416 كيانًا تعليميًا وهميًا في مصر
في مارس 2011، عرض في السينمات المصرية فيلم “EUC”، الذي دار حول مجموعة من الشباب ينشؤون جامعة خاصة بعد فشلهم فى الحصول على مجاميع مرتفعة بالثانوية العامة، ثم يكشفون من خلال هذه الجامعة الكثير من الأخطاء والمعوقات في النظام التعليمي في مصر، التي تؤثر حتى على حياتهم الشخصية.
لم يكن الأمر مجرد فيلم سينمائي يعبر قصة غير واقعية، بل أثبتت وزارة التعليم العالي في مصر أن هذا الواقع متكرر بكثرة، لدرجة أنها حذرت من كيانات تعليمية وهمية وصل عددها في آخر حصر لأكثر من 416 كيانًا.
جامعات وأكاديميات ومعاهد عليا ومراكز تعليمية وهمية غير مرخصة وغير معترف بها، تعمل في محافظات مصر من القاهرة لأسوان، ومن شمال سيناء لمطروح.
وزارة التعليم العالي تعلن الحرب
بدأت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية في محاربة هذه الكيانات مؤخرًا، بعد أن وجه الوزير أيمن عاشور باتخاذ الإجراءات القانونية بالتنسيق مع الجهات المختصة للتصدي للكيانات الوهمية.
وتضمنت خطة الوزارة: إنشاء لجنة الضبطية القضائية وتكثيف حملاتها للتصدي للكيانات الوهمية، ومُداهمة مقراتها التي تُمارس فيها أنشطة تعليمية، دون الحصول على التراخيص اللازمة.
كما تتضمن تكثيف جهود لجنة رصد الأنشطة التسويقية للكيانات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي المُختلفة والتي تواصل عملها على مدار الساعة، وترفع تقاريرها الدورية بشكل أسبوعي لوزير التعليم العالي؛ لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد هذه الكيانات الوهمية، ومُخاطبة الجهات المُختصة لإعمال شأنها نحو اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتنفيذ القرارات الوزارية بالغلق الإداري.
وقررت الوزارة إعداد قائمة سوداء للكيانات الوهمية المضبوطة ونشرها عبر موقع الوزارة، على أن يتم تحديثها بشكل مُستمر، بالتعاون مع الهيئات الرقابية والجهات المعنية.
كيف انتشرت هذه الكيانات؟
من جانبه أكد خبير ضمان جودة التعليم بالجامعات المصرية، الدكتور رياض نوفل، أن هناك سماسرة في الأسواق يتولون مهمة الترويج لهذه الكيانات التعليمية والوهمية وإقناع الشباب بأنها تمنحهم شهادات تعادل شهادات الجامعات.
وأشار نوفل، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن“، إلى أنه حضر واقعة حيث أقنع بعض هؤلاء السماسرة طالبًا بجامعة الأزهر بأن يترك جامعته من أجل أن يلتحق بكيان وهمي، بعد أن أقنعوه أنه سيتلقى تعليمًا لمدة عامين فقط يمنحه القدرة على العمل سريعًا.
وأوضح نوفل، الأستاذ بجامعة كفر الشيخ والذي تولى مهمة تدريب أساتذة الجامعات المصرية، أنه لا يتم التدريس في هذه الكيانات من قبل أساتذة الجامعات المصرية، وأنه يتم الاستعانة بأشخاص ليس لهم علاقة بالمنظومة التعليمية، لأن الأساتذة الجامعيين لن يورطوا أنفسهم في مثل هذه الأمور.
ووجه نوفل بضرورة تعديل قانون تنظيم الجامعات، على أن يتضمن معاييرًا موحدة لكل من الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة، ويتم سحب الترخيص من الجامعات التي لا تستوفي هذه الشروط خلال عامين.
كما طالب نوفل بضرورة إغلاق جميع المعاهد العليا، حيث لم تعد هناك حاجة إليها، بعد كثرت الجامعات في مصر سواء حكومية أو أهلية أو خاصة، لأنها تمنح شهادات تماثل شهادات الجامعات دون استيفاء معايير التعليم في الجامعات، موضحًا أن إغلاقها سيغلق الباب أمام الكيانات الوهمية للترويج لنفسها.
وطالب نوفل أولياء الأمور والطلاب بعدم الالتحاق بأي كيان تعليمي خارج منظومة التنسيق التي تشرف عليها وزارة التعليم العالي، سواء للجامعات الحكومية أو الأهلية أو الخاصة أو المعاهد العليا المعتمدة.
“عقدة الخواجة”
أما الخبير التربوي والموجه السابق بوزارة التعليم المصرية، إبراهيم البري، فيرى أن بعض الطلاب يتوجهون إلى هذه الكيانات الوهمية عن عمد بهدف الحصول على أي شهادة تمنحهم مكانة اجتماعية زائفة.
وأشار البري، لهذا السلوك بأنه يماثل “عقدة الخواجة”، حيث يلتحق الطالب بأي كيان وهمي يحمل اسم فخم مثل “الجامعة السويسرية”، أو “أكاديمية زويل”، وغيرها، من أجل تعزيز نفسه بين محيطه فقط، دون الاهتمام بالتعليم.
وأشار البري إلى ضرورة إغلاق هذه الكيانات سواء التي تدعي أنها تمنح درجات البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه، لأنها لا تقدم تعليمًا بقدر ما تقدم شهادة ورقية ليس لها أي اعتراف رسمي، لكنها تستغل للوجاهة الاجتماعية فقط.