بين خياري توسّع الحرب بين حزب الله وإسرائيل وبقائها ضمن قواعد الاشتباك.. إلى أين يتجه لبنان؟
استهدفت غارة إسرائيلية ليل الخميس الجمعة مبنى في بلدة جناتا الواقعة في منطقة صور، بجنوب لبنان، على بُعد 21 كيلومتراً على خط مباشر عن أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل. وأدت إلى دمار مبنى من ثلاث طبقات بالكامل وسقوط قتيلتين وأكثر من 10 جرحى.
هذه المشهدية تكررت على مدى الأشهر الثمانية الأخيرة، بعدما انخرط حزب الله وإسرائيل في حرب فرعية لحرب غزة الدامية.
لكن في الأسابيع القليلة الماضية، تصاعد القتال بين الطرفين، إذ استخدم حزب الله أسلحة متطورة بشكل متزايد لإطلاق النار على عمق أكبر داخل إسرائيل، وقام يوم الأربعاء بإطلاق وابل هائل من الصواريخ قالت قناة المنار التابعة للحزب إنها ردًا على قتل إسرائيل لأحد قادة حزب الله طالب سامي عبد الله.
في المقابل، ردت إسرائيل بإطلاق النار بوتيرة متزايدة، وأصبحت قيادتها عدوانية على نحو متزايد، الأمر الذي يزيد من احتمال مواجهة وجهاً لوجه بين الجانبين. فما هو المرجّح؟
رأى النائب في البرلمان اللبناني الياس حنكش أن لبنان يقف عند مفترق طرق، مشيراً إلى “أننا قريبون من تُفتح الحرب ونصبح في مرحلة أخرى”.
وأوضح، في حديث خاص لـ”أخبار الآن”، قائلاً: كان العمل جارياً على إبرام اتفاق يفضي إلى انسحاب حزب الله لـ10 كلم شمال الحدود الجنوبية، وهذا ما سمعناه في واشنطن.
وأضاف: هذا الأمر سيتم إما عن طريق حرب، وإما عن طريق اتفاق.
وإذ لفت حنكش لـ”أخبار الآن” إلى أنه من غير المفهوم كيف سيكون التوجّه حتى الآن، ذكر أن هناك حرباً أمنية على حزب الله وقياداته وكُلفتها كبيرة، وقال: يمكن أن يؤدي تراكم الإصابات البليغة في صفوفه إلى قبوله في النهاية بما يُطرح.
وبحسب النائب المعارض، فإن حزب الله جرّ لبنان إلى الحرب بأوامر من خارج الحدود، وقال: كل الدعم الدبلوماسي والإنساني والعاطفي والسياسي مع أهل غزة على كل ما يتعرضون له، لكن لا يمكننا الزج بلبنان بحرب نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي.
وتحدّث عن كلفة الحرب بالقول: لدينا أكثر 100 ألف مهجّر، وأكثر من 7000 مسكن مدمر، ومساحات كبيرة من الأراضي التي لم تعد صالحة للزراعة نظراً لاستخدام العدو للفوسفور. وتابع: ومقابل هذا الثمن، لم يسهم حزب الله في شيء ولم يؤثر على ما يُرتكب بحق الفلسطينيين.
نظرية “متفائلة”
نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالاً قالت فيه إنه “ليس هناك سبباً للاعتقاد بأنّ المواجهة بين حزب الله وإسرائيل ستتصاعد إلى حرب شاملة”.
واعتبر كاتب المقال أنه، بعد 8 أشهر من المعارك، من الواضح أنّ حزب الله وإسرائيل يدركان أنّ أي حرب شاملة بينهما ستكون مدمرة. “يعرف حزب الله أنّ لبنان سيتمُّ تدميره، مع وقوع آلاف الضحايا. لكن إسرائيل تدرك أيضا أنّ ما واجهته في غزة خلال الأشهر الماضية، من دون تحقيق أهدافها الكاملة، سيكون لا شيء مقارنة بحرب محتملة مع حزب الله.”
وأوضح الكاتب أنّ الطرفين يقيّدان حربهما بشكل رئيسي بالأهداف العسكرية، كما يتّضح من الإعلانات اليومية الدقيقة للأنشطة العسكرية. وقال: “كانت الهجمات الإسرائيلية في الغالب في المناطق الحدودية بعمق 15 كلم لكن هناك استثناءات، مثل استهداف القوات الجوية الإسرائيلية مناطق أعمق في البقاع اللبنانية، وفي الضواحي الجنوبية لبيروت. وفي المقابل، وسّع حزب الله هجماته أفقيا، وليس عموديا، ليشمل مرتفعات الجولان، في الأراضي السورية التي احتلّتها إسرائيل وضمّتها لاحقًا بشكل فعلي. وسُجِّلت هجمات قليلة في الأشهر الأخيرة تستهدف قواعد عسكرية في صفد، بالقرب من نهاريا، وحيفا، ونُفِّذت في الغالب بواسطة طائرات مسيّرة انتحارية.”
نظرية “متشائمة”
نشرت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الخميس، صورة لجنود إسرائيليين وهم يقذفون قنابل لهب باتجاه الأراضي اللبنانية لإشعال حرائق فيها باستخدام المنجنيق، تماماً كما كان يحدث في الحروب القديمة.
وأوضحت هيئة البث أن الجيش الإسرائيلي يستخدم سلاح “المنجنيق” بهدف إشعال الحرائق جنوبي لبنان. هذا التطوّر اعتبره البعض أنه مؤشر أو مقدمة لبدء حرب شاملة على لبنان.
هذه التطورات تأتي وسط شعور الولايات المتحدة بالقلق إزاء اندفاع إسرائيل إلى حرب مع حزب الله – أو الانجرار إليها – دون استراتيجية واضحة أو النظر في التداعيات الكاملة لصراع أوسع، بحسب ما نقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤولين أمريكيين.
وأشار الموقع إلى أن إدارة بايدن حذرت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة من فكرة “حرب محدودة” في لبنان – محذرة من أن إيران يمكن أن تتدخل وتغمر لبنان بمسلحين موالين لإيران من سوريا والعراق وحتى اليمن الذين يرغبون في الانضمام للقتال.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن إدارة بايدن تحاول احتواء القتال بين إسرائيل وحزب الله قدر الإمكان بينما تعمل على تأمين اتفاق لوقف إطلاق النار للرهائن في غزة.
ويعتقد البيت الأبيض أن وقف إطلاق النار في غزة هو الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يخفف بشكل كبير من تصعيد التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.