إلهام توختي.. الرمز الحقيقي لكفاح شعب الإيغور من أجل الحرية
صانع السلام.. هكذا يلقبونه ولم لا؟، وهو الذي أُجبر على قضاء بقية حياته في السجون الصينية، فقط بسبب نضاله السلمي من أجل حقوق الإنسان، وعمله الذي سلط من خلاله الضوء على الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها السلطات الصينية في السنوات الأخيرة في منطقة شينجيانغ.
هذه الكلمات لا تصف سوى القليل عن الباحث الإيغوري “إلهام توختي Ilham Tohti”، الذي أعرب بشجاعة عن قلقه بشأن سياسات الحكومة تجاه الإيغور والمجموعات العرقية الأخرى في منطقة شينجيانغ، ودعا السلطات إلى الالتزام الكامل بالقوانين الحالية المتعلقة بالحكم الذاتي العرقي والحد من التمييز الاقتصادي ضد مجموعات الأقليات العرقية.
لكن ولأن أمرا كهذا غير مقبول بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني، تم القبض على أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة بكين إلهام توختي Ilham Tohti، وحكم عليه في 2014 بالسجن مدى الحياة بتهمة النزعة “الانفصالية” في محاكمة أثارت حملة اعتراضات من قبل حكومات أجنبية ومنظمة مدافعة عن حقوق الإنسان.
اليوم وبعد نحو 10 سنوات، يجد الباحث الإيغوري نفسه مرشحا لنيل جائزة نوبل للسلام من وراء القضبان، وهي ليست المرة الأولى الذي يترشح لنيل هذه الجائزة الرفيعة تقديرا لجهوده وحياته النضالية، بل هي الثالثة في إشارة تؤكد أن إلهام توختي لم يُنسى ولن ينسى، مهما حاولت بكين قمع الحريات أو زادت من اضطهادها للإيغور عبر إسكات المثقفين، مثل إلهام توختي.
Chairs announce nomination of four champions of peace and freedom for the 2024 Nobel Peace Prize.
Read nomination letter —– > https://t.co/MciB0tQfIK pic.twitter.com/swtOBx25Z8
— China Commission (@CECCgov) February 1, 2024
حول هذا الموضوع ولتسلسط مزيد من الضوء على قضية الباحث الإيغوري وهذا الترشيح الكبير، تواصلت “اخبار الآن” مع جوهر إلهام توختي Jewher ilham tohti ابنه أستاذ الاقتصاد ولمناضل الذي يقبع وراء القضبان منذ نحو عقد.
في البداية، اعتبرت جوهر أن ترشيح والدها لنيل جائزة نوبل للسلام للمرة الثالثة هي علامة أمل بالنسبة لها ولعائلتها أن والدها لم يُنسى وأن أعماله لا زالت ذات قيمة للمجتمع، كما أنها تثبت أن تضحياته لن تذهب هباء وستبقى للأبد.
كانت جوهر في الثامنة عشر من عمرها عندما رأت والدها آخر مرة، وهي ذكرى ربما لا تكون الأفضل بالنسبة لها، في هذا اليوم وقبل أكثر من 10 أعوام كانت جوهر تحاول مغادرة الصين مع والدها إلى ولاية إنديانا في الولايات المتحدة، لكن الشرطة اعتقلت والدها أمام عينها في المطار، وهي التي لم تتكن تتحدث الإنجليزية وقتها، تركتها الشرطة بينما حثها والدها على ركوب الطائرة بمفردها، لتبدأ من بعدها رحلة النضال وتستتكمل ما بدأه والدها.
جوهر والتي تعمل هي الأخرى كناشطة إيغورية في مجال حقوق الإنسان، وإن عبرت عن سعادتها ربما بهذا الترشيح، إلا أنها رفضت اعتباره نجاحا، وأوضحت أن العديد من أقلية الإيغور ما زالوا يعانون، وأن والدها أيضا لا يزال هو الآخر يقبع في السجن.
وأضافت جوهر “كنت أعلم منذ 10 سنوات مضت عندما بدأت عملي في مجال منصارة قضيتنا لأول مرة أن هذه ستكون رحلة طويلة، وأيضا معركة طويلة. يسعدني أن أرى المجتمع الدولي يكتسب وعيا تدريجيا بما يحدث في وطني لكن هذا ليس كافيا. ما نحتاجه هو العمل والتغيير”.
ترشيح الباحث والناشط إلهام توختي لنيل جائزة نوبل للسلام، لم يكن سوى جزء من التقدير لما قدمه، خاصة وأنه كان ملتزمًا بتعزيز الحوار بين الأعراق، بما في ذلك من خلال موقع Uyghur Online، وهو الموقع الإلكتروني الذي أسسه. وفي عام 2014.
وحتى بعد الحكم عليه بالسجن المؤبد، أصدر بيانا عبر محاميه مفاده أن “السلام هدية سماوية لشعبي الإيغور والهان. فقط السلام وحسن النية يمكن أن يخلق مصلحة مشتركة”.
ماذا لو فاز إلهام توختي بجائز نوبل؟
تقول ابنة الناشط الإيغوري جوهر إلهام توختي، إن والدها إذا فاز يوما ما بجائزة نوبل للسلام، سيكون معارضا مسجونا آخر، حصل على جائزة السلام، منذ ليو شياو بو الذي توفي في السجن بسبب السرطان.
تضيف جوهر “سيتم الضغط على الحكومة الصينية لإظهار دليل على حياة والدي والحفاظ على صحته، حيث سيبدو الأمر سيئًا للغاية إذا سمحت الصين بإبقاء فائز آخر بجائزة نوبل للسلام في السجن وأن يكون في حالة صحية سيئة”.
وفي السنوات التي تلت محاكمته عام 2014، أخضعته السلطات لفترات من الحبس الانفرادي وتقييد زيارات عائلته.
وفي هذا الصدد كشفت جوهر خلال حديثها مع أخبار الآن أنه لم يتمكن أحد من عائلتها من زيارة والدها منذ عام 2017، لكنها أشارت إلى أن مكتب أمن الدولة زار عائلتها منذ نحو أسبوعين، وطالبوها بالضغط علي لإقناعي بوقف عملي الدعوي في الولايات المتحدة مقابل السماح لهم بزيارة والدها مرة أخرى، مؤكدة أن مجرد استعادة حقوق الزيارة لوالدها ليس كافيًا لإبقائها صامتة، خصوصا وأن هذا الأمر ليس إلا حق من حقوقهم القانونية في المقام الأول.
إبادة جماعية في شينجيانغ
ترشيح توختي يأتي بعد أيام من فحص سجل الصين في مجال حقوق الإنسان في المراجعة الدورية الشاملة الرابعة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بسويسرا.
خلال المراجعة، انتقدت الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، معاملة الصين للإيغور والتبتيين والمعارضين في هونغ كونغ، وقدمت الدول وأصحاب المصلحة معلومات بشأن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم؛ والتفكيك الوحشي في كثير من الأحيان لشبكات المحامين في مجال حقوق الإنسان الذين يسعون إلى إصلاحات قانونية وسياسية في الصين؛ وجاء في رسالة لجنة الانتخابات المركزية الصينية: “وفرض قانون الأمن القومي في هونغ كونغ الذي أدى إلى الاعتقال غير العادل لأكثر من 1000 شخص”.
ويعتبر منح جائزة نوبل للسلام لأشخاص مثل إلهام توختي من شأنه أن يرسل إشارة إلى أن الرغبة في السلام والحرية لأولئك الذين يعيشون تحت حكم الحزب الشيوعي الصيني لا تختلف عن تلك التي عبر عنها مليارات الأشخاص الآخرين حول العالم.
الذكرى العاشرة لاعتقال توختي
وفي منتصف يناير/كانون الثاني، أحيت وزارة الخارجية الأمريكية ومشرعون وجماعات حقوق الإنسان الذكرى العاشرة لاعتقال توختي بدعوات متجددة للصين لإطلاق سراحه، بينما حثت ابنته بكين على تقديم دليل على أنه لا يزال على قيد الحياة.
ويحظى ترشيح توختي لجائزة نوبل للسلام لعام 2024 بدعم واسع النطاق، بينما رشحه أيضًا في ديسمبر 2023، أكثر من 180 من المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى والمشرعين والأكاديميين والخبراء للحصول على الجائزة، مشيرين إلى دوره باعتباره “الرمز الحقيقي لكفاح شعب الإيغور من أجل الحرية” في ظل الحكم الصيني في شينجيانغ.
تم إدراج توختي في القائمة المختصرة لجائزة السلام لعامي 2020 و2023. وفاز بجائزة ساخاروف لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الأوروبي في عام 2019.