ما هي تفاصيل اتفاق مانيلا وطوكيو الدفاعي؟
أشادت الفلبين بمستوى “غير مسبوق” من العلاقات الدفاعية مع اليابان بعد توقيع اتفاق عسكري تاريخي يسمح بنشر قوات على أراضي كل منهما في مواجهة موقف الصين المتزايد في المنطقة.
تم التوصل إلى الاتفاق في مانيلا، حيث أجرى وزير الدفاع الياباني مينورو كيهارا ووزيرة الخارجية يوكو كاميكاوا محادثات مع نظيريهما الفيليبينيين جيلبرتو تيودورو وإنريكي مانالو.
ويوفر الاتفاق، الذي بدأت طوكيو ومانيلا التفاوض بشأنه في تشرين الثاني/نوفمبر الإطار القانوني لليابان والفيليبين لإرسال أفراد دفاع إلى أراضي كل منهما للتدريب وغير ذلك من العمليات.
والفليبين واليابان حليفتان منذ فترة طويلة للولايات المتحدة، التي تعمل على تعزيز تحالفاتها من كانبيرا إلى طوكيو لمواجهة القوة العسكرية المتنامية للصين ونفوذها في المنطقة.
في هذا السياق، أكدت بيا برناردو وهي صحفية فليبينية مختصة بالشأن العسكري والدفاعي، أن اتفاقية الوصول المتبادل، وهي الأولى من نوعها التي توقعها اليابان في آسيا، ستعمل على تسهيل دخول المعدات والقوات للتدريب على القتال والاستجابة للكوارث، مما يسهل التعاون العسكري بين مانيلا وطوكيو.
وأضافت برناردو في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن” أن هذه الاتفاقية التي وصفتها بالتاريخية بين الفلبين واليابان ستعزز التعاون العسكري بين البلدين الحليفين اللذان يواجهان حاليا تحديات بسبب نشاط الصين في المنطقة.
تهديدات مستمرة
يأتي توقيع الاتفاقية بين طوكيو ومانيلا في الوقت الذي تثير فيه تهديدات الصين تجاه تايوان وتحركاتها في بحر الصين الجنوبي مخاوف من صراع محتمل قد يجر الولايات المتحدة.
الشهر الماضي، هاجم بحّارة من خفر السواحل الصينيين يحملون سكاكين وفأساً وأسلحة أخرى، سفينة فيليبينية تقوم بمهمة إمداد للجنود الفيليبينيين المتمركزين على متن سفينة عسكرية معطّلة في جزيرة سيكند توماس المرجانية في بحر الصين الجنوبي.
وتقع جزيرة سيكند توماس على مسافة حوالى 200 كيلومتر من جزيرة بالاوان الفيلبينية وأكثر من ألف كيلومتر عن هاينان، أقرب جزيرة صينية كبيرة.
وفقد بحّار فليبيني إبهامه خلال الحادث الذي قام خفر السواحل الصينيون خلاله بمصادرة أو تدمير معدّات فيليبينية، بما في ذلك أسلحة نارية، وفقاً للجيش الفيليبيني.
وصعدت بكين مواجهاتها مع مانيلا في الأشهر الأخيرة، مع تكثيف الصين جهودها دعما لمطالبها بالسيطرة شبه الكاملة على الممر المائي الإستراتيجي.
وبينما تزداد انتهاكات بكين يوما يعد الآخر في هذه المنطقة، اعتبرت بيا برناردو أن اتفاقية الدفاع بين مانيلا وطوكيو ضرورية للحفاظ على الاستقرار الإقليمي، مشددة على أنها ستسمح للبلدين بمواءمة سياساتهما الدفاعية والأمنية رداً على النشاط الصيني العدواني.
الفلبين واليابان.. تقارب بعد احتلال
ببحث بسيط في التاريخ نجد أن اليابان غزت الفليبين واحتلتها خلال الحرب العالمية الثانية، لكن البلدين تقاربا منذ ذلك الحين بسبب التجارة والاستثمار، ومؤخرًا لمواجهة الصين الصاعدة.
واليابان هي المورد الرئيسي للمعدات والتكنولوجيا الأمنية للفيليبين، بما في ذلك سفن الدوريات وأنظمة المراقبة.
وأشار سفير طوكيو لدى مانيلا كازويا إندو في تصريحات صحفية إلى “تطورات مهمة” في إمدادات المعدات الدفاعية اليابانية إلى الفيليبين.
حول هذه العلاقة المتنامية بين البلدين خصوصا على الصعيد العسكري، تقول بيا برناردو في حديثها مع “أخبار الآن” إن اليابان كانت دائمًا شريكًا لخفر السواحل الفلبيني، وهي توفر السفن التي يستخدمها خفر السواحل للقيام بدوريات في المنطقة.
تضيف: ومع التوقيع على اتفاقية RAA (اتفاقية الوصول المتبادل) سوف تتعزز هذه الشراكة، حيث ترى أن تبادل الأنظمة والقدرات وحتى المعلومات الاستخبارية سيكون أسهل بالنسبة لكلا البلدين.
وبحسب الصحفية المختصة بالشأن العسكري، فإنه على الرغم من اعتقادها أن اتفاقية الدفاع ربما لن تضع حدًا فعليًا للعدوان الصيني في المنطقة، إلا أنها تشدد على أن قدرة الردع لدى الفلبين ستتحسن بكل تأكيد.
ووقعت طوكيو اتفاقيات وصول متبادلة مماثلة مع بريطانيا وأستراليا في السنوات الأخيرة.
الفلبين.. محور التحالفات في مواجهة أنشطة بكين
ولدى مانيلا اتفاقيات مماثلة مع الولايات المتحدة وأستراليا وتخطط لتوقيعها مع فرنسا.
وشكلت مانيلا محورا رئيسيا لجهود الولايات المتحدة بناء سلسلة تحالفات، بسبب موقعها في بحر الصين الجنوبي وقربها من تايوان، التي تعدها الصين جزءا من أراضيها.
وعقد زعماء اليابان والفيليبين والولايات المتحدة قمتهم الثلاثية الأولى في نيسان/ابريل بهدف تعزيز العلاقات الدفاعية في واشنطن.
وأجريت هذه المناورات في أعقاب مناورات عسكرية رباعية شملت أستراليا في بحر الصين الجنوبي، مما أثار حفيظة بكين.
وبينما تعمل مانيلا على تعزيز جهودها الدفاعية في مواجهة الاستفزازات الصينية المتكررة، ترى بيا برناردو أن مانيلا تحتاج أيضا إلى تقديم احتجاجات دبلوماسية بشكل مستمر ضد الإجراءات القسرية التي تتخذها الصين.
تشير بيا في هذا الصدد إلى أن هناك الآلاف من العمال الفلبينيين المغتربين في الصين الذين سيتأثرون بشكل كبير إذا لم تنجح الفلبين في حل التوتر مع الصين. كما لفتت إلى جهود السلطات التي تعمل على تحسين علاقاتها مع الدول الأخرى ذات التفكير المماثل، مثل اليابان وأستراليا والاتحاد الأوروبي، التي تدعم حقوق الفلبين في المنطقة.
وبالعودة إلى الحادث الأخير الذي وقع الشهر الماضي ويعتبر الأسوأ حتى الآن، فقد احتجت الفلبين بشدة على تصرفات خفر السواحل الصيني وطالبت بتعويض قدره مليون دولار عن الأضرار وإعادة البنادق.
فيما كانت اليابان والولايات المتحدة من أوائل الدول التي أعربت عن انزعاجها إزاء تصرفات الصين ودعوا بكين إلى الالتزام بالقوانين الدولية.
وتلتزم واشنطن بالدفاع عن الفلبين، حليفتها الأقدم في آسيا، إذا تعرضت القوات والسفن والطائرات الفلبينية لهجوم مسلح، بما في ذلك في بحر الصين الجنوبي.