وفيات قياسية شهدها موسم الحج 2024

حالة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بدأت منذ اقتراب الحجاج من إتمام مناسك حجهم، بسبب “ارتفاع حالات الوفيات خلال هذا الموسم” وهو الأمر الذي بررته السلطات السعودية بارتفاع درجات الحرارة، محذرة في أكثر من بيان من ضرورة التزام الحجاج بوسائل التأمين اللازمة لعدم التعرض إلى الشمس، حيث تزامن موسم الحج هذا العام مع طقس حار للغاية، ولكن ما هي حقيقة ما يتم تداوله على مواقع التواصل؟ وهل كانت أعداد الوفيات كبيرة فعلاً هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية؟

هذه “حملات مُغرضة”

قال الصحفي السعودي جيلاني الشمراني، مساعد رئيس تحرير “صحيفة أخبار الإلكترونية” السعودية في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن” أنه “لا يوجد أي أزمات أو مشاكل حدثت في موسم الحج هذا العام، بالعكس كان هناك انسيابية تامة، وقد نجح الحج بفضل الله وصرّح بذلك نائب أمير منطقة مكة، أن الحج نجح بتميز منقطع النظير، وكل ما يظهر على وسائل التواصل وظهر ليس له أي أساس من الصحة، هي حملات مُغرضة، هدفها التشويه.”

وأكد الشمراني أن “أكثر من 1.8 مليون حاج لم يصابوا بشيء من الأمراض والأوبئة، ولم يمت أحد منهم، ولم يتم الاعتداء عليهم، فقط إجهاد حراري، وهناك أرقام تستحق الذكر، مثل: أكبر عدد عمليات قسطرة قلب يومية على مستوى العالم تم عملها في مكة، فقد كان هناك أكثر من 48 عملية قسطرة قلب في يوم واحد على مدى أيام الحج، هذا غير عمليات القلب المفتوح التي تم إجراؤها لمن يعانون من الأمراض المزمنة مجاناً دون مقابل مادي، غير الأعداد الهائلة من ليترات الماء التي تم ضخها في مشعر عرفات.”

"حجاج غير نظاميين وحرارة عالية".. صحفي سعودي يعلق على موسم الحج والوفيات

كما أضاف قائلاً أن “هناك موكب سنوي يتحرك من المدينة إلى مكة بإسعافات لكي يتمكن الحجاج من الوقوف في عرفة وهم في إسعافاتهم وتحت رعاية طبية، لقد تم تقديم خدمات متكاملة للحجاج، حيث رغم أن درجة الحرارة كانت حول الـ 50 إلا أنه لم يحدث ولا حالة تسمم واحدة، كل هذه الأرقام تثبت أن الحج كان ناجحاً بكل المقاييس، والحملات المُغرضة والكلام يُقال نفسه في كل عام، ولكن في السعودية تركنا لهم الكلام واتجهنا للأفعال، فقد تم خدمة الحجاج وضيوف الله بشكل لا يمكن أن يجدوه إلا في السعودية، وأستطيع أن أخبركم حسب مصادر موثوقة أن وزارة الحج والعمرة والجهات المعنية بدأت بالعمل للاستعداد لموسم حج العام القادم 1446.”

الحجاج “غير النظاميين”

ليس ارتفاع درجات الحرارة فقط، ولا أعداد الوفيات والمفقودين، ما سبّب الجدل، ولكن ارتفاع أعداد الحجاج “غير النظاميين” – وهم الحجاج الذين لم يحصلوا على تأشيرة الحج، وإنما سلكوا طرقاً مختلفة لأداء الفريضة.

في هذا السياق قالت حاجة مصرية رفضت ذكر اسمها لأسباب تتعلق بسلامتها في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن”، أنها قد أدَّت فريضة الحج هذا العام بطريقة غير نظامية، ولهذا السبب تعرضت لمشاكل كثيرة مثل: عدم توفير وسائل النقل والمبرّدات في عرفات والخيم التي تقيهم حر الشمس، وكانت درجة الحرارة عالية فعلاً، فرغم صغر سنها حسب قولها، إلا أنه أغمي عليها من شدة الحر، وبينما هي تمشي وجدت أشخاصاً كباراً في السن مستلقين على الأرض لأنهم لم يتحملوا الحرارة العالية.

ولكن رغم ذلك أكدت الحاجة المصرية خلال قولها على أن “جهود المملكة العربية السعودية في تنظيم الحج وتيسيره على الحجاج -الذين دخلوا بطريقة نظامية- كانت واضحة بشكل كبير، فلم يكن هناك تزاحم بين الحجاج وكانت الشرطة تقوم بدورها بتوجيه الناس إلى الأماكن المخصصة وما إلى ذلك على أكمل وجه.”

"حجاج غير نظاميين وحرارة عالية".. صحفي سعودي يعلق على موسم الحج والوفيات

إرشادات وزارة الصحة السعودية

منذ بداية موسم الحج هذا العام، حذّرت وزارة الصحة السعودية الحجاج في منشور على منصّة “إكس”، من التعرّض لأشعّة الشمس بين الساعة 11 صباحاً والرابعة عصراً، ناصحةً الحجاج بـ”تجنب الإجهاد الحراري” عبر حمل المظلة والإكثار من شرب الماء.

وكانت الوزارة أعلنت في وقت سابق “يوم الأحد” تسجيل 2764 حالة إصابة بالإجهاد الحراري، بسبب ارتفاع درجات الحرارة بالمشاعر المقدسة والتعرض للشمس، وعدم الالتزام بالإرشادات.

كما أكدت الوزارة حينها في بيان لها أن “الوقاية هي الأهم، والتزام الحجاج بعدم الخروج وقت الذروة إلا عند الضرورة، أو استخدام المظلة، كان سيقلل حالات الإصابة بالإجهاد الحراري”، وأوضحت أن الإرشادات الصحية للأيام القادمة واضحة وسهلة وهي: حمل المظلة، شرب الماء بانتظام، عدم التعرض للشمس.

أرقام وإحصائيات

في أحدثٍ تقرير لها، ذكرت وكالة فرانس برس أن عدد حالات الوفاة في صفوف الحجّاج تجاوز الألف هذا العام، وذلك حسب حصيلة جمعتها الوكالة من سلطات الدول المعنية ودبلوماسيين أشار أحدهم إلى أن معظم الوفيات كانوا لا يحملون تصاريح للحج، حيث قال دبلوماسي عربي للوكالة الفرنسية -بدون الكشف عن اسمه- أن 58 حالة وفاة إضافية سُجلت في صفوف الحجاج المصريين، مما يرفع عدد المصريين المتوفين في الموسم الحالي إلى 658 على الأقل، بينهم 630 لا يحملون تصاريح للحج.

واستنادًا إلى أعداد وفرتها حوالي عشر دول عبر بيانات رسمية أو دبلوماسيين منخرطين في عمليات البحث عن الوفيات، بلغ عدد حالات الوفاة في موسم الحج هذا العام 1081، ويشمل العدد 658 مصريًا و183 إندونيسيًا و68 هنديًا و60 أردنيًا و35 تونسيًا و13 من كردستان العراق و11 إيرانيًا و3 سنغاليين و35 باكستانيًا و14 ماليزيًا وسوداني واحد، بينما مقارنةً بالعام الماضي توفي أكثر من 200 حاج فقط معظمهم كانوا من إندونيسيا، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.

أما حول أماكن دفن الحجاج المتوفيين، كانت القنصلية الأردنية التابعة لوزارة الخارجية وشؤون المغتربين قد أعلنت إصدار 41 تصريح دفن لحجاج أردنيين ليتم دفنهم في مكة المكرمة بناء على رغبة ذويهم، مبينة أنهم “ليسوا من ضمن بعثة الحج الأردنية الرسمية”، فيما لم يتم تحديد أماكن دفن البقية والإجراءات التي يتم اتخاذها تجاههم.

لقد حاول فريق “أخبار الآن” التواصل مع المتحدث الرسمي للهلال الأحمر السعودي، الدكتور يوسف الصفيان لسؤاله حول موسم الحج هذا العام وجهود المملكة لتيسير الحج على الحجاج وأيضاً ما تم تداوله من أخبار وأرقام حول الوفيات ولكن لم يرد، فيما اعتذر عبد الله العساف، أستاذ الإعلام السياسي عن الرد لأسباب شخصية.