حملة “أَنقِذوا الأرواح” تواجه انقطاع الدعم عن المستشفيات في شمال سوريا

طيفور الغازي، مريض من منطقة معرة النعمان من شمال سوريا، يخشى على حياته، بعد ورود أنباء عن توقُّف دعم المستشفيات العامة التي تُقدِّم العلاج بشكل مجاني للمدنيين.

الرجل المهجَّر من مدينة معرة النعمان جنوب إدلب يعاني من مرض قصور كلوي، وكان يذهب للمستشفيات المجانية، ولكن عندما توقف الدعم عنها لم يَعُدْ هناك مستشفيات تقدم علاجاً مجانياً.

ويقول في حديث لـ “أخبار الآن”: “أحتاج إلى غسيل كلى، ولم يَعُدْ هناك سوى مستشفيات خاصة، وليس لي قدرة مادية على دخولها ووضعي سيئ جداً وجسدي يعاني، وإن لم أتناول الدواء وتعالجت فأنا مهدد بالموت”.

طيفور الغازي: "أنا مهدد بالموت" بعد توقف دعم المنشآت الصحية في شمال سوريا

وأطلقت “مديرية صحة إدلب”، حملة “أَنقِذوا الأرواح”، بهدف تسليط الضوء على توقُّف الدعم عن العديد من المنشآت الصحية في شمال غربي سوريا.

وتزداد المخاوف من الكارثة الإنسانية الكبيرة التي ستحل بمنطقة شمال غربي سورية جراء التخفيض المستمر في التمويل الدولي للقطاع الصحي، حيث انخفضت كل المِنَح الدولية الممولة للقطاع الصحي في المنطقة بنسب تراوحت بين 30 – 60 بالمئة، وذلك في ظل ارتفاع متزايد بنسبة السكان وتزايد الضغط على المرافق الصحية في المنطقة.

واعتبرت حملة “أَنقِذوا الأرواح” أن انقطاع الدعم عن المستشفيات وخاصة المستشفيات النسائية والأطفال وتوقُّف برنامج اللقاح ومراكز غسيل الكلى وبنوك الدم ومراكز التلاسيميا ومحارق النفايات الطبية ومراكز العلاج الفيزيائي سيكون له آثار صحية رهيبة على الأهالي في المنطقة، من حيث الزيادة غير المسبوقة في معدل انتشار الأوبئة والأمراض، وارتفاع الوفيات خاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن.

طيفور الغازي: "أنا مهدد بالموت" بعد توقف دعم المنشآت الصحية في شمال سوريا

حواضن الأطفال المهددة بالتوقف بشكل كامل (أخبار الآن)

وأشارت في بيان إلى أن عدد المنشآت الصحية التي سيتوقف عنها الدعم حتى نهاية شهر حزيران الحالي يبلغ 112 منشأة تخدم حوالَيْ 1.5 مليون نسمة، ومع حلول نهاية العام سوف يرتفع هذا الرقم إلى 136 منشأة من بينها 42 مركزاً يقدم خدمات الصحة الإنجابية. وتخدم هذه المنشآت 5 ملايين شخص يعيشون في هذه المنطقة منهم 3.5 مليون نازح، مليونان منهم يعيشون ضِمن مخيمات قرب الشريط الحدودي مع تركيا، والذين أُجبروا على مغادرة بلداتهم وقُرَاهم فراراً بأرواحهم وأرواح أبنائهم من هجمات النظام السوري والميليشيات الإيرانية.

طيفور الغازي: "أنا مهدد بالموت" بعد توقف دعم المنشآت الصحية في شمال سوريا

من جهتها، قالت خديجة القطاش، وهي طبيبة في أحد المستشفيات، لـ “أخبار الآن”: توقفت المنحة المقدمة للمشفى بتاريخ 1 يناير 2024، واستمر العمل التطوعي بالمشفى لكن مع طول انقطاع الدعم بدأ التراجع في القسم الخدمي أولاً تأثرت الصيدلية؛ فالمستفيدون الذين يأتون للصيدلية لا يستطيعون الحصول على الوصفات من الصيدلية، حالياً عدد لا يُذكر من الأصناف هو الموجود فقط”.

وأضافت أن “قبولات الحواضن اقتصرت على الولادات في المستشفيات، وحالياً هناك خوف من توقُّف خدمة الحواضن بشكل نهائي، أيضا قسم النسائية لا نستطيع فيه استقبال حالات الحمل الخطر  فقط الولادات الطبيعية والقيصرية غير المعقدة مع خوف من توقُّف الخدمة بشكل كامل لو استمر انقطاع التمويل، أثر التوقف كبير جداً؛ كون الكثير من الناس يأتون إلى هنا بشكل دائم وهم في حاجة ماسّة للخدمات الطبية المتنوعة”.

طيفور الغازي: "أنا مهدد بالموت" بعد توقف دعم المنشآت الصحية في شمال سوريا

توقُّف الدعم عن المنشآت الصحية يهدد بزيادة في معدل انتشار الأوبئة والأمراض (أخبار الآن)

ولفتت في حديثها إلى أن “بعض الناس يضطرون للذهاب للمستشفيات الخاصة، حيث تكون الخدمات مكلفة جداً ومرهقة للناس، فمثلاً الحواضن يطلب منهن لليلة الواحدة في القطاع الخاص مبالغ تصل إلى 200 دولار عدا الأدوية والصور الشعاعية وغيرها”.

طيفور الغازي: "أنا مهدد بالموت" بعد توقف دعم المنشآت الصحية في شمال سوريا

وفي محافظة إدلب بلغ عدد المستشفيات التي سيتوقف عنها الدعم وتعمل بشكل تطوعي حتى نهاية شهر حزيران الجاري 14 مشفى من بينها 8 مشافي نسائية وأطفال، إضافة لـ 22 مركز رعاية صحية أولية (سيرتفع هذا العدد إلى 95 مركزاً بنهاية العام)، و6 مراكز علاج فيزيائي تخدم 1700 مستفيد، إضافة لـ 4 مراكز تلاسيميا تخدم 700 مريض، وخروج هذه المنشآت عن الخدمة سيزيد الضغط على المنشآت الأخرى التي ما تزال مدعومة، وبالتالي عجزها عن تخديم ذلك العدد المتزايد من المرضى.

طيفور الغازي: "أنا مهدد بالموت" بعد توقف دعم المنشآت الصحية في شمال سوريا

كما أن توقُّف برنامج اللقاح الروتيني سيحرم مئات آلاف الأطفال في المنطقة من اللقاحات الضرورية المنقذة للحياة، ولا سيما لقاحات شلل الأطفال والسحايا والسل والحصبة ولقاح التهاب الكبد الوبائي وغيرها من اللقاحات الحيوية، كذلك ستتوقف مراكز التطعيم بلقاح كوفيد، ما يهدد بعودة انتشار تلك الأمراض في المنطقة وامتدادها إلى الدول المجاورة.

أما عمار الزين، مدير إداري في مستشفى الإيمان، فأكد لـ”أخبار الآن” “متابعة الأخبار التي تتحدث عن توقُّف الدعم الطبي في شمال غربي سوريا، وهذا التوقف ستكون آثاره كارثية بسبب عدد المنشآت التي تقوم بخدمة عدد كبير من النازحين”.

طيفور الغازي: "أنا مهدد بالموت" بعد توقف دعم المنشآت الصحية في شمال سوريا

وأضاف في حديث لـ”أخبار الآن”: “نحن كمشفى الإيمان نخدم ما يقارب 12ألف مستفيد، وطبعاً نحن نخدم مساحة جغرافية يعيش ضِمنها نصف مليون إنسان، وأجور خدمة هؤلاء المرضى بالمشافي الخاصة تكون غالية جداً، ونحن نعرف أن الحالة الاقتصادية والاجتماعية تُظهر فقراً متزايداً دائماً بين المواطنين”.

يُشار إلى أن مديرية صحة إدلب بجميع كوادرها الطبية طالبت المجتمع الدولي والمانحين الدوليين بضرورة تحمُّل مسؤولياتهم تجاه أكثر من 5 ملايين مدني يعيشون في هذه المنطقة، والعمل لعدم حرمانهم من الخدمات الطبية المجانية المنقذة للحياة، في ظل مأساة إنسانية مستمرة منذ 13 عاماً، وغياب الإرادة الدولية الحقيقية لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية بحق المدنيين في منطقة شمال غربي سوريا.