بعد هجوم طهران.. محللون: إيران ليست كما كانت عليه قبل 40 عامًا
“لا توجد قوة في الشرق الأوسط تريد التصعيد. ولكن منذ الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل ورد فعل تل أبيب، أفسحت حرب الظل الطريق أمام موقف محفوف بالمخاطر يعمل على إعادة خلط الأوراق في المنطقة وخارجها”- وذلك حسب مجلة لوبس الفرنسية.
قالت المجلة الفرنسية إن الصراع بين إيران واسرائيل يدور في الظل. حيث اتسم باغتيال العلماء الإيرانيين في عمليات نظمها الموساد، بالإضافة إلى المحاولات الإيرانية لاستهداف المصالح الإسرائيلية في الخارج، وغالبًا من خلال وكلائها الإقليميين الذين كانوا يقاتلون إسرائيل.
لكن بينما يبدو أن مستوى التوتر الذي تصاعد في الأسابيع الأخيرة هدأ في الوقت الراهن، إلا أن حرب الظل دخلت مرحلة جديدة تحمل خطر التحوّل إلى نزاع مفتوح بين البلدين أكثر من أي وقت مضى، بحسب محللين.
ولأول مرة منذ سيطرته على إيران بعد “الثورة الإسلامية” قبل خمسة وأربعين عامًا، هاجم النظام الإيراني إسرائيل بشكل مباشر. وعلى الرغم من الدعوات العالمية للاعتدال، فقد دعمت الدبلوماسية الروسية والصينية بوضوح طهران في الصراع بينها وبين إسرائيل. فبالنسبة لموسكو، فهي ترى كل شيء من خلال منظور “غزوها لأوكرانيا كما ان إيران هي حليف أساسي يزودها بالطائرات بدون طيار والصواريخ. أما بالنسبة لبكين، التي اعترضت دائمًا على العقوبات المفروضة على طهران، فهي تعتبر إيران موردًا رئيسيًا للهيدروكربونات- وفق مجلة لوبس.
وكشفت الضربة الأخيرة التي وجهتها طهران إلى إسرائيل عن اتساع دائرة الفوضى الناجمة عن أي تصعيد عسكري بهذا الشكل، فقد وجد ملايين العرب أنفسهم فجأة وسط المعركة بين الطرفين، خاصة في الأردن والعراق وسوريا، وحبس الناس أنفاسهم في الدول المحيطة التي لا تحتمل ظروفها أي انفجار للوضع في المنطقة.
وبعد انتهاء الهجوم الإيراني على إسرائيل اتضح أنه مجرد استعراض مبلغ عنه مسبقًا منعًا للتصعيد؛ أي أن طهران دفعت ثمناً باهظاً ولم تكسب مكسباً حقيقيًا، الأمر الذي من شأنه أن يدفع بعض الأصوات داخل قيادة طهران إلى لجم التصعيد بشكل عاجل، خاصة بعد أن خطت بلادهم خطوة تثير مخاوف أذرعها الخارجية قبل أعدائها، فهم الذين سوف يدفعون ثمن التصعيد حال حدوثه، ومن مصلحتهم أيضًا دفع طهران لوقف التصعيد خوفًا على أنفسهم.
يعلق القيادي الكردي الإيراني، عارف باوه جاني، رئيس حزب سربستي كردستان، قائلا “خلال 45 سنة رأينا تكرارًا ومرارًا هتافات إيرانية كالموت لإسرائيل والموت لأمريكا، وتهديدات بالقضاء على إسرائيل، وهذا شيء بعد المدة والتجربة ليس له أي حقيقة، فبعد كل الضربات العسكرية من جانب إسرائيل التي تعرضت لها إيران لم يكن لها أي رد فعل غير قتل مواطنيها لاتهامهم بالتجسس، وإرسال الصواريخ والمسيرات إلى أربيل وإقليم كردستان، وقتل الأطفال والشيوخ والنساء ويزعم أنه استهدف الموساد الإسرائيلي، لكن مؤخرا ثبت لشعبه وللعالم أنه غير قادر على اتخاذ رد فعل حقيقي ضد إسرائيل”.
وأضاف رئيس حزب سربستي كردستان في حوار خاص مع “أخبار الآن”، أنه بعد الاستهدافات الإسرائيلية لأهداف إيرانية في سوريا، أطلقت طهران التهديدات الكبيرة، وأطلقت 400 طائرة مسيرة وصواريخ لكن كل كذلك لم يقتل دجاجة صغيرة حتى، مما مثل فضيحة لإيران لأن تكاليف هذه الصواريخ كبيرة، مما أثبت أن تهديداتها لإسرائيل للاستهلاك الإعلامي فقط.
وتابع “عارف باوه”: “لا أعتقد أن إيران يمكن أن تقوم بعملية أخرى، وإذا فعلت ذلك وقتلت إسرائيلي واحد ستجد رد فعل أضعافًا مضاعفة، لأن إسرائيل بالفعل لديها عملاء داخل إيران نفسها يمكنهم توجيه ضربات من العمق الإيراني”.
ويعلق الصحفي والمحلل الإيراني، “محمد رحماني فر”، قائلا إنه “لا توجد اتجاهات مختلفة تعبر عن نفسها داخل معسكر السلطات الإيرانية، فالجميع يتبع مراسيم خامنئي دينياً وسياسياً، وخاصة بعد مقتل قاسم سليماني على يد أمريكا، لا سبيل لمن يفكر بطريقة مختلفة عن خامنئي إلى السلطة.
الحرس الثوري لا يريد القتال
وأضاف “رحماني فر” أنه “في الواقع، لا خامنئي ولا الحرس الثوري يريدون القتال مع إسرائيل، وكان الهجوم مجرد هراء لتهدئة المتشددين في الداخل، فإيران تعرف أنها ليست قوية بما يكفي لمحاربة إسرائيل أو الولايات المتحدة”.
وتابع في حوار خاص مع “أخبار الآن” أن إيران اليوم ليست هي نفسها كما كانت عليه قبل 40 عامًا عندما قاتلت ضد العراق؛ فحاليًا لا يوجد تضامن وطني في البلاد، وأكبر مجموعة عرقية في إيران، الأتراك الأذربيجانيون الجنوبيون، الذين قاتلوا ضد العراق قبل 40 عامًا، يحاولون الآن تغيير الحكومة الإيرانية من أجل نيل حقوقهم وحرياتهم”.
وفيما يبدو أن مرحلة التصعيد الحالية انتهت، يمكن لإسرائيل أن تشن المزيد من الضربات الانتقامية ضد إيران. ويمكن لمنسوب التوتر أن يرتفع مجددا إذا أطلقت إسرائيل هجومها البري الذي تلوّح به منذ مدة طويلة على مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة.