مسعود بيزشكيان يدعو لانفتاح أكبر على الغرب وإقامة علاقات “بناءة” مع واشنطن
انتُخب الإصلاحي مسعود بيزشكيان الداعي لانفتاح أكبر على الغرب، رئيسا لإيران في استحقاق واجه في الجولة الحاسمة فيه المرشّح المحافظ المتشدّد سعيد جليلي، ليخلف بذلك ابراهيم رئيسي الذي قضى في تحطّم مروحية في أيار/مايو.
وحصل بيزشكيان، الطبيب الجراح البالغ 69 عاما، على أكثر من 16 مليون صوت (53,6 بالمئة) من أصل 30 مليونا، وفق السلطات الإنتخابية، واستفاد من دعم الائتلاف الرئيسي للإصلاحيين في إيران، وأيّده إيرانيون كثر يخشون سيطرة مطلقة للمحافظين المتشدّدين على البلاد.
ونُظمت هذه الانتخابات على عجَل لاختيار خلف لابراهيم رئيسي الذي قُتل في حادث مروحيّة في 19 أيار/مايو، ووسط حالة استياء شعبي ناجم خصوصًا من تردّي الأوضاع الاقتصاديّة بسبب العقوبات الدوليّة المفروضة على الجمهوريّة الإسلاميّة.
وبينما يتصاعد الخلاف بين طهران والغرب، فتح فوز بيزشكيان بالانتخابات الرئاسية الباب أمام سيل من الأسئلة بعضها يتعلق بالوضع داخل إيران وأكثرها يركز على المسار الذي قد يسلكه في العلاقات الخارجية خلال السنوات المقبلة.
وخلال الحملة الانتخابية دعا مسعود بيزشكيان إلى انفتاح أكبر على الغرب، بدعم من الرئيسين الإيرانيَّين السابقين الإصلاحي محمد خاتمي والمعتدل حسن روحاني، كما دعا إلى “علاقات بناءة” مع واشنطن والدول الأوروبية بهدف “إخراج إيران من عزلتها” على حد قوله.
ويعتقد المعارض الإيراني والباحث السياسي د. حسن هاشميان أن بيزشكيان ليس إلا آلة بيد المرشد الأعلى علي خامنئي لتجميل صورة النظام الإيراني في الخارج، خصوصا في هذا التوقيت وتزايد المخاوف في طهران من مجيئ ترامب في رئاسة الولايات المتحدة، فضلا عن التحول الحاصل في بريطانيا وفوز حزب العمال الذي وصل إلى السلطة، ولا تجمعه حاليا بالنظام الإيراني علاقات جيدة كما كان في السابق.
يوضح هاشميان في حديث مع “أخبار الآن” أنه مع هذه التغيرات الكبيرة التي يشهدها العالم لاسيما هاتين القوتين، واحتمالية نشوء تحالف او تنسيق بين البلدين بشكل أكبر في الفترة المقبلة، فإن النظام الإيراني وجد نفسه مضطرا إلى إدخال وجه جديد عن طريق شخص محسوب على التيار الإصلاحي مثل بيزشكيان لكنه في واقع الأمر بحسب الباحث الإيراني تابع مخلص لنظام الولي الفقيه من أجل تجميل صورة هذا النظام في الخارج.
وبحسب هاشميان فإن مهمة بيزشكيان الرئيسية هي تجميل صورة هذا النظام في الخارج التي تدمرت في حقبة إبراهيم رئيسي وعبداللهيان اللذان أعطيا صورة خاصة للأوروبيين بأن النظام الإيراني يدور في فلك روسيا ولذلك هم الآن يريدون أن يصححون هذه السياسة، من خلال مجيئ مسعود بيزشكيان وربما وزير خارجية مثل محمد جواد ظريف، لإرسال رسالة مفادها أنهم ليسو في فلك روسيا وإنما يحترمون مصالح الغرب وخاصة الدول الأوروبية.
وأكد المعارض الإيراني أن بيزشكيان لا يستطيع أن يلبي شعارا واحدا من من شعاراته تجاه الشعب الإيراني فيما يخص حقوقه تجاه الولي الفقيه، لذلك كل ما يقوله بشأن إحداث تغيير في السياسات في الداخل ليست سوى أكاذيب وبيع الأوهام للمجتمع.
بمَ تعهّد بيزشكيان؟
دعا بيزشكيان خلال حملته الانتخابية إلى “علاقات بناءة” مع واشنطن والدول الأوروبية “بغية إخراج إيران من عزلتها”.
وتعهّد بذل جهود لإحياء الاتفاق المبرم في العام 2015 بشأن النووي الإيراني مع قوى دولية بينها الولايات المتحدة. وكان الاتفاق يفرض قيودا على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف للعقوبات.
والمفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني أمام أفق مسدود حاليا بعد الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة من الاتفاق في العام 2018.
على الصعيد الداخلي، تعهّد بيزشكيان رفع القيود المفروضة على الإنترنت، وأعلن معارضته “بالكامل” دوريات شرطة الأخلاق المكلّفة التثبت من تقيّد النساء بإلزامية الحجاب.
ودعا إلى تمثيل حكومي أوسع نطاقا للنساء وللأقليات الدينية والإتنية خصوصا الأكراد والبلوش. كما وعد بخفض التضخّم الذي يسجّل حاليا نسبة تقارب 40 بالمئة.
وخلال مناظرة تلفزيونية مع جليلي، اعتبر بيزشكيان أن إيران بحاجة إلى استثمارات أجنبية بـ200 مليار دولار، لافتا إلى أن هذه المبالغ لا يمكن جذبها إلا بإعادة تفعيل العلاقات مع العالم.
في هذا الصدد، تساءل الباحث الإيراني حسن هاشميان، “كيف يمكن لمسعود بزشكيان مثلا أن يأخذ حقوق الشعب الإيراني أو يطالب بحقوقه من علي خامنئي وهو يدافع عنه وعن الولي الفقيه، وعن المجموعات الفاسدة التي تتبعه وكل المؤسسات التي تتبع للولي الفقيه وهي مؤسسات وفقا لتصريحات هاشميان فاسدة وضالعة بفساد، وأمور كثيرة جدا ضد الشعب”.
وأكد هاشميان أن هذا النظام طالما ظل موجودا فإن هذا المسلسل سيبقى سواء جاء رئيس إصلاحي أو غير إصلاحي، لأن الرئيس الذي يأخذ شرعيته من الولي الفقيه الذي هو غير شرعي في المجتمع الإيراني لا يمكن له أن يحدث أي تأثير.
ما هي صلاحيات الرئيس في إيران؟
صلاحيات الرئيس في إيران محدودة، فهو مسؤول عن تنفيذ الخطوط العريضة لسياسة يضعها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، المسؤول الأرفع في الجمهورية الإسلامية.
وخامنئي هو المرشد الأعلى في إيران منذ 35 عاما.
وبصفته رئيسا، سيشغل بيزشكيان ثاني أرفع منصب في الجمهورية الإسلامية، وسيكون مؤثرا في السياسة الداخلية والخارجية.
فهو من يحدد السياسات المالية للبلاد باقتراح مشروع الموازنة وتعيين رئيس المصرف المركزي ووزير الاقتصاد.
لكن مع ذلك، ستكون صلاحياته في ما يتّصل بالشرطة الإيرانية محدودة، وعمليا معدومة في ما يتّصل بالجيش والحرس الثوري للجمهورية الإسلامية، الجيش الأيديولوجي للنظام. وتأتمر القوات المسلّحة الإيرانية مباشرة بالمرشد الأعلى.
وعقب الإعلان عن نتيجة الانتخابات الرئاسية، هنأ المرشد الإيراني، علي خامنئي، الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان على فوزه في انتخابات الإعادة الرئاسية في البلاد.
وقال المرشد الإيراني، السبت، إنه “نصح” بزشكيان بالتصرف عبر “مواصلة طريق” الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا).
وكان يُنظر إلى رئيسي على أنه متشدد محافظ ومحمي من جانب خامنئي. وكان بزشكيان هو المرشح الإصلاحي الوحيد الذي يتنافس على أعلى منصب منتخب في البلاد بعد منع عشرات المرشحين الآخرين من الترشح.
وواجه الرئيس المنتخب انتقادات من المتشددين في الداخل بسبب صداقته المفرطة مع الغرب. وقبل الانتخابات، أدان خامنئي أولئك الذين يسعون إلى تحسين العلاقات مع الغرب. وقد صرح بزشكيان علناً بأنه سيتبع خامنئي فيما يتعلق بشؤون السياسة الخارجية.