ما هي الأسرار التي يخفيها جسر الشيطان في قسنطينة؟
الفضول والرعب في آنٍ واحد.. هذا ما يُثيره جسر الشيطان بـ “سيرتا” قديمًا أو قسنطينة حديثًا، ويُعتبر موقعًا مخفيًا يمتزج به الواقع بالأسطورة.
وتحيط بالجسر الغامض – الذي بُني تحت جسر سيدي راشد – قصص تتنوع بين الرومانية القديمة والحقبة العثمانية، ما يجعله لغزًا مثيرًا للدهشة والرهبة على حدٍ سواء.
وفي هذا التقرير، نُسلط الضوء على الأسرار التي يخفيها جسر الشيطان في قسنطينة، وما هي الحقائق وراء الأساطير التي تحيط به؟
يوجد هذا الجسر أسفل جسر سيدي راشد الحجري الشهير، وأحد أطول الجسور الحجرية في العالم، حيث يُصاب الناظر إليه من أعلى بالدوار، وهو ينظر إلى واد الرمال المتدفق.
يقع جسر صغير ومجهول وتحيط به الأساطير، يسمى “جسر الشيطان” الذي بالكاد يرى من الأسفل وسط الأخاديد الصخرية.
جسر يهابه القسنطينيون لغرابة اسمه ولمناعة موقعه، تعرف هذه القنطرة بجسر الشيطان، وعلى غرار الكثير من الجسور التي تحمل هذا الاسم عبر العالم، تحوم حوله الأساطير والقصص، ويختلف الكثيرون حول تاريخ بنائه، ففيما يعتبره البعض منشأة عثمانية، يؤكد آخرون بأن الممر الحجري الذي لا يتعدى علوه 66 مترًا يعود لعهد الرومان.
قنطرة الأساطير القديمة ولعنة الموقع!
يعتبر جسر الشيطان، نقطة ربط بين ضفتي الصخر العتيق، فهو آخر محطة يتوقف عندها مسار درب السياح انطلاقا من جسر الشلالات، كما أنه مصب تجتمع عنده مياه ماردين واد الرمال، وواد بومرزوق.
رغم جمال موقع الجسر وخصوصية بنائه، إلا أن قوة تدفق الوادييّن تسببت في تضرره مرارًا، وقد عرف سابقًا عمليات ترميم خلال الفترة الاستعمارية و كان آخرها شهر أبريل 2024.
ما هي أبرز هذه الأساطير حول هذا الجسر؟
تقول الأسطورة أن جسر الشيطان ليس مجرد هيكل حجري عادي، بل هو مكان تتعانق فيه الأرواح الشيطانية والوجود البشري.
يعود تاريخ بنائه إلى العهد الروماني، ومنذ ذلك الحين، ترافقت حوله الأساطير التي تحكي عن تأثيراته الغامضة وقوته المرعبة.
تقول الأسطورة إن قوم أرادوا بناء جسر يربط بين ضفتي وادٍ حيث قيل إنهم واجهوا تحديات مذهلة. فكلما بنوا جزءاً من الجسر نهارًا، وجدوه مهدمًا في الصباح التالي.
وبعد استشارة أحد القساوسة، فما كان منه إلا أن قرر المبيت في المكان ومراقبة المشهد عن كثب.. ماذا حدث يا تُرى؟
تفاجأ القس بـ”الشيطان يقوم بهدم ما بناه القوم نهارا”. هنا فكر القس مليًا بحيلة، وأبرم معه اتفاقا يسمح بموجبه للقوم بإنهاء بناء الجسر، على أن يقبض روح أول من يعبره من أتباعه.
ووفقا لخطة القس التي وضعها، فقد أرسل “كلبًا” ليعبر الجسر أولًا بعد الانتهاء من بنائه، بدلاً من أحد أتباعه. فغضب الشيطان واتهم القس بالخداع، ثم قام بالانتحار، راميًا بنفسه في الهاوية.
ومنذ ذلك الحين، يتردد صدى صراخه في أعماق الوادي. ولذا، يسمع سكان وسط المدينة هديرًا يخطف النوم، ينبعث من أعماق وادي الرمال، الذي يمتد لمسافة تقدر بحوالي 2 كيلومتر، من هاوية جسر الشيطان إلى جسر آخر.
أما الأسطورة الثانية كانت خلال (الحقبة الاستعمارية) التي شاع أنه سمي خلالها بهذا الاسم الأسطوري الذي يطلق على عدد كبير من الجسور المشابهة لنفس النسق الهندسي والمنتشرة عبر دول العالم على غرار ألمانيا وبلغاريا وكولومبيا وكوستاريكا وإسبانيا وإستونيا، مع اختلاف في لغة التعبير حيث نجد عمومًا تسميات من قبيل بونتي ديل كومون، بونتي دي بيدرا، ديبرووارن زوبيا، بونت ديل ديابلو، وكلها تسميات ترتبط بحكايات ومعتقدات كانت شائعة خلال العصور الوسطى في أوروبا.
ومع أن بعض هذه الأساطير قد تكون مجرد خيال، إلا أنها تحمل معاني عميقة وتراثًا ثقافيًا مهمًا لسكان المنطقة. تشكل هذه الأساطير جزءًا لا يتجزأ من هوية المدينة وتاريخها، وتضيف طابعًا مميزًا وغامضًا.
أما على أرض الواقع فما هي إلا أصوات مياه الوادي المتدفق الذي يضيق مجراه أسفل الجسر عند مكان انشطار الصخرتين اللتين بنيت عليهما مدينة قسنطينة. فقط يحتاج الوصول إليه جهد بدني لالتقاط صور للمكان الذي يعتبر غير معروف بالنسبة للسيّاح…….