لماذا يستخدم سيف العدل أسماء مستعارة لمقالاته؟
بعد قرابة 4 أشهر على الهدنة التي عُقدت بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في غزة، أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، خرج سيف العدل أو سالم الشريف، بحسب اسمه المستعار الأحدث، قبل يومين فقط، بمقال جديد نشرته مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة، يتناول الهدنة وما تخللها من تبادل للأسرى باعتبارها حدثًا آنيا، وهو ما يكشف الانفصال عن الواقع الذي يعيشه التنظيم.
وجاء إعلان سيف العدل، محمد صلاح الدين زيدان، عن أنه هو نفسه سالم الشريف ليميط اللثام ويجيب عن الأسئلة التي طُرحت حول اسم “الشريف” الذي أُثيرت حوله العديد من التساؤلات منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ويؤكد على ما سبق ونشرته “أخبار الآن“، حول لجوء أمير القاعدة الفعلي “سيف العدل” للكتابة تحت أسماء مستعارة متعددة بهدف الترويج لرواياته الخاصة بطرق متعددة.
ومن بين الأسماء المستعارة التي استخدمها سيف العدل، من ذي قبل، إبراهيم المدني، وحازم المدني، وعابر سبيل، وأبو خالد الصنعاني فضلًا عن اسم سالم الشريف الذي يُعد الأحدث في قائمة الأسماء الحركية (المستعارة) العديدة التي يستخدمها الأمير الفعلي للقاعدة.
لعبة ودلالة الأسماء المستعارة لـ”سيف العدل”
ويلجأ قادة وكوادر التنظيمات الجهادية، ومنها القاعدة، إلى استخدام الأسماء الحركية المتعددة لتضليل الأجهزة الأمنية التي تحاول جمع معلومات عنهم، وأيضًا للترويج إلى وجود قادة فاعلين غير مكشوفين لتلك الأجهزة، بيد أن لجوء سيف العدل إلى هذه الحيلة أكثر من مرة ثم كشفه عن هويته الحقيقية بعد ذلك يشير إلى فقدانه المصداقية لدى الجهاديين المؤيدين للقاعدة في ظل وجوده في إيران، وهو ما يؤكد على الأزمة التي تعيشها قيادة التنظيم العليا في الوقت الراهن.
على أن الأسماء المستعارة التي يستخدمها سيف العدل لها مدلولاتها، من ناحية أخرى، فالاسم المستعار الأول “إبراهيم المدني” هو أقدم اسم تسمى به الأمير الفعلي للقاعدة حين انضم للتنظيم أواخر ثمانينات القرن الماضي، ولذا فإن استخدامه جاء بهدف إرسال رسالة ضمنية لأتباعه وأنصار التنظيم بأنه من قدامى الجهاديين، مع أن الحقيقة أنه لم يكن من مؤسسي التنظيم أو قادة الصف الأول به باعتراف صهره المثير للجدل مصطفى حامد “أبو الوليد المصري” في تقديمه لمقال سابق نشره الأول عبر موقع “مافا الإيراني” قبل نحو 12 عامًا.
أما الاسم الحركي الثاني الذي استخدمه وهو “سيف العدل”، إبان وجوده في أفغانستان قبل الغزو الأمريكي عام 2001، فحمل ضمنيًا إشارة إلى أدواره العسكرية التي لعبها سواء في معسكرات القاعدة كمدرب عسكري أو في لجنتها العسكرية التي عمل فيها تحت قيادة المصري عبد الله أحمد عبد الله “أبو محمد المصري”، ثم بعدما انتقل إلى إيران، منذ 2002، لجأ لاستخدام اسم “عابر سبيل“، وكأنه أراد الإيحاء بأن إقامته في إيران مجرد محطة انتقالية لمن يعبر سبيلا أو طريقا إلى بلد آخر، وهو ما لم يحدث، حتى الآن، بالطبع.
وعلى نفس المنوال، جاء استخدام اسم “حازم المدني” والذي استخدمه علنًا لأول مرة عندما نشرت له مؤسسة السحاب مقالا آخر سبق له نشره على موقع “مافا الإيراني” بعنوان الرمز بين الدين والإنسانية، في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، فحمل معنى ورسالة ضمنية بأنه حازم الرأي وقادر على حسم الخلافات القيادية داخل القاعدة لأنه “الرمز”الذي يتميز بسيرته وتاريخه وموهبته ومؤهلاته العلمية والعملية وصفاته الذاتية، كما يصف نفسه في مقاله المذكور، وما سواه فهم أدنى منه مهارة وقدرة على القيادة، على حد تعبيره.
أما كنية أو اسم أبو خالد الصنعاني فجاء استخدامه في مجلة أمة واحدة وسط الحديث عن وجود وأدوار نجله “خالد” في اليمن واستخدامه لكنية يمنية، وهذا بهدف منح نجله شرعية إضافية ليُكمل مهمته في اليمن.
ثم جاء استخدام اسم “سالم الشريف“، وهو الأحدث في قائمة أسمائه المستعارة التي لا يبدو أنها ستنتهي إلا بنهاية مسيرته الجهادية، فهو في الأصل لجهادي موقوف لدى السلطات السعودية ، سبق أن عزاه أمير قاعدة اليمن السابق قاسم الريمي بعد مقتل زوجته في إنزال أمريكي بيكلا عام 2017، لكن المعنى الذي يتضمنه الاسم أبعد من مجرد الإشارة إلى “جهادي مسجون” بل يريد سيف العدل رسالة ضمنية بأنه “شريف” ولم يتورط في حرف مسار القاعدة، وهو ما يعني أنه يريد تبرئة صحيفته من تهمة حرف مسار القاعدة ولعل هذا نابع من إحساسه بذنب التورط في “جهاد طروادة” الذي يخدم المصالح الإيرانية فقط.
وبعيدًا عن دلالات الأسماء المستعارة لأمير القاعدة الفعلي “سيف العدل”، تكشف الرسالة الأخيرة التي نشرتها مؤسسة السحاب بعنوان: “هذه غزة.. أيام الهدنة وفلسطين منذ 75 سنة وإلى الآن” عن مشكلة تعاني منها قيادة القاعدة العليا، فنشر هذه الرسالة جاء بعد نحو 4 أشهر على الهدنة التي يتحدث عنها وكأنها موجودة الآن مما يعني أن هذه الرسالة كتبت بالأساس في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لكن استغرق نشرها كل هذه المدة.
ويمكن أن يكون تأخر النشر بسبب صعوبات التواصل بين سيف العدل ومسؤولي مؤسسة السحاب أو بسبب وجود طرف آخر، كالإيرانيين على سبيل المثال، يطّلع على تلك الرسائل ليتأكد من مضمونها ثم يسمح بإرسال للذراع الإعلامي للقاعدة حتى يتم نشرها، وهو ما يمكن الاستدلال عليه بخلو كل رسائل سيف العدل الأخيرة من أي نقد لإيران رغم احتوائها على الكثير من النقد الموجه للدول والجيوش العربية، وهو الأمر اللافت للنظر.
وفي نفس السياق، قال “عبد الرحمن” نجل أبو حفص المصري (العرب)، أحد القادة المؤسسين للقاعدة وهو بخلاف “أبو حفص الكومندان” نائب أسامة بن لادن سابقًا إن تأخر نشر رسائل سيف العدل من قبل مؤسسة السحاب يؤكد أن تلك الرسائل وصلت متأخرًا للمؤسسة الإعلامية كما أنها أخذت وقتا حتى يتم مراجعتها ونشرها، وهو المعتاد في مثل هذه الحالات.
واستشهد “عبد الرحمن” في تصريحات لـ”أخبار الآن” بما حدث بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان واضطرار قادة وأفراد القاعدة للهرب منها، موضحًا أن تلك الفترة كانت عصيبة للغاية لأسباب من أبرزها تأخر وصول رسائل أمير التنظيم (أسامة بن لادن) والتي كانت تأخذ أشهرا حتى تصل رغم الظرف الحرج الذي يمر به التنظيم، وهو ما جعل التنظيم متخبطًا، على حد تعبيره.
وعن العلاقات بين قيادة القاعدة الحالية وطهران، قال نجل أبو حفص المصري إن إيران لا ترضى إلا بالسيطرة على التنظيمات التي تحتضنها وهي يمكن أن تتيح مأوى لبعض القادة لكن تسعى لتوظيفهم لخدمة مصالحها، كاشفًا أن والده كان مسؤول مباشرةً عن تنسيق دخول عدد من قيادات القاعدة إلى إيران بعد 11 سبتمبر بسبب وجود علاقات سابقة بينه وبين مسؤولين إيرانيين، لكن لم يرض بالإقامة داخل إيران لأنه يعلم أنه إذ بقي فيها فسيواجه ضغوطًا من الجانب الإيراني ولن يكون بحريته الكاملة وقد يؤدي ذلك إلى كشف كامل الشبكة التنظيمية التي يعمل معها وهذا يمثل خطرا على القاعدة، ولذا آثر أن ينتقل إلى وزير ستان حيث قُتل في غارة أمريكية مع عدد من كوادر “تحريك طالبان”.
وألمح نجل أبو حفص المصري إلى أن إيران لن تترك سيف العدل يغادر أراضيها لأنه ورقة أو كارت ضغط يمكن أن تلعب به وتوجهه لخدمة مصالحها، وهو ما توجد عليه العديد من الأدلة والشواهد في الفترة الأخيرة.
رسائل سيف العدل والدوران في فلك مصطفى حامد
إلى ذلك، توضح رسائل سيف العدل الأخيرة، ومن بينها رسالته الأحدث “هذه غزة.. أيام الهدنة وفلسطين منذ 75 سنة وإلى الآن”، أن سيف العدل يدور في فلك صهره مصطفى حامد الذي ينظر لمشروع إيران في المنطقة من مقر إقامته داخل الأراضي الإيرانية التي عاد لها، طوعًا، عام 2016.
ففي مقاله الجديد، انتقد سيف العدل قطر والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يتخذ من الدوحة مقرًا له ووصفه بأنه يجاور قاعدة العديد التي تستضيف القوات الأمريكية، وهو نفس ما دأب مصطفى حامد على ترديده في الفترة الأخيرة حتى أنه وصف قطر بأنها تتآمر على غزة وعلى طالبان في مقال له بعنوان: “مؤامرة مزدوجة فى الدوحة على غزة و كابل”، وهذا يعني أن الأمير الفعلي للقاعدة وصهره أبو الوليد المصري ينطلقان من نفس الرؤية أو ربما تملى عليهم نفس الرؤية لخدمة مصالح “المايسترو” الذي يواجههم من طهران.
وتتضح أغراض سيف العدل بصورة أكبر حين يُهاجم الدول العربية، وكذلك يُهاجم تركيا ويصف تلك الدول بأنها تدعم تل أبيب في حربها ضد الفلسطينيين لكنه يغض الطرف عن إيران بشكل كامل ولا ينتقدها.
وفي مقال آخر نشره سيف العدل باسمه المستعار الجديد “سالم الشريف، أواخر أكتوبر الماضي، بعنوان “هذه غزة طليعة الأمة للتغيير” حرض سيف العدل على بدء عصيان مدني في الدول العربية والإسلامية لإسقاط الأنظمة الحاكمة”.
كما دعا أمير القاعدة الفعلي إلى تشكيل مجموعات مسلحة تكون مهمتها تنفيذ عمليات اغتيال وتخريب وخصوصًا في مصر، وهو نفس ما دعا له من قبل صهره أبو الوليد المصري في عدد من مقالاته، من بينها مقال نشره على موقعه “مافا الإيراني” في 29 أكتوبر الماضي بعنوان: “مصر.. إما الآن أو أبدًا”، وآخر نشره في 27 ديسمبر/ كانون الثاني الماضي بعنوان: “عام 2024 عام الحرية لغزة ومصر”، وحرض فيهما على محاولة إسقاط النظام في مصر ودول عربية أخرى منها الأردن.
وبنظرة تحليلية لرسائل سيف العدل ومن قبله صهره مصطفى حامد يتبين أن تلك الرسائل تتناقض مع التصريحات الإيرانية الرسمية التي تقول إن طهران لا تفضل التصعيد، وهي في جوهرها إعادة إنتاج لجزء كبير من أفكار مصطفى حامد الذي بدا جليا حجم تأثيره النفسي والتنظيمي على أمير القاعدة الفعلي، فحالة النشاط الحالية التي يحظى بها سيف العدل وكثرة حديثه عن غزة وما تتعرض له تناقض صمته عن ما حدث ويحدث في إدلب السورية وغيرها من المناطق السنية، وهذا في حد ذاته دليل إضافي على تماهيه مع الأجندة والإستراتيجية الإيرانية.
من ناحية أخرى، تلفت الرسائل إلى المعضلة التي يعيشها أمير القاعدة الفعلي، فإشادته بتعامل حماس مع الرهائن الإسرائيليين المدنيين والذي ظهر خلال صفقة التبادل السابقة ويصفه بـ”الحرب الأخلاقية” التي أذهلت العالم، تعني من جانب آخر انتقاد القاعدة والذي نفذ هجمات دامية ضد المدنيين في دول عدة وحتى ضد مستشفيات كما حصل في الهجوم على مستشفى صنعاء العسكري والذي اعتذر عنه تنظيم القاعدة، في ما بعد.
كما أن سيف العدل يُلمح بشكل صريح إلى معاناته عندما يتحدث، في رسالته الأخيرة، عن ذكريات الطفولة التي يستحضرها حين تُحيط به الغربة والوحدة، وهذا اعتراف نادر من أمير القاعدة الفعلي يكشف فيه عن إحساسه بالغربة والوحدة في إيران، ولعل تلك الوحدة هي مؤشر في حد ذاتها على العزلة التي يعيشها في ظل الخلافات الداخلية في القاعدة والتي كان من أسبابها إصراره على البقاء في داخل طهران التي يراها الجهاديون نقيضًا وعدوا لهم.
وبدوره، يعتبر “أنباء جاسم“، المعروف باهتمامه بالشأن الجهادي، في مقال نشره ردًا على رسالة سيف العدل الأخيرة بعنوان: “سيف العدل ينادي، ولكن هل من يستمع لَهُ؟” أن سيف العدل يحاول التستر وراء الأسماء الحركية (المستعارة) الجديدة بعدما اتضح له أن البقاء في إيران تسبب بأزمة القيادة الحالية وأحدث شرخًا في التنظيم بسبب رفض بعض القيادات مبايعته.
وفي تعقيب تالٍ بعنوان: “كاتب الظِّل: لماذا يكتب سيف العدل معظم إصدارات السحاب؟”، قال “أنباء جاسم” إن كثرة استخدام الأسماء المستعارة من قبل سيف العدل له 3 تفسيرات محتملة أولها وجود مشكلة في التواصل والتنسيق بين قيادة القاعدة وجهازها الإعلامي وبالتالي تحدث إخفاقات، والثاني أنه يريد الإيحاء بوجود أكثر من كاتب وقيادي لدى القاعدة، وثالثها أن سيف العدل حاول التحكم في مؤسسة السحاب وإظهار تأييده لعملية طوفان الأقصى لأنه يُدرك أن بعض كوادر القاعدة سيواجهون مشكلة في دعم حماس المعروفة بأنها إحدى تمثلات جماعة الإخوان. ولذا اختار اسمًا مستعارا جديدا حتى لا يكون واضحًا للجميع أن المحرك الفكري الرئيس للقاعدة في هذه المرحلة يكتب من طهران، وهو ما قد يسبب حرجًا له، وربما للإيرانيين على الساحة الدولية.
وأشار “أنباء جاسم”، في مقاله الأول إلى أن سيف العدل يطرح فكرة تنفيذ هجمات في كل مكان إلا في قلب إسرائيل دون إدراك أن تلك الإستراتيجية تخدم تل أبيب أصلا وتروج لسرديتها من منظور آخر، واصفًا الدور الذي يلعبه تنظيم القاعدة وأفرعه بأنه “فزاعة مفيدة” في حين أنه عاجز عن تنفيذ أي هجوم، في الوقت الحالي.
وذهب “أنباء جاسم” إلى أن سيف العدل أمامه خيارين لا ثالث لهما أولهما التعاون مع إيران على نحو مباشر وعلني لتنفيذ ولو عملية واحدة ليثبت لنفسه ولتنظيمه أنه بالفعل مفكر استراتيجي مخضرم، وفي هذه الحالة سيفقد ما تبقى من شرعيته وتنظيمه، أما المسار الثاني والأصعب، هو التركيز على تنظيمه ومحاولة إنقاذه من غيبوبته وإثبات استقلاليته وعدم تبعيته لإيران لأن الصورة التي صارت موجودة عنه هي أنه أصبح ألعوبة بيد نظام الملالي، وفق تعبير “جاسم”.
خبراء: رسائل سيف العدل دليل على تراجع ثقته بنفسه.. وإيران قد تتخلى عنه مقابل مصالحها
في هذا الإطار، قال محمد شعت، الباحث المصري في الشأن الإيراني، إن دعوات سيف العدل وصهره مصطفى حامد تنبع من نفس الرؤية الإيرانية التقليدية التي تدعم نشر التوتر في المنطقة العربية لأن طهران تستفيد من هذه التوترات والانقسامات التي تجعل البيئة مناسبة ومهيئة أمامها لبسط النفوذ ونشر أيديولوجيتها وأفكارها.
وأضاف “شعت” في تصريحات لـ”أخبار الآن” أن إيران تحاول التغلغل في قلب المنطقة العربية عن طريق القوة الناعمة من ناحية وعن طريق المليشيات والتنظيمات السرية من ناحية أخرى وحينما تحين الفرصة المناسبة تظهر هذه المليشيات وتطفو على السطح.
وأوضح الباحث في الشأن الإيراني أن إيران تحتضن القاعدة ومجموعات أخرى لأنها ترى فيها أوراق ضغط، لكنها لا تثق في هذه التنظيمات السنية مثلما تثق في نظيرتها الشيعية، مؤكدًا أن إيران قد تتخلى عن القاعدة وقيادته العليا وعلى رأسها سيف العدل إذا وجدت أن التخلي عنهم سيمنحها مصالح معينة، وقد تكون هذه المصالح تفاهمات ضمن ملفات معينة مع الولايات المتحدة والغرب وفي هذه الحالة فلن تجد طهران غضاضة في التخلي عن سيف العدل والقاعدة.
وبدوره، قال رائد الحامد، الباحث العراقي المتخصص في الحركات المسلحة السنية والشيعية، إن رسائل سيف العدل الأخيرة التي كتبها باسم سالم الشريف تأتي تأكيدًا على موقف التنظيم من “طوفان الأقصى“، وهذا الموقف محسوب على “محور المقاومة” الذي تقوده طهران التي يقيم أمير القاعدة الفعلي على أراضيها.
وأضاف “الحامد” في تصريحات لـ”أخبار الآن” أن تنظيم القاعدة لم يعترف رسميا بمقتل أميره السابق أيمن الظواهري بسبب الخلافات الداخلية كما أنه تراجع كثيرًا وتراجعت أفرعه الخارجية في اليمن وإفريقيا وخارجهما، ولذا فإن سيف العدل في رسائله يحث الشباب المناصر لفكر القاعدة على تنفيذ هجمات الطعن وغيرها من الأساليب التي “أكل عليها الدهر وشرب” والتي لا يمكن أن تُغير من الواقع شيئًا.
ولفت رائد الحامد إلى أن كثرة استخدام الأسماء المستعارة من سيف العدل دليل على خجله من تنظيمه وجمهوره ودليل على تراجع مستوى ثقته بنفسه إلى حد كبير لأن وجوده في إيران وتنسيقه معها لا يمكن تفسيره بأي تفسير منطقي أو عقلاني وهو ما يضر بشدة بالقاعدة وبقيادتها العليا لأن أمير القاعدة الفعلي يقيم في طهران تحت حماية الحكومة الإيرانية والحرس الثوري الإيراني.
الخلاصة
تكشف كثرة استخدام سيف العدل محمد صلاح الدين زيدان، الموصوف بأنه الأمير الفعلي للقاعدة، للأسماء المستعارة عن الأزمة الحرجة التي يمر بها التنظيم في ظل وجود قيادته العليا في إيران، فسيف العدل الذي اعتراف، أخيرًا، وعلى الملأ بأنه يعيش الوحدة والعزلة ما زال يؤثر أن يتواجد في إيران وأن يتماهى مع إستراتيجيتها رغم ما يجلبه ذلك من خلافات داخلية ومشكلات تنظيمية للقاعدة.
وفي الحقيقة فإن سيف العدل يبالغ في إظهار أنه يتحكم بتنظيم القاعدة حتى أنه كتب معظم الرسائل والبيانات التي نشرتها مؤسسة السحاب منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لكن محاولاته لإظهار أنه “رجل القاعدة الأوحد” تضر بالتنظيم ولا تفيده وتؤكد على حالة التراجع وانعدام الفاعلية التي يعيشها التنظيم.
كما أن سير سيف العدل على نهج صهره مصطفى حامد، عراب الدعوة للتحالف مع إيران، لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة والانقسام في داخل القاعدة الذي أثبتت الأحداث المتعاقبة أنه صار “ظاهرة صوتية” أو “رسائل نصية” يُحّبرها أمير القاعدة الفعلي، المصاب بمتلازمة طهران والذي يخدم مشروع جهاد طروادة، وهو ما سيكون له تبعات كارثية على التنظيم الذي تراجع بشكل غير مسبوق في ظل السيطرة الإيرانية على قيادته العليا.