كيف أعطت حماس إسرائيل الضوء الأخضر لشن حربها على الفلسطينيين؟
أكثر من خمسة أشهر مرت منذ اندلاع الحرب في غزة على إثر هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيّون، لترد إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع، ما أسفر عن مقتل أكثر من 32 ألف شخص وإصابة 74096 بجروح، غالبيتهم من النساء والأطفال..
منذ هذا التاريخ وتتسارع الجهود الدولية والإقليمية من أجل التوصل إلى اتفاق يتم على إثره وقف إطلاق النار في غزة، لكن التعنت من جانب الطرفين إسرائيل وحماس حال إلى الآن إلى التوصل إلى هذا الاتفاق..
كيف يمكن إنهاء الحرب في غزة بأسرع وقت ممكن؟
سيناريوهات إنهاء الحرب، ومآلاتها، وماذا يعني استمرار حماس في السيطرة على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وكيف يرى المجتمع الدولي ما يجري والعديد من الأسئلة المتعلقة بحرب غزة، ناقشتها جنان موسى خلال مقابلتها مع الكاتب والمحلل الفلسطيني الذي يعيش في سان فرانسيسكو أحمد فؤاد الخطيب، الذي أكد أن السبيل الوحيد لإنهاء هذه الحرب يتوقف على نوع من التنازل من قبل حركة حماس عن بعض شروطها فيما يتعلق بطلباتها من إسرائيل بشأن عدد الأسرى الذين يتم إطلاق سراحهم في صفقة تبادل يجري التفاوض بشأنها.
وأضاف الخطيب أن على حماس القبول أيضا بتدرج الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وليس الإصرار على فكرة الانسحاب الكلي كما تريد، موضحا أن الواقع يقول إن هذا الأمر لن يكون سهلا ولن تقبل به إسرائيل بعدما أنشات طريقا يشق غزة إلى نصفين، ومن ثم لا بد من القبول بخيار الانسحاب التدريجي حتى يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
فقد 31 شخصا من عائلته على أيدي إسرائيل ويطالب بالسلام
الكاتب والمحلل الفلسطيني أحمد فؤاد الخطيب، ورغم أنه فقد 31 شخصا من عائلته على أيدي إسرائيل إلا أنه يشدد على تمسكه بخيار السلام ويطالب به مرارا وتكرارا، ويؤكد ان السلام العادل يتطلب شجاعة اكبر من تلك التي تطلبها الحروب.
يقول الخطيب إن معاناة أهله وأصدقائه في قطاع غزة وما يرونه في ظل الصراع المستمر، هي التي تجبره على المطالبة بالسلام مع إسرائيل، رغم تأكيده أنه يعلم جيدا أن الحكومة الحالية ليس منها أمل للوصول إلى هذا الأمر، لكنه أشار إلى وجود بعض الشركاء من تيار الوسط والياسر الإسرائيلي حتى رغم محدودية تأثيرهم إلا أنهم يمكنهم المساهمة في إزالة جزء من الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.
وشدد الخطيب خلال لقائه مع جنان موسى على أن المطالبة بالسلام مع إسرائيل لا تعني الانهزامية أو اللامبالاة، مضيفا أنه بعد نحو 80 عاما من الصراع لا بد من خيار السلام كتغيير استراتيجي في الرواية الفلسطينية، مع التأكيد على ضرورة التفريق بين ما هو مشروع وما هو فعال.
وانتقد الخطيب في حديثه اعتماد حماس على بعض الجهات في مواجهة دولة كإسرائيل بما لديها من قوة ودعم إسرائيلي غير محدود، مؤكدا أن الاعتماد على جماعات مثل الحوثي وحزب الله وإيران في مقابل دولة نووية سذاجة.
انفراد حماس بالسلطة كارثة
وحول ما كتبه عبر حسابه على تويتر من أن سكان غزة يريديون التخلص من حماس وأنهم مرعبون من نهاية الحرب التي قد تترك حماس فس السلطة، وقراءة البعض ما كتب على أنه دعوة مبطنة لإسرائيل للاستمرار في القصف حتى تنتهي حماس او تستسلم، قال الخطيب أنه على العكس من ذلك هو يدعم بكل تأكيد وقف الحرب في الحال، لكنه لا يريد وقف إطلاق نار بشكل يكون سببا في تجميد الصراع.
وأوضح أنه يرفض هذا الشكل الذي تعود معه الأمور كما كانت قبل الحرب وتبقى حماس هي الأخرى كما كانت تحكم وتعيد انتشارها، مضيفا أن هذا الأمر لو حدث سيكون كارثة.
وشدد على أن استمرار حماس في حكم غزة بعد انتهاء الحرب وانفرادها بالسلطة سيكون أمرا كارثيا على الشعب الفلسطيني، مجددا التأكيد على أنه لم يقصد أبدا دعم استكمال الحرب الجارية من أجل تدمير حماس.
وتابع:” أنه يدعم بشدة فكرة إعادة بناء غزة وعودة الناس إلى منازلهم وتحويل القطاع لنموذج حكم فلسطيني مستقل بسيادة فلسطينية، مع استغلال الثروات المتاحة من حقل غاو وإعادة بناء المطار والميناء البحري الذي يتم إنشائه وبناء علاقات اقتصادية مع دول الجوار.
هل يمكن لحماس أن تتنازل عن السلطة في غزة؟
حول هذاه النقطة، يقول المحلل والكاتب الفلسطيني أحمد فؤاد الخطيب إن حماس أثبتت أنانية كبيرة عبر السنوات، ولم تقدم أي تنازلات إدارية قوية في المصالحة الفلسطينية، مضيفا أنها بالإضافة لذلك استغلت السلطة الفلسطينية حتى تدفع جزءا من الرواتب وتعطي الاموال للوزارات والأجهزة الإداراية والحكومية في غزة.
وتابع الخطيب: “يجب محاسبة حماس بسب جرها الشعب الفلسطيني ليس فقط لهذه الحرب، ولكل لكل الحروب السابقة التي كانت تتسبب فيها بين الحين والآخر، ومن ثم فإنني لا أرى نية لدى حماس للتنازل من أجل الشعب الفلسطيني وهذه مأساة وكارثة”.
وخلال المقابلة تطرق الخطيب إلى بعض الجوانب الشخصية، حيث أشار إلى أنه خرج من غزة عام 2005 قبل شهر واحد من الانسحاب الإسرائيلي، لافتا إلى أن الحياة هناك مختلفة الآن، فرغم التحديات والمعاناة التي عاشها عندما كان في غزة، إلا أن الوضع اشتد على مدار السنوات الماضية، منذ الحصار المبدئي بعد فوز حماس في 2006، ثم سيطرتها على الحكم في 2007 وطرد السلطة.
يستذكر الخطيب الفترة التي عاشها في غزة، فيقول إنه أصيب في أذنه اليسرى إثر هجوم إسرائيلي عام 2001 وتسبب في ضرر شديد في معظم سمعه، كما أنه فقد بعض الأصدقاء والعديد من الأهل والأقارب نتيجة الهجمات الإسرائيلية والاقتحامات التي قتل في أحدها 25 شخصا مرة واحدة من عائلته.
يضيف: “عاصرت جزء من الحروب في غزة والمعاناة والحياة الصعبة، لكنها مهما بلغت لا تقارن بالوضع الحالي”.
التواصل مع الرهائن الإسرائيليين
وخلال اللقاء كشف الكاتب والمحلل الفلسطيني أحمد فؤاد الخطيب أنه يتواصل مع عدد من الرهائن الإسرائيليين ممن تم غطلاق سراحهم من غزة بعد احتجازهم خلال هجوم الت7 من أكتوبر.
وعزا الخطيب هذا التواصل إلى رغبته في إيصال صورة إنسانية عن تعددية وتنوع الشعب الفلسطيني، لا سيما بحسب قوله أن جزء كبير من الإعلام الإسرائيلي والإعلام الغربي “شيطن” الشعب الفلسطيني.
وأضاف الخطيب، أنه يريد خلق جسور مع جهات إسرائيلية يمكن أن يكونوا صناع سلام، مؤكدا رفضه التام لما جرى مع المدنيين والعجائز في 7 أكتوبر مهما كانت جنسياتهم، لأن العروبة والإسلام يمنعون ذلك، ولا يبيحونه بأي شكل من الأشكال.
ضوء أخضر لإسرائيل
الكاتب والمحلل الفلسطيني أحمد فؤاد الخطيب يرى أن أفعال حماس لاتقل كارثية عن ممارسات إسرائيل، بل يشير إلى أن هجوم حماس أعطى الحكومة الإسرائيلية الذريعة لإعادة احتلال غزة.
كما تطرق الخطيب إلى ملف التنمية، وشدد على ضرورة تنمية الضفة الغربية وقطاع غزة حتى يمكن عودة اللاجئين الفلسطينيين، ممن تم تهجيرهم وأجبروا على ترك أراضيهم، مؤكدا في هذا الصدد دعمه صمود الشعب الفلسطيني ضد مخططات تهجيره من أرضه.