متلازمة طهران تصيب أحد أبرز وأكبر تيارات السلفية في اليمن
في أحد أكبرِ مساجد ومدارس السلفية في اليمن، ما يُعرف بـ”مركز النور بمعبر”، وبعد صلاة الجمعة 6 يناير/كانون الثاني أعلن إمامُ صلاة الجمعة عبدالرحمن نجل الشيخ محمد بن عبدالله الإمام، صلاة الغائب على من وصفهم بـ”شهداء البحر الأحمر الذين قتلهم العدو”، ويقصد بذلك قتلى مليشيا الحوثي الذين قتلتهم القوات البحرية الأمريكية جنوب البحر الأحمر، بعد أن حاولت هذه العناصر التابعة لجماعة الحوثي استهدافَ سفينةِ الحاويات “ميرسك هانغتشو” الدانماركية، ما دفع البحرية الأمريكية لاستجابةِ نداءات الإستغاثة من السفينة وقد تمكنت طائرات هليكوبتر من التصدي لهذا الهجوم، مما أدى لغرق ثلاثة زوارق من أصلِ أربعة لجماعة الحوثي؛ ما أسفر عن مقتل عشرة عناصر فيها، وقد نشرت مليشيا الحوثي في وقتٍ لاحق بشكل رسمي قائمةً بأسماءِ، وصور قتلاهم.
السلفية وجماعة الحوثي: طبيعة العلاقة بين الأمس واليوم
منذُ ثلاثة عقودٍ وأكثر كان للسلفية بشتى تياراتها موقفًا حادًا موحدًا تجاه الشيعة عمومًا في اليمن، ولا سيما ما تسمى بـ”الزيدية الهادوية أو الجارودية” والتي تنتشر في شمال اليمن، دون الوسط والجنوب والشرق، إلا أنها تبقى ضمن إطار الصراعات الفكرية وقد يحصل هنا وهناك قصةُ اعتداء طفيفة لا تكاد تذكر على خلفية الصراعات الفكرية بين السلفية والزيدية.
إلا أنه منذ بداية حروب الدولة اليمنية ضد جماعة الحوثي أو ما عُرفت سابقًا بمسميات أخرى في عام 2004، بدأت الأوضاع تتوتر أكثر وتحتدُّ بين السلفيين وجماعة الحوثي، وذلك لموقف السلفيين المُساند للدولة اليمنية، والمُحرض لقتال الحوثيين، وقد كان للسلفيين ما يُعرف حينها بـ”دار الحديث بدماج” والذي أسسهُ مقبل بن هادي الوادعي أحد رموز ومؤسسي السلفية في اليمن -إن صح التوصيف-.
ومنذ عام 2008 تحديدًا فجَّرت مليشيا الحوثي العديد من الحروب مع السلفيين في محافظتي صعدة وعمران، حتى امتدَّ ذلك إلى محافظة الجوف، وقد فرضوا حصارًا خانقًا على ما يعرف بـ”دار الحديث بدماج” مرات كثيرة، حتى أُرغِم السلفيون في نهاية الصراع الذي امتد لأكثر من 7 سنوات على المُغادرة من دماج وذلك في 2014م بعد حصارٍ خانقٍ وقصفٍ شديد لدار الحديث التابع للسلفيين بما فيهِ من أطفال ونساء.
وقد كان السلفيون بشتى تياراتهم واختلافاتهم متوحدين على موقفٍ واحد ضد جماعة الحوثي، وإن كانت هناك بعض المواقف المُختلفة، في قضية حرب كتاف ومواضيع أخرى، إلا أن الرأي موحدٌ من حرب وحصار دماج وقتال جماعة الحوثي.
وبعد خروج السلفيين من “دماج” بدأت تتمايز مواقفُ السلفيين تجاه الحوثي، ففي خطوةٍ مُفاجأة وقَّعَ محمد بن عبدالله المعبري المُلقب بـ(الإمام) “وثيقةَ تعايشٍ وإخاء” مع جماعة الحوثي، وذلك في يونيو/حزيران من عام 2014 أي بعد مرور أشهر على الحرب الواقعة بين الحوثيين والسلفيين في صعدة، وهذا ما جعل بقية التيارات السلفية تمتعض وتنزعج من وثيقة محمد الإمام لأسبابٍ كثيرٍة، من أبرزها:
- أن الملقب بـ(الإمام) وقع الوثيقة، والحوثي لم يصل إلى صنعاء بعد، والإمام يقيم في محافظة ذمار، فما الذي يدفع الإمام لتوقيع هكذا وثيقة بغير ضرورة ولا حاجة ولا حرب؟!
- بنود الوثيقة تحتوي على تناقضات كبيرة مع الأصول والأفكار السلفية التقليدية، مثل: “حرية الفكر” و “حرية المعتقد” والتي يعتقدُ محمد الإمام المُوقع على الوثيقة أن “حرية الفكر والمعتقد” (كفرٌ وردة)! ؛ وهذا ما اعتبره المُخالفون للإمام داخل السلفية تحولًا وانقلابًا عن مسار السلفية التقليدية، لصالح مليشيا الحوثي رغمًا عن التناقضات.
- التعايش مع من قتل السلفيين بالأمس في صعدة، وأجبرهم على الرحيل والمغادرة من أحد أهم وأكبر معاهد السلفيين في اليمن، والذي تخرج منه محمد الإمام أيضًا.
- توقيع الوثيقة بصفتهِ مُمثلًا عن السلفيين في اليمن عمومًا، لا عن نفسهِ ومركزه فقط، وهذا اعتبره السلفيين أخطر ما جاء في الوثيقة، وذلك ضمن محاولات الإمام السيطرة على تيارات السلفية وتوجيهها وتسييرها في الحروب والأزمات بحسب مصالح سياسية بحتة
وهذا ما أشار له الصحفي والحقوقي اليمني حسين الوادعي، قائلًا: “ما يحدث من تعاون بين السلفيين في اليمن وتحديدًا تيار “معبر” هو تعاون أو تحالف سياسي عسكري، ليس عقائدي مع كل التناقضات المتواجدة بين الفكرتين السلفية والحوثية، وهذا ما كان مستحيلًا أن نراه قبل سنوات، ولكن مصالح هذه الجماعات العسكرية والسياسية تجعل هذا التحالف والتعاون ممكنًا وحاصلًا، وإن قدمت هذه الجماعات تنازلات عقائدية!، فهو تحولًا سياسي، ليس تحولًا فكريًا أو عقائديًا، وهذا ما وقع به تيار معبر ما يعرف بالسلفية العلمية.
وأضاف قائلًا: أن الضربات الأمريكية في على مليشيا الحوثي يتم استخدامها كذريعة للتقارب بين الجماعات الإسلام السياسي كجماعة الإخوان المسلمين وأيضًا السلفيين في اليمن، مع مليشيا الحوثي، تحت مبررات غبية سياسيًا ومتطرفة فكريًا، وذلك أن الصراع اليوم بين الحوثي من جهة والتحالف الدولي لحماية الممرات البحرية وأمريكا وبريطانيا من جهة، صراع بين إسلام وكفر متناقضين مُتجاهلينَ تاريخًا من تكفير جماعة الحوثي بالأمس!
وقد تبنى مخالفةَ المُلقب بالإمام في توقيعهِ الوثيقة العديد من السلفيين ومن أبرزهم: ما يعرفون بـ”مشايخ عدن” وأبرز شخصيات السلفية في السعودية مثل: د.ربيع المدخلي، والذي يملك تأثيرًا كبيرًا على تيارات السلفية في اليمن، والذي يُنسب له أحد التيارات تحت مسمى (التيار المدخلي)، د.عبيد الجابري المدرس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وآخرون في العراق ومصر وليبيا والجزائر وإندونيسيا.
وقد نُشرت لهم عشراتُ البيانات في بيان مخالفة، ومهاجمة محمد الإمام، وما قام بهِ من توقيعٍ للوثيقة، وحدث انقسامٌ واسعٌ داخل السلفية في اليمن، وخارجها؛ تبعًا لأزمة توقيع الوثيقة بين محمد الإمام ممثلًا عن السلفيين في اليمن، وعبدالملك الحوثي ممثلًا عن جماعة أنصار الله.
وبعد سيطرة الحوثي على صنعاء وزحفهِ نحو جنوب اليمن، وانطلاق عاصفة الحزم بقيادة التحالف العربي، برز السلفيون بمواقفهم المُختلفة؛ وكان أبرزُ تيارات السلفية في اليمن موقفها هو تأييد ودعم عاصفة الحزم، وانخرط أغلب هذه التيارات في قتال مليشيا الحوثي لصف الشرعية اليمنية، والتحالف العربي، إلا تيار محمد الإمام الذي كان له دورًا خطيرًا في مساندة مليشيا الحوثي ومحاولات منع السلفيين من التصدي لهم.
ومن كان يعتقد في بداية الأمر أن توقيع الوثيقة منه إنما هو ضعف لعدم القدرة على مواجهة ومجابهة الحوثي، ولاسيما أن الحوثي قد انتصر في حربهِ على السلفيين بصعدة، واجبرهم على المغادرة، تبين له أن ما يحصل عكس ذلك تمامًا، فقد بدأت مواقفُ محمد الإمام ما بعد سيطرة الحوثي على صنعاء وحربهِ على اليمن شرقًا وغربًا شمالًا وجنوبًا تتحول، وتختلف وتتناقضُ عما كان عليهِ سابقًا، فما هو هذا التحول؟! ولماذا؟! وإلى أين؟
من هو محمد بن عبدالله المعبري المُلقب بـ(الإمام)؟
يُكنى بأبي نصر محمد عبد الله حسين طاهر علي غازي الريمي المُلقب بـ”الإمام”، أحد أكبر شخصيات السلفية في اليمن، وتفرد بتيار وجماعة خاصة بهِ عن بقية التيارات والجماعات السلفية مؤخرًا، وبرز تيارُه كأحد أكبر وأوسع تيارات السلفية انتشارًا في اليمن.
قبل وفاة مقبل الوادعي مؤسس السلفية في اليمن -إن صح التوصيف- وتحديدًا عام 2001 أوصى في وصية مكتوبة له، بما وصفهم بـ”مرجعية النوازل”، وحصرها بـ(8) أسماء طالبًا من السلفيين خصوصَا واليمنيين عمومًا الرجوع لهم في أي أزمة أو نازلة أو مشكلة، وكان من بين هذه الأسماء محمد الإمام، وللإمام “مركز النور بمعبر” أحد أكبر معاهد السلفيين في اليمن، وقد بلغ عدد طلابهِ إلى 2,000 طالب وأكثر، إضافة لذلك فإن لمحمد الإمام معاهد ومساجد كثيرة في اليمن تعتبر فرعًا عن “مركز النور بمعبر”، ويحرص الإمام على أن تكون هذه المعاهد والمساجد تحت إشرافه، وتُسجل باسمهِ مقابل النفقة للطلاب والأئمة والخطباء والمدرسين، إضافةً لدفع تكاليف البناء أو الترميم ببذخ كبير.
وهذا ما لاحظه العديد من الشخصيات السلفية التي دار الخلاف والانقسام بينها، وبين محمد الإمام بعد أن كانوا تيارًا واحدًا، كما صرح بذلك أحد أبرز شخصيات السلفية في عدن، قائلًا:”إن محمد الإمام منذ وقت مبكر حرص على تسجيل المعاهد والمساجد باسمهِ مقابل دفع الأموال والتكاليف والمصاريف والميزانية المطلوبة للمعهد أو للمسجد”، فقد لفت انتباه الكثير من السلفيين حرص “الإمام” على تسجيل المعاهد والمساجد باسمهِ مقابل الأموال والنفقات والتكاليف، ومن أين تأتي هذه الأموال الطائلة والكبيرة؟! في وقت عُرف فيه السلفيون في اليمن بقلة المال والزهد!
إلا أنه بعد ذلك تبين أن محمدًا الإمام كان يُجهز لأمر قادم، وهو ما سيأتي تفصيله:
أولًا: وقع محمد الإمام وثيقة التعايش مع الحوثيين، وقال في أحد بنود الوثيقة، أن هذه الوثيقة عن مركز النور بمعبر وبقية المراكز التابعة له، وهنا تبين هدف حرص الإمام على تسجيل المساجد والمراكز والمعاهد باسمهِ في جميع أنحاء اليمن،
ثانيًا: كانت هناك عددًا من المساجد المحسوبة، أو تابعة لمحمد الإمام في المحافظات الجنوبية لليمن، وبعد توقيع الوثيقة بقيت هذه المساجد تحرض على قتال الحوثيين والتصدي لمشروعهم، وهذا ما دفع محمد الإمام لتغيير كل إمام وخطيب في مركز أو مسجد محسوب عليه، يُحرض على قتال الحوثيين، وطلب منهم عدم التطرق للحوثيين البتة، ومن لم يستطع تغييره قام بتوقيف النفقة المالية الشهرية عليهِ، وقد حدث ذلك مع أئمة وخطباء سلفيين كثيرين في جنوب اليمن، من بينهم أحمد سليمان بادخن إمام وخطيب جامع التوحيد في عتق سابقًا بمحافظة شبوة- حينما تواصل بهِ الإمام شخصيًا وطلب منه عدم التطرق للحوثيين، وأن يمتنع عن التحريض على قتالهم، وهذا ما رفضه بادخن؛ مما دفع الإمام لفصلهِ وطرده من الإمامة والخطابة في مسجد التوحيد، والأمثلة والأحداث في ذلك كثيرة جدًا.
ثالثًا: حينما بدأت مليشيا الحوثي بالزحف نحو عدن وجنوب اليمن عموما، أرسل محمد الإمام شخصيات سلفية بارزة من الشمال إلى السلفيين في الجنوب، يطالبهم بعدم التصدي لمليشيا الحوثي، ومن بين أولئك الذين أرسلهم أبو مالك الرياشي، أحد مشائخ السلفية وقد أرسله لمشايخ عدن يطالبهم بعدم التحريض ضد الحوثي، وتحذير الناس من الانخراط في قتال المليشيا الحوثية، وقد ذكر ذلك علي الشرفي، وزكريا بن شعيب، ومنير السعدي، وصالح كنتوش، أبرز الشخصيات السلفية في عدن.
رابعًا: مطالبة محمد الإمام من شخصيات سلفية منخرطة في قتال الحوثيين، الإنسحاب وعدم الانخراط في جبهات قتال الحوثي، وقد صرَّح لي الدكتور عبدالرزاق البقماء بشكل خاص قبل اغتياله في مأرب منتصف عام 2022، أن علي الرازحي وهو يعتبر الشخصية الثانية بعد محمد الإمام في مركز النور بمعبر، حينما التقى به طلب منه الإنسحاب من الجبهات وعدم المشاركة، وأبلغه أن الشيخ محمد الإمام يسأل عنه وينصحه بترك القتال، وهذا ما أغضب البقماء فبدلًا من مناصرتهم في وقت كانت مليشيا الحوثي تهجم على مأرب بشكل مكثف يطالبونهم بالإنسحاب من الجبهات.
خامسًا: وصفُ محمد الإمام لتحرير عدن من مليشيا الحوثي أنها “انتصارات إلى جهنم” وهذا ما دفع الكثير من الشخصيات السلفية في السعودية واليمن الرد بحزم وقوة على محمد الإمام والتحذير منه، مما زاد دائرة الانقسام داخل السلفية.
فقد بذل محمد الإمام جهدًا كبير في تسخير كل إمكانياته وتأثيره ومكانته في الوسط السلفي في اليمن لصالح مليشيا الحوثي، وهذا ما جعل أحد أبرز علماء السلفية في السعودية د.عبيد الجابري ينتقد محمد الإمام نقدًا لاذعًا ويحذر منه ومن التعليم عنده أو الارتباط بهِ، حتى قال علق ساخرًا في مرة من مواقفهِ المُساندة للحوثي:” انظروا لعل لمحمد الإمام أخوالًا أو نسبًا في إيران”!.
محمد الإمام قبل وبعد
حينما أعلنت الدولة اليمنية قتال الحوثيين في صعدة، قام محمد الإمام بالتحريض على قتال الحوثيين، وكتب العديد من المؤلفات في التحريض عليهم والحث على قتالهم، ومن ذلك كتاب “رافضة اليمن على مر الزمن”، وكتب أخرى، والتي نقل فيها نقولات تُشير لتكفير وتظليل من وصفهم بـ”الرافضة الحوثيين” واستمر على ذلك محمد الإمام تحريضًا على قتال الحوثيين، حتى عام 2014م وقت توقيع محمد الإمام للوثيقة مع الحوثيين، أو قبلها بفترة قصيرة تمهيدًا للتحول الذي حدث “من التحريض والدعوة لقتال وتكفير الحوثيين” إلى “الدعوة للتعايش معهم ومنع التصدي لهم والتصريح بأنهم ولاة أمر يجب لهم السمع وطاعة”!
وفجأةً تحول من وصفهم بـ”الروافض” إلى “إخوة”، وبينما كان يدعوا لقتالهم، صار يدعوا للتعايش معهم! حتى وصف تحرير عدن من مليشيا الحوثي بـ”الإنتصارات إلى جهنم”! بعد أن كان يصف قتال الحوثيين بالجهاد، والفرض والواجب! وهذا حال الجماعات المتطرفة الراديكالية عمومًا في التأقلم والتكيُف مع المصالح في البقاء ولعب الأدوار، رغمًا عن كل التناقضات والتنازلات.
كيف استفادت وتستفيد مليشيا الحوثي من تيار محمد الإمام السلفي
كشفت شخصية سلفية بارزة بمحافظة شبوة لــ”أخبار الآن” إن وقت سيطرة الحوثيين على مديرية بيحان عام 2020؛أرسل محمد الإمام نجله نصر محمد الإمام إلى شبوة، وتحديدًا إلى عتق، والتقى هناك بعدد من الشخصيات السلفية المؤثرة التابعة لتيار أبيه في المحافظة، وطلب منهم تسجيل جميع المساجد، والأئمة والخطباء في شبوة التابعة لهم حتى لا يتعرض الحوثي لهم وقت سيطرتهِ على مناطق شبوة، وأكد عليهم عدم التصدي أو التحريض على قتال الحوثيين، واعتزال ما سيحدث تمامًا حتى يسيطر الحوثي كامل السيطرة على شبوة.
ومنذ توقيع الوثيقة قد حرص محمد الإمام على منع السلفيين من أتباعه خصوصًا على عدم التصدي للحوثيين أو التحريض لقتالهم، وعلى نهج طهران في تسخير تنظيم القاعدة لتنفيذ أجندة الحرس الثوري الإيراني ما عُرف بـ”جهاد طروادة” حرصت مليشيا الحوثي على استغلال الجماعات السنية المتطرفة في اليمن، ومن ذلك أحد أبرز وأوسع تيارات السلفية التيار الذي يتزعمه اليوم محمد الإمام، ما يُعرف بمشايخ وعلماء الدعوة السلفية في اليمن، وقد قام محمد الإمام بتنفيذ أجندة الحوثيين، وتتلخص ذلك ما يلي:
- منع قبائل ذمار من ومواجهة الحوثيين، وقد حصل ذلك العديد من المرات حينما احتشدت القبائل لمواجهة الحوثي، إلا أن محمدًا الإمام وبما يملكه من تأثير على هذه القبائل، قام بمنعهم من التصدي لهم، كما ذكر ذلك عبدالغني العمري في تسجيل صوتي له، وهو أحد دعاة السلفية وتحديدًا ما يعرف بـ”التيار الحجوري”.
- منع السلفيين من مواجهة، أو مجابهة مليشيا الحوثي، أو حتى التحريض على ذلك، بعد أن كان يصف قتال الحوثيين بالجهاد!
- وصف الحوثيين بـ”ولاة الأمر” بعد أن كان يُشير في كتبهِ لتكفيرهم وتضليلهم، فما الذي تحول؟! وما الذي تغيير؟!
ومع استمرار مواقف الإمام في تنفيذ أجندة الحوثيين، ولا سيما في تحييد السلفيين، والذي كانت تعتقد مليشيا الحوثي أنهم هم الأعداء الأكثر شراسة في قتالهم، برز موقف شخصيات سلفية في اليمن والسعودية وبلدان أخرى في مهاجمة الإمام، وتوسعت دائرة الخلاف والانقسام داخل السلفية في اليمن وبعض البلدان الأخرى.
ومع كل تلك الوقائع والأحداث والشواهد، تواصلت “أخبار الآن” بـ”عبدالله نجل محمد الإمام”، والذي يُعرف نفسه بـ”همزة وصل بوالده، ومدير في دار الحديث بمعبر” والذي يلتقي بقيادات جماعة الحوثي ممثلًا عن والده بحسب إعلام ميليشيا الحوثي، للرد أو التعليق على كل ما ورد في المقال، إلا أنه لزم الصمت ولم يعلق أو يرد بشيء، وتنوه أخبار الآن إلى أنه على الرغم من رفض التعليق من قبل نجل محمد الإمام إلا أن حق الرد لا يزال مكفولا.
الخلاصة
متلازمة طهران، تصيب أحد أبرز وأكبر تيارات السلفية العلمية في اليمن، وهو ما يعرف علماء ومشائخ الدعوة السلفية باليمن، بقيادة محمد الإمام، وذلك على نهج إيران في استغلال الجماعات السنة لتنفيذ أجندة الحرس الثوري الإيراني، استغلت مليشيا الحوثي أحد أبرز وأوسع تيارات السلفية في اليمن، وذلك من خلال تحييد السلفيين من مُجابهة، ومواجهة الحوثيين، ومنع القبائل من التصدي لزحف الحوثي منذ عام 2014م.
وقد تمكن الحوثي من تسخير مكانة وتأثير محمد الإمام، على الجانب القبلي والوسط السلفي، في تنفيذ أجندة الحرس الثوري الإيراني في اليمن، ومع ذلك فإن للسلفيين تيارات مُتعددة في اليمن، ومع أن تيار محمد الإمام يعتبر أحد أبرز وأوسع تيارات السلفية، إلا أن التيارات الأخرى أيضًا كان له دورًا في إعاقة تأثير محمد الإمام على موقف السلفية بشكل عام في اليمن.
وعلى ضوء ذلك حدث الخلاف والإنقسام أو حتى الإنشقاق بعد أن كانوا جماعةً، وتيارًا واحدًا، حتى قيل سخريةً من مواقف الإمام على لسان أحد أبرز شخصيات السلفية في السعودية انظروا لعل له نسبًا في إيران، وذلك للخدمة المتناهية التي قدمها الإمام لجماعة الحوثي تنفيذًا لأجندة طهران.