جهاد طروادة: إيران وتجنيد عميل باكستاني
“لا يزال المتهمين في السجن حتى اللحظة” تقول المدعية العامة الجورجية مايا سيلاجادزه لـ أخبار الآن، تعليقًا حول المتهمين الذين تم القبض عليهم في مساء 15 من نوفمبر 2022، حيث أعلن جهاز أمن الدولة في جورجيا عن القبض عن أشخاص يحملون الجنسية الباكستانية والإيرانية وآخر يحمل جنسية ايرانية مزدوجة، بعد محاولتهم في اغتيال إيتسيك موشيه وهو مواطن اسرائيلي يُقيم في العاصمة تبليسي، وبحسب ديفيد كوتاتيلادزه نائب رئيس إدارة جهاز أمن الدولة في جورجيا، فقد عُثر مع المتهم الباكستاني على أسلحة كان من المزمع تنفيذ عملية الإغتيال بها، بالإضافة إلى وصور ومخططات لتحركات موشيه.
بحسب المحامي ألا داشفيلي (Ala Dashvili) – محامي جورجي فإن المنفذين هم (عامر خان) باكستاني الجنسية، وقد وفر له كل من (محسن رفيعي مياندشتمي)، (فرهاد فشاي) المنزل والأسلحة وأجهزة الإتصالات، وهم مواطنين مزدوجي الجنسية (يحملوا الجنسية الإيرانية والجورجية)، و (علي فيضي بور) والذي غادر جورجيا قبل موعد تنفيذ العملية بأيام، ومن إيران قاد العملية الضابط الكبير في قوات “فيلق القدس” الخاصة التابعة لـ “الحرس الثوري الإيراني” حسين رحباني ومحمد رضا أربيلو والذين يتواجدون خارج جورجيا.
الجدير بالذكر أنه قبل عام من محاولة الإغتيال الفاشلة، وأثناء استقباله لوزير الخارجية الأرميني في العاصمة طهران في مطلع أكتوبر من العام 2021 ، صرح حسين أمير عبد اللهيان وزير الخارجية الإيراني في مؤتمر صحفي، بالقول بأن إيران لن تسمح بتواجد الصهاينة في جنوب القوقاز “وجود الصهاينة والإرهابيين في منطقة جنوب القوقاز يشكل مصدر قلق بالغ لنا”.
وتقول المدعية العامة مايا سيلاجادزه (Maya Silagadze) لـ أخبار الآن “لا يزال المتهمين في السجن حتى اللحظة، بتهمة حيازة أسلحة بشكل غير قانوني، وبالرغم من التهم الموجهة إلى المتهمين، بقضية الإعتقال إلا أن المحكمة لم تبت في الحكم النهائي، وذلك بسبب نقص الادلة الجنائية، بالإضافة إلى وبحسب محكمة تبليسي، فأن القضية دونت تحت بند قضايا أمن الدولة، وهو ما يعيق الإفراج عن المتهمين، فبحسب تعديل عام 2018 للقانون الجورجي، فعقوبة حيازة السلاح بشكل غير قانوني، أصبحت تتراوح من عامين إلى خمسة أعوام، بعد أن كانت قبل العام 2018 تتراوح بين 3 أشهر إلى عام”.
وبحسب تحقيقات جهاز أمن الدولة الجورجي فإن الأشخاص المتهمين لم يلتقوا وجهًا لوجه ببعض، وإنما تم ترتيب نقل الأسلحة عن طريق وضعها في الشقة التي تم القبض على (عامر خان) أثناء تواجده فيها، فقد كانت تتبع أحد المتهمين، دون تحديد أيً منهم، بينما ينكر المتهمين الآخرين علاقتهما بـ خان، بالرغم من أنه أعترف أثناء التحقيق معه بأنه جاء إلى جورجيا ولديه خطة لإغتيال موشيه.
وجاء في بيان جهاز أمن الدولة، “أنه وبعد مقارنة وتحليل المعلومات فقد توصل فريق التحقيق إلى أن المتهمين خططوا لقتل إيتسيك موشيه Itsik Moshe، رجل الأعمال المعروف والشخصية العامة، مواطن إسرائيلي وجورجي، يعيش في تبليسي، واختير ‘القاتل’ مواطن باكستاني مرتبط بتنظيم ‘القاعدة’، وصل إلى تبليسي، حيث تم منحه شقة مستأجرة وتزويده بوسائل الاتصال التآمري، ‘القاتل’ كان يراقب موشيه لعدة أسابيع ويدرس طرق حركته.
وفي تبليسي كان الباكستاني على اتصال تآمري دائم مع الرعاة في إيران وكان يتلقى منهم التعليمات والأموال، ومن أجل شراء الأسلحة اللازمة لتنفيذ الهجوم الإرهابي سرًا، ضمت المجموعة الإجرامية مجموعة من الأشخاص الذين يحملون الجنسية الإيرانية الجورجية المزدوجة ويعيشون في جورجيا.
وبحسب وزارة الداخلية في جورجيا، فـ إيتسيك موشيه هو أحد المواطنين الذين يحملوا الجنسية الجورجية والإسرائيلية، غادر في عام 1971 جورجيا مع والديه للعيش في إسرائيل، ولكنه عاد إلى الإتحاد السوفيتي عام 1989 وانشأ (الاتحاد العالمي للطلاب اليهود) في الاتحاد السوفيتي، وترأس أول بعثة اسرائيلية في تبليسي، عاصمة جورجيا، وبعد ذلك في بلدان أخرى في الاتحاد السوفييتي. وفي عام 1989، تم انتخابه كأول ممثل للوكالة اليهودية في الاتحاد السوفيتي وأنشأ أول مركز تمثيلي رسمي دولي في جمهورية جورجيا الاشتراكية السوفيتية.
وحتى عام 1992، ترأس إيتسيك موشيه مكاتب الوكالة اليهودية في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى. وفي عام 1995، وصل إلى أعلى منصب مهني وأصبح مديرًا للمكتب المركزي للوكالة اليهودية في موسكو، يشرف هذا المكتب على جميع الممثليات الأخرى في رابطة الدول المستقلة.
منذ عام 1996، يشغل إيتسيك موشيه منصب رئيس غرفة التجارة والصناعة الإسرائيلية الجورجية، وفي عام 2012 أسس إيتسيك موشيه منظمة ‘بيت إسرائيل’ في جورجيا، والتي يتمثل هدفها الرئيسي في تعزيز العلاقات بين دول جنوب القوقاز واسرائيل.
وكانت جورجيا وإيران طبقتا في 2010 نظامًا يقضي بإعفاء الزيارات القصيرة من تأشيرات الدخول ما زاد أربعة أضعاف عدد الإيرانيين في جورجيا، إلا أن الأخيرة أعادت وفرضت بعض الشروط على الزوار الإيرانيين عام 2013.
يقول تورنيكي مانداري (Tornike Mandari)- صحفي في راديو ليبرتي، يعد إدخال نظام الإعفاء من التأشيرة مع جورجيا أمرًا مواتيًا جدًا للمصالح الخاصة الإيرانية، لأنه أصبح من الأسهل عليهم إرسال وكلاء لهم، وكذلك “أصبح من الأسهل عليهم الحصول على معلومات حول الولايات المتحدة أو إسرائيل أو دول أخرى أو القيام بأنشطة عملياتية أخرى (بما في ذلك تنظيم الهجمات الإرهابية)”.
لقد أدى الصراع العسكري بين أذربيجان وأرمينيا إلى جعل الوضع في جنوب القوقاز أكثر توتراً، وكذلك استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق وتهديد النظام الإيراني علنًا إسرائيل إنه سيتخذ إجراءات انتقامية في أي مكان في العالم (في الوقت والمكان المناسب) وهذا يعني أن إيران لن تتجنب بعد الآن الهجمات المفتوحة والهجمات الإرهابية، على أهداف أعدائها، بما في ذلك السفارات والدبلوماسيين.
لماذا يجب أن نهتم بعملية إيرانية في جورجيا؟
بالرغم من أن إيران تقوم بتجنيد المتطرفين السنة لشن هجمات إرهابية تحت مبرر أنها تستهدف “أهداف يهودية/إسرائيلية وأمريكية” إلا أنه في الواقع، يظل إرهاب بغض النظر عن دوافعه، ويشكل تهديدًا للسلام والأمن، حيث يستهدف الأبرياء والمدنيين.
ولكن هناك أبعاد أخرى تستحق الالتفات إليها، إذ تشير التطورات الأخيرة في استخدام إيران للمتطرفين في تحقيق أهدافها، الأمر الذي قد يبدو موجهًا ضد أعداء طهران التي تعلن عن مقاومة (الشيطان الأكبر) في إشارة للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها في النهاية يتسبب في تصعيد الصراع داخل المنطقة، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة داخل المجتمع المسلم، خصوصًا في الشرق الأوسط.
وهذا ما حدث في سوريا والعراق، وما زالت رعاية إيران لجماعات مثل القاعدة وسيف العدل تسبب الفوضى في اليمن، ودفعت بـ حماس إلى حرب غير معلومة النهاية، لذلك يجب أن نولي اهتمامًا خاصًا لـ هذه “الإستغلالات” التي تشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي، وينبغي على الجهات المعنية متابعتها بعناية وكشف تفاصيلها.