شهادات عن ممارسات الميليشيات الإيرانية جنوب إدلب
عاد عبدالله العبود قبل أسبوع إلى خيمته الواقعة شمال سوريا، وذلك بعد زيارة لقريته التي تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية في مناطق جنوب إدلب حاملاً معه شهادات مروعة من المنطقة.
دخل “العبود” إلى قريته عبر طريق زراعي وذلك بعد أخذ الموافقة من أحد ضباط النظام السوري، ولكن وجد ما يجري في بلدته شيء مخيف للغاية لأن هناك عشرات الجنود يقومون بقطع الأشجار وأخرون يقومون بهدم المنازل وخصوصاً الأسقف.
خريطة توضح حدود كفرنبل في إدلب بسوريا
وفي شهادته يقول “العبود” لـ”أخبار الآن” إنه لم يرّ سوى الأطلال حتى أن جنود الميليشيات بدؤوا بقلع جذور الأشجار من أجل بيعها في الأسواق فيما كانت القرية خاوية عروشها سوى من الجنود وأصوات آليات الهدم.
ويضيف في حديثه أن “مناطق ريف إدلب الجنوبي التي سيطرت عليها ميليشيات إيران كانت تضم أكثر من مليون نسمة معظمهم يعيشون في خيام اللجوء، فيما تحتل تلك الميليشيات أراضيهم وتقوم بالانتقام من منازلهم”.
ومن ناحيته، قال المهندس عبدالخالق الشيخ: “بعدما رأيت منزلي في صور الأقمار الصناعية وقد فقد سقفه، شعرت بحزن لا يوصف. السبب كله يعود إلى سيطرة الميليشيات الإيرانية التي احتلت بلادنا”.
وأضاف في حواره مع “أخبار الآن”: “رؤية هذا المشهد كان مؤلمًا للغاية. هذا المنزل الذي بنيته على مدى عشرات السنوات، تدمّره ميليشيات إيران بلحظة واحدة. إنها تهدم تعب سنوات، وتدمر أحلامنا وآمالنا”.
كما قال قال غياث الكبش: “شعوري لا يوصف بعدما ذهبت إلى أطراف قريتي ورأيت منازلنا مهدومة. ينفطر قلبي من الحزن، فهذا أصعب من شعور خروجي وتهجيري من منزلي في مدينة كفرنبل جنوب إدلب”.
وأضاف: “عانيت كثيرًا في حياتي، عملت واجتهدت طوال عمري لأبني بيتي، والآن دمروا لي كل ما بنيته”.
بعد سيطرة الميليشيات الإيرانية بدعم روسي عام 2019 وسيطرتها على مساحات زراعية واسعة في ريف إدلب وريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي، قامت بعمليات تخريب وسرقة ممنهجة واسعة لبيوت المهجرين.
وانتشرت صورة لقيام الميليشيات بقطع آلاف من أشجار الزيتون في مناطق جنوب إدلب التي تضم ملايين من أشجار الزيتون، حيث كان مهجرو هذه البلدات يعتمدون بشكل رئيسي في معيشتهم على بيع زيت الزيتون كل موسم.
وتشتهر مناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي بالزراعة ويعتمد سكانها بشكل رئيسي على بيع المواسم التي تنتجها أراضيهم كل عام من أجل تأمين مصاريفهم، ولكن بعد سيطرة النظام قام جنوده بنهبها وحرقها وسرقة الحطب من الأشجار بعد تقطيعها.
وكذلك تداول ناشطون صورا تظهر قيام الميليشيات بتهديم آلاف من أسقف المنازل في ذات الوقت وسلب الحديد منها وبيعها في الأسواق بأسعار رخيصة.
الحاج أحمد الحسين وهو مزارع ستيني يعيش في مخيمات شمال سوريا وصلته صورة عبر أحد أقربائه الذي يعيش في مناطق سيطرة النظام السوري، لمنزله وأرضه الزراعية تظهر دمار منزله بالكامل وقلع جميع أشجار الزيتون في أرضه.
شعر “الحسين” بحزن واسع أثناء مشاهدته هذه المناظر لأن لم يعد لديه أمل في العودة يومًا ما إلى منزله، معتبراً أن الأشجار التي زرعها قبل 3 عقود كان يعدها مثل أبنائه لأنه تعب فيها كثيراً وبعناية كبيرة حتى وصلت إلى هذا الحجم.
ويقول الحسين في حوار خاص مع “أخبار الآن” إن أرضه كان تدر عليه في كل موسم آلاف الدولارات التي تكفيه لآخر العام، ولكن وضعه المادي أصبح تعيسًا جدا بعد تهجيره من قبل الميليشيات الإيرانية”.
وبحسب فريق الدفاع المدني فقد بلغ عدد المواقع المستهدفة أثناء الحملة من قبل قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية بدعم روسي من تاريخ 26 نيسان/ أبريل عام 2019 حتى 5 آذار/ مارس 2020 حوالي 14386 موقعاً، يُعتقد أن روسيا نفذت منها 2405 هجمات واستهدفت عددا كبيرا من المنشآت الحيوية والبنى التحتية بهدف تهجير المدنيين وتدمير كافة أشكال الحياة التي تدعم استقرارهم في الشمال السوري، من بينها 60 مشفى ومركز طبي، و83 سوقاً شعبياً، و22 فرناً، 18 مخيم و 113 مدرسة و48 مسجداً، و 64 مركز دفاع مدني.
فيصل السليم وهو باحث في مركز ألوان للدراسات اعتبر أن عملية التهجير من قبل الميليشيات الإيرانية ومنع السكان من العودة لمنازلهم مع مواصلة محي معالم المنطقة تدل على رغبة هذه الميليشيات على إحداث عمليات تغيير ديموغرافي، كما حدث في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق.
وأضاف في حوار مع “أخبار الآن” أن “آلاف المدنيين فقدوا مصدر رزقهم وهي الزراعة، حيث كانت تشكل جزء كبيراً من اقتصاد المنطقة إلا أن سيطرة الميليشيات والنظام عليها وتخريب أرزقهم سيحرمهم من الاستفادة منها بعد عودتهم لسنوات طويلة”.
جدير بالذكر أن آلاف المدنيين شمال سوريا يعتمدون على تطبيقات خرائط غوغل، لمشاهد عمليات هدم منازلهم من قبل النظام السوري والميليشيات الإيرانية، حيث يتم هدم المنازل وتخريب الأراضي الزراعية وفق عمليات ممنهجة.