تنظيم القاعدة في اليمن يُعلن وفاة خالد باطرفي وينصب سعد العولقي أميرًا جديدًا
أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الأحد 10 مارس/آذار في إصدار مرئي وعلى لسان خبيب السوداني -عضو مجلس شورى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وفاة زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خالد باطرفي المُكنى بـ”أبي المقداد الكندي”، وقد أعلن عن اختيار مجلس شورى التنظيم سعد بن عاطف العولقي المُكنى بـ”أبي الليث” خلفًا لـ”خالد باطرفي” أميرًا لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وقد أفادت في الأسابيع الماضية مصادر متطابقة خاصة لـ”أخبار الآن” أن خالد باطرفي يمرّ بأزمة صحية حرجة، وقد أضاف مصدر جهادي لـ”أخبار الآن” مُعلقًا على حالة باطرفي الصحية: أن باطرفي كان يعاني من العديد من الأمراض وقد كان يعني بـ”باطرفي”، المكنى بـ”أبي عبدالله السوري” والمكنى أيضًا بـ”أبي عمر السوري” وهو أحد الكوادر الطبية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، إلا أن السوري توفي لاحقًا في مطلع شهر أغسطس/آب من عام 2023.
وأضاف المصدر أن التنظيم يعاني من أزمة في الكوادر الطبية داخل التنظيم وسبق وأن أشارت أخبار الآن في وقت لاحق أن وفاة السوري سيكون لها تداعيات كثيرة.
وقد تحدثت العديد من الحسابات الموالية والمقربة من إعلام تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، فور إعلان وفاة خالد باطرفي عن سبب الوفاة، مؤكدةً أنه توفي بعد معاناة مع المرض.
سياسة باطرفي في القيادة
لقد سعى باطرفي منذ توليه قيادة التنظيم خلفًا لـ”قاسم الريمي” معالجة الخلافات والأزمات الداخلية، إلا أنه مارس سياسة التأجيل والتهرب والترحيل للخلافات والأزمات الداخلية دون حلها بشكل جذري، وذلك ما عقد الوضع أكثر داخل التنظيم وجعل الجو داخليًا أكثر قلقًا ومشوبًا بعدم الثقة بين القيادات عمومًا، لاسيما الأمنية والعسكرية.
استفاد باطرفي تحت شعار مواجهة القوات الجنوبية بمحافظتي شبوة وأبين، لملمة شمل التنظيم المُتشظي، وحاول جاهدًا بذلك استنزاف كل قدرات وطاقة التنظيم عن مواجهة جماعة الحوثي شمال البلاد، بل قام تنظيم القاعدة بتسليم مناطق كاملة في البيضاء كان يسيطر عليها. “المسرحية” كما وصفها جهادي سابق كان في أفغانستان، بينما يستميت اليوم ويواجه بكل شراسة في محافظتي شبوة وأبين، القوات الحكومية.
وقد حاول باطرفي المشاركة في العمل الخارجي أو ما يعرف بـ”الجهاد العالمي” إلا أن كل تلك المُحاولات باءت بالفشل، من أبرزها محاولات استهداف البحرية البريطانية في محافظة المهرة بزوارق بحرية مفخخة.
باطرفي واستراتيجية سيف العدل وأجندة طهران
لقد نفذ باطرفي استراتيجية سيف العدل بكل حِرفية، وذلك بعد أن اقتنع بمبررات محمد صلاح زيدان، وقد ارتبط باطرفي بشكل وثيق بسيف العدل وذلك بعد مجيء نجل سيف العدل إلى اليمن المكنى والمعروف داخل التنظيم بـ”أبي اليسر منصور”، وقد كون باطرفي معه صداقة من قبل توليه لقيادة التنظيم.
استطاع باطرفي تحييد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب تمامًا عن مواجهة ميليشيا الحوثي، وقد ظهر ذلك ميدانيًا في محافظة شبوة عام 2020، حينما كان ينتشر تنظيم القاعدة في مديرية بيحان، إلا أن وقت سيطرة ميليشيا الحوثي على المديرية لم يكن هناك أي تحرك عسكري للتنظيم، وبعد تحرير قوات العمالقة لمديرية بيحان، استأنف التنظيم فورًا العمليات الإرهابية ضد قوات الحكومية بالمحافظة، ما أثار غضب المجتمع وزاد من تدهور علاقة التنظيم بالقبائل.
وقد حاول باطرفي بعد ذلك تكثيف الظهور الإعلامي الذي دعا فيه مرارًا وتكرارًا لتقديم الدعم، والتوحد لأجل قتال ميليشيا الحوثي، إلا أن ذلك جعل البعض الجهادين -المُختلفين مع سياسة باطرفي- أو حتى المنشقون عن التنظيم يسخر منه ويعتبر ذلك “ذرًا للرماد” ومحاولة في إصلاح علاقة التنظيم بالقبائل، تسكين لصوت المتعالي داخليًا في مواجهة ميليشيا الحوثي.
سعد العولقي ومستقبل التنظيم
يتمتع سعد بن عاطف العولقي بشعبية ونفوذ أكثرُ من باطرفي زعيم التنظيم سابقًا، ومع أن سعد بن عاطف لا يبدو الشخصية المُناسبة لتنفيذ أجندة سيف العدل -القائد الفعلي لتنظيم القاعدة حاليًا- وذلك لأسباب كثيرة منها الخلفية الفكرية والمكانة القبيلة ولاعتبارات أخرى، إلا أن سعد بن عاطف هو الخلف لباطرفي في ذهنية جميع قيادات وعناصر التنظيم، فتجاوز العولقي في هكذا مرحلة سيقود التنظيم نحو الهاوية، ومجلس شورى التنظيم أو ما يعرف بالقيادة العامة عمومًا أذكى من أن تتورط في هكذا سقطة في هكذا توقيت حرج.
وقد جرى الخلاف الحاد كثيرًا بين سعد بن عاطف العولقي من جهة وخالد باطرفي ومسؤول الجهاز الأمني إبراهيم البنا من جهة أخرى، إلا أن سعد بن عاطف عُرف بالطاعة العمياء لقيادة التنظيم وفي نهاية كل خلاف يذعن بالسمع والطاعة وذلك ما جعل العولقي يخسر الكثير من المحسوبين عليهِ داخل التنظيم، بينهم قيادات ميدانية، وانشق عدد منهم بسبب تهميش باطرفي لمن عرفوا داخل التنظيم بـ”أصحاب سعد بن عاطف”، وقد اعتبروا أن باطرفي يحاول تهميشهم بقطع النفقات المالية، والتعنت لهم ببعض القرارات، مُعتبرين أن سعد بن عاطف قد خذلهم وكان موقفه مخيب لهم، ما دفع البعض منهم ينشق و البعض الآخر يعتزل التنظيم.
خـــــتامًا
توفي باطرفي زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بعد أزمة صحية حرجة ألمت بهِ منذ أشهر، وتأزمت حالة باطرفي بعد وفاة أبو عبدالله السوري، الذي كان معني بمعالجة باطرفي والاهتمام بحالتهِ الصحية، في وقت يعاني التنظيم من أزمةِ في الكوادر الطبية.
سعد العولقي خلفًا لباطرفي أميرًا لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بين الطاعة العمياء لقيادة التنظيم وبين رفضهِ للتقارب مع الحوثيين تنفيذةً لاستراتيجية سيف العدل وتلبية لأهداف طهران، ما الذي سيغلبُ على شخصية سعد بن عاطف الزعيم والأمير اليوم، بعد أن كان الجندي والأمير .. هذا ما سيحكيه واقع تنظيم القاعدة في اليمن، وللقصة بقية وللحكاية أجزاء.