كيف صوت العرب والمهاجرين في الانتخابات التشريعية في فرنسا؟
“النتائج كانت مزلزلة”، هكذا علّق الفرنسي شادي منصور على نتائج الانتخابات التشريعية في فرنسا والتي تركت نتائجها النهائية التحالف اليساري الواسع، أكبر قوة في البرلمان الفرنسي.
منصور قال لـ”أخبار الآن”: هُوّل علينا لأسابيع بأن اليمين المتطرف هو من سيفوز ويحصل على الأغلبية المطلقة، لكن النتيجة كانت مغايرة وفاز ائتلاف الأحزاب اليسارية في نهاية المطاف.
وأضاف المواطن الفرنسي: “صوّتُ لليسار كما فعل الكثير من المهاجرين وأبناء المهاجرين لأننا لا نريد أن يحكم اليمين المتطرف في فرنسا، وهو الذي يمتلك أفكاراً متطرفة ضد المهاجرين”.
View this post on Instagram
ويبدو أن حالة الرضا الذي عكسها حديث منصور، يتشاطرها معه قسم كبير من الفرنسيين، إذ أن تفوق تكتل اليسار أدخل الطمأنينة في قلوب المهاجرين العرب الذين تخوفوا بشكل كبير من وصول اليمين المتطرف الذي يسعى إلى تضييق الخناق على المهاجرين بأغلبية إلى البرلمان الفرنسي.
خوفٌ دفع الكثير منهم، الحاصلين على الجنسية الفرنسية، إلى التوجه لمراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم للوقوف سدًا أمام التهديد اليميني المتطرف.
وهذا ما أفضى إلى حصول الجبهة الشعبية الجديدة على 182 مقعدًا، وحلول تجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوسطي في المركز الثاني بعد حصوله على 163 مقعدًا، وهو أداء أقوى من المتوقع. في حين جاء حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف المناهض للهجرة بزعامة مارين لوبان في المركز الثالث بحصوله على 143 مقعدًا.
مفاجئة سارة
وصفت الفرنسية فيرونيك ليبورت، النتائج بأنها مذهلة. وقالت: “إنها راحة كبيرة”، مشيرةً إلى “أننا كنا خائفين للغاية.”
هذا الشعور تردد صداه في جميع أنحاء البلاد، حيث دوّت صيحات الفرح في باريس، وكان لافتاً مشهد العناق العفوي بين الغرباء ودقائق عديدة من التصفيق.
من جهته، أكّد الدكتور مؤمن دبوسي، مندوب إلسا دي ميو المرشحة عن تحالف الجبهة الشعبية الجديدة أن نتيجة الانتخابات كانت مرضية، ووصفها بـ”المفاجئة السارة”.
وكانت استطلاعات الرأي، في الآونة الأخيرة، قد رجحت فوز اليمين المتطرف بغالبية المقاعد، ما يفسح بالمجال أمام تقلده زمام السلطة بواسطة جوردان بارديلا رئيس التجمع الوطني اليميني، كما سبق له أن أعلن.
وفي هذا السياق، تحدّث دبوسي عن سياسة اليمين المتطرف ضد الأجانب والمهاجرين، ومن يملكون جنسية مزدوجة. وشدد على أن المخاوف كانت كبيرة كثيراً، وأن العديد من الفرنسيين كانوا بانتظار نتائج الانتخابات حتى يقرروا مصيرهم بالنسبة للبقاء في البلد من عدمه.
وقال في حديث لـ”أخبار الآن”: فوز اليسار يعود الى الانسحابات التي أقدم عليها عددٌ من الأحزاب أكان لصالح حزب ماكرون أو لصلاح اليسار، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى زيادة عدد المقاعد المحسوبة على ماكرون وعلى حزب اليسار.
ومن مونبلييه إلى مرسيليا، سارع الناس إلى التحرك في محاولة لإبعاد اليمين المتطرف عن أبواب السلطة. وانسحب أكثر من 200 مرشح بين الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات التشريعية في فرنسا، في محاولة لبناء “جبهة جمهورية” موحدة لمنع حزب الجبهة الوطنية من الفوز.
وكان المؤرخون والمحامون والزعماء المسلمون من بين أولئك الذين حشدوا الناس للتصويت ضد الجبهة الوطنية، وقد عزز إقدام 10.000 مسيحي على التوقيع على عريضة تصف الجبهة الوطنية بأنها قوة سياسية لا تقدم “شيئًا سوى التلاعب والوهم”. وتجنبت الحلول وبدلاً من ذلك جعلت الأجانب كبش فداء.
وقال علي البالغ من العمر 40 عاماً إن التركيز قصير النظر الذي اتبعته الجبهة الوطنية قد فشل. وأضاف: “نحن سعداء لأننا لا نحب العنصرية”. وتابع: “لم يتحدث اليمين المتطرف عن الرواتب والتقاعد والمعاشات التقاعدية. كل ما تحدثوا عنه هو الأجانب والإسلام”.
ما التالي؟
طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من رئيس الوزراء غابرييل أتال البقاء في منصبه “من أجل استقرار البلاد”. وكان أتال أعلن مساء الأحد أنه سيقدم استقالته للرئيس ماكرون، غداة الانتخابات التشريعية في فرنسا التي قلبت الموازين والتوقعات.
رغم قرار ماكرون، إلا أن الاستقرار يبدو أنه بعيد المنال، ففرنسا على وشك الدخول في مرحلة طويلة من عدم الاستقرار، خصوصاً أن ثلاث كتل متعارضة ذات أفكار وأجندات متنافسة تحاول تشكيل ائتلاف، أو تجد نفسها عالقة في حالة من الشلل.
وبخيبة أمل واضحة لزعيم حزب التجمع الوطني من أقصى اليمين، جوردان بارديلا، جادل بأن هزيمة حزبه لم تكن ممكنة إلا بفضل التصويت التكتيكي الذي نظمه ماكرون وائتلاف حزب التجمع الوطني اليساري
ورغم أن حزب التجمع الوطني لم يحقق النتائج المتوقعة، إلا أن ذلك لا يزال يشكل انتصارًا لزعيمة أقصى اليمين الفرنسي، مارين لوبان، حيث حصل حزبها على المزيد من المقاعد.
وبالنسبة لتحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري، فسيواجه صعوبة في التحدث بصوت واحد.