معبر رأس جدير يمثل شريانا حيويا مع تونس
فوضى عارمة.. اشتباكات عنيفة تسببت في إغلاق شريان حيوي لليبيين.. هذا با ختصار ما حدث خلال ليلة لم يسمع فيها سوى صوت طلقات الرصاص التي لم يسلم منها بعض المسافرين نتيجة اشتباكات بين مجموعات مسلحة وقوات الأمن في محاولة للسيطرة على معبر رأس جدير الحدودي مع تونس مما أدى إلى إغلاقة حتى إشعار آخر..
وفق بيان لوزارة الداخلية في طرابلس فقد اغلقت ليبيا معبرها الحدودي الرئيسي مع تونس اثر اشتباكات بين مجموعات مسلّحة وقوات الأمن على الجانب الليبي من الحدود.
وأوضحت الوزارة في بيان أنه “صدرت التعليمات بشكل فوري” بغلق معبر رأس جدير الحدودي “بعد تهجم مجموعات خارجة عن القانون على المنفذ” مضيفة أن تلك المجموعات يعتبرون ذلك “حقا مكتسبا”.
ويهدف هذا الإغلاق “لوضع الترتيبات الأمنية” وضمان عمل المنفذ “تحت سلطة وشرعية الدولة” وفق البيان، فيما حذرت الوزارة من أنها “لن تسمح بهذه الفوضى” في رأس جدير. وأضافت أن الجماعات “الخارجة عن القانون” التي لم تحددها، سيتم “اتخاذ أشد العقوبات في حق الضالعين فيها”.
هام وعاجل حول منفذ رأس إجدير الحدودي pic.twitter.com/pkvOJz8ebM
— وزارة الداخلية – ليبيا (@moigovly) March 19, 2024
وأوعز وزير الداخلية عماد الطرابلسي ، إلى “قوة إنفاذ القانون” التابعة لوزارته، بالتدخل في رأس جدير من أجل “مكافحة التهريب والتجاوزات” وضمان سلامة المسافرين.
حول هذه النقطة تحديدا، قال المحلل السياسي والمتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة الليبية السنوسي إسماعيل، في تصريحات لـ”أخبار الآن” إن هناك العديد من التقارير التي تشير إلى استخدام معبر رأس جدير في عمليات تهريب بشكل يومي تشمل كل شئ من وقود لسيارت إلى مواد غذائية وغيرها من ليبيا إلى تونس، والعكس، وهي مشكلة اعتبرها متكررة بشكل كبير من حين إلى آخر.
ماذا حدث في معبر رأس جدير
يقول المحلل السياسي الليبي السنوسي إسماعيل إنه وفي محاولة لبسط نفوذ الدولة أصدرت حكومة عبد الحميد الدبيبة ووزير داخليتها عماد الطرابلسي قرارا ببسط نفوذها على رأس جدير، لذا توجهت قوات أمنية تابعة لوزارة الداخلية للسيطرة على المعبر وللحفاظ على الأمن وإدارة حركة المسافرين على جانبي الحدود، إلا أنها اشتبكت مع قوة عسكرية من مدينة زوارة في الجانب الليبي..
يضيف السنوسي أن توجه قوات إنفاذ القانون إلى المعبر لم يكن أمرا مفاجئا، لكنه أشار إلى أن اندلاع اشتباكات هناك كان أمرا مستغربا، لا سيما وأن هذه القوات دائما ما تتجه إلى معبر رأس جدير وتقوم بدوريات وعمليات تفتيش بداخله، من أجل مكافحة التهريب، بينما أدت الاشتباكات المسلحة هذه المرة إلى إصدار وزارة الداخلية قرارا بغلق المعبر، بعدما وجه الطرابلسي كتابا إلى مدير إدارة المنافذ لإغلاق المعبر.
وفي حديثه مع أخبار الآن، أرجع السنوسي مثل هذه الأحداث إلى حالة عدم الاستقرار التي تعيشها ليبيا، ومسألة تضارب الصلاحيات في البلاد، التي تسببت في ظهور التشكيلات المسلحة والتي لا تخضع ربما لأي جهة.
وبين أنه في كل مرة يحدث شيء ما كالذي جرى عند معبر رأس جدير تظهر بعض المسكنات لتفادي تصعيد الوضع، لكنها ليست حلولا جذرية ولا يمكنها معالجة الأمر بالكامل. يتابع: “لذا ننتظر الأحداث المقبلة التي قد تندلع في أي وقت على اعتبار أن المشكلة لا تزال مستمرة، فالتشكيلات المسلحة موجودة وتضارب الصلاحيات متواصل، وكذلك وجود المهربين الذين لم يختفوا من الصورة”.
وأكد السنوسي إسماعيل أن معبر رأس جدير ليس الوحيد الذي شهد مثل هذه الأحداث المؤسفة، وإنما كانت هناك بعض المطارات التي عانت من مشكلات وعمليات تهريب كبيرة تسيء إلى الدولة الليبية، وتضعفها، لا سيما وأن تهريب مقدرات الشعب إلى الخارج يتسبب في إضعاف الاقتصاد الوطني.
هل تتدخل تونس
أما بشأن ما إذا كان الوضع قد يتطلب تدخلا من الجانب التونسي التي يتشارك الحدود مع ليبيا، فأكد إسماعيل أن الأوضاع عادة في معبر رأس جدير لا تتطلب تدخلا من القوات التونسيةفي حالة حدوث أمر كهذا في الجانب الليبي وكذلك العكس أيضا.
وشدد إسماعيل على أن الانقسام السياسي الذي تشهده ليبيا وينعكس على كل الأوضاع بالاضطراب، ينتج عنه وجود فرصة كبيرة لكل المجموعات التي تمتهن التهريب وربما الأعمال غير المشروعة من أجل الثراء السريع.
الانقسام السياسي.. السبب
كما أكد المحلل السياسي الليبي أن ما يجري بات أمرا واقعا أرجعه في حديثه مع “أخبار الآن” بشكل مباشر إلى عدم وجود حكومة منتخبة على مستوى البلاد تستطيع وضع الحلول بشكل كامل بالتعاون مع دول الجوار او الدول الصديقة، مشيرا إلى أن الأمر سيستمر طالما لم يتغير شيء وقد تتكرر هذه الاضطرابات بين الحين والآخر وكذلك المشاهد المؤسفة التي حولت حياة الليبيين إلى حياة صعبة جدا، لاسيما ما جرى عند معبر رأس جدير الذي يعتبر معبرا حيويا للبلاد من كافة النواحي، خصوصا أنه يعتبر منفذا للعلاج في تونس، وأيضا التجارة البينية، فضلا عن ارتباط الكثير من العائلات التي بينهم علاقات نسب ومصاهرة في البلدين، والتي تتأثر بمثل ما جرى.
وشهد المعبر خلال الفترة الأخيرة إشكالات عدة من الجانب الليبي، ومن ذلك تعرض عدد من التجار التونسيين إلى المضايقات من قبل تشكيلات مسلحة ليبية تفرض دفع إتاوات غير قانونية على التجار.
وتقع رأس جدير في شمال غرب ليبيا، على بعد حوالي 170 كيلومترًا غرب طرابلس، وهي نقطة العبور الرئيسية بين غرب ليبيا وجنوب شرق تونس. ويمر فيها جزء كبير من التجارة عبر الحدود، بما في ذلك التهريب، بينما تسيطر مجموعات من مناطق ليبية منذ سنوات على المعبر الحدودي إذ يعتبرونه تابعا لمناطق نفوذهم، مما يسمح لهم بالانخراط في تجارة غير قانونية مربحة.