مقتل 8 مدنيين في غارات باكستانية على شرق أفغانستان وكابول تحذّر من تبعات “خارج السيطرة”
شنّت باكستان فجر الإثنين غارات جوّية على شرق أفغانستان أسفرت عن مقتل ثمانية مدنيين واستدعت ردّا انتقاميا من كابول بقصف بـ”أسلحة ثقيلة” على مناطق حدودية.
ودانت حكومة طالبان في أفغانستان “بشدة هذه الهجمات” على لسان المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد الذي حذّر إسلام آباد من “تداعيات سيئة للغاية خارجة عن سيطرة باكستان”.
وأعلن وزير الخارجية الأفغاني في منشور على منصة إكس استدعاء القائم بالأعمال الباكستاني للاحتجاج على هذه الضربات.
اظهارات سخنگوی امارت اسلامی افغانستان در پیوند به حملات هوایی طیارات پاکستانی بالای افغانستان https://t.co/cnuDSM9daY pic.twitter.com/dyBDoIhe6m
— Zabihullah (..ذبـــــیح الله م ) (@Zabehulah_M33) March 18, 2024
ومساء حضّت واشنطن باكستان على “ضبط النفس” وطالبان أفغانستان على لجم المتطرفين.
وزادت حدة التوترات الحدودية بين باكستان وأفغانستان منذ عودة حركة طالبان إلى الحكم في كابول في صيف العام 2021. وتتهم إسلام آباد مجموعات مسلحة مناهضة لها، على غرار طالبان باكستان (حركة طالبان باكستان)، بشنّ هجمات انطلاقا من أراضي أفغانستان.
وقال ذبيح الله مجاهد إنه “عند قرابة الساعة الثالثة فجرا (22,30 ت غ ليل الأحد)، قصفت طائرات باكستانية منازل مدنية” في ولايتي خوست وبكتيكا.
وأكد أنه “في ولاية بكتيتا، قتل ستة أشخاص هم ثلاث نساء وثلاثة أطفال”، بينما سجّل مقتل امرأتين في خوست.
وأعلنت وزارة الدفاع الأفغانية أن قواتها ردّت على الضربات الباكستانية بقصف بـ”أسلحة ثقيلة” لأهداف عسكرية عند الحدود.
وحذّر المتحدث باسم الوزارة عناية الله خوارزمي في منشور على إكس من أن “قوات الدفاع والأمن، ستدافع عن وحدة الأراضي مهما كان الثمن”.
رد “حازم”
وأتت الضربات الجوية بعد مقتل سبعة عسكريين السبت في هجوم بشمال غرب باكستان في إقليم وزيرستان الشمالي قرب الحدود مع أفغانستان.
ونسب الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري هذا الهجوم إلى “إرهابيين” متعهدا الردّ عليه بحزم.
وقال أثناء مراسم تشييع العسكريين وبينهم ضابطان “قررت باكستان أنه كائنا من كان العابر لحدودنا أو الداخل لمنازلنا أو بلدنا لارتكاب أعمال الإرهاب، سنردّ عليهم بحزم، بصرف النظر عن هويته أو من أي بلد كان”.
وتنفي الحكومة الأفغانية على الدوام أن تكون تؤوي جماعات مسلحة أجنبية تستخدم أراضيها منطلقا لهجمات على جيرانها.
وشدّدت حركة طالبان باكستان الإثنين في بيان على أنها لم تُستهدف بضربات باكستانية وعلى أن عناصرها ينشطون انطلاقا من باكستان.
ومع هذا التصعيد المستعر بين الدولتين الحدوديتين ألتقت “أخبار الآن” مع الصحفي الأفغاني “بسم الله پشتون مل” والمقيم في بلدة زابل جنوب أفغانستان، وهي بلدة ملاصقة للحدود الباكستانية الأفغانية ليحدثنا عن تطورات الأوضاع في ظل هذا التصعيد من الطرفين.
وبسؤاله عن كيف استجاب الشعب الأفغاني في منطقتكم للعملية الباكستانية؟
قال “بسم الله”: “اليوم صباحًا، استيقظ الناس من نومهم. وسمعوا أخبارًا مفاجئة مفادها أن القوات الجوية الباكستانية انتهكت السيادة الأفغانية وشنت غارة جوية على أطلال منطقة برمل في إقليم بكتيكا ومنطقة سبيرا في إقليم خوست. ولم يكن هذا ما توقعه الشعب الأفغاني في شهر رمضان المبارك من الدولة المجاورة لنا”.
وأتبع قائلاً: “هذا يجعل الناس مندهشين قليلاً من سبب حدوث ذلك فجأة. هناك علاقات جيدة بين البلدين. وعندما تم الكشف عن التفاصيل، فإن جميع الضحايا هم من المدنيين، بينهم ثلاثة أطفال وثلاث سيدات. لذلك غضب الناس قليلاً. وبالأخص لأن هذا الاعتداء حدث في شهر رمضان، فباكستان اعتدت على السيادة والبلدان الأفغانية. لذلك تحدثت مع بعض الأشخاص في باكستان، والذين أجمعوا أنه كانت هناك طرق أخرى لحل مشكلة بلادنا”.
وأضاف: “بشكل عام، كان الأفغان غاضبين ومنزعجين من هذا الوضع في ذلك اليوم”.
وبسؤاله عن تقييمه للتصريحات الباكستانية والتي بررت العملية بإنها تستهدف عناصر من حركة طالبان الباكستانية، المطلوبين في باكستان والمختبئين في أفغانستان.
أحاب “بسم الله”: “في الواقع، إنه ادعاء طويل الأمد بين الجانبين، منذ سيطرة طالبان على أفغانستان في أغسطس 2021. ومنذ ذلك الوقت، تلوم الحكومة الباكستانية طالبان في أفغانستان على إيواء، وتوفير الملاذات لـ Ttps. وهو ما لن تقبله الحكومة الأفغانية في الغالب مثل مسألة الحدود بين أفغانستان وباكستان، فعلى طول الحدود المتنازع عليها، يعيش الناس من نفس القبائل على جانبي هذا الخط. إنهم يرتدون نفس الملابس، ولديهم نفس التقاليد، ولديهم نفس الصور. لذلك لا يمكنك معرفة من هو من الجانب الباكستاني أو من هو من الجانب الأفغاني”.
وأضاف: “كلاهما نفس الأشخاص، نفس اللغة، نفس الملابس، نفس الزي الرسمي. وفي هذه المنطقة القبلية في الغالب، يحمل الناس أيضًا أسلحة من أجل الحماية. لذلك هذا لا يعني أن الأشخاص الذين يعيشون في هذه المنطقة ويمتلكون أسلحة يعملون لصالح حركة طالبان الباكستانية أو هم حركة طالبان الباكستانية، لكن الادعاء الباكستاني بأن حركة طالبان الباكستانية هي المستهدفة غير صحيح، فسبق وأن أعلنوا أنهم قتلوا هذا العام قائد حركة طالبان الباكستانية المسمى عبد الله شاه.
وفي وقت لاحق من اليوم، ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي ونشر مقطع فيديو يظهر أنه كان على قيد الحياة، وليس في الجانب الأفغاني، ولكنه كان نشطًا مع مجموعته في الجانب الآخر من خط ديورند في وزيرستان، لذا فقد ضربوا أي معسكر تدريب واختبأوا. كما يجب ذكر أن الأشخاص الذين نزحوا خلال العملية التي قامت بها باكستان منذ عقود مضت نزحوا إلى هذا الجانب، لذا أغلب الضحايا كانوا من هؤلاء المدنيين النازحين والأطفال”.
ثم توجهت له “أخبار الآن” بسؤال في ظل توضيحه عن الخلفية التاريخية للصراع بين البلدين، حول هل تكون الغارات الباكستانية الأخيرة فتيل التصعيد بين البلدين؟
وتعقيبًا على هذا السؤال قال “بسم الله”: “كان هناك نوعان من الاستجابة من الجانب الأفغاني. فجماعة طالبان نددت بهذا الهجوم، وذلك على لسان المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد، وفي وقت لاحق من اليوم، استدعى وزير خارجية طالبان القائم بالأعمال الباكستاني إلى الوزارة وقام بانتقاد هذا الهجوم، وفي نفس الوقت ردت وزارة دفاع طالبان عسكرياً على هذا العدوان الباكستاني بإطلاق قذائف الهاون على الساحل الباكستاني، والتي تقع على خط ديورند الحدودي المتنازع عليه بين البلدين”.
ثم أتبع: “أشارت بعض التقارير الإعلامية، عن مقتل ضابط في الجيش الباكستاني على الأقل وأصيب اثنان في هذا الرد الأفغاني”.
كما أكد أن المدنيين على جانبي خط ديورند قاموا بإخلاء القرى من أجل سلامتهم.
وأكمل حديثه قائلًا: “في الوقت الحالي، أعتقد أن كلا الطرفين حصل على مراده، لذا أعتقد أنه قد لا يكون هناك تصعيد آخر للوضع على خط ديورند، ولكن، كما سمعت من الناس عندما تحدثت معهم في المقاطعات القريبة من باكستان، فإن القوات على أهبة الاستعداد وفي انتظار مزيد من التعليمات من الإدارة العليا في كابول”.
وأضاف: “لذا، إذا استمر العدوان من جانب باكستان، فلن يكون هناك حل دبلوماسي أو اتفاق بين الجانبين، فمن الممكن حينذاك نشوب مزيد من الاشتباك بين القوات. ولكن في الوقت الحالي، أعتقد أن الأمر انتهى، فلم نسمع أي تصعيد جديد بين الجانبين منذ وقت متأخر من بعد الظهر”.