الانتخابات الأوروبية تعزز مواقع اليمين المتطرف.. ماذا عن الصعقة الكبرى في فرنسا؟

شهدت الانتخابات الأوروبية صعود تيار اليمين المتطرف في عدد من الدول، وأحدثت زلزالًا سياسيًا في فرنسا.

وأكّدت المعطيات الأولية إحراز الأحزاب اليمينية القومية والمتطرفة مكاسب هامة، وانتكاسة مريرة لزعيمي القوتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي، المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعلن حلّ الجمعية الفرنسية ودعا لانتخابات تشريعية في 30 حزيران/يونيو.

صعود اليمين المتطرف.. مستشار سابق في البرلمان الأوروبي: زلزال سياسي في فرنسا

في هذا السياق، اعتبر الخبير في الشؤون الأوروبية والمستشار السابق في البرلمان الأوروبي عبدالغني العيادي في حديث لـ”أخبار الآن” أن تقدم قوى أقصى اليمين كان متوقعا وهذا ما حدث.

وأعطى مثالاً عن إيطاليا قائلاً إن “رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تضع اليمين المتطرف في قطار الإستدامة وتبرهن بأن الأحزاب اليمينية المتطرفة أصبحت مثلها مثل بقية الأحزاب التقليدية”.

وقال: سيعود أغلب المفوضين الأوروبيين لمسؤولياتهم بنفس الإستراتيجية وهي إنهاء مسار بناء أوروبا السياسية.

فرنسا.. الصعقة الكبرى

تطرق العيادي في حديثه إلى النتائج في فرنسا، معتبراً أن المفاجأة لم تكن نتائج الإنتخابات الأوروبية فالصاعقة الكبرى كانت قرار حل البرلمان الفرنسي والدعوة لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها.

صعود اليمين المتطرف.. مستشار سابق في البرلمان الأوروبي: زلزال سياسي في فرنسا

ورأى أن قرار ماكرون بحل البرلمان يمكن قراءته من زوايا مختلفة. وقال: اليسار المتطرف يرى فيه قرارًا متهورًا باعتبار أن الظروف السياسية وقُصر المدة للحملة الإنتخابية سيأتي لا محالة باليمين المتطرف إلى الحكومة في تعايش مع الرئيس الفرنسي.

صعود اليمين المتطرف.. مستشار سابق في البرلمان الأوروبي: زلزال سياسي في فرنسا

رسم بياني يوضح قرارات حل البرلمان الفرنسي (أ ف ب)

وأشار العيادي إلى أن أصوات أخرى تقول إن الخطوة هي درس ديموقراطي كبير يعطيه الرئيس الفرنسي. وشرح قائلاً: بعد الهزيمة الإنتخابية و في احترام لأخلاقيات الديموقراطية الفرنسية فضل ماكرون إعطاء الكلمة مرة أخرى للشعب. فيما يذهب خط آخر لاعتبار القرار الفرنسي الرئاسي تكتيكا لتوريط اليمين المتطرف في تعايش سياسي في ظل الأزمة مما سيفضح شعاراته إذا كانت عاجزة عن الإجابة الفورية لمطالب الشعب. و هذا التكتيك مغامرة غير محدوبة العواقب وتبقى شكل من أشكال القمار السياسي.

ماذا عن الحرب في أوكرانيا والهجرة؟

شدد العيادي على أن القضايا الاستراتيجية كالحرب الروسية الأوكرانية لن يطرأ عليها أي تغيير، متوقعاً أن تزداد جبهة الناتو قوة بريادة أوروبية. وقال لـ”أخبار الآن”: غالبًا لن يحدث تغيير على المفوضية وغالبًا سيستمر جوزيب بوريل في موقعه كمسوؤل السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي. وأضاف: كل الالتزامات الأوروبية ستوفى حقها.

صعود اليمين المتطرف.. مستشار سابق في البرلمان الأوروبي: زلزال سياسي في فرنسا

في ملف الهجرة، أوضح الخبير في الشؤون الأوروبية أنه لن يكون هناك تأثير جوهري على سياسة الهجرة بل تفعيل لمقتضيات ما كان مصوتا عليه وممررا كقوانين أوروبية خاصة لمواجهة شبكات الإتجار بالبشر وشبكات تهريب المهاجرين وتحقيق التوازن المالي واللوجيستيكي في مواجهة قوارب الموت وسد الطرق المؤدية إلى أوروپا عبر تركيا ودول أوروبا الشرقية التي تعرف نشاطًا كبيرًا. وقال: ستستفيد إيطاليا و إسبانيا بالخصوص بدعم لوجيستيكي ومالي كبيرين.

المرحلة المقبلة..

أكّد العيادي أن التغيير ليس على الاستراتيجية الأوروبية بل في طبيعة الاتحاد الاوروبي.

ولفت إلى أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة بناء قوة الدرع والرد والدفاع الاوروبي، مشيراً إلى أن الجديد سيكون من الجانب الفرنسي الذي شهد زلزالاً سياسيًا على بُعد ثلاثة أسابيع من الألعاب الأولمبية والانتخابات التشريعية.

في الأرقام

جرت الانتخابات التي دُعي إليها أكثر من 360 مليون ناخب لاختيار 720 عضوًا في البرلمان الأوروبي، منذ الخميس في مناخ مثقل بالوضع الاقتصادي القاتم والحرب في أوكرانيا، وفيما يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات استراتيجية من الصين والولايات المتحدة.

في فرنسا، تصدر حزب التجمع الوطني بقيادة جوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31,5% من الأصوات، متقدمًا بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون ومرشحته فاليري هاير (15,2%). وبذلك سيعزز حزب التجمع الوطني من عدد النواب الذي سيرسلهم إلى البرلمان الأوربي والذين قد يصل عددهم إلى 29 نائبا، بحسب فرانس 24.

صعود اليمين المتطرف.. مستشار سابق في البرلمان الأوروبي: زلزال سياسي في فرنسا

في ألمانيا، ورغم الفضائح الأخيرة التي طالت رئيس قائمته، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16,5% إلى 16% من الأصوات، خلف المحافظين (29,5 إلى 30%). لكنه تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديموقراطيين (14%) والخضر (12%).

بالنسبة لإيطاليا، تصدّر حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 25 إلى 31% من الأصوات، وفق استطلاعات رأي مختلفة.

أيضا في النمسا، حصل “حزب الحرية” اليميني المتطرف على 27% من الأصوات، وعزز الهولنديون الذين كانوا أول من أدلوا بأصواتهم الخميس، موقف حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف.

صعود اليمين المتطرف.. مستشار سابق في البرلمان الأوروبي: زلزال سياسي في فرنسا

وفي إسبانيا، أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعدًا في البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف تقدما بحصوله على 6 مقاعد.

أما في بولندا، فقد تقدم الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد تاسك على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي، لكن الأخير حافظ على قسم هام من الأصوات، كما أن اليمين المتطرف المتمثل في حزب كونفيديراجا لن يحصل على أقل من 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي ومقره في مدينة ستراسبورغ الفرنسية.

 

صعود اليمين المتطرف.. مستشار سابق في البرلمان الأوروبي: زلزال سياسي في فرنسا

عدد المقاعد لكل مجموعة سياسية في البرلمان الأوروبي (أ ف ب)

لكن اليمين المتطرف منقسم في البرلمان الأوروبي إلى كتلتين لا يزال تقاربهما غير مؤكد بسبب خلافات كبيرة بينهما، خاصة في ما يتعلق بروسيا، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.