يُشكل الأطفال أكثر من نصف سكان مخيم الهول ويبلغ عددهم 21500
في استمرار لخطة الحكومة العراقية لاستعادة مواطنيها في مخيم الهول، استعا بغداد دفعة جديدة من العائلات العراقية في مخيم الهول، شرقي مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا.
وذكرت وكالة “هاوار”، المقربة من “الإدارة الذاتية”، أنه في إطار التنسيق بين “الإدارة الذاتية” و”اللجنة الأمنية”، ولجنة الهجرة والمهجرين في مجلس النواب العراقي، غادرت الدفعة الثانية من العراقيين، الأحد 28 أبريل، وتضم 714 شخصًا، ضمن 191 عائلة عراقية، مخيم الهول.
وانطلقت الدفعة الثانية في الساعة الثانية من ظهر الأحد، نحو الأراضي العراقية، بحماية مشددة من قبل “قوى الأمن الداخلي” (الأسايش).
خريطة توضح موقع مخيم الهول للاجئين
وكانت قد نقلت وكالة “روداو” الكردية، السبت، عن المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، علي عباس، أن 192 عائلة، تتكون من 750 شخصًا، ستتم إعادتهم من مخيم “الهول” إلى العراق، دون تحديد موعد لذلك، لأسباب أمنية، إذ أوضح أن لجنة أمنية ستتولى التحقق من الأسماء والتحضير لعودتهم.
ومن المقرر أن يقيم العائدون في مخيم “الجدعة” بمحافظة نينوى، لفترة زمنية، بهدف تأهيلهم للاندماج في مجتمعاتهم، قبل إعادتهم إلى ديارهم، وجرى إعادة أكثر من 8000 عراقي من “الهول” ضمن دفعات، أحدثها كان في 9 من مارس/ آذار الماضي، وضمت 622 شخصًا.
فتح الجراح مجددًا
من ناحيتها، قالت المتحدثة باسم كتلة “الحزب الديمقراطي الكردستاني” في مجلس النواب العراقي، فيان دخيل، الأحد، إن نقل عائلات مقاتلي تنظيم “داعش” من “الهول” إلى “الجدعة” يشكل تهديدًا لسكان المنطقة المحيطة بالمخيم.
وأضافت “دخيل” خلال مقابلة مع موقع “كوردستان 24” أن الحكومة الاتحادية قامت على مدى السنوات الثلاثة الماضية بنقل عائلات مقاتلي تنظيم “داعش”، من “الهول” إلى “الجدعة”، وهذا يشكل تهديدًا للسكان، وخاصة “الكورد الأيزيديين”، ويعتبر سلبيًا ويعيد فتح جراحهم مجددًا، وفق قولها.
ويضم مخيم “الهول” الذي تديره “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، نحو 50 ألف شخص من السوريين والعراقيين غالبيتهم من النساء والأطفال، وأكثر من 10 آلاف أجنبي من حوالي 60 دولة أخرى.
وفي 14 من أغسطس/ آب الماضي، أعلنت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا عن نيتها إنشاء مراكز خاصة لتأهيل وتعليم القصّر من سجناء تنظيم “داعش” في مناطق نفوذها، نظرًا إلى “خطورة ملف التعاطي مع القصّر من سجناء التنظيم”.
ويعيش سكان المخيم، وأكثر من نصفهم من الأطفال، في دوامة من العنف والفقر والحرمان، معزولين عن الحياة في الخارج. وتتلقى قلة من الأطفال تعليماً فيما يبدو مستقبلهم في المجهول.
بعد مرور خمس سنوات على دحر التنظيم جغرافياً، تتردد دول قدم منها الجهاديون في استعادة أفراد عائلات المسلحين، ملقية بحكم الأمر الواقع مسؤولية رعايتهم على الإدارة الذاتية، رغم إمكانياتها المحدودة. وترى السلطات المحلية في مخيم الهول “قنبلة موقوتة”. وعلى الرغم من هذا التردد فقد شهد عام 2022 نشاطًا كبيرًا باستعادة الدول لرعاياها من مخيمي “الروج” و”الهول”، إذ استعادت 13 دولة أجنبية رعاياها من المخيمين.
تاريخ مخيم الهول وسكانه
ويطل مخيم الهول في شمال شرق سوريا على بلدة الهول الحدودية مع العراق، والتي لطالما شكّلت ممراً لعمليات التهريب عبر الدولتين.
بُني المخيم خلال حرب الخليج الثانية في العام 1991 لاستقبال اللاجئين العراقيين، وتوسع لاحقاً خصوصاً بعد الغزو الأمريكي للعراق، وفق تقرير في 2022 لمنظمة أطباء بلا حدود.
سيطر تنظيم داعش على بلدة الهول في العام 2014، واستعادتها قوات سوريا الديمقراطية في 2015، في معركة شكّلت أكبر أول انتصاراتها بعد تشكيلها في خريف العام ذاته.
في 2016، فتحت الإدارة الذاتية في شمال وشمال شرق سوريا أبواب المخيم مجدداً لاستقبال اللاجئين العراقيين والنازحين السوريين.
لكن منذ نهاية 2018، شهد المخيّم بدايات تحوّل. فبعدما أطلقت قوات سوريا الديمقراطية آخر معاركها لاستعادة بلدة الباغوز وجوارها، زاد عدد قاطني الهول، وخلال أشهر قليلة، من 13 ألف شخص إلى 70 ألفاً، بينهم 11 ألف أجنبي من النساء والأطفال.
وعلى وقع المعركة، بات عدد العراقيين 30 ألفاً ليشكّلوا بذلك أكبر مجتمعات المخيم.
بعد انتهاء معركة الباغوز في شتاء 2019، بدأت بعض الدول وببطء شديد استعادة بعض مواطنيها من المخيم، فيما انتقل نساء وأطفال أجانب أيضاً من الهول إلى مخيم روج، وهو مخيم أصغر حجماً وأفضل تنظيماً في أقصى شمال شرق سوريا، ويقطنه اليوم 2500 شخص، بينهم أكثر من 2140 أجنبياً.
ويقطن في مخيم الهول، بحسب أرقام إدارة المخيم في كانون الثاني/يناير 2024، أكثر من 43 ألف سوري وعراقي وأجنبي من 45 دولة على الأقل، بينها فرنسا والسويد وهولندا وروسيا وتركيا وتونس ومصر.
ويُشكل الأطفال أكثر من نصف السكان ويبلغ عددهم 21500.
- السوريون: 16710 بينهم 10580 طفلاً.
- العراقيون: 20144 بينهم 11797 طفلاً.
- أجانب: 6612 بينهم 4482 طفلاً.
- يوجد في المخيم 11 طفلاً مجهول الهوية.
إدارة المخيم
تدير المخيم سلطة مدنية تعينها الإدارة الذاتية الكردية لشمال شرق سوريا، وتعمل فيه وكالات تابعة للأمم المتحدة، ومنظمات غير حكومية دولية ومحلية تقدم خدمات أساسية في مجالات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والتعليم والحماية.
وبدعم من وزارة الخارجية الأمريكية، تقوم منظمة “بلومنت” الدولية بتنسيق الخدمات التي تقدمها المنظمات الإنسانية. ويشمل عملها، وفق موقعها الإلكتروني، استقبال قاطنين جدد. وبدعم من الحكومة الفرنسية، تتولى أيضاً تحسين البنية التحتية وتقديم الدعم الإنساني.
تتولى قوات سوريا الديموقراطية وقوات الأمن الكردية أمن المخيم المحاط بسياج يتضمن أبراج مراقبة.
تعقد الإدارة المدنية والقوى الأمنية اجتماعات دورية مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن حول المخيم، لكن القوات الأمريكية لا تتواجد في المخيم.
وبعدما بات المخيم مسكناً للعائلات الفارة من الباغوز، فرضت القوى الأمنية عليه قيوداً جديدة وبات يمنع على قاطنيه الخروج باستثناء في حال حصولهم على أذونات طبية.
ويُشكل تسجيل السكان تحدياً أمام إدارة المخيم خصوصاً لناحية أن الأجانب أحياناً يخفون جنسياتهم أو يدّعون جنسيات أخرى، وفق مسؤولين في المخيم.
وكون الإدارة الذاتية لا تعترف بزواج القصّر الذي يكثر في المخيم، أو الزواج الثاني، فإن العديد من الزيجات في المخيم غير مسجلة، كما لا تُسجل الولادات الناتجة عنها.
ولا تسجل الإدارة الذاتية زواج القصر، إلا بعد إتمام الفتاة الـ18 من العمر. وبالنتيجة بات المخيم “مليئًا بالأطفال غير المسجلين”، وفق ما تقول عاملة إنسانية.