استهداف قادة داعش بشكل متتالي ربما يُجبر القيادة للذهاب إلى إفريقيا
سلط تقرير حديث صادر عن لجنة الدعم التحليلي ومراقبة العقوبات التابعة للأمم المتحدة، الضوء على حالة تنظيم داعش الإرهابي وتنظيم القاعدة، استنادًا إلى الضربات المتتالية التي قتلت آخر 4 قادة لدى داعش بين عام 2019 و2023.
وأشار التقرير إلى احتمالية أن تُفكر قيادة تنظيم داعش في الانتقال من القاعدة المفترضة في العراق إلى إفريقيا، التي تُعد الأكثر ترجيحًا.
وهذا هو التقرير النصف السنوي الـ 33 الذي تصدره اللجنة الأممية، ويتم قراءته عن كثب من قبل الباحثين في مجال الإرهاب والمتخصصين في مكافحته، وبالتالي فإن توقعات انتقال قيادة داعش إلى إفريقيًا أمر يستحق الفحص بشكلٍ عميق.
ولفت التقرير أن فكرة إفريقيا، قد تكون بمثابة نقطة هروب لكبار قادة داعش، مشيرًا إلى أنها “فكرة ليست جديدة”.
وفي عام 2016، عندما تعرضت قيادة التنظيم لضربات قوية على يد القوات المتعددة الجنسيات في العراق وسوريا، بدأ المراقبون يتساءلون عما إذا كانت ليبيا – التي كانت يومًا قمة الشبكة الأفريقية لتنظيم داعش – بمثابة موقع “احتياطي” لإيواء كبار القادة”.
فكرة إفريقيا قد تكون مرجحة بالنسبة لداعش كنقطة هروب لكبار قادة التنظيم بعد ضربات متتالية طالتهم.. فما هي احتمالات انتقال قيادة داعش؟
ما هو تعريف القيادة؟
ويتطلب تقييم تقرير الأمم المتحدة أولاً توضيح المصطلحات: هناك فرق بين القائد الأعلى لتنظيم داعش، وغيرهم من الأشخاص الذين يشغلون مناصب قيادية في التنظيم.
وفي حين أنه من غير المرجح أن ينتقل زعيم تنظيم داعش (المزعوم) إلى إفريقيا، فإن الأشخاص الذين يشغلون بعض أهم المناصب القيادية – أولئك الذين تعد أنشطتهم اليومية جزءًا لا يتجزأ من عمل الجماعة – قد أصبحوا بالفعل “أفارقة”.
ومن الضروري أن ندرك أن تفويض الأدوار القيادية المهمة للأفارقة وغيرهم من المقيمين في إفريقيا قد تم بالفعل.
ويشكل 2 من المكاتب الإقليمية لداعش في إفريقيا، مكتب الفرقان (مقره في نيجيريا ويغطي غرب إفريقيا) ومكتب الكرار (مقره في الصومال ويغطي شرق ووسط وجنوب إفريقيا) دليلاً على احتمالية الانتقال إلى إفريقيا.
وأظهر الباحثون أن مكتب الكرار هو إحدى النقاط المركزية لجهود التمويل العالمية لتنظيم داعش: فلم يقتصر الأمر على انتقال الأموال من القيادة المركزية لتنظيم داعش إلى مكتب الكرار، الذي وزعه حسب تقديره في جميع أنحاء إفريقيا، ولكن أيضًا حتى أن تنظيم داعش المركزي عهد إلى مكتب الكرار بتسهيل التحويلات المالية إلى مقاطعة خراسان التابعة له في أفغانستان وباكستان.
وفيما يتعلق بقادة أفارقة رفيعي المستوى، فربما كان أبرزهم بلال السوداني، وهو ممول سوداني المولد مرتبط بمكتب الكرار، والذي قُتل في يناير/كانون الثاني 2023.
عوامل تدفع التنظيم إلى إفريقيا
وبعد ما يقرب من 5 سنوات من دون السيطرة على أراضٍ كبيرة في العراق أو سوريا، وقتل القادة على التوالي، وعدد قليل من الهجمات البارزة في الشرق الأوسط، واستنزاف الخزائن، فإذا كان الانتقال إلى إفريقيا أو أي مكان آخر من بين الاحتمالات، فلماذا لم يحدث بالفعل بعد؟، وما هي العوامل التي قد تدفع قيادة داعش إلى الخروج من العراق وسوريا، وتلك التي قد تسحب هؤلاء القادة باتجاه إفريقيا؟
من بين العوامل هي أن يُقرر قادة تنظيم داعش بأن البقاء في العراق أو سوريا، بات أمرًا لا يُمكن الدفاع عنه، وأن الانتقال لمكان آخر أكثر أمنًا أصبح ضروريًا، وقد يكون ذلك معقولًا بحسب خبراء.
فمنذ أن قتلت الولايات المتحدة زعيم داعش أبو بكر البغدادي في عام 2019، قوبل صعود قادة التنظيم الثلاثة التاليين بعمليات قتل متتالية، ولذلك فإن الرغبة في عدم استهداف القادة، تُشكل عاملًا أساسيًا للهرب.
وهناك ظاهرة أخرى – أقل احتمالًا – ربما تُجبر اتجاه داعش لإفريقيا، ومنها فقدان التعاطف بشكل كامل داخل المجتمع العراقي أو السوري، الذي هو بالفعل متشائم بشأن داعش الإرهابي.
دوافع قد تعجل باتخاذ قرار انتقال قيادة داعش لإفريقيا
السيناريو الأول الذي قد يتبادر إلى أذهان معظم المحللين هو أنه ربما يفكر زعيم داعش في الانتقال إلى إفريقيا إذا انهارت الدولة بالكامل، وبالتالي توفير بيئة متساهلة وغير مقيدة له ودائرته المباشرة للعيش والعمل فيها، في حال كان العثور على دولة أفريقية ضعيفة هو المفتاح.
بالإضافة إلى حقيقة أن الدول الإفريقية تعاني من ضعف كبير بالفعل، فقد أظهرت العديد من الدراسات أن أفضل الدول بالنسبة للجماعات الإرهابية ليست تلك التي تم إفراغها بالكامل وغير فعالة، ولكنها تلك التي تتميز بالكفاءة إلى حد ما: لا يزال يتعين على الجماعة استخدام الاتصالات السلكية واللاسلكية.