قلق لدى بعض فئات الشعب السوري من “التقارب بين دمشق وأنقرة”
- إردوغان يقول إنه قد يدعو الأسد لزيارة تركيا “في أي وقت”
في مؤشرٍ على تحسن العلاقات بين أنقرة ودمشق بعد قطيعة منذ اندلاع الحرب السورية في 2011، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأحد، أنه قد يدعو نظيره السوري بشار الأسد إلى تركيا “في أي وقت“.
وتأتي هذه التصريحات بعد تصاعد التوتر على مدار الأسبوع الماضي ضد اللاجئين السوريين في تركيا، حيث قامت حشود بمهاجمة ممتلكات وسيارات يملكها سوريون في مدينة قيصري بوسط الأناضول.
وكانت قد اعتقلت السلطات التركية هذا الأسبوع أكثر من 470 شخصًا، بعد اندلاع أعمال شغب مناهضة للسوريين في عدة مدن بسبب اتهامات لرجل سوري بالتحرش بقاصر سورية في قيصري.
واتهم إردوغان، المعارضة بتأجيج التوترات، ودان العنف ضد السوريين ووصفه بأنه “غير مقبول”.
وامتدت أعمال الشغب من قيصري إلى مدن عدة أخرى بينها إسطنبول هذا الأسبوع، بينما أسفرت اشتباكات في شمال سوريا بين متظاهرين مسلحين وحراس المواقع التركية عن مقتل سبعة أشخاص.
من ناحيته، قال أحمد بكورة، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري -وهو ائتلاف يضم قوى الثورة والمعارضة السورية- إن الائتلاف يشعر بقلق بالغ إزاء التوترات الأخيرة بين الأتراك والسوريين على طرفي الحدود.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن، أن هذه التوترات ناتجة عن تراكمات عديدة تشمل انتشار خطاب الكراهية، والاعتداءات المتكررة على السوريين في تركيا وعمليات الترحيل التعسفي، والضغوط الاجتماعية والاقتصادية المستمرة داخل تركيا، بالإضافة إلى الغموض الكبير الذي يشعر به السوريون تجاه مواقف الدول الصديقة، وخاصة تركيا، من العملية السياسية في سوريا، والمعاناة المستمرة التي يعيشها السوريون في الشمال من صعوبات اجتماعية واقتصادية وضعف في الحكومة.
وأكد عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، على أهمية التعايش السلمي وحماية حقوق جميع اللاجئين، داعيًا جميع الأطراف إلى العمل معًا لتخفيف حدة التوترات وضمان الأمان للجميع.
وشدد على ضرورة محاسبة المحرضين والمخربين وتجنب الانجرار وراء الإشاعات المغرضة وخطاب الكراهية، محذرًا في الوقت نفسه من أن بعض الأطراف قد تستغل هذه التوترات للتحريض على الفوضى والعنف.
كما أكد على ضرورة ضبط النفس والعمل المشترك لحل التوترات الحالية، مشددًا على أهمية التعاون لضمان حقوق جميع المتضررين.
مصير اللاجئين السوريين
ويشكل مصير اللاجئين السوريين قضية حساسة في السياسة التركية، وخصوصًا أن معارضي إردوغان تعهدوا في الانتخابات الرئاسية العام الماضي بإعادتهم إلى بلادهم.
وشهدت تركيا التي تستضيف نحو 3,2 ملايين لاجئ سوري وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، جولات عدة من العنف المعادي للأجانب في السنوات الأخيرة، والتي غالبًا ما تنجم عن شائعات تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل.
ويعلن إردوغان منذ فترة طويلة أنه قد يعيد النظر في العلاقات مع الأسد، في ظل سعي حكومته لضمان العودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين.
وفيما يتعلق بالقلق الذي يشعر به بعض المواطنين السوريين حيال التقارب المحتمل بين أنقرة ودمشق، أكد “بكورة” أن مصالح وحقوق المواطنين السوريين تبقى في مقدمة أولويات الائتلاف.
وأعرب عن موقف الائتلاف الرافض لأي تطبيع مع نظام الأسد، مشيرًا إلى أن مثل هذا التطبيع قد يعزز من قوة النظام ويزيد من معاناة الشعب السوري. مؤكدًا أن الحل السياسي يجب أن يكون عبر عملية شاملة تضمن حقوق ومصالح جميع السوريين، والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 لتحقيق تطلعات الشعب السوري للحرية والعدالة والديمقراطية.
وأشار “بكورة” إلى أن الائتلاف يعمل على مراقبة التطورات والتفاوض مع جميع الأطراف لضمان عدم تهميش حقوق السوريين. كما التزم بالشفافية والتواصل المستمر مع المواطنين لشرح أي تطورات وخطوات قادمة، مؤكدًا على أهمية التركيز على عمق العلاقات الأخوية والتاريخية بين الشعبين السوري والتركي وعدم الانجرار وراء من يريد خلق الفتنة والكراهية بينهما.
رسائل تطمينية
وحول الترتيبات المستقبلية التي يراها الائتلاف الوطني السوري في ضوء التقارب المحتمل بين تركيا والنظام السوري، أوضح “بكورة” أن الائتلاف ملتزم بأهدافه التي يستمدها من مطالب السوريين، وسيبقى يسير في اتجاه حشد الدعم الدولي من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، والقرار 2118، بطريقة حازمة وعادلة.
وأشار إلى أنه لا يمكن التدخل بسياسات الدول، لكن الائتلاف يؤمن بأن وجود نظام الأسد في السلطة يعني استمرار الألم السوري والأزمات المختلفة.
وأكد “بكورة” أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يكون شاملًا وعادلًا عبر تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، مع التركيز على تحقيق سلام دائم واستقرار للمنطقة. كما شدد على أهمية تعزيز علاقات الائتلاف مع الدول الصديقة لضمان دعم دولي مستمر لقضية الشعب السوري، وتسليط الضوء على إجرام نظام الأسد وتطلعات السوريين نحو الحرية والعدالة.
وأكد على ضرورة إعادة الملف السوري إلى مكان مركزي في الاهتمام الدولي، وتعزيز عمل المؤسسات وبناء الشراكات لتحسين ظروف السوريين والخدمات المقدمة لهم وحمايتهم.
كما شدد على تطوير أدوات جديدة على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية لضمان تحقيق تطلعات الشعب السوري، وضمان وحدة وسلامة الدولة السورية المستقبلية.
وشنت تركيا سلسلة من العمليات العسكرية في سوريا منذ عام 2016 استهدفت الفصائل الكردية وتنظيم داعش وقوات موالية للأسد.
وتسيطر الفصائل الموالية لتركيا على شريطين شاسعين من الأراضي على طول الحدود. والاثنين، تظاهر مئات السوريين في جميع أنحاء المنطقة التي تسيطر عليها أنقرة، وهاجم بعض المتظاهرين المسلحين شاحنات ومواقع عسكرية تركية وأنزلوا العلم الوطني التركي.
ووفق المرصد السوري لحقوق الانسان، تم إغلاق أربعة معابر حدودية مع تركيا في أعقاب أعمال العنف. لكن لم يصدر تأكيد فوري من الحكومة التركية في هذا الصدد.