كاتب سياسي لبناني لـ”أخبار الآن”: جولة الوزراء في مطار بيروت عبارة عن مسرحية
جاء تقرير صحيفة تلغراف البريطانية حول تخزين حزب الله للأسلحة في مطار بيروت الدولي، ليرفع منسوب التوتر ويزيد من خطر اشتعال حرب واسعة بين الحزب وإسرائيل.
التطورات التي فرضها تقرير الصحيفة وضعها البعض في خانة عرض العضلات المتبادل بين حزب الله الذي يطلق الرسائل في اتجاه إسرائيل وقبرص وبريطانيا من جهة، وإسرائيل التي تهدد بحرب شاملة ومدمرة من جهة أخرى.
وبحسب إحدى الصحف اللبنانية، قد يصبح مطار بيروت على لائحة أهداف إسرائيل بعد الضجة المُثارة أخيراً حوله، مشيرةً إلى أنه بذلك تكون قواعد الاشتباك بين الطرفين قد دخلت مرحلتها الأشد خطراً، خصوصاً أنها بدأت كمناوشات في المناطق المحاذية للحدود، لتتطوّر إلى عمليات دقيقة في مناطق بعيدة عن الحدود مثل سهل البقاع، حتى وصلت إلى مرحلة التهديد بالتعرض لمواقع ومنشآت مهمة واستراتيجية في عمق كل من لبنان وإسرائيل. فما هي تداعيات تقرير تلغراف؟ وماذا تكشّف على إثره في الساحة اللبنانية؟
رأى الكاتب السياسي والصحافي طوني بولس أن تقرير التلغراف غير مرتبط بأي أجندة، وأُعد بعدما توفّرت المعطيات والشهادات للصحيفة.
وقال بولس في حديث لـ”أخبار الآن”: يُفترض أن يكون تقرير تلغراف بمثابة إخبار للنيابة العامة بالنسبة للسلطات اللبنانية وذلك من أجل التأكد من المعلومات الواردة فيه.
وانتقد مسارعة المسؤولين اللبنانية إلى ما اعتبره تبريراً ودحضاً لمعلومات تلغراف.
وأضاف: كل ما رأيناه في الجولة هو عبارة عن مسرحية هدفها القول إنه لا يوجد شيء في المطار وهذا ما أثار شكوك إضافية من أن هذا التقرير قد يكون صحيحاً وأن المعلومات التي وردت فيه قد تكون بنسبة عالية حقيقية، باعتبار أن السلطات اللبنانية لم تقم بأي إجراء للكشف أو التأكد من المعلومات بل نفت فوراً وبررت، أي أنها قامت برد فعل المذنب.
وفتحت السلطات اللبنانية الإثنين مستودعات الشحن في مطار بيروت الدولي أمام دبلوماسيين وصحافيين، مكررة نفيها ما أوردته صحيفة تلغراف لناحية تخزين حزب الله داخل حرم المرفق الجوي الوحيد في البلاد أسلحة وصلته من إيران.
وشدّد وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية للصحافيين من مطار رفيق الحريري الدولي، بحضور عدد من زملائه ودبلوماسيين من دول عدة، على أنّ “مطارنا يستوفي كلّ المعايير الدولية”.
واعتبر أنّ نشر التقرير يهدف الى “تشويه سمعة” المطار ويلحق “ضرراً معنوياً” باللبنانيين، مندداً بما وصفه بـ”حرب نفسية مكتوبة”.
مطار بيروت وحزب الله.. قصة قديمة
اتهام حزب الله بتخزين الأسلحة والصواريخ في مطار بيروت ليست جديدة ففي العام 2016، تحدثت وسائل إعلام عربية بارزة عن استخدامه للمطار مقراً لاستقدام الأسلحة من إيران.
وبعد عامين، أعلن بنيامين نتنياهو أن حزب الله يمتلك مستودعات للصواريخ، بعضها قرب المطار، ومصانع مهمتها جعل هذه الصواريخ دقيقة التوجيه. ثم عاد نتنياهو إلى استغلال هذه المسألة في أيلول 2020، بعد شهر من انفجار المرفأ، فأظهَر من على منبر الأمم المتحدة خرائط وصوراً أراد بها تأكيد ذلك.
ومع خروج تقرير تلغراف، وعودة مطار بيروت إلى محور الاهتمام، عادت إلى ذاكرة اللبنانيين أحداث السابع من أيار عام 2008، والتي نفذها مسلحون تابعون لحزب الله وحركة أمل وأحزاب حليفة لهما، إثر صدور قرارين من مجلس الوزراء اللبناني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله بعد معلومات وصلت عن وضع الحزب لكاميرات مراقبة على المدرج في المطار، وتمدد شبكة اتصالات الحزب إلى خارج مناطق سيطرته.
هذه الأحداث تطرق لها بولس في حديثه لـ”أخبار الآن” وقال: نلاحظ دائمًا التوتر الذي يصيب حزب الله عندما يتعلق الأمر بالمطار، ويقوم بردات فعل عشوائية، وأحداث 7 أيار في بيروت حصلت لأنه كان هناك محاولة لرفع يده عن الإمساك بمطار بيروت.
وأضاف: هذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها أن حزب الله يمسك بالبنى التحتية للبنان ويستخدمها لقضايا عسكرية خاصة به وهذا الأمر كان واضحاً في مرفأ بيروت والمواد التي انفجرت عام 2020 تعود له بالمبدأ ولاستخداماته العسكرية.
ورداً على سؤال عن الخيارات المحتملة أمام اللبنانيين بحال تعرض مطار رفيق الحريري الدولي لأي خطر، قال بولس: لا خيار أمام اللبنانيين بكل أسف.
لكنه تحدث في المقابل، عن مطلب وحيد أمامهم وهو تطبيق القرارات الدولية التي أقرها مجلس الأمن بالإجماع، وهي القرارات 1680، 1559 و1701.
وشدد على أن “هذه القرارات هي استكمالٌ لتطبيق الدستور وتساعد على إعادة بناء الدولة”، موضحاً أن القرار 1559 ينص على سحب كل السلاح الميليشوي في لبنان، أما القرار 1680 فهو يهدف لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، في حين أن القرار 1701 يحمي لبنان من أي اعتداءات اسرائيلية وبالتالي تكون الدولة هي المسؤولة عن حماية لبنان وأراضيه من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.
وأكّد بولس أن “على مجلس الأمن القيام بدوره لحماية الشعب اللبناني الذي يقع أسيراً، وتُخاض على أرضه حرباً لا علاقة له بها”، مشيراً إلى أن “لبنان بات مسرحاً وساحة مستباحة للميليشيات ولحرب إيرانية إسرائيلية أو غيرها، وبالتالي اللبنانيين غير معنيين بالحرب الدائرة”.
وبحسب بولس، فإن حزب الله يروّج لبروباغندا يقول فيها إن أي جهة لا تصطف خلفه وخلف حروبه فهي بالتالي مع إسرائيل. وقال: بكل تأكيد هذه الرواية خاطئة وغير صحيحة لأن اللبنانيين ينتمون إلى خط ثالث وهو الخط العربي الذي يؤكد على حل الدولتين في فلسطين كشرط للسلام في المنطقة والذي يقوم على مبدأ تطبيق الدستور والقرارات الدولية وبالتالي أن يكون لبنان جزءاً من الجامعة العربية وليس جزءاً من ولاية الفقيه أو المحور الإيراني.
رسالة للدولة اللبنانية
اعتبر بعض الخبراء أن المعلومات التي نقلتها صحيفة تلغراف هي رسالة إلى الدولة اللبنانية وليس فقط إلى حزب الله، وقد تزامن ذلك مع حملة غزت مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الأخيرة، قيل إن إسرائيل هي من أطلقها وتقول فيها إن المسؤولية تقع على لبنان.
The responsibility falls on Lebanon. pic.twitter.com/BuM9GPXDuE
— Omadi (@iamtenseven) June 23, 2024
في هذا السياق، قال طوني بولس لـ”أخبار الآن”: الدولة اللبنانية متورطة لأن حزب الله استولى عليها، وهي باتت الناطق باسم الحزب ووضعت نفسها في مكان الاستهداف وهي لم تتمكن من فصل نفسها عن سياسية حزب الله.