ما الذي سيتغيّر في المشهد الإيراني بعد فوز مسعود بزشكيان بالانتخابات الرئاسية؟
فاز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان الذي يدعو للانفتاح على الغرب، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية أمام المرشح المحافظ المتشدد سعيد جليلي المفاوض السابق في الملف النووي، حسبما أفادت وزارة الداخلية الإيرانية.
وفي أول تصريح له منذ إعلان فوزه، أكد بزشكيان أنه “سيمد يد الصداقة للجميع”. وأضاف: “نحن جميعنا شعب هذا البلد. علينا الاستعانة بالجميع من أجل تقدّم البلد”. لكن ماذا يعني أن يصل بزشكيان إلى سدة الرئاسة؟
يرى الباحث في الشؤون الإيرانية، محمد خيري، أن المجتمع الإيراني يعتقد أن بروز شخصية إصلاحية جديدة كبزشكيان قد يسهم في استعادة الأوضاع الاقتصادية ورفع العقوبات، معتبراً أن فوز جراح القلب بالرئاسة كان رد فعل على فشل المحافظين في التوصل الى اتفاق مع الدول الغربية ووقف حدة التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والتي تشترك فيها إيران.
وأوضح “خيري” في حديث لـ”أخبار الآن” أن صعود بزكشيان يمثل محاولة من الشعب الإيراني لإحداث نوع من التغيير في الداخل سواء على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي أو على مستوى الحريات، الذي شهد تراجعاً كبيراً في أعقاب المظاهرات التي أشعلتها وفاة الشابة مهسى أميني.
إلى ذلك، اعتبر الباحث المصري أن فوز “بزشكيان” كان متوقعًا وحظوظه كانت وفيرة، عازياً ذلك إلى أسباب عدة منها رغبة الشباب الإيراني بطريقة جديدة للتعامل مع النظام الإيراني، خصوصاً أنه واجه فترات طويلة حكماً من المتشددين، بالإضافة إلى فشل المحافظين في استعادة الزخم بالعلاقات السياسية مع الدول الاوروبية والولايات المتحدة والدول العربية، وفشلهم في رفع العقوبات التي فرضتها واشنطن.
أما بالنسبة للملفات التي ستكون محط اهتمام الرئيس، فقال خيري لـ”أخبار الآن”: الرؤية السياسية للإصلاحيين تتمثل في ضرورة فتح العلاقات مع الدول أي كسر الجدار في العلاقات بين إيران والدول الأخرى.
وأضاف: سيكون هناك ما يشبه الإنفراجة إذا ما أخذ بزشكيان على عاتقه مسألة فك العقوبات على إيران من خلال التواصل مع الآخرين.
وتابع: هناك تكهنات تشير إلى أن المرشد الإيراني علي خامنئي نفسه انتخب بزشكيان وهذا الكلام أوردته بعض الصحف الإيرانية وهذا معناه أن هناك رغبة داخلية لدى النظام الإيراني لتغيير الوجه السياسي المتعارف عليه للمحافظين بتصعيد رئيس جديد وهو بزشيكان.
وأكّد خيري أن بزشكيان قد يحل الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية إذا ما رغب النظام الإيراني في هذا الأمر.
أرقام ونتائج
وحصل بيزشكيان على ما يزيد عن 16 مليون صوت في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في إيران، فيما حصل منافسه المحافظ المتشدد سعيد جليلي على أكثر من 13 مليون صوت، بحسب نتائج أولية نشرتها وزارة الداخلية.
وبيزشكيان البالغ 69 عامًا ليس شخصية بارزة في معسكر الإصلاحيين والمعتدلين الذين تراجع تأثيرهم في مواجهة المحافظين في السنوات الأخيرة.
لكن الرجل تمكّن من كسب دعم هذا المعسكر، لا سيما تأييد الرئيسين الأسبقين محمد خاتمي وحسن روحاني، وكذلك وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، مهندس الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع القوى الكبرى في العام 2015.
وخلال حملته الانتخابية، أظهر بيزشكيان تواضعًا سواء في مظهره إذ غالبًا ما اكتفى بارتداء سترة عادية، أو في خطاباته التي خلت من أي مغالاة أو وعود كبرى.
وهو رب أسرة تولى بمفرده تربية ثلاثة أولاد بعد وفاة زوجته وأحد أولاده في حادث سير في العام 1993، ويعتبر نفسه “صوت الذين لا صوت لهم”.
وتعهّد العمل لتحسين الظروف المعيشية للفئات الأكثر حرمانًا.
مقارنة مع خصومه، تبقى الخبرة الحكومية لهذا الطبيب الجراح محدودة. وهي تقتصر على توليه حقيبة الصحة في حكومة خاتمي الإصلاحية من العام 2001 حتى العام 2005.
منذ العام 2008، يمثّل مدينة تبريز في البرلمان وهو أصبح معروفا بانتقاداته للحكومة، لا سيما إبان الحركة الاحتجاجية الواسعة النطاق التي أثارتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في أيلول/سبتمبر 2022 بعد توقيفها لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
وبيزشكيان مولود في 29 أيلول/سبتمبر 1954 في مدينة مهاباد الواقعة في محافظة أذربيجان الغربية، ويتحدث الأذرية والكردية، ما يشكّل حافزًا له للدفاع عن الأقليات.