الجيش الإسرائيلي ينفّذ عملية عسكرية في مستشفى ناصر بجنوب قطاع غزة
أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس، أنّ قواته تنفّذ عملية في مجمع ناصر الطبي المحاصر في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، حيث يَشتبه بوجود جثث لرهائن كانت تحتجزهم حماس في المرفق الطبي الذي يؤكد أطباء ومسعفون أنه يواجه وضعا “كارثيا”.
وفي جنوب لبنان، ارتفعت حصيلة القصف الإسرائيلي على مدينة النبطية ليل الأربعاء الى عشرة قتلى هم سبعة مدنيين من عائلة واحدة وثلاثة عناصر من حزب الله بينهم مسؤول عسكري، وهي أعلى حصيلة لضربة واحدة منذ بدء التصعيد عبر الحدود بين إسرائيل والحزب في أعقاب اندلاع الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وبعد أيام من القتال في محيطه مع عناصر حماس، أكد الجيش الإسرائيلي الخميس، أن قواته الخاصة دخلت مستشفى ناصر، وهو الأكبر في خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع.
ويستقبل المستشفى آلاف المدنيين الفارّين من الحرب، والذين بدأ إجلاؤهم تحت القصف في الأيام الأخيرة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ينفّذ “عملية دقيقة ومحدودة” في المستشفى بعد حصوله على “معلومات استخباراتية موثوقة من عدد من المصادر، بما في ذلك من الرهائن المفرج عنهم، تشير إلى أن حماس احتجزت رهائن في مستشفى ناصر في خان يونس وأنه قد تكون هناك جثث لرهائننا فيه”.
ولم يقدّم الجيش أدلة على هذه الاتهامات أو يردّ على الفور على أسئلة لوكالة فرانس برس بشأن متى تواجد هؤلاء الرهائن في مستشفى ناصر، وما اذا كان قد سبق للجيش تحديد وجود رهائن في أحد مستشفيات القطاع.
وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع أن “الاحتلال الاسرائيلي يقتحم مستشفى ناصر ويحوله الى ثكنة عسكرية”، ويستهدف “مقر الاسعاف وخيام النازحين ويقوم بتجريف المقابر الجماعية داخل مجمع ناصر الطبي”.
وأظهرت لقطات فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي عشرات الأشخاص يسيرون في زقاق ضيق أثناء خروجهم من المستشفى. وفي مقطع آخر، يظهر رجال الإنقاذ وهم يحاولون نقل المرضى من جناح العظام بالمستشفى بعد تعرضه للقصف إلى غرف آمنة أخرى.
ومنذ بدء هجومها البري في قطاع غزة، قامت القوات الإسرائيلية بدهم المستشفيات بشكل متكرر، واتهمت حماس باستخدامها كمراكز قيادة وبنى تحتية عسكرية. وتنفي الحركة هذه الاتهامات.
“إننا خائفون”
وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة عن سقوط 87 قتيلاً في القطاع خلال الساعات الـ24 الأخيرة، مضيفة أنّ القصف الذي استهدف مستشفى ناصر خلّف قتيلاً وعدداً من الجرحى.
والخميس، قالت منظمة أطباء بلا حدود، إنّ معظم النازحين فرّوا في الأيام الأخيرة استجابة لأمر إخلاء من الجيش ليجدوا أنفسهم “بلا مكان يذهبون إليه”، في “مشهد مروّع” حيث أصبح القصف “جزءا من الحياة اليومية”.
وأضافت المنظمة غير الحكومية أنّ فريقاً تابعاً لها يواصل العمل في المستشفى “في ظروف شبه مستحيلة”.
وإضافة الى الطواقم الطبية والجرحى، شكّلت المستشفيات ملاذا لعشرات الآلاف من النازحين الفارين من المعارك والدمار الذي طال مناطق واسعة في القطاع.
وقالت جميلة زيدان (43 عاما) التي نزحت مع عائلتها من بلدة خزاعة لفرانس برس “غادر زوجي وابني محمد أمس (الأربعاء) مع آلاف آخرين، لكن لا أدري ما حلّ بهم، انقطع الاتصال بيننا”.
وتابعت زيدان التي بقيت مع بناتها الستّ في مستشفى ناصر “إننا خائفون. لم يعد لدينا طعام منذ أيام، ونشرب ماء ملوّثة”.
“مشهد مروّع”
وشاهد مصورو وكالة فرانس برس، سحب الدخان تتصاعد جراء عمليات قصف جديدة على مدينة خان يونس التي تشكّل منذ أسابيع، محور العمليات الإسرائيلية.
وبعد مدينة خان يونس التي تحوّلت إلى ساحة من الخراب، تؤكد إسرائيل أنها تعدّ لهجوم برّي على مدينة رفح المكتظّة بالسكّان، والتي أصبحت الملاذ الأخير لأكثر من مليون من المدنيين الذين فرّوا من القتال.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن العملية في رفح ضرورية للقضاء على “المعقل الأخير” لحماس في غزة، بعد الدمار الواسع الذي طال مختلف أنحاء شمال القطاع ووسطه.
وكتب نتانياهو على حسابه الرسمي على تطبيق تلغرام “سنقاتل حتى النصر الكامل، وهو ما يتضمّن تحركاً قوياً في رفح، وذلك بعد السماح للسكان المدنيين بمغادرة مناطق القتال”.
ويأتي إصرار نتانياهو على المضي في الاستعداد لعملية برية في رفح، على رغم تحذيرات دولية واسعة من الكلفة الانسانية الباهظة لهذا الهجوم، وفي وقت تتواصل المباحثات لمحاولة التوصل إلى هدنة تتيح إدخال المزيد من المساعدات وتبادل رهائن محتجزين في غزة بمعتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل.
وبعدما أبدت الولايات المتحدة، حليف إسرائيل الرئيسي، معارضتها لشنّ هجوم على رفح بدون “ضمانات” بشأن أمن المدنيين، حذّرت استراليا وكندا ونيوزيلندا الخميس إسرائيل من النتائج “الكارثية” لمثل هذا الهجوم.
وحضّت دول الكومنولث الثلاث في بيان مشترك حكومة نتانياهو “على عدم سلوك هذا المسار”، مؤكدة أن “نحو 1,5 مليون فلسطيني لجأوا إلى هذه المنطقة (…) ولا يوجد ببساطة أمام المدنيين أي مكان آخر يذهبون إليه”.
وبحسب الأمم المتحدة، يتجمّع نحو 1,4 مليون شخص، معظمهم نزحوا بسبب الحرب، في هذه رفح التي تحولت إلى مخيم ضخم، وهي المدينة الكبيرة الوحيدة في القطاع التي لم يقم الجيش الإسرائيلي حتى الآن باجتياحها بريا.
وتعد رفح أيضا نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات من مصر والتي تسيطر عليها إسرائيل وهي غير كافية لتلبية حاجات السكان المهددين بالمجاعة والأوبئة.
اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28663 شخصا في قطاع غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
15 قتيلا في لبنان
وأثارت حرب غزة مخاوف من اتساع نطاق التصعيد الى جبهات أخرى في المنطقة، خصوصا بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، والمناطق المقابلة لسواحل اليمن حيث ينفّذ الحوثيون هجمات على سفن يقولون إنها مرتبطة بالدولة العبرية.
على جبهة أخرى، أعادت الحرب إشعال التوترات على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان، حيث يتمّ تبادل إطلاق القصف يومياً بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المدعوم من إيران وحليف حركة حماس.
وشهدت المواجهة تصعيدا ملحوظا الأربعاء، اذ قتلت جندية إسرائيلية جراء سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان، بينما شنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على بلدات لبنانية أدت الى مقتل 15 شخصا. وكانت أعنف الضربات على مدينة النبطية وأدت لمقتل عشرة أشخاص، بحسب حصيلة جديدة الخميس.
وقال مصدر أمني إنّ سبعة مدنيين من عائلة واحدة قتلوا في الغارة، إضافة الى ثلاثة عناصر من حزب الله كانوا موجودين في الطابق السفلي من المبنى.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن القيادي في حزب الله، علي محمّد الدبس، ونائبه ومقاتلاً ثالثاً، قتلوا ليل الأربعاء “في غارة جوية دقيقة نفّذتها طائرة تابعة للجيش على منشأة عسكرية” في النبطية.
وأعلن حزب الله من جهته الخميس مقتل ثلاثة من عناصره، بينهم الدبس.
وأكد الحزب الخميس إطلاق عشرات الصواريخ على شمال إسرائيل “رداً” على الغارات الأخيرة، وتبنى استهداف مواقع في الجانب الإسرائيلي، بينما أفادت الوكالة الوطنية الرسمية عن قصف اسرائيلي طال مناطق في جنوب لبنان.
وقبالة سواحل اليمن، أعلنت وكالة بريطانية للأمن البحري الخميس عن وقوع انفجار قرب سفينة في البحر الأحمر، مؤكدة أن السفينة وطاقمها بخير.
“تهديد وجودي”
في الأثناء، تتواصل المفاوضات بوساطة قطرية ومصرية سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس لإطلاق سراح رهائن.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الولايات المتحدة تعمل مع حلفاء عرب على خطة لإرساء سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، تشمل وقف القتال وإطلاق سراح الرهائن ووضع جدول زمني لإقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وعرب أن تنفيذ هذه الخطة سيبدأ بوقف لإطلاق النار “يتوقع أن يستمر ستة أسابيع على الأقل” على أمل التوصل إلى اتفاق قبل 10 آذار/مارس، موعد بدء شهر رمضان.
إلا أن هذه الخطة لقيت استنكاراً من وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف اعتبرا أن “دولة فلسطينية تشكل تهديدا وجوديا لدولة إسرائيل”.
وتقول إسرائيل إن 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 29 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من أصل حوالي 250 شخصا خُطفوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر.