هكذا لم تحصل سارة على راتبها الشهري
في مطلع من أبريل الماضي، وصلت سارة الحارثي إلى إحدى مكتب خدمة العملاء في المركز الرئيسي لبنك اليمن الدولي في صنعاء (أحد أكبر البنوك البنوك التجارية باليمن)، وذلك بعد ٣ ساعات إنتظار في الطوابير الطويلة، لإستلام راتبها الشهري، الذي تحيله المنظمة التي تعمل لديها إلى البنك ذاته، إلا أنها فوجئت بأن موظف البنك يخبرها بأنه لا توجد سيولة نقدية كافية لصرف مرتبها، ويقول لها بأن تأتي في الأسبوع المقبل وسيتم صرف أموالها في حال توفر السيولة.
يأتي ذلك بعد أيام من إعلان البنك المركزي اليمني عن خطة الإصلاح الإقتصادي، وذلك في محاولة لإنقاذ الإقتصاد والقطاع المصرفي باليمن من عبث جماعة الحوثي، بعد ما قامت الجماعة بسك عملة معدنية، ما اعتبره المركزي تجاوز للخطوط الحمراء.
وفي 30 مايو المنصرم، أعلن البنك المركزي اليمني جملة من القرارات التى يراها المختصين قرارات جريئة، وسط قلق وترقب بين اليمنيين، والتي توجه بوقف التعامل الحكومي مع 6 من أكبر البنوك التجارية اليمنية، وذلك بعد انقضاء مهلة الـ 60 يوم التي حددها البنك لجميع البنوك التجارية بنقل مقراتها الرئيسية وعملياتها من صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين إلى العاصمة عدن، إلا أنه ألزم تلك البنوك بتقديم خدماتها للمواطنين حتى إشعار آخر.
لم يمر إلا يوم واحد حتى أصدر البنك المركزي قرار آخر، يمهل المواطنين والشركات التجارية 60 يومًا للتخلص من العملة اليمنية القديمة طبعة قبل 2016، وإعلان إنهاء التعامل بها تمامًا، وهي العملة التي استغلتها جماعة الحوثي على مدى 8 سنوات وخلقت انقسامًا نقديًا، وذلك بعد أن صادرت مليارات الريالات من الطبعة الجديدة من البنوك والمواطنين، وهو ما جعل البلاد تعيش في انقسام مصرفي وخلق أسعار مختلفة للريال اليمني بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية والمناطق التي ترزح تحت سيطرة الحوثيين، الأمر الذي عمق من معاناة المواطنين.
بنوك اليمن في الطريق للإفلاس
لم تكن سارة إلا واحدة من آلاف اليمنيين الذين ينتظرون تحويلاتهم المالية ومرتباتهم على أبواب المصارف والبنوك المتواجدة في مناطق سيطرة الحوثيين شمال البلاد، الذين فقدوا آخر مصادر دخلهم بسبب عبث جماعة الحوثي بالقطاع المالي والمصرفي باليمن، بقرارات وقوانين تعسفية تخولها من السطو على أموال واستثمارات البنوك التجارية ومدخرات المواطنين.
جماعة الحوثي أثناء قمع احتجاجات مواطنيين يمنيين أمام إحدى البنوك التجارية في صنعاء
بحسب منصور راجح – وكيل الرقابة على البنوك في البنك المركزي اليمني فإنه خلال الفترة الماضية قام البنك المركزي بجهود كبيرة مع المؤسسات المالية حول العالم، لإعادة تفعيل دور البنوك اليمنية، وتقليص سيطرة شركات الصرافة والتداول النقدي غير الرسمي، ولكن كل الجهود هذه كانت تقابل بتعسف جماعة الحوثي على البنوك، وهو ما قد يجعل اليمن معزولة ماليًا واقتصاديًا، كون هذه البنوك تسيطر عليها جماعة مصنفة إرهابيًا، وهذا سيتضرر منه كل فرد من افراد الشعب اليمن.
محتجين أمام البنوك التجارية بصنعاء للمطالبة بودائعهم
ويضيف “هناك أشخاص كثر كانوا يعتمدون بشكل أساسي على الفوائد المالية التي تأتي من الودائع الخاصة بهم في البنوك التجارية اليمنية، خصوصًا المتقاعدين وكبار السن، ولكن قانون منع التعاملات الربوية التي سنته جماعة الحوثي أضر بالبنوك والمودعين، حتى أصبحت البنوك غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها لموظفيها، فضلاً عن الإيفاء للمواطنين، الذين لا يستطيعوا سحب أموالهم المودعة منذ ٦ أشهر حتى الآن”.
أثارت قرارات البنك المركزي العديد من الآراء بين مؤيد ومعارض، فمن جهته يرى عبدالواحد العوبلي – الباحث في الاقتصاد اليمني أن قرارت البنك الأخيرة تأخرت كثيرًا حتى فقدت جدواها، ويقول لـ أخبار “قرار البنك المركزي في عدن بإلغاء العملة القديمة متأخر ولن يحقق أهدافه في إنهاء الانقسام النقدي أو تحسين الوضع الاقتصادي. كان من الممكن اتخاذ إجراءات سابقة كتلك المقترحة في 2019 لـ سحب العملة القديمة من مناطق الحوثيين، لكن عدم تنفيذها في حينه أدى إلى تفاقم الأزمة وترسيخ الانقسام.
ويضيف: “القرار الحالي لن يستفيد منه المواطن وقد يتسبب في خسارة الودائع وضرر للبنوك. الحوثيون قد يطبعون عملة خاصة بهم، مما يزيد من تعقيد الوضع. الحل يتطلب استراتيجية طويلة الأمد وجهوداً منسقة من جميع أجهزة الحكومة الشرعية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي”.
معركة اقتصادية بدأت
يقول مصدر مسؤول في وزارة المالية اليمنية (رفض ذكر اسمه) أنه منذ 8 سنوات تغاضى البنك المركزي اليمني على تعاملات الحوثيين، ونأى عن التصعيد وذلك مراعاة للأوضاع المادية والاقتصادية للمواطنين، بالإضافة إلى ضغوطات دولية كان تتم على الحكومة، وساهمت في تشجيع الحوثيين.
ويضيف لـ أخبار الآن “الجماعة الحوثية اعتقدت بأن تساهل الحكومة اليمنية والبنك المركزي يأتي من موضع ضعف، وسعت لتكريس سياسة مالية أضرت بالمواطنين، بدءًا بمصادرة أموال المواطنين من الطبعة الجديدة، بدعوى أنها مزيفة، ومن ثم قامت بإجبار البرلمان الغير معترف به دوليًا لإقرار قانون لما أسمته (منع التعاملات الربوية)، والذي من خلاله قامت بحرمان البنوك من استثماراتها، وتحويلها إلى حسابات جارية لا تُصرف ما جعلها عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها للمودعين، فضلا عن عجز تلك البنوك على تسليم مرتبات موظفيها.
وردًا على قرارات البنك المركزي المعترف به دوليًا، أصدر البنك المركزي فرع صنعاء والخاضع لسيطرة جماعة الحوثي قرارات مضادة، منها منع البنوك التي نقلت مقارها الرئيسية إلى عدن، وبنوك ناشئة أخرى تتواجد في مناطق الحكومة، من العمل في مناطق سيطرة الجماعة، إضافة إلى قرار آخر يدعو لاستبدال العملة من الطبعة القديمة بالطبعة الجديدة، وبفارق 3 أضعافها،وحددت مراكز ومنافذ لعملية الاستبدال.
إلا أن الخبراء الاقتصاديين يرون بأن هذه القرارات ليس لها أي قيمة في الواقع، وإنما جاءت لرد ماء الوجه للجماعة أمام أنصارها.
يقول فارس النجار – خبير اقتصادي “كيف حصلت الجماعة على الأموال التي تقول بأنها ستسبدلها بالطبعة القديمة، وهي منعت تداولها بحجة أنها طبعة غير قانونية؟.. فهي حصلت عليها من خلال مصادرة هذه الأموال من المواطنين والسطو والبنوك وشركات الصرافة عام 2019، وهي تستخدم هذه الأموال من الطبعة الجديدة للمضاربة في الأسواق في مناطق الحكومة”.
ويعزو تذبذب قيمة الريال اليمني في مناطق الحكومة إلى عملية المضاربة التي تقوم بها شركات صرافة تابعة للحوثيين هناك.
الجدير بالذكر أنه في وقت سابق، تفردت أخبار الآن بمعلومات حصرية عن تهريب ملايين الدولارات من قبل قيادات جماعة الحوثي إلى خارج اليمن، لتأتي التأكيدات الحكومية خلال الأيام الماضية، حيث قالت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أن الأموال المسجلة التي خرجت من اليمن كانت 1,2 مليار دولار خلال عام 2023، بينما وصلت الواردات من السلع والبضائع لليمن بقيمة 10 مليار دولار، حيث تم تهريب معظم تلك الأموال من خلال شركات الصرافة غير الرسمية التي تتبع قيادات للحوثيين، وهي من ساهمت في التضخم وتراجع قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية خلال السنوات الماضية.
فبحسب إحصائيات قطاع التجارة الخارجية في وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، فأن الواردات السلعية لليمن سنويًا تصل ما بين 9 – 11 مليار دولار سنويًا، حيث كانت الواردات الخارجية عام 2023 إلى 10 مليارات و 813 مليون دولار، وقد خسر الريال اليمني حوالي 700% من قيمته أمام العملات الأجنبية على مدى 10 سنوات، حيث كانت 215 هي قيمة الدولار الواحد عام 2014، إلا أنه في يونيو 2024 وصل حتى 1650 ريال أمام الدولار.
طلقات حوثية في جسد الاقتصاد اليمني
في الساعات الأولى من إنقلاب جماعة الحوثي، كانت أول خطواتها هي السيطرة والسطو على البنك المركزي اليمني بصنعاء، حيث اقتحمت المقر الرئيسي في صنعاء في صباح 18 ديسمبر 2014، ومنعت الموظفين من الدخول، لتتكرر بعدها عمليات السطو الممنهج الأموال من خزائن البنك، حيث لم تسلم من تلك العمليات حتى الاحتياطيات النقدية من العملة الأجنبية التي كانت بنحو 6 مليار دولار، بالاضافة إلى نهب صندوق التأمينات والمعاشات الخاصة بالمتقاعدين.
وفي مطلع عام 2019 شنت جماعة الحوثي حملات مكثفة استهدفت البنوك التجارية وشركات الصرافة وكبار التجار، وصادرت كل ما لديهم من الأوراق النقدية من الطبعة الجديدة التي طُبعت في 2016 والتي كانت تتم تداولها في جميع أنحاء اليمن، وتسببت تلك الخطوة في انقسام نقدي ومصرفي، حيث أصبحت للعملة اليمنية سعرين مختلفين أمام الدولار، وقامت بفرض اسعار وهمية غير حقيقة للدولار ولا تعبر عن حالة السوق في مناطق سيطرتها، وهو ما فاقم من معاناة المواطنين.
وفي 21 مارس 2023، أصدر البرلمان التابع لجماعة الحوثي (غير المعترف به دوليًا) قانونًا تحت اسم “منع التعاملات الربوية”، والذي عمل على زعزعة عمل البنوك التجارية والإسلامية، حيث أن معظم البنوك العاملة في اليمن تضررت، وذلك بسبب سحب المودعين أموالهم منها، وذلك لرؤيتهم أنه لا فائدة من إيداع أموالهم، وذلك بعد أن منعت الجماعة صرف الأرباح للمودعين.
لم تكن تلك التصرفات الوحيدة التي قامت بها الجماعة، بل أنها قامت في 30 مارس من العام الجري 2024 بسك عملة معدنية فئة 100 ريال، وهي الخطوة التي استدعت البنك المركزي اليمني للاضطلاع بمسؤلياته، لإيقاف عبث الجماعة بالاقتصاد اليمني الهش، والحفاظ على أموال اليمنيين ومدخراتهم، والعمل على إنهاء الإنقسام النقدي، والعمل على مراقبة تدفق الأموال ومنع تهريبها ومكافحة تمويل الإرهاب، خصوصًا بعد تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية دولية.
مقابلة خاصة مع محافظ البنك المركزي
في مقابلة خاصة مع أخبار الآن، تحدث أحمد غالب المعبقي – محافظ البنك المركزي اليمني، عن الخطوات الحاسمة التي يتخذها البنك لتعزيز استقرار الاقتصاد اليمني ومواجهة التحديات المتعددة التي تواجهها البلاد.
وأوضح المعبقي أن قرارات البنك المركزي تهدف إلى توحيد الاقتصاد اليمني وحماية البنوك التجارية ومدخرات المواطنين، فضلاً عن مراقبة الأموال والحد من تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، حيث يعتبر البنك المركزي المؤسسة السيادية الوحيدة المخولة قانونيًا ودستوريًا، والمسؤولة أمام المجتمع الدولي.
فيما يتعلق بعملية استبدال العملات، شدد المعبقي على أن البنك المركزي لا يعترف بفوارق الصرف بين العملات القديمة والجديدة التي فرضتها المليشيا الحوثية، حيث “أن الريال اليمني، سواء القديم أو الجديد، صدر من البنك المركزي بقيمة واحدة. وأن الاستبدال سيتم ريالًا مقابل ريال بناءً على هذه القيمة الثابتة، مع العلم أن معظم الكتلة النقدية بالريال اليمني في الطباعة القديمة تتركز في مناطق الحوثيين، بينما توجد مبالغ صغيرة جدًا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية. وبناءً على ذلك، سيتم الاستبدال وفقاً للقيمة التي خرجت من البنك المركزي دون تأثير للظروف التي أوجدتها المليشيا”.
أما بشأن الحوالات الداخلية في ظل عدم التزام بعض شركات الصرافة في مناطق الحوثيين بنقل مقراتها إلى العاصمة عدن، أشار المعبقي إلى أن هناك قنوات متعددة لتوصيل الحوالات، موضحًا أن شركات الصرافة التي ترغب في استمرار عملها يجب أن تسجل في الشبكة الموحدة للتحويلات المالية.
وأضاف أن الشركات والشبكات المتعددة التي تعمل في مناطق خارج سيطرة الشرعية وغير مرخصة من البنك المركزي اليمني، يجب أن توفق أوضاعها وتحصل على ترخيص وخطابات عدم ممانعة من البنك المركزي.
وذكر أن شركات التحويل العالمية مثل ويسترن يونيون وموني جرام بدأت بالفعل في إلزام وكلائها بتوفيق أوضاعهم مع البنك المركزي في عدن.
وحول مصير أموال المودعين في البنوك التي نقلت مقراتها إلى عدن في ظل التصعيد الحوثي واحتمالية مصادرة أصول تلك البنوك، طمأن المعبقي بأن أموال المودعين في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية مضمونة من البنك المركزي والبنوك، ولا يوجد خطر عليها ومع ذلك، في مناطق الحوثيين، قد تكون الأموال مضمونة أيضًا، لكن بدون ضمان قاطع.
وأوضح أن أي خطوة من الحوثيين لمصادرة أموال المودعين ستعزلهم عن العالم وتؤدي إلى فقدانهم للدعم الشعبي، بالإضافة إلى فقدان قدرتهم على جذب أي استثمارات، مما يحول البنوك التي لا تمتثل لقرارات البنك المركزي إلى مجرد خزانات لا يمكنها التعامل مع العالم الخارجي.
وتطرق المعبقي إلى التحدي الذي يمثله دخول الأموال إلى اليمن عبر قنوات غير قانونية، حيث تمر معظم التحويلات عبر شركات الصرافة بدلاً من البنوك.
وأشار إلى أن التحويلات الخارجية التي تتم من مؤسسات رسمية مثل موني جرام وويسترن يونيون، أو عبر تطبيقات مثل STC و الراجحي و آبل باي في المملكة العربية السعودية، تعد مصدر الدخل الرئيسي لليمنيين، خاصة في مناطق الحوثيين.
وأكد أن هناك بعض التحويلات غير الرسمية التي تستمر عبر شبكات السوق السوداء، مشيراً إلى أن حتى البلدان المتقدمة لا تستطيع منع ذلك بالكامل، إلا أن البنك المركزي اليمني يسعى إلى محاصرة الشركات غير المرخصة ومنعها من استخدام أي شبكات للتحويل، وضمان حصول الوكالات والشركات على تراخيص لازمة كجزء من عملية الامتثال.
وأعرب عن أمله في أن تساهم هذه الإجراءات في تقليص التحويلات غير الرسمية والشبكات غير المرخصة.
واختتم المعبقي حديثه بالتأكيد على أن البنك المركزي يعمل بجد لضمان استقرار الاقتصاد اليمني في ظل التحديات الراهنة، متبنيًا إجراءات صارمة لضمان حقوق المواطنين والمستثمرين، في مسعى مستمر لتعزيز الثقة في النظام المالي اليمني وإعادة توحيد الاقتصاد.
الجدير بالذكر أن معظم شركات الصرافة العالمية بدأت بالامتثال لقرارات البنك المركزي اليمني، ووجهت وكلائها بالحصول على خطاب عدم ممانعة من البنك المركزي، حيث أمهل كل من مصرف الراجحي شركة موني جرام و ويسترن يونيون وشبكة شفت للتحويلات المالية جميع وكلائهم والبنوك التي تتعامل معها بتوفيق أوضاعها مع البنك المركزي اليمني لكي تستمر في تقديم الخدمة المصرفية باليمن.
العملة المتهالكة كارثة صحية واقتصادية
تجدر الإشارة إلى أن تهالك العملة في مناطق الحوثيين وصلت إلى درجة لا تسمح بالتداول فيها، وأصبحت تسبب خطرًا على المواطنين، حتى ابتكر المواطنين وبعض المحلات التجارية والأسواق طرقا بديلة لتسيير تجارتهم.
من بين هذه الطرق أوراق مطبوع عليها قيمة العملة واسم المحلات التجارية وقد حصلت أخبار الآن على صور حصرية لهذه الأوراق، وقد انتشرت هذه الطرق في كل من الحديدة ومحافظة ريمة وحجة، خاصة في الأسواق الصغيرة والمتوسطة التي تضررت من تهالك العملة.
وتسببت تلف العملة في مناطق الحوثيين بعجز معظم البنوك التجارية اليمنية عن دفع ودائع المواطنين، وذلك بسبب ضعف السيولة النقدية في مناطق الحوثيين وتهالك العملات الورقية، التي أصبحت تهدد الصحة العامة للمواطنين فضلاً عن الكارثة الإقتصادية، وذلك بعد إنتهاء العمر الإفتراضي لها (18 شهر)، حيث كانت آخر طبعة للعملة اليمنية القديمة هي في عام 2015، وهو الأمر الذي دفع البنوك إلى الاتجاه نحو المحافظ المالية الإلكترونية، إلا أن تردي البنية التحتية للإتصالات اليمنية حالت دون نجاحها، بالإضافة إلى تراجع ثقة المواطنين بالبنوك.
وهو ما حصل مع رجب عبدالله – أحد المودعين في أحد البنوك التجارية في صنعاء الذي يشرح معاناته لـ أخبار الآن ويقول “أنا الآن أصبحت متقاعدا بعد إصابتي أثناء عملي في قطاع النفط والطاقة، أمضيت 33 عام في هذا المجال، ووضعت جميع مدخراتي في البنك، وكنت أستفيد بشكل بسيط من العوائد المالية التي تأتيني من الوديعة الخاصة بي، ولكن منذ 5 أشهر بعد قانون جماعة الحوثي بإيقاف الفوائد، انقطع مصدر دخلي الوحيد، كما انقطعت مرتباتنا، وعند محاولاتنا السحب من أرصدتنا البنكية، لم نستطع وحددوا لنا مبلغا محددا لسحبه شهريًا لا يكفي لأسبوع واحد فضلا عن شهر بأكمله”.
في مواجهة تحديات اقتصادية جسيمة، ينفذ البنك المركزي اليمني قرارات حاسمة لإعادة توحيد النظام المالي وحماية المدخرات.
وتأتي جهود إلغاء العملة القديمة ومراقبة التحويلات المالية كجزء من استراتيجية لتقليص نفوذ الحوثيين على الاقتصاد، رغم التحديات المستمرة، يعكس إصرار البنك المركزي اليمني على فرض سياسة مالية جديدة، بارقة أمل للاقتصاد اليمني، ويؤكد التزامه بحماية أموال المواطنين واستعادة الثقة في النظام المالي، والقضاء على الانقسام النقدي، هذا المسار يتطلب تنسيقًا فعّالاً وتضافراً من كافة الأطراف لضمان نجاح هذه الجهود وتحقيق استقرار اقتصادي مستدام في اليمن.