مرتزقة سوريون نقلوا إلى النيجر ليجدوا أنفسهم يقاتلون في صفوف الفاغنر
أثارت اخبار نقل مرتزقة سوريين إلى النيجر للقتال والتورط في قتل الأبرياء المخاوف والجدل الواسع.
فقد أشارت تقارير إلى وصول مجموعات من المقاتلين السوريين إلى النيجر من خلال تركيا ليجد هؤلاء المقاتلين أنفسهم يقاتلون في صفوف قوات روسية متمثلة بالفاغنر.
أخبار الآن تواصلت مع والدة أحد المقاتلين والذي يدعى “عبدالله” حيث قالت والدته أن ابنها البالغ من العمر 27 عاما هو المعيل لهم، وبسبب ظروف الحرب ولجوئهم إلى مناطق ريف حلب خارج سيطرة النظام السوري اضطر ابنها إلى التطوع في صفوف الجيش الحر وكان يحارب الجماعات الإرهابية والجيش السوري والميليشيات الإيرانية وقوات سوريا الديمقراطية على أكثر من جبهة.
وأشارت السيدة أم عبدالله أن ابنها كان يتقاضى نحو ألف ليرة تركية وكانت بالكاد تكفيها هي وأبنائها الأربعة لمنتصف الشهر.
وأوضحت أن فيصل مسلح مدعوم من تركيا يطلق عليه اسم “فصيل السلطان مراد” طلب منهم الانضمام له وإرسالهم إلى النيجر لحماية مصالح تركيا هناك، ولا تدري السيدة طبيعة هذه المصالح لكن أشارت إلى الراتب الشهر يتجاوز ألف دولار وهو مبلغ جيد بالنسبة لعائلة مكونة من 4 أطفال ووالدتهم، لذلك وافقت على انضمامه بالرغم من الخطورة الكبيرة التي سيمر بها عبدالله.
المستنقع الروسي
تقول السيدة أم عبدالله “لأخبار الآن” أنها خلال 3 أشهر لم تتلق سوى مكالمة واحدة من ابنها وكانت بعد سفره بشهر ونصف أو أكثر أخبرها أنه يخوض معارك ضارية ضد جماعاه إرهابية (داعش والقاعدة) وأنه استغرب وجود عناصر روسية تقوم على تدريبهم وتجهيزهم والزج بهم في ساحات القتال، ولم تتمكن من الحصول على معلومات أخرى لأنها لم تكن تهتم سوى بمعرفة صحته وإن كان بخير أم لا.
وأوضحت السيدة أم عبدالله أنها لم تتسلم أي راتب من رواتب ابنها مع أن الاتفاق كان إرسال الرواتب إلى ذوي الشاب المقاتل، ولا تستطيع السؤال ولا تعرف تسأل من، فالغالبية العظمى من أصدقائه أو الذين تعرفهم سافروا معه، ولا توجد وسائل اتصال بينهم.
من جهته قال “ياسين” وهو اسم مستعار لعقيد كان في الجيش السوري قبل أن ينشق ويقيم في تركيا: إن جهات مسؤولة في تركيا هي من تقوم بإرسال الشباب السوري إلى النيجر، في ظل اتفاق بين شركة سادات التركية وشركة فاغنر المسلحة الروسية.
وأوضح أن مصالح روسيا في أفريقيا أكبر من مصالح تركيا فموسكو تسيطر على مناجم الذهب والألماس والفضة وغيرها من الكنوز الطبيعية، كما أن فاغنر هي ميليشيا مسلحة دموية لا تهتم ولا تكترث بحياة مقاتليها لذلك يتم الزج بهؤلاء الشباب في المعارك خاصة على حدود مالي.
ظروف الحرب تجبر السوريين إلى التحول لمرتزقة
في تقرير سابق لوكالة فرانس برس أظهر عدد من المقاتلين السوريين يستعدون للالتحاق بفصائل مسلحة، وخوض معارك في مناطق متعددة من العالم آخرها في أفريقيا.
حيث يستعد عابد للسفر من شمال غرب سوريا للقتال في النيجر لتحسين معيشته، كما يقول، على غرار المئات من المقاتلين الذين تنقلهم شركة أمنية تركية خاصة إلى البلد الإفريقي، بعد ليبيا وأذربيجان.
ويقول الشاب المعيل لوالدته وإخوته، لوكالة فرانس برس مستخدماً اسما مستعارا، “السبب الرئيسي لمغادرتي هو الحياة الصعبة في سوريا، حيث لا فرص عمل سوى الانضمام إلى فصيل (مسلح) مقابل راتب لا يتجاوز 1000 ليرة تركية”.
ويوضح الشاب المنضوي منذ سنوات في صفوف فصيل سوري ينشط في شمال سوريا، “في النيجر، الراتب 1500 دولار، وهو راتب جيد جداً ويحسّن نوعية حياتنا، لعلني أتمكّن من فتح متجر صغير أعتاش منه في سوريا وأترك القتال كلّه”.
فاغنر في أفريقيا
في سنة 2023 تمكنت روسيا من الدخول سياسيا بشكل قوي إلى عدد من الدول الأفريقية التي كانت تحت الهيمنة الفرنسية تاريخيا واقتصاديا وحتى عسكريا.
وقدمت روسيا نفسها مناصرة للاستقلال الأفريقي من الاستعمار الأوروبي، عن طريق دعم الأنظمة السياسية الصاعدة المناهضة للوجود الفرنسي في بعض البلدان مثل بوركينا فاسو والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى.
من الناحية السياسية ونظرا لتغير موازين القوى التي كانت مؤشرا على أن المنطقة مقدمة على تحولات جديدة يسعى الروس للاستفادة منها بقوة، لا سيما أنهم يجدون دعما في دول الساحل والصحراء، ومن قوى إقليمية مهمة تشترك مع موسكو في التوجهات السياسية وفي خطط التموقعات الجيوإستراتيجية الجديدة.
ويرتبط الفيلق الأفريقي بشكل مباشر ماليا وتنظيميا بالنظام الروسي بعد اعتماد تعديلات على قانون ميزانية القوات المسلحة الروسية في ديسمبر/ كانون الأول 2023، تسمح للحرس الروسي بأن تشمل صفوفه تشكيلات من المتطوعين والأجانب.
مقتل أكثر من 50 سوريا في النيجر
تبلّغ المرصد السوري معلومات عن مقتل نحو خمسين مقاتلاً سورياً في النيجر، غالبيتهم في هجمات شنتها مجموعات جهادية. إلا أنه تمكن من توثيق مقتل تسعة منهم فقط، أعيدت جثث أربعة منهم الى سوريا.
وقال مصدر في فصيل يقاتل عناصره في النيجر رافضاً الكشف عن هويته، إن هناك قرابة خمسين جثة موضوعة في برادات هناك وستعاد إلى سوريا في الأيام المقبلة.