الدولار يتجاوز 50 جنيهًا في البنوك المصرية مع التعويم الجديد للجنيه
استيقظ المصريون، اليوم الأربعاء 6 مارس، على اجتماع استثنائي للبنك المركزي المصري، اتخذ فيه قرارات هامة ومفاجئة، وقرر البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في مصر بواقع 6% أي 600 نقطة أساس لترتفع أسعار الفائدة إلى مستوى 27.75%.
وصعدت أسعار الفائدة المصرية إلى 27.25 لعائد الإيداع و28.25% لسعر الإقراض لليلة واحدة و27.75% لسعر العملية الرئيسية، كما قرر البنك المركزي السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق، كخطوة من خطوات استهداف التضخم.
لماذا الآن؟
رغم أن قرار التعويم كان منتظرًا من البنك المركزي منذ عدة أسابيع، نتيجة قيام البنك المركزي والحكومة المصرية ببعض الإجراءات التي غالبًا ما تسبق التضخم، مثل زيادة الرواتب والمعاشات، والإعلان عن صفقة رأس الحكمة، وما استتبعها من دخول مليارات الدولارات إلى مصر، إلا أن العديد من المحللين استبعدوا أن يقوم البنك المركزي بهذه الخطوة قبل رمضان.
بحسب بيان البنك المركزي، فإن توقيت اتخاذ القرار جاء في وقت قيام الحكومة المصرية بإصلاحات اقتصادية شاملة، كما جاء بدعم من الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف، وأوضح البنك أنه استعداداً لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح، تم توفير التمويل اللازم لدعم سيولة النقد الأجنبي.
لكن بحوث “إي إف جي – هيرميس” العالمية قالت إن اتجاه البنك المركزي المصري إلى تعويم الجنيه، جاء استغلالا لحصيلة صفقة رأس الحكمة البالغة 24 مليار دولار نقدا بالإضافة إلى 11 مليارا دولار أخرى.
كم انخفض الجنيه؟
قبل قرارت البنك المركزي كان الدولار يعادل تقريبًا 30.89 جنيهًا، لكنه وصل في بعض البنوك حتى كتابة هذا التقرير لما يجاوز 50 جنيهًا.
سبب الارتفاع أن البنك المركزي وجه البنوك بتحريك سعر الصرف حسب العرض والطلب، وبما إن السوق المصري كان متعطشًا للسيولة الدولارية فقد ارتفاع الطلب سريعًا، وهو ما انعكس على سعر العملة.
رجحت بحوث “إي إف جي – هيرميس” زيادة مؤقتة فى الطلب على الدولار بالتزامن مع تعويم الجنيه، ليصل إلى مستوى 50 جنيهًا، وذلك قبل استقراره فى نطاق 45-40 جنيها.
ومن المعلوم والمتعارف عليه في مصر، هو أنه بعد كل عملية تعويم أو تحرير صرف، يتحرك الدولار بشكل سريع، ثم يعود تدريجيًا بعد مدة ليقف في الحيز الذي استهدفه البنك المركزي.
وضع السوق الموازية
بحسب “إي إف جي – هيرميس”، فإن خفض الجنيه من شأنه سد الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية، والوصول إلى مرحلة توحيد سعر الصرف، إضافة إلى الحفاظ على دفعة جيدة من الاحتياطات الأجنبية.
وأوضحت أن البنك المركزي المصري سيتجه لتسوية بعض النقاط المتعلقة ببرنامج الإصلاح الاقتصادى مع صندوق النقد الدولي لمواصلة الضغط على السوق الموازية قبل تعويم الجنيه.
ظهر أثر قرارات البنك المركزي سريعًا على السوق السوداء، حيث نشرت بعض المواقع الاقتصادية المصرية حدوث توقف كامل لحركة بيع وشراء العملات الأجنبية في السوق السوداء، كما توقفت تطبيقات ومواقع تسعير العملة في السوق السوداء عن التسعير.
سوق البورصة والسندات
قفز المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية EGX30 4% بعد مرور ساعة واحدة من بدء التداولات ليصل إلى 31897 نقطة بالتزامن مع وصول السعر الرسمي لصرف الجنيه أمام الدولار إلى 46 جنيه.
وقالت وكالة “رويترز” إن سندات مصر الدولية قفزت بأكثر من سنتين بعد قرارات البنك المركزي المصري.
وأظهرت بيانات تريدويب، حسب الوكالة، أن السندات الأطول أجلا حققت أكبر المكاسب، إذ سجلت السندات المستحقة في 2047 ارتفاعا 2.6 سنت لتصل إلى 82.3 سنت.
تقييم القرار من وجهة نظر اقتصادية
يرى الدكتور عمرو الهلالي، الخبير الاقتصادي، أن القرار صحيح لكنه اتخذ في وقت خاطئ.
وبرر الهلالي، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن”، وجهة نظرة بأن تحرير سعر الصرف يحتاج عدة مقومات لنجاحه، ومن بينها توفر سيولة لدى البنك المركزي لضخها في البنوك لتوفير احتياجات المستوردين.
وقال الهلالي إن الدولة استغلت أموال صفقة رأس الحكمة في تأمين السلع الرئيسية، وضخ الباقي في البنوك، لكنه استعجب من إصدار شهادات من بنكي مصر والأهلي بعائد 30% في نفس اليوم، لأن هذا مخالف لأبجاديات الاقتصاد.
وأشار الهلالي إلى أن الغرض من إصدار الشهادات هو سحب السيولة من السوق، وهو ما يحتاج وقتًا قبل قرار التعويم، مضيفًا: “كان الأولى إصدار قرار الشهادات اليوم، وتأجيل قرار التعويم لما بعد رمضان، حتى تأتي الدفعة الثانية من أموال صفقة رأس الحكمة، وكان وقتها الدولار لن يرتفع لأكثر من 37 جنيهًا”.
وتوقع الهلالي ضعف الإقبال على الشهادات، وأن يشهد السوق المصري فترة من 5-7 أيام من عدم الاستقرار، محذرًا من توقيت القرار في نهاية الأسبوع، لأنه سيتيح للسوق السوداء أن تنشط خلال يومي الأجازات: الجمعة والسبت.
وقال الهلالي إن توقيت القرار، قبل رمضان بعدة أيام، يعني أن هناك ضغوط سريعة لتحرير سعر الصرف، لكن ذلك سينعكس على السوق في رمضان، حيث سيخلق موجة تضخمية كبيرة، مما سيخلق صدمة في الأسواق، قد يترتبط عليها تجميد البيع والشراء.
وتوقع الهلالي أن تزيد الأسعار خلال الأيام المقبلة، خصوصًا مع بداية شهر رمضان.
في المقابل يرى أحمد خطاب، عضو مجلس الأعمال المصري الكندي، أن قرار البنك المركزي صائب وفي توقيت مناسب، لأنه جاء في وقت انخفضت فيه الفجوة بين سعر الدولار الرسمي وفي السوق الموازي.
وأكد خطاب أن توجيهات الرئيس بالإفراج الجمركي عن البضائع الموجودة في الموانئ يضمن انخفاض الأسعار، مشيرًا لحدوث انخفاض في العديد من السلع خلال الأيام الماضية.
وقال خطاب إن رفع سعر الفائدة سيدفع المصريين لوضع أموالهم في البنوك، وهو ما سيمثل دفعة للاقتصاد في الفترة المقبلة.
ويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور بلال شعيب، أن تحرير سعر الصرف وتوحيده بين السوق الرسمي والموازي، يحرم تجار العملة من التلاعب في سعر الدولار ويخلق توازنًا في السوق.
وقال شعيب إن الدولرة مرتبطة بالتضخم، لذلك فإن القضاء على السوق الموازية سيضمن تراجع أسعار السلع، خصوصًا أن هناك نقد متداول خارج الجهاز المصرفي المصري يقدر بتريليون جنيه، وهو ما ستعمل الشهادات الجديدة من البنوك على امتصاصه وإدماجه في النظام المصرفي الرسمي.
شهادات جديدة وإفراج جمركي
فور قرار البنك المركزي، أعلن البنك الأهلي المصري وبنك مصر طرح شهادة لمدة ثلاث سنوات بفائدة متناقصة، بسعر سنوي 30% للسنة الأولى، و25% للسنة الثانية، و20% للسنة الثالثة على أن يصرف العائد بشكل سنوي.
وأعلن مجلس الوزراء توجه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، غدًا الخميس، لمدينة الإسكندرية، للإشراف بنفسه على الإفراج عن البضائع من ميناء الإسكندرية، بالإضافة إلى متابعة سير عملية الإفراجات في باقي الموانئ المختلفة، وفق توجيهات رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي.
وأوضح مجلس الوزراء أن البضائغ المفرج عنها تشمل: “السلع الغذائية، والأعلاف، والأدوية، ومستلزمات الإنتاج”.