تظاهرات سلمية تطالب بدولة مدنية.. السويداء تنتفض في وجه النظام السوري
تظاهراتٌ حاشدة شهدتها السويداء الجمعة، ضد النظام السوري، وذلك بعد إرساله تعزيزات عسكرية، وميليشيات إيرانية إلى المحافظة، مؤكدة استمرار الحراك الشعبي المناهض للرئيس السوري بشار الأسد.
شارك الآلاف في المظاهرة التي تُعد الأكبر من نوعها منذ أشهر في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، حيث بدأ المتظاهرون منذ ساعات الصباح الأولى، بالتوافد من البلدات والقرى المحيطة إلى الساحة للمشاركة في المظاهرة المركزية، والتي تأتي رداً على الحشود العسكرية التي دفعتها قوات النظام خلال الأيام الماضية، بعد التوتر الأمني الذي حدث على خلفية احتجاز ضباط من قوات النظام للضغط من أجل إطلاق سراح شاب جامعي من أبناء المدينة اعتقل في مدينة اللاذقية.
وأظهرت مقاطع مصورة حشوداً بالآلاف من مختلف قرى وبلدات المحافظة أبرزها شهبا وصلخد، فيما قدم مئات آخرون سيراً على الأقدام إلى الساحة قاطعين مسافات أكثر من 10 كيلومترات للمشاركة في التظاهرة التي تأتي في ظرف استثنائي يتمثل بتلويح النظام باستخدام القوة.
احتجاجات ومظاهرات السويداء السلمية : لا أعمال شغب ولا سلاح ولا مظاهر مسلحة و لا فوضى ، والعلم الدرزي يتصدر المشهد . pic.twitter.com/ElQTupv4oi
— Rayan S.K. (@RayanSooki) May 3, 2024
من ناحيته أكد رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أن “توافد الآلاف من المحتجين إلى ساحة الكرامة في قلب مدينة السويداء للانضمام للمظاهرة المركزية، جاء للرد على الحشودات العسكرية التي تستقدمها قوات النظام إلى محافظة السويداء، “بعد حادثة احتجاز ضباط” منذ نحو أسبوع، ترجمت على أنها تمهيد لإخماد حراك المحافظة.
وأضاف في حوار خاص مع “أخبار الآن” أن “المتظاهرون جددوا مطالبهم بتطبيق القرار الأممي 2254، وتحقيق انتقال سياسي، وبناء جسم وطني ديمقراطي لا مركزي يضم النسيج السوري، ولقيت حضورا ومشاركة من أبناء المحافظة”.
واستطرد: “انطلقت المظاهرات في 20 آب 2023، أي منذ 256 يوما، إثر قرار حكومة النظام رفع الدعم عن المحروقات وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد لترتفع سقف المطالب إلى إسقاط النظام، وشهدت خلال التظاهرات عملية قتل واحدة لأحد المهاجمين على مقر حكومي في 28 شباط، حيث قتل برصاص قوات النظام، خلال تفريقها مظاهرة في محيط صالة 7 نيسان بالسويداء الذي افتتحته قوات النظام “مقرا للمصالحات” ورفضه أبناء السويداء”.
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن “المظاهرات السلمية في السويداء نقلة جديدة باتجاه الشعارات السياسية، وهي تحمل بذور التنوع والديمقراطية والعلمانية، وتضم عدد كبير من المثقفين وشيوخ جبل العرب، والنظام لا يزال عاجزا عن مواجهتها طالما هي في إطار السلمية، وتحقيق مطالب أبناء السويداء خاصة وسوريا عامة لن يكون خلال وقت قصير”.
وقال ناشطون من السويداء من قلب ساحة الكرامة، إن رسالة المتظاهرين والمحافظة عموماً كانت واضحة من خلال تلك الجموع الغفيرة وهي أنهم متحدون في وجه الترهيب والإذلال والتلويح باستخدام الآلة العسكرية الذي يمارسه الأسد ونظامه ضدهم.
وأوضح الشيخ حسين عبدالباقي، أحد البارزين في الحراك، وقائد تجمع أحرار جبل العرب، أن النظام السوري دفع خلال الأسبوع الماضي، بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى المحافظة، وكتائب من ميليشيات إيرانية إلى المنطقة، مضيفًا أن “المرحلة القادمة في السويداء مفتوحة على كل الاحتمالات، خاصة أن شباب وأهالي المحافظة أعدوا العدة للمواجهة العسكرية في إطار الحق المشروع بالدفاع عن النفس، لكن المحافظة لن تكون المبادرة.
وأكد في حوار خاص مع “أخبار الآن”، أن التظاهرات في السويداء منذ انطلاقتها اتسمت بالسلمية، ورفعت شعارات سقوط النظام، وكذا المطالبة بدولة مدنية ديموقراطية، تتسع لكل الشعب السوري” مضيفا: “لن نتخى عن مطالبنا ومستمرون في التظاهرات حتى تحقيقها”.
وعن رفع لافتات تضامن من إدلب مع التظاهرات في السويداء، قال “عبدالباقي”، إن “رفع هذه اللافتات طبيعي، ويعبر عن تلاحم أبناء الشعب السوري في كل مكان، وبدورنا نتضامن مع إدلب ونحيي كل أهلها”.
وفي نفس السياق، قال سليمان الكفيري، الناشط الحقوقي والسياسي، إن “الحراك في السويداء، فرض نفسه على الواقع السياسي والاجتماعي بأخلاقه النبيلة، وبسلميته وحضارته، وشهد مشاركة واسعة، خاصة من المرأة، وذلك للمطالبة بدولة مدنية ديمقراطية”. مشيرًا إلى استمرار الحراك منذ أكثر من 9 أشهر، بشكل يومي، حيث تمتلئ ساحة الكرامة بالمواطنين الذين يرغبون في تطبيق القرارات الدولية، والتي من خلالها يتم تغيير النظام الحلي بشكل سلمي وديمقراطي، لبناء الدولة الحديثة”.
وأوضح “الكفيري” في حوار خاص مع “أخبار الآن”، أن “هذا الحراك قدم عددًا من الدروس وترتب عليه نتائج عدة، أهمها رفع يد السلطات الأمنية عن مقدرات المواطنين في السويداء، وذلك بعد إلغاء المادة الثامنة من دستور 2012، والتأكيد على عمل المؤسسات المدنية والأهلية والاحتماعية والسياسية بما فيها النقابات بعيدا عن سلطة حزب البعث”.
واستطرد الناشط الحقوقي والسياسي أن: “هذا الحراك أدخل النظام السوري في أزمة سياسية داخلية ودولية، خاصة عندما يفكر في كيفية مواجهة الثوار، لأنه لا يستطيع أن ينشر دباباته ولا طائراته، كما يحدث في باقي المحافظات، وذلك لطبيعة الجبل، وعادات أهله، لذا لجأ النظام إلى الفتنة الأهلية لكنه فشل فيها، وبالتالي قرر استعراض القوات العسكرية، لكن الحراك رد سريعًا أن السويداء لا تخشى هذه القوات ولا الميليشيات الإيرانية”.
وعن التكتلات العسكرية والميليشيات الإيرانية في المنطقة، قال “الكفيري”، إن “هذه التحركات لها أهداف أهمها استمرار طريق تهريب المخدرات والكبتاغون وغيرها لأنه مصدر غير مشروع لجمع الأموال، ويدفع الجبل ثمنًا لذلك من خلال القتل والقتل المضاد، والخطف والخطف المضاد، لذا الحراك مستمر لحين تحقيق المطالب التي رفعها”.
وأكد أن “الحراك في السويداء يرغب في وحدة سوريا أرضا وشعبًا، وأكد بكل شعاراته أنه ليس حراكًا فئويا ولا مناطقيا ولا قوميًا ولا دينيًا أو طائفيًا، بل حراك للشعب السوري الذي يطالب بالحرية والتغيير الوطني الديموقراطي”.
ورفع المتظاهرون صوراً ورموزا وأعلاما ورايات خاصة بالموحدين الدروز، كما رفعوا لافتات تحمل عبارات مناوئة للنظام وحكومته، أبرزها “ثورة علم وعدالة”، “المعتقلين أولاً”، مرديين شعارات مختلفة مطالبين بالحرية وإسقاط النظام، وبوقف الحرب في سوريا عبر تطبيق القرار الأممي 2254، وتحقيق انتقال سياسي، وبناء جسم وطني ديمقراطي لا مركزي يضم النسيج السوري، وكان من بين الشعارات التي رددها المتظاهرون “سوريا لنا وما هي لبيت الأسد”، و”عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد”،
كما حمل المحتجون أغصان الزيتون وسنابل القمح في وسط الساحة للتأكيد على سلمية حراكهم في مقابل الترهيب الذي يمارسه النظام السوري ضد المحافظة، مشددين على أنهم دعاة سلم لا حرب، وأنهم نسوا الخلافات السياسية في ما بينهم لمواجهته.