المفاوضات بشأن حرب غزة تدخل جولة جديدة
قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إن الهجوم على غزة لن يتوقف إذا تم استئناف المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
وأدلى غالانت بهذه التصريحات بعد قيامه برحلة بمقاتلة من طراز F-15 فوق غزة والحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان لـ”مراقبة جميع مسارح القتال التابعة للجيش الإسرائيلي”.
ويجتمع مسؤولون مصريون وقطريون وأمريكيون في الدوحة لإحياء المفاوضات، بحسب مسؤولين أمريكيين ومصريين.
وتأتي الاجتماعات بعد أن طرح الرئيس الأمريكي جو بايدن، مقترحا مكون من 3 مراحل، وُصف بأنه خطة إسرائيلية من شأنها أن تربط إطلاق سراح الرهائن بـ”وقف كامل لإطلاق النار” في غزة.
حول ذلك، قال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: “كل طرف متمسك بمواقفه”.
وأضاف هريدي أن “حماس تريد ضمانات لوقف إطلاق نار مستدام، بينما نتنياهو لا يريد الالتزام بذلك، حتى الآن”.
ولفت إلى أنه “من ناحية أخرى تواصل الولايات المتحدة ومصر وقطر الجهود لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وإن كانت احتمالات ذلك ليست كبيرة، إلا إذا قدم الطرفان تنازلات”.
وحول فرصة نجاح هذه الجولة من المفاوضات رأى المسؤول المصري السابق، أنها “ليست كبيرة”.
وتابع: “لا يستبعد الاتفاق علي المرحلة الأولى من وجهة نظر نتنياهو، وربما الثانية، إنما “الثالثة” فعليها علامات استفهام عديدة”.
إسرائيل ترجئ إرسال وفدها
قرر مجلس الحرب الإسرائيلي إرجاء إرسال وفد التفاوض إلى الدوحة حتى تلقي رد حماس على المقترح الذي كشف عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أيام، وفقاً لما قالته هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
وقالت الهيئة: “قرر مجلس الحرب إرجاء إرسال الوفد إلى الدوحة إلى حين رد حماس على المقترح الإسرائيلي الذي كشف عنه الرئيس بايدن”.
ولم توضح متى اتخذ مجلس الحرب القرار المذكور، علماً بأن آخر اجتماع له عُقِد في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالقدس الشرقية، يوم الثلاثاء، لبحث ارتفاع وتيرة التصعيد بين إسرائيل و”حزب الله”.
والجمعة الماضية، تحدّث الرئيس الأمريكي خلال خطاب بالبيت الأبيض، عن تقديم إسرائيل مقترحاً من 3 مراحل يشمل “تبادلاً للأسرى” بأول مرحلتين، و”إدامة وقف إطلاق النار” بالمرحلة الثانية، و”إعادة إعمار غزة” بالمرحلة الثالثة.
وفي بيان عقب الخطاب مباشرة، أكّدت حماس أنها “ستتعامل بإيجابية مع أي مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق نار دائم، والانسحاب الكامل من غزة، وإعادة الإعمار، وعودة النازحين، وإنجاز صفقة تبادل جادّة للأسرى، وتكثيف الإغاثة”.
بينما وصف نتنياهو ما عرضه بايدن في خطابه بأنه “غير دقيق”، وقال في تصريحات صحفية: “لم أوافق على إنهاء الحرب في المرحلة الثانية من المقترح” كما قال الرئيس الأمريكي، وإنما فقط “مناقشة” تلك الخطوة وفق شروط تل أبيب.
وحول ما يحدث في الشمال قال نتنياهو: “من يظن أنه سيؤذينا وسنجلس مكتوفي الأيدي فقد أخطأ خطأ كبيرا. نحن مستعدون للقيام بعمل قوي للغاية في الشمال”.
وادعت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أن “الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) ينتظرون ردّاً إيجابياً من حماس على الصفقة المحتملة”. ونقلت عن مسؤول إسرائيلي مُطّلع لم تُسمّه، أن “الأيام المقبلة حاسمة، والجميع ينتظر الآن رد حماس”.
يأتي ذلك رغم إعلان حماس على لسان القيادي فيها أسامة حمدان، إبلاغها الوسطاء بموقفها مما طرحه بايدن، ولخّصه بقوله: “لن ندخل في أي اتفاق مع إسرائيل بشأن تبادل الأسرى ما لم يكن تتخذ تل أبيب موقفاً واضحاً إزاء الاستعداد لوقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الشامل من غزة”.
وأكد حمدان أن إسرائيل “لم تُقدِّم اقتراحاَ” جديداَ كما روّج بايدن، وإنما “اعتراضاً” على مقترح الوسطين المصري والقطري، الذي تسلمته حماس في 5 مايو/أيار الماضي، وأعلنت هي والفصائل الفلسطينية الموافقة عليه في السادس من الشهر نفسه، فيما رفضته إسرائيل بزعم أنه “لا يلبي شروطها”.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة خلفت عشرات آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
مع تأكيد وفاة 4 رهائن إسرائيليين آخرين، الإثنين، أصبحت الحاجة لحل ملف المختطفين لدى حماس ملحة أكثر في الشارع الإسرائيلي، الذي يطالب بإرجاع المتبقين سالمين، ويضغط من أجل ذلك على الحكومة، التي تصر من جانبها، على المضي قدما في حربها بقطاع غزة.
وأظهرت استطلاعات رأي متتالية، تتعلق برؤية الشارع الإسرائيلي لملف المختطفين، أن هناك “انقساما حادا” بين المواطنين والحكومة، حول أولوية استرجاع الرهائن، وفق تحليل لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.
أولوية الشارع الإسرائيلي
على وقع المفاوضات تكبر التحديات في إسرائيل، تشي نتائج تلك الاستطلاعات، بأن غالبية الجمهور الإسرائيلي تسعى بشكل محموم إلى إعادة الرهائن إلى وطنهم “كأولوية وطنية، ويبدو أن التزامهم ينمو مع مرور الوقت”، كما يقول التحليل.
وفي يناير، سأل معهد الديمقراطية الإسرائيلي المشاركين في استطلاعه، عما إذا كان إطلاق سراح الرهائن أو “القضاء” على حماس يمثل الأولوية القصوى بالنسبة إليهم.
وقال 51 في المائة إن الأولوية بالنسبة لهم هي إنقاذ الرهائن، في حين اختار ما يزيد قليلاً عن الثلث الإطاحة بحماس.
وفي استطلاع آخر أجرته مجموعة الأبحاث الأكاديمية aChord في أبريل، اختار المشاركون عودة الرهائن كأولوية قصوى بفارق كبير عن أية قضية أخرى.
وتساءل استطلاع أجرته هيئة الإذاعة العامة “كان” في أواخر أبريل، عن اتفاق للإفراج عن 30 رهينة فقط، مقابل وقف إطلاق النار لمدة 40 يوما والإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين. وقد أيد ذلك 54 بالمئة من الإسرائيليين؛ بينما عارضه ربعهم فقط.
وبحلول أواخر مايو، أظهر استطلاع للرأي أجراه البرنامج الإخباري للقناة 12، أن 64 بالمئة من الإسرائيليين المستجوبين يعتقدون أن إطلاق سراح الرهائن هو الهدف الأول لإسرائيل في هذه المرحلة من الحرب، أي أكثر من ضعف عدد الذين قالوا إن الهدف الأسمى هو هزيمة حماس (30 بالمئة).
استطلاع “كان” السالف ذكره، سأل المستجوبين عن مواقفهم من خطة أبعد، تتمثل في إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، مقابل نهاية كاملة للحرب، وإطلاق إسرائيل سراح آلاف السجناء الفلسطينيين.
وأيد هذه الخطة 47 بالمئة من المستجوبين؛ ورفضها ما يقل قليلاً عن الثلث (32 بالمئة). ولم يعط خمس الجمهور الإسرائيلي أي إجابة.