مسيرة أحصنة جهاد طراودة في عهد العولقي
نشرت مؤسسة الملاحم الذراع الإعلامي لتنظيم في جزيرة العرب، التاسع من يونيو/حزيران العدد (18) من مجلة “صدى الملاحم”، وقد أكدت المجلة رسميًا واعترفت بوفاة خالد نجل سيف العدل، وهو ما كشفته “أخبار الآن” حصرًا وحصريًا في 22 من مارس/آذار من العام الحالي 2-24.
خالد سيف العدل توفي متأثرًا بالحروق التي أصيب بها وهو يحاول إنقاذ ولده، بعد أن شب حريقًا كبيرًا في بيته، وكان ابن سيف العدل قد قدمَ إلى مدينة المكلا عام 2015 أثناء سيطرة تنظيم القاعدة على المدينة، ثم انتقل مع التنظيم إلى قيفة والجوف واستقر مؤخرًا في مأرب.
بوفاة خالد باطرفي زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ووفاة خالد نجل سيف العدل، أبرز شخصيات “جهاد طراودة”، وأبرز من اعتمد عليهم سيف العدل في تنفيذ أجندة طهران من أرض اليمن، بجانب تولي سعد بن عاطف العولقي، وبحسب مصادر جهادية تفائل ثلة ونخبة من الجهاديين والقبليين المناصرين لتنظيم القاعدة في اليمن بتحول مسار تنظيم القاعدة، وانفكاك تبعية التنظيم لإيران وانعكاسات ذلك على التنظيم محليًا في التقارب والتخادم مع مليشيا الحوثي، إلا أن ذلك كان مستبعدًا لأسباب داخليّة وخارجيّة، ومن أبرزها نفوذ سيف العدل المستمر داخل التنظيم كما سبق لـ”أخبار الآن” كشف ذلك.
وقد أكدت مصادر قبلية جهادية رغبة سعد بن عاطف العولقي في مواجهة مليشيا الحوثي لاسيما في المناطق التي كانت تُعتبر حواضن شعبية للتنظيم مثل محافظة البيضاء، إلا أن جهاد طروادة مُستمرًا ومتقدمًا، فلأول مرة تنظيم القاعدة يستخدم الطيران المُسير في مُحافظة أبين.
يقول مصدر خاص لـ”أخبار الآن”: دخول الطيران المسير بمحافظة أبين، في المعركة المفتوحة والمشتعلة بين القوات الحكوميّة وتنظيم القاعدة، بعد عام من استخدام التنظيم للطيران المُسير في محافظة شبوة، بسبب شحة الخبرات في التنظيم أولًا، والتي كانت محصورة بخلية صغيرة تتواجد في شبوة، إلا أن التنظيم مؤخرًا قام بتجهيز خلية أخرى في محافظة أبين، كما أكد المصدر أن كل تلك الخبرات التي حصل عليها التنظيم اليوم أو لاحقًا بما يخص الطيران المُسير كانت مقدمة من مليشيا الحوثي.
ويأتي ذلك في صدد تأكيد استمرار التواصل والتخادم بين مليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة حتى مع تولي سعد بن عاطف العولقي لإمارة التنظيم، كما أن دخول الطيران المُسير يعتبر تصعيداً في وتيرة الحرب جنوبًا في المناطق المحررة ضد القوات الحكومية، دون أي تحول في مسار التنظيم أو تصعيد تجاه مليشيا الحوثي.
وإلى جانب الأسباب التي تُعيق العولقي من إحداث تحول في مسار التنظيم، أيضًا لا يمكن القول بأن العولقي أيضًا بريء من توجه ومسار التنظيم الحالي، مع أن العولقي كان أكثر حماسًا من الريمي وباطرفي في مواجهة مليشيا الحوثي، إلا أن العولقي أيضًا مع تصعيد العمل جنوبًا ضد القوات الحكومية.
وإلى جانب ذلك يؤكد مصدر جهادي من محافظة أبين مقربًا من الدائرة المحيطة بالعولقي لـ”أخبار الآن”، قائلًا: إن العولقي يشعر بضغط مستمر من سيف العدل ونفوذه داخل التنظيم ومجلس الشورى ومن لا يزال بأيديهم المال والسلاح. وأضاف المصدر قائلًا: يحاول العولقي عدم إثارة أيًا من المواقف أو القضايا التي ربما تسبب إنزعاجًا لدى سيف العدل أول القيادة العامة.
وهذا ما قد عُرف بهِ مسبقًا العولقي “السمع والطاعة المطلق للقيادة”، قد يختلف ويناقش ويرفض ويعتذر، إلا أن كل ذلك يبقى في نطاق وسياق “السمع والطاعة العمياء للقيادة”، وهو ما أحدث بين العولقي وبين المحسوبين عليهِ داخل التنظيم تراجع في الثقة، والبعض غادر وأعتذر التنظيم بسبب تهميش باطرفي سابقًا لهم ورفض العولقي لذلك دون أي حول.
إطلاق دُفعات سجناء القاعدة في صنعاء.. لا جديد
أفادت مصادر إعلاميّة عن وجود ترتيبات لصفقة قادمة بين مليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة عن طريق وسطاء محليين لإطلاق دفعة من أخطر عناصر تنظيم القاعدة في الأيام القادمة؛ وهم: عبدالله خالد الصيعري، وصلاح سالم الصيعري، ومصلح سالم الصيعري، وشجاع محمد السلمي، وآخرين.
وقالت المصادر أن هؤلاء العناصر وغيرهم قد تورطوا بعملية عنف وإرهاب، ومن ذلك ذبح 14 جنديًا من أفراد اللواء 135 مشاة في محافظة حضرموت تاريخ 8 أغسطس/آب 2014، وسبق وأن أصدرت المحكمة الجزائية المتخصّصة في العاصمة اليمنية صنعاء تاريخ 9 يوليو/تموز 2017 في حقهم أحكامًا بالإعدام، إلا أن المليشيا تحفظت عليهم لأجندة الجماعة بنشر الفوضى والإرهاب في المناطق المحررة.
في حديث خاص لـ”أخبار الآن” مع الصحافي اليمني محمود العتمي من غرفة أخبار العربية الحدث، علي على الصفقة التي يجري الترتيب لها مؤخرًا، قائلًا: لا جديد طبعًا وهذا أمر غير مُستغرب، القاعدة أسستها إيران في اليمن قبل ان تنشأ حتى ذراعها الحوثي، وأبرز قيادات فرع التنظيم في اليمن “خالد باطرفي وناصر الوحيشي” كانوا في إيران وقبل حتى إرسالهم إلى اليمن لتولي مهامهم احتجزتهم السلطات الإيرانيّة تحت الضغط الدولي بعد هجمات 11 سبتمبر لتسلمهم للسلطات اليمنية بعد عدة أشهر من إحتجازهم.
السلطات اليمنية استلمتهم نهاية 2003 وبعد 3 سنوات فر هؤلاء القادة بحادثة الفرار الشهرية، رفقة العشرات من عناصر التنظيم وقادته قبل تولي الوحيشي قيادة التنظيم في اليمن بعد فراره من السجن.
وقد كان التنظيم في اليمن ينفذ ارهاصات محدودة وغير منظمة ولكن بعد تولي الوحيشي قيادة التنظيم في اليمن شهد الفرع نماء غير مسبوق ويتجلى هذا الأمر بما تلقاه الوحيشي من تدريب داخل إيران، وبعد مصرعه تهاوى فرع التنظيم لاسيما مع تولي قاسم الريمي قيادته إلا أنّ التنظيم استعاد أنفسه مع تولى قيادة الفرع في اليمن خالد باطرفي الذي عاد هو الآخر من طهران، وخلال فترة توليه شهدت العلاقة بين مليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة تطور غير مسبوق وارتفع منسوب التنسيق ليصل إلى إفراج مليشيا الحوثي على أكثر من 100 من عناصر القاعدة ممن كانوا في سجون الدولة قبل الإنقلاب الحوثي.
وأضاف العتمي، قائلًا: منذ الإنقلاب الحوثي لم نشهد عملية اعتقال واحدة من قبل الحوثيين لعناصر القاعدة، ما نشهده العكس تمامًا تخادم واضح وصريح والهدف القوات الجنوبية في أبين وعدن وشبوة وحضرموت.
واختتم محمود، قائلًا: من سيفرج عنهم الحوثيين أدينوا بمذبحة “حوطة شبام” في 2014 الذي راح ضحيتها 14 جنديًا يمنيًا من أبناء محافظة عمران، وقد تحججت القاعدة بقتل هؤلاء بتهمة الولاء الخفي لمليشيا الحوثي، ذات المليشيا اليوم تفرج عن الإرهابيين القتلة رغم صدور أحكام إعدام بحقهم دون اكتراث لأسر الضحايا.
فالحوثي بين الفنية والأخرى يطلق دفعة لعناصر وقيادات تنظيم القاعدة تارة تحت مسمى “تبادل الأسرى” وتارة تحت غطاء “الفدية والوساطات القبلية”، بينما بعض هؤلاء قد صدر في حقهم أحكاماً قضائية بالإعدام والسجن المؤبد، إلا أن المليشيا تستخدم هؤلاء في تنفيذ أجندة الجماعة الفوضوية والتخريبة.
هل تستمر أحصنة جهاد طروادة في اليمن
إن دخول الطيران المسير ذا البصمة الحوثية والطابع الإيراني، في محافظة أبين من جهة تنظيم القاعدة تصعيد وتطور خطير في ماهيّة المعركة القائمة، ومع أن الطيران المسير لا يغير واقعًا بشكل مباشر، إلا أنه يعمل على تصعيد حدة الفوضى والعنف، كما يقوم بإشغال القوات الحكومية في المحافظات الجنوبية والمحررة عمومًا عن تحركات مليشيا الحوثي المشينة داخليًا، وأعمال القرصنة خارجيًا في البحر الأحمر.
ويأتي هذا التصعيد والاستمرار والإصرار من تنظيم القاعدة على رفع مستوى العنف والحرب من منطلق مخاوف مليشيا الحوثي من تحركات داخليّة في ظل الضغوط الدوليّة، كما أن عبثية نتائج الطيران المسير تتمشى تمامًا مع أجندة طهران الفوضوية لمنطقة الشرق الأوسط عموما والدول العربية خصوصًا.
ومع كل تلك الأسباب والظروف الداخليّة والخارجيّة التي تجعل من العولقي مُعاقًا عن تحويل مسار التنظيم، أيضًا لا يزال الوقت مُبكرًا للحديث عن هكذا تحول أو تغيير.
أكدت مصادر جهادية لـ”أخبار الآن” قبل أسبوعين عن تغيير العولقي لما يسمى بأمير الحرب ونائبهِ، وقد أكد الصحافي عاصم الصبري على برنامج المرصد، عن مصادر خاصة قيام العولقي بتغيير قيادات وإعادة هيكلة بعد المناصب.
وهكذا خطوات في وقت مبكر بعد وفاة باطرفي تؤكد نية العولقي من إحداث تحول في مسار التنظيم أو على الأقل فتح جبهات أخرى، وفي هذا الصدد يؤكد ذات المصدر الجهادي الأبيني المقرب من الدائرة المُحيطة بالعولقي، رغبة العولقي في إجراء تعديلات جديدة داخل التنظيم، إلا أن العولقي يشعر بالضغط من تجاه سيف العدل ونفذهِ داخل التنظيم، ويرى أن إجراء أي تعديلات ربما تسبب خلافات داخلية مبكرة، والعولقي حرص ويحرص على إغلاق أيًا من القضايا والأحداث التي ربما تفتح بابًا للخلاف.
وأضاف المصدر، قائلًا: إن هناك من بين قادة التنظيم من راهن على فشل العولقي، والبعض الآخر يرى أن العولقي لا يملك أي تاريخ جهادي، ولا يحمل أي خلفية فكرية شرعيّة، ويعتقد هؤلاء لا يملك العولقي إلا الشعبية القبلية داخل التنظيم، ويغلب في أصحاب هذا التوجه الذي يحمل العِداء الخفي للعولقي أذرع سيف العدل ونفوذه داخل التنظيم.
واختتم المصدر، قائلًا: ولتلك الأسباب وأكثر ألتزم العولقي الجمود، ومع ذلك فقد قام ببعض القرارات الجريئة كتغيير أمير الحرب التنظيم في جزيرة العرب ونائبهِ.
الخُـــلاصـــة
تستمر مسيرة جهاد طروادة في أرض اليمن بعد وفاة باطرفي، ويستمر التخادم بين مليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة، ويبدو أن ذلك امتدادًا لفترة عهد باطرفي، ولا يزال الوقت مبكرًا في للحديث عن تحولات حقيقية في مسار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
قام العولقي بخطوات جريئة ومنها تغيير بعضًا من القادة عن مناصب رفيعة في التنظيم، من أبرزها أمير الحرب أو أمير اللجنة العسكرية ونائبهِ، وكل ذلك يأتي تأكيدًا لمحاولات العولقي تغييرًا في مسار وتوجه التنظيم، ومع ذلك لا يمكن تبرئة العولقي كما يحدث من بعض وسائل الإعلام، فالعولقي أحد أبرز وأخطر قادة التنظيم العسكريين، سعى وحرص ويحرص على استهداف المصالح الأجنبية متجاهلًا كل الأزمات الداخلية والمحليّة.
ظهر جليًا عدم رضى القيادة العامة عن سعد بن عاطف العولقي في بيان تعزية وفاة باطرفي وتولي العولقي، وها هي اليوم نفوذ وأذرع سيف العدل داخل التنظيم ما يُعرف بـ”الطابور الخامس” عائقًا أمام العولقي وتراهن على فشله، وتتحجج هذه القيادة بهشاشة التاريخ الجهادي للعولقي وضعف الخلفية الفكرية والشرعية مقارنةً بغيرهِ، فإلى أين سيذهب العولقي بالتنظيم في ظل أذرع ونفوذ سيف العدل؟