هيئة تحرير الشام تعلن انتهاء التحقيقات في قضية “العمالة” وتُبرء أبو ماريا القحطاني
أفرجت هيئة تحرير الشام عن القيادي في الصف الأول أبو ماريا القحطاني وهو من الجنسية العراقية بعد اعتقاله 7 أشهر، بتهمة التواصل مع جهات معادية.
وجاء في بيان اللجنة القضائية، بعد الاطلاع في قضية “المتهمين بالعمالة” براءة المدعى عليه ميسر الجبوري – أبو ماريا القحطاني – من تهمة العمالة، والإفراج عن ميسر الجبوري.
Abu Mariya Al-Qahtani officially absolved by Hay’at Tahrir Al-Sham of accusations of collaborating with U.S. led coalition pic.twitter.com/Z08Hx31r5A
— Aymenn J Al-Tamimi (@ajaltamimi) March 7, 2024
وخضع القحطاني للإقامة الجبرية في منتصف أغسطس الماضي، إثر اعتقال خلية تعمل لصالح “التحالف الدولي” واعتراف أفرادها بتورطه.
وأعلنت هيئة تحرير الشام عن تجميد مهام وصلاحيات القيادي في صفوفها أبو ماريا القحطاني.
وقالت في بيان لها: “القحطاني أخطأ في إدارة تواصلاته” دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من هذا التواصل.
وتتكتم هيئة تحرير الشام عن مصير العملاء، وتجري عمليات إعدامهم في ظروف مجهولة كما تدفن جثثهم بطريقة سرية ولا تسلمها لذويهم إلا في حالات خاصة.
واعتقل الجهاز الأمني التابع لـ”الهيئة” عشرات العناصر العسكرية بينهم قيادات في الصفوف الأولى.
وذكرت المصادر بأن الجولاني، حذر القيادات الأمنية والعسكرية في الهيئة من تداول قضية أبو ماريا القحطاني في وسائل الإعلام أو أي جهة أخرى، تحت طائلة المسائلة.
وأفادت معلومات سابقة أن هيئة تحرير الشام نقلت القيادي “أبو ماريا القحطاني” من مقر احتجازه بعد أشهر من اعتقاله بتهمة العمالة لجهات خارجية والتحضير لانقلاب على قيادة الهيئة.
وأشارت المصادر إلى وضع القحطاني في فندق باب الهوى تحت الإقامة الجبرية لحين إجراء الترتيبات النهائية لإطلاق سراحه.
وأكدت المصادر الخاصة أن عملية النقل أو الإفراج المشروط عن القحطاني تمت في الأيام القليلة الماضية، ومن غير ضجة إعلامية، وتزامنت مع إخراج معظم المتهمين بملف العمالة خلال الفترة السابقة.
من جانبه، نشر القيادي المنشق جهاد عيسى الشيخ “المعروف أيضاً باسم أبو أحمد زكور” تغريدة على منصة “إكس” يقول فيها “إن الله أظهر براءة القحطاني، وخبث من اتهمه في دينه وعرضه”.
هيئة تحرير الشام تعلن انتهاء التحقيقات في قضية “العمالة”
وتجدر الإشارة إلى أن هيئة تحرير الشام أعلنت في بيان رسمي عن انتهاء التحقيقات في قضية العمالة، المعروفة أيضًا بـ”دعوى الخلية الأمنية”، بعد مرور 6 أشهر من انطلاقها، وكانت هذه القضية قد أثارت جدلاً كبيرًا وأدت إلى اعتقال مئات العناصر والقيادات ضمن صفوف الهيئة، بتهم العمالة لجهات خارجية، سواء كانت الاستخبارات الأمريكية أو الروسية أو النظام السوري.
وبعد إعلان هيئة تحرير الشام عن نهاية التحقيقات، خرج العشرات من الموقوفين من عناصر الهيئة وقادات جناحها العسكري، وكان أبرزهم القيادي في الجناح العسكري “أبو مسلم آفس”، وكل من القائدين العسكريين “أبو أسامة منير” و”فواز الأصفر” و”أبو عبدو” و”أبو القعقاع طعوم”، وآخرون، وقد شهدت الشوارع احتفالات كبيرة من قبل عناصرهم وذويهم بخروجهم من السجون.
ويأتي هذا التطور بعد مرور فترة طويلة من التحقيقات والتكهنات بشأن قضية القحطاني، الذي تم اتهامه بالتنسيق مع التحالف الدولي ومحاولة التحريض على انقلاب داخل هيئة تحرير الشام، وقد كانت هذه الاتهامات محور جدل واسع بين الأطراف المعنية، حيث أثارت تحركات القحطاني خلافات داخلية داخل الهيئة، خصوصًا بين القيادات المتنفذة التي اعتبرت تحركاته تهديدًا لنفوذها ومكانتها داخل الهيئة.
وخلال الأشهر الماضية التي سبقت اعتقال “القحطاني”، كان يعمل على تكثيف التواصل مع قيادات ضمن الجيش الوطني السوري وقادة سابقين في حركة أحرار الشام، بهدف فتح صفحة جديدة والتنسيق المشترك في الشمال السوري.
إلا أن القيادات المتنفذة داخل الهيئة رأت في ذلك تحركًا يهدد استقرارها ونفوذها، مما دفعها -حسب مراقبين- لاتهام القحطاني بالتحضير لانقلاب، وعلى الرغم من الاتهامات الجدية التي وجهت له، إلا أنه لم يتم تقديم أدلة قاطعة تثبت تورطه في الأنشطة المشبوهة.
ومن ناحية أخرى، تحاول هيئة تحرير الشام استعادة الاستقرار والوحدة داخل صفوفها بعد فترة من التوترات والاضطرابات التي شهدتها، ومن المتوقع أن يلعب الإفراج عن القحطاني دورًا هامًا في تهدئة الأوضاع وتحسين العلاقات داخل الهيئة.
وعلى الرغم من ذلك، يظل هناك توترات داخلية داخل هيئة تحرير الشام بسبب الخلافات السياسية والتنظيمية، وقد يستمر التصعيد في المستقبل إذا لم يتم حل هذه الخلافات بشكل جذري. وفقًا للمراقبين.
كيف تصرفت قيادات الهيئة بعد اعتقال القحطاني؟
وتبعًا للمصادر، فإنه بعد عملية الاعتقال، قامت بعض القيادات داخل هيئة تحرير الشام، بمن فيهم القاضي “مظهر الويس”، بالتدخل لإقناع القيادة العامة بإطلاق سراح “القحطاني”.
ووفقًا للمراقبين، فإن مسألة تواصل “القحطاني” مع التحالف الدولي أمر مؤكد، حيث حدثت اتصالات بين الجانبين على مدار السنوات الماضية، ولكن هذه الاتصالات زادت كثافتها منذ مطلع العام الماضي، وجاء ذلك بعد مخاوف هيئة تحرير الشام من تدخل تركيا ومحاولتها تفكيك الهيئة بموجب تفاهمات أستانا.
وأكدت مصادر مطلعة أن التواصل جرى بعلم قيادة الهيئة، وأن “القحطاني” لم يقم به بشكل منفرد ودون تنسيق، بل عرض بموافقة “الجولاني” فكرة المشاركة في أي عملية محتملة قد تنطلق من قاعدة التنف ضد الميليشيات الإيرانية، كما عرض الزج بما يُعرف بـ”القطاع الشرقي” من الهيئة في العملية المحتملة.
الجولاني وصراعات الزعامة
وبالرغم من سعي الجولاني في الفترة الأخيرة لحل قضية “خلايا التجسس” لعودة الهدوء لكرسي زعامته الهش لهيئة تحرير الشام، إلا انه لا تزال الأزمة تلقي بظلالها على التنظيم من الداخل، فعلى الرغم من إطلاق سراح العشرات من القادة العسكريينَ الذين اعتُقلوا خلال الأشهر الماضية، لاسيما مع تفاقم الخلافات بشكل سريع والتي امتدت إلى حد المطالبة بتغيير مجلس قيادة الهيئة.
وتعود هذه القضية إلى الحملة الأمنية التي شنتها هيئة تحرير الشام المسيطرة عسكريًا على إدلب، وأجزاء من ريف محافظات حماة وحلب واللاذقية في يونيو/حزيران الماضي واستهدفت قيادات بارزة من التنظيم كان أبرزهم أبو ماريا القحطاني، الشخصية المؤثرة في الدائرة الداخلية للجماعة، لكن ما زاد الأمر تعقيدا كان اعتراف زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني أن المفرج عنهم قد اتُهموا خطأ بسبب أخطاء ارتكبت أثناء التحقيقات التي جرت بطريقة غير قانونية، مؤكدا ما أثير قبل ذلك بشان انتزاع اعترافات بقوة التعذيب والابتزاز.
هذا الوضع دفع قادة سابقين في هيئة تحرير الشام، إلى المطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة لحلّ الأزمة التي تمرّ بها الهيئة، ومن بينهم أبو مالك التلي لذي انشق عن التنظيم في عام 2020 وواجهه عسكرياً، بعد أن ظل بعيداً عن الأضواء لسنوات.
الدعوة التي صدرت عن القيادي السابق أبو مالك التلي، تزامنت مع عداء متزايد تجاه هيئة تحرير الشام وقيادتها بسبب طريقة تعاملها مع قضية التجسس، حيث دعا التلي إلى اتخاذ خطوات أخرى، بينها إطلاق سراح السجناء، لتفادي “الكارثة”.
القيادي السابق في هيئة تحرير الشام أبو مالك التلي دعا إلى ضرورة استبدال الجولاني حتى يشكل الوجهاء في المنطقة لجنة لاختيار رئيس جديد
دعوة التلي
الرسالة المنسوبة للتلي والموجهة إلى قيادة هيئة تحرير الشام تمت مشاركتها عبر قناة “من إدلب” المناهضة لهيئة تحرير الشام في 26 فبراير.
وأشار التلي إلى الاحتجاجات التي شهدتها مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام بإدلب “نتيجة انتشار الظلم وضياع الكثير من الحقوق”. وقال إن المنطقة تواجه صراعا وشيكا ومدمرا، مضيفا أن “بركانا” على وشك “الانفجار”.
ومن أجل تجنب “الكارثة”، قدم عدة توصيات، تضمنت دعوة لهيئة تحرير الشام لاستبدال الجولاني بقائد مؤقت حتى يشكل الوجهاء في المنطقة لجنة لاختيار رئيس جديد، فضلا عن الإفراج عن جميع سجناء الرأي وتشكيل مجلس شورى حقيقي يتكون من علماء وأكاديميين مسلمين.
عبد الرحيم عطون يرد
رسالة التلي رد عليها القيادي في هيئة تحرير الشام عبد الرحيم عطون في قناته بتطبيق “تلغرام” والذي رفض بشكل قاطع دعوة التلي لاستبدال الجولاني، وانتقد عضو هيئة تحرير الشام السابق لتقديمه مثل هذا الطلب.
الشرعي العام لهيئة تحرير الشام عبد الرحيم عطون والمعروف بـ “أبو عبدالله الشامي” بدأ رده المطول بانتقاد التلي لتقديمه توصياته إلى هيئة تحرير الشام علناً، الأمر الذي، على حد قوله، من شأنه أن يجعل الصراع الذي وصفه التلي أسوأ.
بحسب رد أبو عبد الله الشامي، يبدو أن عطون يعتقد أن التلي كان يطالب بتغييرات جذرية رداً على الطريقة التي تعاملت بها قيادة هيئة تحرير الشام مع قضية التجسس، وعلى الرغم من أن التلي لم يذكر الفضيحة صراحة، إلا أن دعوته لإجراء تغييرات كبيرة داخل هيئة تحرير الشام كانت على الأرجح مرتبطة بهذه القضية.
ودافع عطون عن كيفية تعامل هيئة تحرير الشام مع قضية التجسس، قائلا “لقد أنهينا الظلم بمجرد اكتشافنا له… وأعلنا أن إخواننا أبرياء”.
ومن المرجح أن القيادي البارز في هيئة تحرير الشام كان يشير إلى لجنة تترأسها قيادة الهيئة للنظر في القضية، بحسب بيان أصدرته هيئة تحرير الشام في 26 كانون الثاني/يناير، وأصدرت اللجنة حكما نهائيا، قال منتقدو هيئة تحرير الشام، إنه برأ معظم الذين أدينوا في البداية بالتجسس.
اعتراف بالإخفاقات
واعترف عطون بوجود “إخفاقات” فيما يتعلق بهذه القضية، والتي قال إنها خطيرة، لكنه أشار إلى أن التلي لا يستطيع التعميم والادعاء بوجود إخفاقات شاملة في كيفية إدارة محافظة إدلب، حيث تتولى ما تسمى بحكومة الإنقاذ المرتبطة بهيئة تحرير الشام مسؤولية إدارة المنطقة.
كما رفض عطون دعوة التلي لإجراء تغييرات في كيفية إدارة إدلب، قائلا إن المنطقة “مستقرة نسبيا في ظل السلطة الحالية”. وأضاف أن التغيير قد يكون له “سلبيات غير معروفة” قد تجعل الوضع الذي وصفه التلي أسوأ، على حد قوله. كما رفض دعوة التلي لتشكيل مجلس شورى أكثر تمثيلا.
مطالبات عزل الجولاني
ومنذ أشهر، يطالب العديد من منتقدي هيئة تحرير الشام برحيل الجولاني، وقد كثفوا هذه المطالب مؤخرًا ردًا على فضيحة التجسس.
وتشير حقيقة أن عطون، وهو رئيس المجلس الشرعي الأعلى لهيئة تحرير الشام، قد اختار الرد علناً على رسالة التلي، إلى أن قيادة هيئة تحرير الشام تأخذ دعوات الجولاني للاستقالة على محمل الجد.
وقبل بضعة أيام، زعم أحد هؤلاء المنتقدين، وهو المعلق الإسلامي أبو يحيى الشامي، أن الجولاني كان يخطط لتسليم السلطة لشخصية أخرى بينما يشغل منصب نائبه.
وأشار الشامي إلى أن التغييرات المزعومة كانت ضرورية لأن زعيم هيئة تحرير الشام كان في موقف “ضعيف” للغاية و”لم يعد قادرا على إقناع أحد”.
ومع تفاقم الخلافات التي تعصف بالهيئة التي تسيطر على أجزاء كبيرة من محافظة إدلب شمال غربي سوريا، أثيرت أنباء تم تداولها بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي وفي بعض المجموعات المهتمة بأخبار الهيئة، تفيد بترشيح إبراهيم شاشو الوزير السابق في حكومة “الإنقاذ” العاملة في محافظة إدلب لتولي قيادة هيئة تحرير الشام.
حول هذا الموضوع تواصلت أخبار الآن مع الصحفي السوري عقيل حسين المطلع على هذا الملف، والذي أكد حقيقة هذه الأنباء، التي عزاها إلى حالة التخبط والصراع التي تعيشها هيئة تحرير الشام.
وأضاف الصحفي السوري عقيل حسين أن العسكريين اقترحوا اسم إبراهيم شاشو الذي شغل منصب وزير العدل سابقا في حكومة الإنقاذ ليصبح القائد الجديد لهيئة تحرير الشام بشكل مؤقت حتى يتم الانتهاء من التحقيقات، والفصل في القضية، على أن يتم عزل الجولاني بشكل نهائي ومحاكمته في حال تم إدانته وتبين أنه كا له يد فيما حدث من قبل الأمنيين، بينما يعود لمنصبه مجددا في حال لم تتم إدانته.
احتجاجات ضد الجولاني
بالتزامن مع هذه التطورات، تشهد مدينة إدلب تنظيم مظاهرات شبه يومية، ضد ممارسات “هيئة تحرير الشام” وقائدها أبو محمد الجولاني، التي طبقتها في سجونها على الموقوفين في قضية “الخلية الأمنية”.
ويطالب المتظاهرون طالبوا بإطلاق سراح جميع المعتقلين في سجون “تحرير الشام”، وبتشكيل “جهاز قضائي عادل ومستقل”، للنظر في الشكاوى ضد ممارسات عناصر وأمنيي الهيئة.
وشهد اليوم الجمعة خروج مظاهرات حاشدة في مدينة إدلب، وفي مدينة بنش شرقي إدلب، وفي بلدة كللي شمال إدلب، وفي مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، وفي مدينة مارع الواقعة ضمن منطقة “درع الفرات” بريف حلب الشمالي، طالبت برحيل زعيم “هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، وإخراج المعتقلين من السجون، وتشكيل مجلس شورى جديد، وكبح السطوة الأمنية في المنطقة.
وكان فصيل “جيش الأحرار” العامل في منطقة إدلب، قد أصدر بياناً، يوم السبت الفائت، أدان فيها مقتل الشاب عبد القادر الحكيم (أحد عناصر الفصيل) تحت التعذيب على يد ما وصفهم بـ “المجرمين الظلمة” (هيئة تحرير الشام) تحت تهمة “العمالة زوراً وبهتاناً”، موضحاً أن الحكيم سلم نفسه للهيئة عند طلبه للتحقيق، ولو كان عميلاً لهرب ولم يُسلم نفسه، مطالبين بـ “محاسبة المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجريمة”، وفق البيان.