.