انتخابات “قسد” تقسيم لسوريا.. من المستفيد العرب أم الكرد؟
أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” إجراء انتخابات محلية في المناطق التي تسيطر عليها والمتمثلة في سبع مقاطعات هي الجزيرة و دير الزور والرقة والفرات والطبقة ومنبج وعفرين،
ويرى مراقبون وباحثون وناشطون أن هذا التوجه ما هو إلا بداية لتقسيم سوريا ونية مبيتة من الكرد للإنفصال.
الخبز مقابل المشاركة في الانتخابات
يقول مناف وهو شاب هرب من محافظة حلب إلى الرقة واستقر فيها منذ سنوات (لأخبار الآن) إن “الكومين” المسؤول عنه في مناطق “قسد” (وهو اسم يطلق على مسؤول لجان الأحياء يكون مسؤولا عن توزيع المواد التموينية) منع تسليمهم الخبز وبطاقات المحروقات الخاصة بهم لإجبار السكان على تسلم البطاقات الانتخابية للانتخابات المزمع عقدها في 11 يونيو حزيران الجاري.
وأضاف أن “الكومين” هددهم بحرمانهم من الخبز والغاز والمازوت والخدمات الأخرى في حال عدم مشاركتهم بالانتخابات البلدية.
قبائل وعشائر سوريا ضد التقسيم
القبائل والعشائر في سوريا بالتأكيد ليست جميعها موافقة على هذه الانتخابات وفي اتصال هاتفي مع أخبار الآن أكد الأمين العالم لمجلس القبائل والعشائر السورية الدكتور جهاد مرعي الذي أكد رفض هذه الانتخابات جملة وتفصيلا وعدم الاعتراف بها.
وأضاف: إن من تابع أخبار المناطق الشرقية في سوريا خلال الأشهر الماضية وشاهد كيف تقوم قوات سوريا الديمقراطية البي كي كي الإرهابية من اعتقال المعارضين والأصوات الحرة وتمارس جرائهما ضد العشائر في دير الزور،،فإنه يدرك جيدا أن هذه العشائر إن وافقت على الانتخابات فهي مجبرة على ذلك.
مشددا على وجود بعض المنتفعين والمستفيدين من هذه القوات الإرهابية لكنهم قلة قليلة أمام غالبية الشعب العربي السوري.
وأوضح الدكتور جهاد مرعي أن المجلس عقد مؤتمرا منذ يومين في شمال حلب، ضم شخصيات سياسية ودينية (مسلمة ومسيحية) وشخصيات عشائرية لها وزنها وثقلها وممثلين عن مؤسسات وقوى سياسية وجميع مكونات المجتمع السوري، لرفض هذا التوجه من قبل “قسد”.
كما رفضت هذه القوى سابقا منا يسمى بالعقد الاجتماعي.. وهذه الخطط يراد منها تقسيم سوريا، لكننا نقول للبي كي كي الإرهابية أن إجراءاتها لن تمر وأن وحدة الشعب السوري أقوى وأصلب من هذه المؤامرات
مجلس محافظة دير الزور يرفض
دير الزور هذه المدينة التي شهدت اشتباكات قبل فترة بين أبناء العشائر وقوات سوريا الديمقراطية تعيش في أزمة .. وقال الأمين العالم لمجلس محافظة دير الزور الدكتور حمزة المحيميد لأخبار الآن إن قوات سوريا الديمقراطية قسد تسيطر منذ عام 2017 على ثلاث محافظات سورية هي ديرالزور والرقة والحسكة وتعتبر هذه المحافظات هي سورية المفيدة لما تتمتع به من موارد طبيعية.
وفي ٣١ كانون الثاني لعام ٢٠٢٣ . أصدر المجلس العام في الإدارة الذاتية نسخة العقد الاجتماعي لشمال شرق سورية في خطوة مشابهة بتوصيف كردستان العراق، واليوم تخطط الإدارة الذاتية لإجراء انتخابات محلية بتاريخ ١١ حزيران ٢٠٢٤ ، على أساس العقد الاجتماعي.
أضاف أن مجلس محافظة دير الزور نحن نرى أن هذا الانتخابات غير شريعة بسبب رفض العشائر والمكونات الثورية التي تضم الأكادميين والثوريين من أبناء شمال شرق سورية لها، كما أن هذه الانتخابات مرفوضة من أبناء الشعب السوري عامة وأبناء المنطقة الشرقية خاصة الذين هم خارج المنطقة الشرقية والذين هجرو قسرا من قبل قوات سورية الديمقراطية والبي كي كي المصنفة إرهابيا .
وتابع: إننا نرى أن هذه الانتخابات إنما هي تقسيم لبنية المجتمع السوري وتنمية فكرة المناطقية وتبعث على إحياء صيحات عشائرية طائفية قضت الثورة السورية المباركة عليها.
وهذه الانتخابات تؤسس لمشروع قسد الانفصالي الذي تسع إليه بدعم أمريكي وهذا ما يرفضه الشعب السوري .
هي انتخاب فاقدة للشرعية ولن يشارك بها الا من يدعو اليها وهم حزب المستقبل وحركة زنوبيا النسائية .
موقف المعارضة
قال المحلل السياسي السوري أحمد سعدو لأخبار الآن إنه على مدى سنوات تحاول قوات سوريا الديمقراطية “قسد” الهيمنة على كل شئ تمهيدا للانفصال وإقامة دويلة في شمال شرق سوريا، هي مستمرة في هذا النهج وعملت عليها طويلا.
مشيرا إلى أن الهيمنة الكردية خلال الفترة الماضية أدت إلى صراع مع العشائر.
وأضاف سعدو أن هناك جهد لإقامة انتخابات إدارة محلية في مناطق الحكم الذاتي، وهذه تتبع ما سمي بالعقد الاجتماعي لمنطقة شمال شرق الذي أطلقته “قسد” يمهد لبناء دولة منفصلة عن سوريا في منطاق لا يكون فيها أكثرية كردية، والمستفيدون منها هم الذين يهيمنون على تلك المنطقة وخيراتها وجاؤوا من جبال قنديل.
مبينا أن لا الولايات المتحدة الأمريكية ولا تركيا ستوافقان على تقسيم سوريا وإنشاء دويلة مستقلة، لأنهما تدعمان عودة كل الأجزاء إلى سوريا.
كما أن السوريين الذين خرجوا ضد نظام الأسد لن يقبلوا بتقسيم سوريا أو استحواذ “قسد” على جزء من البلد، لأنهم يطمحون لسوريا موحدة آمنة تتمتع بالحرية والديمقراطية.
مشددا على أن أمريكا رفضت سابقا وجود دولة كردية في شمال العراق ، ومع أنها مستفيدة من الوضع في شمال شرق سوريا إلا أنها لن تمرر التوجه الكردي.
وبشأن موقف العرب في تلك المناطق أكد سعدو لأخبار الآن أنه لا يوجد توافق شعبي على الانتخابات والعرب غير موافقين، بالرغم من استمالة بعض العشائر إلا أن هذا لا يعني موافقة الغالبية، كما أن هناك بعض الأكراد الذين يرفضون هذا التوجه ولا يوافقون على إقامة دولة انفصالية.
الموقف التركي
قال الباحث الصحفي التركي علي أسمر لأخبار الآن إن عزم قوات سوريا الديمقراطية على إجراء انتخابات محلية في المناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا هو خطوة استباقية للعملية العسكرية التركية شمال العراق والتي تهدف من خلالها إلى تشتيت الأولويات التركية.
مبينا أن تركيا استعدت عسكريا وسياسيا لمكافحة الإرهاب في شمال العراق هذا الصيف، والآن تقوم قسد بمحاولة صرف انتباه تركيا عن شمال العراق.
وأوضح أن تركيا لن تغير أولوياتها وهي مصممة على مكافحة الإرهاب في شال العراق من خلال مناورات عسكرية وكذلك عمليات نوعية في شمال سوريا.
وأكد أن تركيا مهتمة بوحدة التراب السوري وتريد أن تكون جارة لدولة سورية موحدة وليس لدويلات، وهذا حق شرعي لكل دولة.
أما عن رأي تركيا في الانتخابات المحلية فقد أكد أسمر أن تركيا ترى أن هذه الانتخابات تتعارض مع القرار الأممي 2254 وهذه الانتخابات مقدمة للانفصال وتشكيل دويلة كردستان سوريا، كما أنها تخشى من أن نتنقل هذه العدوة اليها لأن مخطط إقامة دولة كردية تضم سوريا وتركيا والعراق وإيران قديم ومن حق تركيا الحفاظ على أمنها القومي بشكل صريح.
وشدد أسمر أن تركيا ليس لديها مشكلة مع الأكراد بل مع حزب العمال الكردستاني، لأن الأكردا في تركيا يحصلون على حقوهم الدستورية والسياسية.
وأوضح علي أسمر أنه يعتقد أن عراب هذه الخطوات الانفصالية هو مستشار الرئيس الأمريكي جو بايدن “بريت ماكغورك” حيث أنه زار قوات قسد سابقا وزار قوات حزب العمال الكردستاني عدة مرات لذلك يحاول تمرير صفقات انفصالية في سوريا قبل ذهاب بايدن لأن علاقته مع ترامب ليست جيدة.
انتخابات سوريا الديمقراطية
من المزمع إجراء انتخابات محلية في مناطق نفوذ الإدارة الذاتية لقوات سوريا الديمقراطية، في 11 حزيران، وستجري الانتخابات في ستة مناطق هي: الجزيرة، دير الزور، الرقة، الفرات، منبج، الطبقة، أما عفرين والشهباء، فلن تجري فيه الانتخابات لأنها خارج نفوذ الإدارة الذاتية، وتقع في مناطق سيطرة الجيش السوري الحر.
وبحسب إعلان قوات سوريا الديمقرطاية يحق لحوالي 3 ملايين مواطن من سكنة هذه المناطق المشاركة في الانتخابات، وسيتنافس حوالي ثلاثين حزبا وتجمعا على اختيار رؤساء بلديات 6 مدن، و40 قضاء، و105 ناحية، في مناطق شمال شرق سوريا.
وتتزامن هذه الانتخابات مع أجواءٍ جيوسياسية حساسة جدا في المنطقة، في ظل الاستعدادات التركية العسكرية لتنفيذ حملة عسكرية واسعة في شمال سوريا والعراق، التي أكدها مجلس الأمن القومي التركي قبل أيام، والتي تستهدف استئصال الوجود العسكري والسياسي لحزب العمال الكردستاني فيهما، إذ تعاني المنطقة من تداعيات أحداث غزة.
قرار إجراء هذه الانتخابات في هذا الوقت، يثير حفيظة تركيا، ويوحي لديها أن مخططا يجري تنفيذه على حدودها الجنوبية يتضمن تأسيس كيان كردي في شمال شرق سوريا، يكون نواة لدولة كردية كبرى، تضم أراض من تركيا وسوريا والعراق وإيران، لذلك تبذل قصارى جهدها لمنع إجراء هذه الانتخابات، وإفشالها، وقطع الطريق على الإدارة الذاتية في تحويلها من إدارة شكلية، إلى مؤسسة ديمقراطية، تكسب تأييدا سياسيا إقليميا ودوليا، من جهة أخرى.