تصريحات “عودة حماس إلى الأردن” تكشف الارتباك داخل الحركة
حالةُ جدل واسعة، أحدثتها تصريحات موسى أبو مرزوق، حول عودة حماس إلى الأردن، في ظل الحديث عن إمكانية مغادرتهم قطر، وهي التصريحات التي أعادت إلى الواجهة “مشاهد الاشتباك مع الأردن”.
وفي تفاصيل التصريحات، قال عضو المكتب السياسي لـ”حماس” موسى أبو مرزوق، الاثنين، إن الأردن سيكون الوجهة المقبلة لقيادات الحركة في حال غادرت قطر. مشيرًا في حديث لوسائل إعلام إيرانية، إلى “إشاعة” تقول إن قيادات “حماس” ستنتقل إلى العراق أو سوريا أو تركيا، موضحًا: “كل هذه أجواء إعلامية فقط للضغط على القطريين”.
وعن هذه التصريحات، قال سميح المعايطة، وزير الإعلام والثقافة الأردني الأسبق، إن “هذه التصريحات وتلك التي تلتها من أحد قيادات حماس في تركيا لنفيها (إذ أبدى القيادي في حماس غازي حمد استغرابه من تصريحات أبو مرزوق) تؤكد على وجود ارتباك وأزمة داخل الحركة نتيجة الظروف التي تعيشها، وتداعيات ما يحدث في غزة، وهذا يوضح أيضًا قرب انتهاء إقامة قيادات حماس في قطر، وهذه أزمة تخص الحركة وحدها ولا علاقة للأردن بها”.
وأضاف “المعايطة” في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن”، أنه “كان لا يجب أن يتحدث موسى أبو مرزوق في مسألة الانتقال إلى الأردن، وكأنه أمر يخص الحركة، خاصة أن للأردن سيادته الكاملة، وله معادلاته السياسية والأمنية، ولا يقبل بأي حال وجود تنظيمات غير أردنية على الساحة الأردنية”. مشيرًا إلى “إبعاد حماس من البلاد قبل 25 عامًا من الآن، وتحديدًا في عام 1999، وذلك لعدة أسباب منها انتهاكها التفاهمات مع الحكومة الأردنية -في ذلك التوقيت- وكانت تتدخل بالأمور الداخلية الأردنية”.
وعن علاقة الحكومة الأردنية بحماس، قال وزير الإعلام والثقافة الأسبق، إن “بلاده ليست لها علاقات سياسية مع حماس، لكن بالتأكيد هناك تواصل أمني معها بخصوص بعض القضايا. مضيفًا: “حماس تريد إشعال الساحة الداخلية، وكذا الضغط على الأردن من خلال (تثوير التظاهرات والشارع الأردني) من خلال التعاون مع جماعة الإخوان في الداخل، وذلك للضغط من أجل إعادة فتح مكاتب حماس في عمّان مرة أخرى، وفتح أبواب التواصل السياسي معها”.
وأشار إلى أن “هذه الدعوات أتت بنتائج عكسية بالنسبة للحركة، خاصةً وأنها عززت من موقف الحكومة الأردنية أنه يستحيل التفكير في وجود حماس على الساحة الأردنية، وهو أمر غير قابل للنقاش”.
وبشأن تصريحات “أبو مرزوق” التي قال فيها إن “معظم قادة حماس هم من الشعب الأردني، ويحملون الجواز الأردني، أوضح “المعايطة” أن “قادة حماس الذين يحملون جواز السفر الأردني، يمكنهم العودة لكن بشرط أن يتخلوا عن أي عمل تنظيمي أو ارتباط تنظيمي بأي تنظيم غير أردني”.
منذ عقودحسم الاردن قراره بانه ليس ساحة عمل لاي تنظيم غير اردني، وذاكرة الدولة فيها مايعزز هذا،وخلال هذه السنوات كان قادة حماس يزورون الاردن لاسباب اجتماعيةبعد موافقة الدولة ودون اي نشاط سياسي.
الاردن دولة لها معادلتها السياسية وليس فندقا يأتيه اليه اي تنظيم يفقد قيمته عند الآخرين— سميح المعايطه (@AlmaitahSamih) April 29, 2024
وفي وقت سابق، اعتبرت السلطات الأردنية أن دعوات تحريض “حماس” ما هي إلا “محاولات يائسة تريد أن تشتت البوصلة”، مؤكدة التصدي لأي أعمال شغب قد تطال عناصر الأمن أو الممتلكات، على غرار ما جرى في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين في وقت سابق من نهاية الشهر الماضي.
جاءت هذه الانتقادات عقب خطاب رئيس المكتب السياسي لحماس في الخارج خالد مشعل، الذي طالب الأردنيين بالنزول للشارع باستمرار، والذي جاء عبر تقنية الفيديو ضمن فعالية نسائية في عمّان، في أعقاب زيارة وفد حماس إلى العاصمة الإيرانية طهران.
مقترح هدنة جديد في غزة
وفي سياق منفصل، تستعد حماس، الثلاثاء، لتقديم ردّها على اقتراح بشأن اتفاق هدنة في قطاع غزة وإطلاق سراح رهائن إسرائيليين في سياق المحادثات الجارية عبر الوسطاء بعد سبعة أشهر على اندلاع الحرب بين الحركة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.
ويأتي ذلك فيما يحل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الأردن ثم إسرائيل، بعد السعودية في إطار جولة جديدة في الشرق الأوسط ضمن مساعي التوصّل إلى هدنة في القطاع الفلسطيني المحاصر وسط أزمة إنسانية كبيرة.
وبعد اجتماع عُقد الإثنين في القاهرة مع ممثلي مصر وقطر، الدولتين الوسيطتين مع الولايات المتحدة، غادر وفد حماس العاصمة المصرية إلى الدوحة لدراسة مقترح الهدنة الأخير، حسبما أفاد مصدر من الحركة.
وقال المصدر “نحن معنيون بالرد بأسرع وقت ممكن”، في وقتٍ أفاد موقع قناة “القاهرة الإخباريّة” بأنّ وفد حماس “سيعود” إلى القاهرة مع “ردّ” مكتوب على هذا المقترح.
وفي ظلّ هذه التطوّرات، طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي تشهد بلاده احتجاجات طلابية مؤيّدة للفلسطينيين في العديد من الجامعات، من قادة قطر ومصر “بذل كلّ ما في وسعهم” لتأمين إطلاق سراح عدد من الرهائن، معتبراً أنّ “هذه هي العقبة الوحيدة أمام وقف فوري لإطلاق النار”.
من جهته، أعرب بلينكن أثناء وجوده في الرياض عن “أمله” في الحصول على ردّ إيجابي من حماس “على اقتراح سخي جداً من جانب إسرائيل”.
وقد تردّد ذلك على لسان نظيره البريطاني ديفيد كاميرون، الذي أوضح خلال جلسة خاصة للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، أنّ العرض الإسرائيلي “يتضمّن وقف إطلاق نار لمدة 40 يوماً والإفراج المحتمل عن آلاف السجناء الفلسطينيين، في مقابل إطلاق سراح هؤلاء الرهائن” في غزة.
منذ بداية الحرب، تمّ التوصل إلى هدنة لمدة أسبوع في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، سمحت بالإفراج عن حوالى 80 رهينة لدى حماس مقابل 240 أسيراً فلسطينياً لدى إسرائيل.
رفح أم هدنة؟
في الرياض، كرّر بلينكن تأكيده على معارضة واشنطن لهجوم إسرائيلي على مدينة رفح الحدودية مع مصر جنوب قطاع غزة، والتي تضمّ أكثر من 1,5 فلسطيني، معظمهم من النازحين، يعيشون في ظروف صحية كارثية.
وعلى الرغم من استنكار العديد من العواصم العربية والغربية ومنظمات إنسانية، يشدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مهاجمة رفح لتحرير الرهائن المحتجزين في غزة والقضاء على حماس التي يقول إنّ المدينة الواقعة على الحدود مع مصر هي المعقل الرئيسي الأخير للحركة.
غير أنّ وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قال خلال نهاية الأسبوع، إنه “إذا كان هناك اتفاق (هدنة)، فسنعلّق العملية في رفح”.
أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) عبر منصة “إكس” الأسبوع الماضي، أنّه “كلّما صار الطقس أكثر دفئاً، يزداد خطر انتشار الأمراض”.
تفاؤل مصري
أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري الاثنين، عن “تفاؤله” حيال مقترح الهدنة الجديد في غزة، لافتاً إلى أنه “أخذ في الاعتبار مواقف الجانبين وحاول استخلاص الاعتدال”.
وبحسب تقارير إعلامية، طالبت حكومة الحرب الإسرائيلية في البداية بالإفراج عن 40 رهينة قبل أن تسمح للمفاوضين بخفض العدد.
من جهته، أفاد موقع “أكسيوس” الإخباري الأمريكي بأنّ إسرائيل تطالب، لأسباب إنسانية، بالإفراج عن النساء مدنيات وعسكريات، والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً أو من هم في حالة صحية سيئة.
والاثنين، دعا أقارب رهينتين إسرائيليين ظهرا في فيديو نشرته حماس السبت إلى الإفراج عنهما فوراً.
المحكمة الجنائية الدولية
في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، نفذت حماس هجوماً على إسرائيل أسفر عن مقتل 1170 شخصاً، معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.
وخطف أكثر من 250 شخصاً ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 34 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين.
رداً على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على حماس التي تعتبرها الدولة العبريّة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي “منظّمة إرهابيّة”. وأدّى هجومها على غزّة إلى مقتل 34535 شخصاً، معظمهم مدنيّون، وفق حصيلة نشرتها وزارة الصحّة التابعة لحماس الإثنين.
إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنّ مسؤولين إسرائيليين يشعرون بالقلق إزاء احتمال إصدار مذكرات اعتقال بحقهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية ربطاً بالحرب في غزة.
وذكر موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال محادثة هاتفية، مساعدته في منع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكّرات توقيف يمكن أن تستهدفه شخصياً أووزير الدفاع أو رئيس الأركان.
وكان نتنياهو ندّد في منشور على منصة إكس في 26 نيسان/أبريل، بـ”التهديد بتوقيف عسكريين ومسؤولين في الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط والدولة اليهودية الوحيدة في العالم”، معتبراً أنّ ذلك سيشكّل “سابقة خطيرة”.