اللاجئون السوريون في هولندا يكتبون قصص نجاح ملهمة
في العاصمة الهولندية أمستردام، أسهم لاجئون سوريون في إضاءة فوانيس الإبداع والنجاح، حيث تُوجوا بلقب “أفضل القادمين الجدد” خلال حفل بهيج أقيم يوم الأحد الماضي.
ولم يكن الحفل مجرد فرصة لتكريم الفائزين بل أيضًا للتأمل في تأثيراتهم الإيجابية على المجتمع الهولندي، فبالإبداع والفن والغناء والطبخ والرياضة، رسموا لوحة حياة جديدة، وكرموا بلقبهم الرفيع بحضور عدد كبير من المرشحين والهولنديين، بينهم السيدة ثريا ملياني، عضو المجلس المحلي في بلدية أمستردام ذات الأصول المغربية.
تألق الحفل بلمسات من الأناقة، حيث قدم الجوائز السيد سنان جان، الصحفي وصانع الأفلام الوثائقية، بالتعاون مع الإعلامية الهولندية البارعة رجا فيلغاتا ورائدة الأعمال نادية الزروالي. وكان الحفل منقولًا عبر قناة سالتو (SALTO) في ليلة لن تنسى في ذاكرة الحضور.
تنوعت فئات الجوائز بين الطبخ والتقنية، المؤسسين والمبدعين، الرياضة ونجوم المجتمع. وقد كرم الشعب الهولندي الفائزين، إذ شارك 8671 فردًا من جميع الجنسيات بأصواتهم لاختيار الفائزين من بين 25 مرشحًا متألقًا.
هكذا، حملت قصص النجاح والإبداع لاجئي سوريا بين ألوانها وأنغامها، وسط إشادة وتقدير يعكسون التآلف الثقافي والتضاف إلى خيوط التاريخ الهولندي بلمسة جديدة ومبدعة.
في محادثة حصرية لتلفزيون الآن، كان لنا الفرصة للجلوس مع مؤسسة جائزة “أفضل وافد جديد” ومديرة الحسابات في شركة “SimpleMehr”، السيدة مهرنوش فوروزانده، لاستكشاف رؤيتها وتجربتها الفريدة كواحدة من الشخصيات المحورية في تكريم الوافدين الذين أضافوا قيمة لهولندا بتميزهم.
بدأت مهرنوش رحلتها إلى هولندا في سن الثامنة، وكان لديها الجرأة والرؤية لتأسيس جائزة تكريمية تسلط الضوء على إسهامات الوافدين الجدد في المجتمع الهولندي. خلال المقابلة، أكدت مهرنوش على أهمية تغيير النظرة التقليدية للمجتمع حيال اللاجئين، قائلة: “نحن نسعى لرسم صورة مختلفة تمامًا للوافدين، إنهم بناة حياة جديدة ومصدر إلهام للمجتمع الهولندي.”
أشارت مهرنوش إلى أن الجائزة ليست مجرد تقدير سنوي، بل هي حملة مستمرة لتسليط الضوء على قصص النجاح والتحديات التي يواجهها الوافدون الجدد. وفي هذا السياق، أوضحت: “نسعى لتحفيز الوافدين الجدد وتشجيعهم على المشاركة بشكل فعّال في مجتمعهم الجديد. إنهم ليسوا فقط جزءًا من القصة، بل هم قوة دافعة تجعل هولندا مكانًا أفضل.”
تشارك مهرنوش في تنظيم هذا المشروع الرائد مع مجموعة من الأفراد الملهمين، بما في ذلك وافدين وهولنديين، مما يعزز التنوع والتعاون الثقافي. يشمل الدعم الكبير الذي حصل عليه المشروع من شركات ومؤسسات ومنظمات هولندية، والذي يبرز النجاح والتأثير الإيجابي الذي حققته المبادرة في تعزيز التكامل الاجتماعي والثقافي.
وكما تذكر أنه بالإضافة إلى المرشحين السوريين، يشارك في هذا الحدث مجموعة متنوعة من المرشحين من دول أخرى، مثل أفغانستان واليمن وإرتيريا. يبرز هذا التنوع الثقافي والجغرافي في الحدث ويعكس الوجوه المتعددة للوافدين الجدد الذين يسهمون في تنويع وتحسين المجتمع الهولندي.
وفي العام الماضي، تم منح أربعة لاجئين سوريين في هولندا لقب “أفضل وافد جديد”، وقد قرروا أن يكرموا هذا الإنجاز عبر تكريسه للشعب السوري الذي كان يعيش في ظروف صعبة جدًا نتيجةً للزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمال سوريا.
قناة الآن أجرت مقابلة حصرية مع منى داهوك التي توجت بلقب “أفضل وافد جديد” في فئة الرياضة، لتروي لنا حكاية نجاحها والتحديات التي واجهتها في هذه الرحلة الرياضية المميزة.
منى، القادمة إلى هولندا عام 2019، بدأت رحلتها في عالم الجودو في دمشق عندما كانت في السادسة من عمرها، تحت إشراف والدها الذي كان مدربها. وبعد وفاة والدها في ظل الحرب السورية، اتخذت منى قرار اللجوء إلى هولندا.
عند وصولها إلى هولندا، أظهرت منى تفانيًا استثنائيًا حيث انضمت إلى فريق اللاجئين التابع للاتحاد الدولي للجودو وشاركت في العديد من البطولات الأوروبية. ولم تكن نجاحاتها تنحصر هنا، بل شاركت مؤخرًا ضمن الفريق الأولمبي للاجئين في دورة الألعاب الأولمبية 2020 في طوكيو.
منى، خريجة المعهد المصرفي التجاري في سوريا، أكملت دراستها في هولندا في تخصص التربية البدنية، تمثل قصتها الشخصية نموذجًا للإصرار والتفوق في ظل الظروف الصعبة.
في ختام المقابلة، توجهت منى داهوك بنصيحة قيمة إلى جميع القادمين الجدد، حيث دعتهم إلى التفاني والإصرار لتحقيق أحلامهم. قالت: “أنا أشجع كل القادمين الجدد على التفاني والعمل الجاد من أجل تحقيق أهدافهم. لا تيأسوا أبدًا واستمروا في السعي نحو النجاح، فالتفاني هو المفتاح لتحقيق ما تطمحون إليه في هذه الحياة هذه النصيحة تعكس تفاؤلًا وروح حثٍّ للجميع للتغلب على التحديات والعمل بجد لتحقيق الأهداف والأحلام.
في مقابلة حصرية مع قناة الآن، تألق المصور الصحفي السوري منيب تيم، الفائز بلقب “أفضل قادم جديد” في فئة المبدعين لعام 2024. بعمر يناهز 22 عامًا، يعتبر تيم رائدًا في مجال الصحافة المصورة، حيث يركز بشكل رئيسي على استعراض القضايا الاجتماعية من خلال قصصه المؤثرة.
بدأ منيب حياته المهنية في سن الثانية عشرة كمصور فوتوغرافي، حيث علّم نفسه فنون التصوير بشكل ذاتي. وتميزت مسيرته بالنشاط الصحفي، وفي عام 2014، شارك في تغطية الأحداث تحت الحصار في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ومن ثم استمر في توثيق يوميات الحرب في إدلب وحلب.
قدم منيب تيم معرضه الأخير في مقر التلفزيون الهولندي، حيث عرض أعماله للمحررين ونال إعجابًا كبيرًا. يعمل حاليًا كصحفي مستقل في هولندا، ويشارك بنجاح في عدة معارض في المدن الرئيسية، حاز من خلالها على جوائز هولندية بارزة، منها جائزة “فان جوخ 2023” المشهورة والمحبوبة بين الجمهور الهولندي.
تطمح مواهب منيب تيم إلى تقديم المزيد من القصص الملهمة، مساهمًا في إثراء المشهد الفني والصحفي في هولندا بروحه الفنية ورؤيته الفريدة.
في لقاء حصري مع الفريق الفائز في فئة “النجوم”، يبرز دور الفريق الاستثنائي في تأسيس منصة “RefugeeHelp”. تتمثل هذه المبادرة الرائدة في توفير معلومات ذات قيمة وموثوقية عالية للوافدين الجدد إلى هولندا بلغتهم الأم، بهدف تسهيل اندماجهم في المجتمع الهولندي بأسلوب فعّال وفعّال.
تتخذ المنصة نهجًا شاملاً ومتقنًا في تقديم معلومات حول الاندماج، والرعاية الصحية، والمسائل القانونية، والتعليم. يتألف الفريق المؤسس من أفراد مبدعين هم: هادي حسن، دانا فلوح، مجد شيخ، وجلال نجار، حيث يسهمون في توجيه الوافدين الجدد عبر تقديم الدعم والمعلومات الضرورية.
وبالإضافة إلى الجانب المعلوماتي، تقوم المنصة بتقديم محتوى اجتماعي يربط بين “الوافدين الجدد” و”القادمين القدامى”. يشارك أفراد المجتمع في قصص نجاحهم، ويتفاعلون من خلال إنتاج سكتشات كوميدية وبودكاست، مما يضيف عنصرًا فنيًا وترفيهيًا يعزز التواصل والتلاحم بين أفراد المجتمع بشكل إيجابي ومبتكر.
في فئة “رواد الأعمال”، تألقت السورية هناء مكية، البالغة من العمر 29 عامًا، لتفوز بلقب “أفضل قادمة جديدة”، مُعبِرةً عن فخرها واعتزازها بتحقيق هذا الإنجاز المميز.
هناء، التي وصلت إلى هولندا في عام 2015، قدمت أثناء دراستها كمساعدة طبيب في عيادة “فان دير ليندن”، ولكن لم تتوقف عند هذا الحد. بل، أسست شركتها الخاصة بعنوان “Bee Candy Shop”، التي تتخذ من بيع العسل الطبيعي مصدرًا للابتكار.
تتوج هذه المبادرة الرائعة احتفالها بالوافدين في ظل صدى أصوات الحزب اليميني الهولندي المتطرف “من أجل الحرية”، بزعامة خيرت فيلدرز، الذي دعا في برنامجه إلى إجراء استفتاء حول خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي، وتعليق قوانين اللجوء، ومنع إنشاء المدارس الإسلامية، والمساجد. يأتي ذلك على الرغم من تعهده السابق بعدم انتهاك القوانين الهولندية أو دستور البلاد، الذي يكفل حقوق حرية التعبير والدين، وفقًا لتقارير وكالة “أسوشيتد برس”.
وفي إطار سباق المنافسة نحو تتويج المبادرة الملهمة، شهدت المشاركة النشطة لـ 25 مرشحًا، مع تنوع واسع في الفئات المتنافسة، من بينهم لاجئون سوريون يتألقون في مجالات المبدعين، ورواد الأعمال، وخبراء الطعام، ومبتكري التكنولوجيا، ونجوم الفن والرياضة.
وفي شهر يناير الماضي، تم إجراء جولة التصويت لاختيار الوافدين الجدد “الملهمين”، حيث شارك فيها 8,671 شخصًا، وكانت المنافسة شرسة بين المرشحين، وكان الفائز في كل فئة هو الشخص الذي نال أكبر عدد من الأصوات.