منظمة “أنا يقظ” تندد باستراتيجيات الهلال الأحمر التونسي “غير الواضحة”
على مدارِ الأيام الماضية، واجهت منظمة الهلال الأحمر التونسي، الكثير من الاتهامات في أعقاب ما قاله البعض بـ “توثيق إتلاف مساعدات موجهة لفلسطين”.
وكان قيادات لدى منظمة الهلال الأحمر التونسي، تعرّضوا لانتقادات، بعد نشر مقاطع فيديو، ترصد إتلاف كميات كبيرة وضخمة من المساعدات التي تبرع بها التونسيون إلى المواطنين في فلسطين.
أطنان من المساعدات كانت موجهة إلى غزة تم إتلافها لسوء تخزينها في منظمة #الهلال_الأحمر التونسي.. وموجة غضب على مواقع التواصل#تونس pic.twitter.com/fOm9mVO1nr
— Tunigate – بوابة تونس (@Tunigate) May 29, 2024
قضية رأي عام
وتواصلت “أخبار الآن” مع المتطوع في الهلال الأحمر التونسي محمد مفتاح الذي أكد أن: “ما يحدث في الهلال الأحمر التونسي أصبح اليوم قضية رأي عام بعد تسريب فيديوهات من المستودع المركزي للهلال الأحمر، تُظهر سوء تصرف في الإعانات العينية التي تبرع بها الشعب التونسي لفائدة الشعب الفلسطيني إثر حملة جمع التبرعات التي كلف بها الهلال الأحمر من طرفِ الدولة التونسية، واتهامه من طرف بعض المنتسبين له بشبهات سوء التصرف المالي والاستيلاء على الأموال بسبب طريقة جمع التبرعات المالية وتلكأ المسؤولين في التصريح بقيمة الأموال التي تم جمعها”.
وأضاف مفتاح وهو مدرب إدارة كوارث وعضو بالفريق الوطني لإدارة الكوارث كما تولى منصب مدير العمليات بالهيئة المركزية خلال فترة محددة من سنة 2017، – أضاف -: “ما يحدث بهذه المنظمة ليس بجديد ولكنه طفى على السطح في هذه الفترة بسبب الانتشار الواسع للفيديوهات المسربة”.
وتابع: “الشكوك حول سوء التصرف المالي والإداري وشبهات الفساد تعلقت بالهلال الأحمر منذ تولي عبد اللطيف شابو رئاسة المنظمة في 2018 حيث كنت من أوائل المتطوعين الذين طالبوا الفروع الجهوية والفرع المركزي باحترام النظام الأساسي للمنظمة من خلال عقد جلساتها العامة ونشر تقاريرها الأدبية والمالية، ولكن تمت هرسلتنا واتخاذ قرارات أحادية باستبعاد وتجميد نشاط كل من يخوض في هذه المسائل دون عرضه على الهيكل المكلف بفض النزاعات”.
اتهام رئيس منظمة الهلال الأحمر التونسي
وأشار مفتاح إلى أنه: “من بين المواضيع التي تم إثارتها: – اتهام رئيس المنظمة من طرف مجموعة من أعضاء الهيئة المركزية بالتفرد بالرأي واستبعاد كل الأعضاء الذين عارضوا طريقة تسييره للمنظمة”.
“وتجميد أو حل كل الفروع المحلية والجهوية التي عارضت طريقة تسيير عبد اللطيف شابو للمنظمة وتعويض بعضها بأشخاص موالين له، ومنع تمكين المتطوعين والهيئات المعارضة لسياسة عبد اللطيف شابو من اشتراكاتهم السنوية التي تثبت انخراطهم بالمنظمة”.
وإلى جانب كل هذا لفت مفتاح إلى “اتهام رئيس المنظمة من طرف المتطوعين بالتستر على شبهات الفساد المتعلقة ببعض الهيئات الجهوية الموالية له”.
أيضًا أوضح: “تعيين رئيس المنظمة لناطقة رسمية لها أنشطة سياسية متعددة رغم كون الهلال الأحمر منظمة تنأى بنفسها عن كل التجاذبات السياسية واتهامها من طرف بعض منتسبي الهلال الأحمر باستغلالها لنفوذها السياسي للتستر عن تجاوزات رئيس المنظمة”.
وأشار: “اتهام رئيس المنظمة من طرف بعض منتسبي الهلال الأحمر بالتستر على بعض المسؤولين بالفروع المحلية والجهوية الذين تعلقت بهم شبهات فساد والبعض منهم يرأس هذه الفروع منذ مدة تزيد عن 40 عامًا دون تقديم تقاريرها المالية في مقابل إعلانهم الولاء له، واتهام رئيس المنظمة بالتسبب في فض شراكات مع بعض المانحين كمفوضية شؤون اللاجئين بسبب سوء تصرفه المالي والإداري”.
أسباب تعطل إرسال المساعدات إلى غزة
وتعليقًا على السبب الرئيسي في تعطيل إرسال المساعدات حسب رأي مفتاح “هو أولا سوء إدارة حملة التبرعات بسبب استبعاد متطوعي الهلال الأحمر الذين تم تكوينهم و شاركوا سابقا في مثل هذه الحملات بسبب معارضتهم لسياسة الهيئة الوطنية”.
وثانيًا: “الاعتماد على متطوعين جدد لا يفقهون التعامل مع هذه الحملات ولا يقومون إلا بتنفيذ أوامر رئيس المنظمة”.
توثيق
وأشار المتطوع في الهلال الأحمر التونسي في تصريحاته لـ “أخبار الآن”، إلى أن: “تحركات المتطوعين لتسليط الضوء على ما يحدث داخل الهلال الأحمر كانت من خلال توثيقهم لطريقة التعامل مع المساعدات ونشر الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي حيث لاقت رواجًا كبيرًا مما شكل ضغطا على مسؤولي المنظمة”.
وتابع: “تحركات المتطوعين كانت حتى من قبل حملة جمع التبرعات حيث حاولوا على امتداد السنوات الماضية إيصال صوتهم للسلطة من خلال تقديم شكايات للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لدائرة المحاسبات، لرئاسة الحكومة و حتى لرئاسة الجمهورية و لكن لم يتم فتح أي تحقيق جدي ولم يتم التواصل مع أي من هؤلاء المتطوعين”.
وعن توقعات رد الفعل، أشار “يُنتظر من رئيس المنظمة نشر التفاصيل المالية لحملة جمع التبرعات حيث أنه إلى اليوم لم يعقد الهلال الأحمر التونسي ندوته الصحفية التي كان قد وعد بأن تكون بتاريخ 11 نوفمبر 2023 للإعلان عن نتائج الحملة، و كما أن رئيس المنظمة مطالب بنشر التقارير المالية وتقارير مراقبي الحسابات للسنوات الماضية حتى يتم التأكد من سلامة التسيير المالي للمنظمة، كما يطالب المتطوعين رئيس المنظمة بالتخلي عن مهامه وتقديم استقالته بسبب الأزمات التي مرت بها المنظمة خلال فترة تسييره والانقسامات التي ظهرت منذ توليه للرئاسة”.
“وحسب مواقع التواصل الاجتماعي للهلال الأحمر التونسي، تتمثل المساعدات المرسلة للشعب الفلسطيني في طائرتين عسكريتين تم توجيه الأولى بتاريخ 15 أكتوبر 2023 و الثانية بتاريخ 13 نوفمبر 2023 حيث بلغ مجموع ما تم إرساله قرابة 26 طنا من المساعدات فقط”.
وأشار مفتاح “بعد الضغط الذي سلط على الهلال الأحمر التونسي خلال الأيام الماضية، خرجت الناطقة الرسمية للمنظمة لتعلن أنهم بصدد أعداد سفينة مساعدات سيتم توجيهها لغزة في أجل أقصاه موفى شهر جوان”.
رد رئيس المنظمة
ومن ناحيتنا حاولنا الاتصال برئيس الهلال الأحمر التونسي، عبد اللطيف شابو، لكن لم يصلنا منه رد حتى كتابة هذا التقرير.
وفي وقتٍ سابق، أكد شابو – نقلًا عن موقع “radioexpressfm” أن: “تونس معنية بإعادة إعمار غزة على غرار بقية الدول الأخرى”.
وعن حجم التبرعات قال: “حجم التبرعات منذ انطلاق الحملة كبير مقابل الاحتياجات الكبيرة جدا للفلسطينيين في غزة وعلينا القيام بواجبنا تجاه اخواتنا”.
وردًا على ما تم تداوله بخصوص رفض إعلام المنظمة عن حجم التبرعات، قال: “لا نرفض الإعلان.. وعند انتهاء الحملة سيتم الإعلان عن ذلك بكل وضوح”.
وبيّن أن الهلال الأحمر التونسي، واجه تحدي التصرف في 17 ألف منتوج تحصل عليه من حملة التبرعات، لذلك قام مهندسون من المنظمة بإحداث تطبيقة إلكترونية للخزن الرقمي لهذه المنتوجات ،مضيفا انه تم ادراجها بالتطبيقة وكل منتج يتضمن نوعه والكمية وتاريخ انتهاء الصلوحية ومعرفا خاصا به وهو ما ساعد على حسن التصرف في المخزون.
حملات تشويه
وعبر شابو – بحسب “radioexpressfm” عن استيائه مما اعتبرها حملة تشويه ضد الهلال الأحمر التونسي والتي تطاله في كل محطة وطنية وفق قوله، متسائلا :” مالهدف من تشويه عمل إنساني لأغراض شخصية”.
وقال إن الهلال الأحمر يتعرض لحملة تشويه من قبل 3 أشخاص يقومون بمغالطة الرأي العام ويقدمون أنفسهم كمسؤولين به والحال أنه ليست لديهم الصفة، مشيرا إلى أن أحد هؤلاء الأشخاص قام بتدليس شهائد مدرب في الإسعافات الأولية وتم التفطن إليه ومقاضاته وهو الآن في السجن”.
ولفت عبد اللطيف شابو إلى أن المنظمة تعودت على مثل هذه الحملات التشويهية لكن الآن تجاوزت هذه الحملات جميع الخطوط حيث تم الاعتداء على منظوريهم المتطوعين ماديا ومعنويا كما تم رصد تحركات الناطقة الرسمية باسم الهلال أمام منزلها وفي مقر العمل وفي الشارع وتم أيضا الاعتداء عليها بآلة حادة وصاعق كهربائي.
وقال شابو إن الهلال الأحمر التونسي “منظمة تمتثل للمبادئ العامة للاتحاد الدولي الصليب الأحمر وله مكانة تاريخية في تونس ولدى المنظمة الدولية التي لا يمكن التشكيك فيها”.
وكان برنامج “الحقائق الأربع” المذاع على قناة “الحوار التونسي“، أجرى تحقيقًا خطيرًا كشف وفقًا له “ملف فساد ضخم في منظمة الهلال الأحمر التونسي”. إذ أفاد التحقيق بأن “كميات ضخمة من التبرعات والمواد الغذائية والمعدات التي كان من المُفترض توجيهها إلى سكان قطاع غزة، أُتلفت لانتهاء صلاحيتها جراء تخزينها لأشهر” وذلك في أحد أكبر مخازن الهلال الأحمر في العاصمة تونس.
ردود فعل غاضبة
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أثار التحقيق موجة غضب واسعة النطاق، فمن ناحيته قال “Majed”: “أطنان من المساعدات من تبرعات الشعب الي كانت ماشية لغزّة مرمية وفاسدة! هاكا علاش ما نتبرعش بدورو منقوب خاطر ما عنديش ربع ثقة في الدولة!”.
#الهلال_الأحمر_التونسي
أطنان من المساعدات من تبرعات الشعب الي كانت ماشية لغزّة مرمية وفاسدة!
هاكا علاش ما نتبرعش بدورو منقوب خاطر ما عنديش ربع ثقة في الدولة!— 𝗠𝗮𝗷𝗘𝗱 (@MajEd_Sahlii) May 28, 2024
كما عبّرت “Rabaa” عن خيبة أملها “، متسائلة: “بالحق حكاية الهلال الأحمر التونسي؟.. كان الحكاية صحيحة.. خيبة أمل كبيرة”.
يخي بالحق حكاية الهلال الأحمر التونسي؟!
كان الحكاية صحيحة ..خيبة أمل كبيرة 😔شكون عندو المعلومة ينورنا ..
— Rabaa 🇹🇳 (@Rabaa78302439) May 29, 2024
تنديد
ومن جانبها، ندّدت منظمة “أنا يقظ” باستراتيجيات الهلال الأحمر التونسي “غير الواضحة”.
وأضافت في بيان لها على منصة “فيسبوك”: “بعد مرور أكثر من شهرين عن إعلان الهلال الأحمر التونسي انطلاق جمع التبرعات العينية والنقدية لفائدة الهلال الأحمر الفلسطيني يهمّ منظّمة أنا يقظ أن تعرب عن التّالي:
- أولًا: تذكّر أنّه ومنذ انطلاق عمليّة جمع التبرّعات المتعلّقة بالحملة الوطنية لمساندة الشعب الفلسطيني لم ينشر الهلال الأحمر التونسي للعموم قيمة التبرعات المجمّعة ولو لمرّة واحدة ضاربين عرض الحائط بمبدأ الشفافية الواجب احترامه والمنصوص عليه صلب الفصل 3 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات.
- ثانيا: تستنكر عدم إيفاء الهلال الأحمر بتعهداته التي سبق وأن اعلنت عنها النّاطقة الرسمية للهلال الأحمر من خلال تصريح صحفي لها أين أعلنت عن اعتزامهم عقد ندوة صحفية خلال أوائل شهر نوفمبر 2023 للإعلان عن حجم التبرعات وتقديم سجل يضمّ أسماء المتبرعين لكنّ هذه الندوة لم تر الضوء إلى حدّ اليوم.
- ثالثا: تستنكر عدم وضع الهلال الأحمر لمنظومة أو استراتيجية واضحة تضمن إمكانية تعقّب تدفّق التبرعات النقدية ومآلها وكيفية معالجتها وتوزيعها، حتى يتسنّى للمواطن متابعة تبرّعاته، خاصّة وأنّه إلى حدّ هذه اللحظة لم ترسل الدولة التونسية إلاّ طائرتين فقط من المساعدات بتاريخي 15 أكتوبر و13 نوفمبر 2023.
- رابعا: تذكّر بوجود شبهات فساد تطال رئيس منظّمة الهلال الأحمر التونسي منذ سنة 2019 تتعلّق بإخلالات في التسيير المالي والإداري للمنظّمة ممّا يجعل شفافية معاملاتها المتعلّقة بجمع التبرّعات ضرورية لدرء أي شبهة من شبهات الفساد.
- خامسا: تعلم منظّمة أنا يقظ أنّها، بعد تلقّي تبليغات حول سوء حوكمة جمع التبرعات من قبل الهلال الأحمر التونسي في بعض نقاط التجميع، قد توجّهت بمراسلة رسمية للهلال الأحمر التونسي بتاريخ 25 أكتوبر 2023 داعية إيّاه إلى تلافي كلّ ما سبق بيانه، مع اقتراح آليات تضمن الشفافية، لكن لم تتلقّ المنظمة أي ردّ أو تفاعل على ذلك إل حدّ كتابة هذه الأسطر.