تعليم الفتيات في أفغانستان “ممنوع” بأمر طالبان
- أفغانستان هي الدولة الوحيدة التي تحظر تعليم الفتيات بعد المدرسة الابتدائية
في آخر تطورات أزمة منع تعليم الفتيات في أفغانستان، قال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، إن تعليم الفتيات في البلاد أمر داخلي ولا ينبغي للدول الأخرى التدخل فيه.
وأضاف سراج الدين حقاني، خلال اجتماع مع ممثلي وكبار شيوخ اتحاد الأفغان المقيمين في أوروبا، أن العالم يجب أن يقبل أن أفغانستان أصبحت الآن دولة مستقلة.
وقال عبدالمتين قانع، المتحدث باسم وزارة الداخلية إن: “هناك مشاكل في أفغانستان تعتبر شؤونًا داخلية للأفغان، ونحن نعمل على حل هذه التحديات؛ ومع ذلك، يجب ألا يفرض المجتمع الدولي إملاءات خارجية على الأفغان”.
وأضاف: “لقد قلنا دائمًا إننا نريد العلاقات مع العالم على أساس الاحترام المتبادل، ولا تتدخل طالبان في الشؤون الداخلية لأي بلد وتتوقع من الآخرين أن لا يتدخلوا في الشؤون الداخلية لأفغانستان”.
وناقش ممثلو وكبار شيوخ اتحاد الأفغان المقيمين في أوروبا قضايا مثل تعليم الفتيات وتوظيف النساء وتوسيع العلاقات مع الدول مع الحكومة المؤقتة خلال الاجتماعات مع مسؤولي طالبان.
وضع الفتيات في الداخل
بعدما قيّدت سلطات طالبان بشدة تعليم الفتيات في أفغانستان، لجأت زينب إلى الفصول الدراسية عبر الإنترنت، لكنها غير كافية لتدارك تخلفها في التحصيل عن أقرانها الذكور.
وكان من المقرر أن تبدأ الفتاة دراستها الثانوية في عام 2022، لكن حكومة طالبان استبعدت الأفغانيات من المدارس الثانوية والجامعات.
رغم إعلان تعليم الفتيات أولوية في ظل الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، فإن 23% فقط من النساء الأفغانيات اللاتي تراوح أعمارهن بين 13 و18 سنة ذهبن إلى المدارس، غالبيتهن في المدن، وفق “مجموعة الأزمات الدولية”.
ثم أصبحت أفغانستان، بعدما زادت طالبان إجراءاتها القمعية ضد المرأة منذ عودتها إلى السلطة في آب/أغسطس 2021، الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر تعليم الفتيات بعد المدرسة الابتدائية.
وقد ظهرت بدائل عبر الإنترنت، لكن التلميذات والمدرسات يعتبرن أنها لا تعوض التدريس وجها لوجه، لأن ليس لدى الجميع جهاز كمبيوتر أو إمكانية الوصول إلى الإنترنت.
وعلاوة على ذلك، لا يمكن لهذه الحصص الدراسية أن تضمن مستقبلا مهنيا، لأن المدارس الثانوية لا تقدم شهادة معترفا بها.
تقول زينب التي رفضت ذكر اسم عائلتها، “قبل أخذ دروس عبر الإنترنت، لم نكن نفعل أي شيء في المنزل. كنا قلقات. وكنا نمضي وقتنا في النوم وكنا مكتئبات”.
وتضيف لوكالة فرانس برس أن التعلم عن بعد “يبقينا مشغولات”، لكنه “لا يمكن أن يحل محل المدرسة”.
مع عودة الفتيان إلى المدرسة -قبل شهر- لبدء عام دراسي جديد، باشرت زينب التي باتت في سن ارتياد المدرسة الثانوية، تلقي دروس عبر الإنترنت من مؤسسة سبق لها أن رفضت طلبها مرتين، بسبب عدم توافر الأماكن.
عدد الفتيات المسجلات في هذا النوع من الحصص غير معروف، لكن منصّتين على الإنترنت مخصصتين للتعليم العالي تقولان إن لديهما عشرات الآلاف من التسجيلات.
“لا أفق”
تم إطلاق أكاديمية بيغوم، وهي منصة مقرها باريس توفر الوصول المجاني إلى 8500 مقطع فيديو باللغتين الدارية والباشتو تغطي المواد الأساسية لمناهج المدارس الثانوية، في كانون الأول/ديسمبر وسرعان ما جمعت 3000 مستخدم معظمهم من الشباب والنساء.
وتوضح مديرتها حميدة أمان أن الآباء ممتنون لتقديم هذا التعليم البديل، لكن الفتيات يجدن صعوبة في البقاء متحفزات.
وتقول من مقر إقامتها في فرنسا “من الصعب أن تكون متحفزة عندما يكون كل شيء مغلقا أمامك ولا يوجد أفق مستقبل”، مضيفة “هذه الفتيات لا يمكنهن الحصول على شهادة جامعية، ولا يمكنهن أن يطمحن إلى الالتحاق بالجامعة أو الحصول على وظيفة في وقت لاحق”.
تعطي روهيلا (22 عاما) دروسا في اللغة الإنكليزية عبر الإنترنت، بينما تحاول مواصلة دراستها الجامعية عن بعد أيضا. وتقول “الشيء الوحيد الذي يمنحني الطاقة في الوضع الحالي هو تعليم هؤلاء الفتيات”.
من جانبها، تقول سلطات طالبان إنها تعمل على تهيئة بيئة مناسبة، حتى تتمكن من إعادة فتح المدارس للفتيات.
ولكن حتى ذلك الحين، يظل التدريس عبر الإنترنت هو الخيار الوحيد. وبعد عامين، تؤكد روهيلا أن الفتيات يفقدن الحافز والأمل تدريجا.
وتجد نفسها في الوضع نفسه، فسابقا “كنت أرسل واجباتي قبل الموعد النهائي، كنت متحمسة لأنني آمل أنه في يوم من الأيام لن يكون هناك المزيد من الحصص عبر الإنترنت”.
وتضيف “لكن عندما تعتاد على فكرة أن الأمر سيظل متاحا عبر الإنترنت إلى الأبد، فإنك تفقد حماسك وتتوقف عن بذل الجهد نفسه”.
“المضي قدما”
يتعين على تلميذات المدارس الأفغانيات أيضا التعامل مع بطء الإنترنت الشديد في غالب الأحيان، أو حتى مع تعطله، ومع انقطاع التيار الكهربائي.
بحسب أرقام الموقع المتخصص “داتا ريبورتال”، فان خدمة الانترنت متاحة لأقل من ربع الأفغان البالغ عددهم 42 مليون نسمة، في 2024.
في بلد يعيش نصف سكانه تحت خط الفقر، يبقى شراء جهاز كمبيوتر أمرا مستحيلا لكثيرين أيضا. ويستخدم نحو 90% من تلاميذ أكاديمية بيغوم هواتفهم في الفصول الدراسية.
تقول شكيبة (18 عاما) التي تدخر لشراء كمبيوتر محمول “لو لم تكن هناك مشاكل في الإنترنت، لكان الأمر أسهل بكثير، ولكن من الأفضل أن نستمر في المضي قدما، بدلا من الجلوس من دون فعل أي شيء”.
تعيش الشابة في إشكاشم، في إقليم بدخشان الجبلي (شمال شرق)، حيث لا تتوافر لديها خدمة الإنترنت المنزلي. أثناء انتظارها للحصول على كمبيوتر، تحاول جاهدة دفع ثمن اشتراك الانترنت الهاتفي من أجل الحصول على حصص مجانية في جامعة “وومن أونلاين يونيفرسيتي”.
وتضيف “آمل فقط أن أدرس وأنجح. إذا تقدم شخص واحد في الأسرة، فإن الأسرة بأكملها تتقدم وكذلك المجتمع بأكمله”.
من جانبها، تشعر عائشة (18 عاما) بالإحباط لعدم قدرتها على الاستفادة من التواصل الاجتماعي الذي توفره المدرسة.
وتقول “يمكن للفصول الدراسية عبر الإنترنت أن تمنحنا الأمل، لكن لا يمكنك أبدا أن تقول: لقد درست عبر الإنترنت، وبالتالي تخرجت من مدرسة”.